################### ملقا تحت الحكم الهولندي منذ أربعينيات القرن السابع عشر وحتى أوائل القرن التاسع عشر. شيّد الهولنديون المنازل الضخمة ودارًا للبلدية. يُشاهد في الصورة منظر عام لملقا كما عبّر عنه رسّام حوالي سنة 1700م.
تطوّر مضايق الملايو بعد انسحاب الهولنديين من شبه الجزيرة ازدهرت عمليات استخراج المعادن من المناجم في دول الملايو، في بيراق، وسيلانجور، وسونغاي أوجونغ. وكان لشيوخ القبائل الحرية في تسليم القصدير للجهة التي يريدون. وأخذوا في افتتاح مناجم جديدة، إلا أنهم كانوا يعتمدون ماليًا على التجار الصينيين في مستوطنات المضايق، فأدّى هذا إلى خضوعهم لطلباتهم، فسمحوا للصينيين باستخراج القصدير مباشرة.
توسَّعت صناعة القصدير في المملكة المتحدة عام 1860م،
ولم تتمكن مناجم كورنوول المتدهورة، من تلبية الاحتياجات؛ لذا ازداد الطلب على المعادن الماليزية، وازدادت الهجرة الصينية إليها، وظل رأس المال الصيني مسيطرًا حتى العشرينيات من القرن العشرين.
طوّرت الهجرة الصينية، في مقاطعتي ولسلي وجوهور، الزراعة التجارية. فأصبح قصب السكر الإنتاج الرئيسي في الشمال، بينما زرعوا في الجنوب الفلفل والجامبير، الذي استخدمت أوراقه في الصِّباغة والدِّباغة في القرن التاسع عشر.
عاصرت الملايو، خلال قرن واحد (1750 - 1850م) تطوُّرين مهمين؛ تحولت مرافئ بنانج وسنغافورة من مرافئ تقليدية إلى مراكز تجارة عالمية. وساعدت كذلك زيـادة المنـاجم والزراعـة، على تطوير المجتمع المتعدد الأعراق.
======================
خلال القرن 19 :
ظهرت ثلاث ممالك جديدة هي برليس وباهانج وجوهور الحديثة.
استولى السياميون على برليس، وحوّلوها إلى دولة مستقلة عام 1841م.
لُقِّب رئيس الوزراء في باهانج بالسلطان، وهذه هي المرة الثانية التي يحدث فيها مثل هذا في شبه الجزيرة.
انتخب وان أحمد سلطانًا لجوهور عام1881م. وحكمت سلالته حتى أواخر القرن 20م
ُتعد قصة جوهور الحديثة أكثر تعقيدًا، ولم يحصل البريطانيون بعد احتلال سنغافورة عام 1819م، على موافقة سلطنة جوهور القديمة وكان التأثير الهولندي فيها قويًا.
عرف البريطانيون أنه ليس بالإمكان إقناع السلطان بتسليمهم الجزيرة، واكتشفوا أن هناك نزاعًا بين الورثة، فاختاروا الأخ الأكبر للسلطان حاكمًا فعليًا لها، وبذلك أصبح بمقدورهم السيطرة على سنغافورة، إلا أن السلطان الجديد لم تكن له أي سلطة في أرخبيل ريولنغا.
لم يعد للسلطان المعيَّن أية فائدة للبريطانيين، لذا عمدوا إلى تعيين ابنه بدلاً منه، في منتصف القرن 19م. وأُرغم على توقيع معاهدة، يوافق بمقتضاها على ممارسة السلطة على رقعة صغيرة قرب ملقا فقط، تدعى كيسانغ.
ومال البريطانيون لعائلة تيمينغونغ، وتعاون حاكمها معهم في احتلال سنغافورة.
وتبنّى الحاكم الجديد لقب المهراجا، وأصبح صديقًا شخصيًا للملكة فكتوريا، واعتبره البريطانيون عام 1885م سلطانًا على جوهور.
###########################
###########################
نمو القوة البريطانية
التجار الأوائل. شكّل وصول الأوروبيين إلى مضيق ملقا، نقطة تحوّل رئيسية في التاريخ الماليزي. وصلت أولى الحملات البريطانية إلى جاوه الغربية عام 1601م، بعد وصول الهولنديين بقليل، وأثبت الهولنديون أنهم أكبر القوتين في المنطقة، فانسحب البريطانيون.
طوّر الماليزيون تجارتهم البحرية، خلال القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر الميلاديين. وسيطرت شركة الهند الشرقية البريطانية، في القرن الثامن عشر الميلادي، على معظم الهند والمحيط الهندي، وامتد نشاطها إلى الصين. وبدأت ترنو بأبصارها لتأمين مرفأ تجاري جيد في جنوب شرقي آسيا، وبعد عدة محاولات فاشلة، اختارت عام 1786م، جزيرة بنانج، حيث تمكّن فرانسيس لايت من السيطرة عليها.
افتتحت بنانج مرفأ، وأخذ النفوذ التجاري البريطاني في أرخبيل الملايو يزداد قوة حتى احتل البريطانيون سنغافورة عام 1819م. بجهود السير ستامفورد رافلس.
مستوطنات المضايق نجح البريطانيون حيث أخفق الهولنديون، فقدموا الحوافز بدلاً من استخدامهم القوة.
استولى البريطانيون على ملقا بعد التوقيع على المعاهدة البريطانية ـ الهولندية عام 1824م، قسّمت المعاهدة أرخبيل الملايو إلى منطقتي نفوذ، حيث تولّى البريطانيون القسم الشمالي من خط الاستواء، بينما تولّى الهولنديون جنوبه.
في عام 1826م، شكّل البريطانيون وحدة إدارية ضمت بنانج وسنغافورة، وملقا، وعُهِد بإدارتها إلى شركة الهند الشرقية، بوصفها جزءًا من الهند.
بعد انسحاب الهولنديين من شبه الجزيرة ازدهرت عمليات استخراج المعادن من المناجم في دول الملايو، في بيراق، وسيلانجور، وسونغاي أوجونغ. وكان لشيوخ القبائل الحرية في تسليم القصدير للجهة التي يريدون. وأخذوا في افتتاح مناجم جديدة، إلا أنهم كانوا يعتمدون ماليًا على التجار الصينيين في مستوطنات المضايق، فأدّى هذا إلى خضوعهم لطلباتهم، فسمحوا للصينيين باستخراج القصدير مباشرة.
توسَّعت صناعة القصدير في المملكة المتحدة عام 1860م، ولم تتمكن مناجم كورنوول المتدهورة، من تلبية الاحتياجات؛ لذا ازداد الطلب على المعادن الماليزية، وازدادت الهجرة الصينية إليها، وظل رأس المال الصيني مسيطرًا حتى العشرينيات من القرن العشرين.
طوّرت الهجرة الصينية، في مقاطعتي ولسلي وجوهور، الزراعة التجارية. فأصبح قصب السكر الإنتاج الرئيسي في الشمال، بينما زرعوا في الجنوب الفلفل والجامبير، الذي استخدمت أوراقه في الصِّباغة والدِّباغة في القرن التاسع عشر.
عاصرت الملايو، خلال قرن واحد (1750 - 1850م) تطوُّرين مهمين؛ تحولت مرافئ بنانج وسنغافورة من مرافئ تقليدية إلى مراكز تجارة عالمية. وساعدت كذلك زيـادة المنـاجم والزراعـة، على تطوير المجتمع المتعدد الأعراق.
مشكلات الهجرة. تغيّرت ملامح المجتمع الماليزي بسرعة، خلال القرن التاسع عشر الميلادي، إذ حولت الزراعة التجارية والمناجم، الأراضي إلى سلع قيمة، وتنافس شيوخ القبائل فيما بينهم للسيطرة على الأراضي والمصادر الطبيعية، وشجع التجار هذا التنافس بدعم مجموعة أو أخرى بالمال.
سيطرت التقاليد على المجتمع في الملايو أمدًا طويلاً، إلا أن هذا لم يمكِّن من السيطرة على الأعداد الكبيرة من المهاجرين. وغدا ذلك حقيقة مع ازدياد أعداد الصينيين الذين جلبوا معهم عاداتهم وقوانينهم الخاصة، التي كانوا يفرضونها بإقامة مجتمعات سرية أحيانًا.
كان معدّل التطور في شبه جزيرة الملايو غير متساو، وكان أكثر سرعة في الأجزاء الغربية والجنوبية منها. أما دولتا كلنتان وترنغانو فإنهما لم تتأثرا نسبيًا حتى أوائل القرن العشرين، وذلك لصعوبة الوصول إليهما.
بدأ امتداد التأثير البريطاني على شبه جزيرة ماليزيا عام 1867م، بعد أن أصبحت مستوطنات المضايق مستعمرة تابعة للتاج البريطاني. وكان السبب الرئيسي للوصاية البريطانية على شبه جزيرة ماليزيا، حماية مصالحها الخاصة فيها. وتمكن البريطانيون، بعد توقيع معاهدات مع الحكام المحليين، من اختيار موظفين عُرفوا بالمستشارين، لتولي رئاسة كافة الأمور الإدارية، ماعدا ما يتعلق منها بالإسلام والتقاليد الماليزية.
شهد القرن 19 امتداد التأثير البريطاني إلى سرواك وصباح. وجلب التطور الزراعي في ساغو المزيد من الصينيين إلى سرواك حتى طغى الاستيطان الصيني في أواخر القرن على العديد من الأماكن.
اشترى التجار، فيما بين عامي 1877 و 1878م، شمالي بورنيو (صباح) من السلطان سولو. وكوّنوا شركة لإدارة المنطقة بصورة منتظمة. وفي عام 1881م منحت الحكومة البريطانية الشركة الترخيص. وظلت تحكم تلك الأراضي حتى الغزو الياباني عام 1941م.
كان التطور في سرواك بطيئًا حتى نهاية القرن 19م. وكان التبغ السلعة الرئيسية في التصدير، ثم أخذت تزداد أهمية المطاط في 1917م.
حدث العديد من الهجرات الصينية الكبيرة إلى شمالي بورنيو في القرن العشرين الميلادي، إبان فترة التطور الزراعي السريع.
امتدت القوة البريطانية تدريجيًا نحو الشمال، وقَّعت المملكة المتحدة عام 1909م، معاهدة مع سيام، خوّلت للبريطانيين بمقتضاها، حرية العمل في تأسيس وإقامة نفوذ بريطاني على الدول الماليزية. إلا أن ترنغانو لم تقبل بالمستشارين البريطانيين حتى عام 1919م.
معارضة السيطرة الاستعمارية. عارضت الطبقات الحاكمة الماليزية المحاولات البريطانية للسيطرة السياسية على الولايات التي تزخر بالمناجم. وحدثت معظم الاضطرابات في بيراق. واغتيل أول مقيم (مستشار) بريطاني فيها، وهو جيه. دبليو. بيرش في أوائل نوفمبر عام 1875م. وتم إخضاع باهانج، رغمًا عن المعارضة العنيفة. وبحلول عام 1894م تمكّن البريطانيون من إخماد الاضطرابات.
كانت هناك تحدِّيات في كل من كلنتان وترنغانو. وتمثلت أهم المشكلات في طريقة إدارة الأرض. فقد فرضت القوانين البريطانية الجديدة ضرائب على مالكي الأرض، تزيد في مقدارها على منتجاتها. وقمع البريطانيون انتفاضة عام 1915م في كلنتان، بعد قتل قائدها.
كما كان الوضع في صباح أكثر قلقًا. وانطلقت المقاومة ضد البريطانيين منذ الساعات الأولى لتأسيس الإدارة عام 1878م. كان مَت صالح من القادة البارزين الذين نالوا شهرة أسطورية في المقاومة، حيث خاض صراعًا عنيفًا طيلة خمس سنوات حتى هزيمته في يناير عام 1900م.
استخراج المطـاط أغرى الكثير من العمال بالسفر إلى ماليزيا. انتعشت تجارة المطاط بشكل سريع في بداية القرن العشرين الميلادي.
التطور التقني. في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي بدأ العديد من ولايات الملايو في التطور الاقتصادي بسبب توظيف رأس المال الأوروبي والصيني. ظل استخراج القصدير، يمثل المنتج الأكثر أهمية للتصدير من القصب، وظهرت عدة مدن مثل إبوه في مناطق المناجم.
استُثمرت السكك الحديدية عام 1885م وربطت فيما بين مراكز مناجم القصدير والمرافئ القريبة. ووصلت الشمال بمرافئ بنانج وسنغافورة في الجنوب. تزايد توسع السكك الحديدية في أوائل القرن العشرين الميلادي، ووصلت عام 1908م إلى كافة المدن الرئيسية في الساحل الغربي لشبه الجزيرة، وحلّت محل النقل البحري، وازدادت أهميتها بازدياد أهمية المطاط، الذي حل محل البُنّ كمحصول زراعي رئيسي. وفي الوقت نفسه، ازداد عدد السكان التاميل بسرعة. وكان معظم مستخرجي المطاط منهم، بعد أن قدموا من جنوبي الهند.
قدمت الطرق البرية، خدمات جليلة للمدن الصغيرة، التي لم تصلها السكك الحديدية في ذلك الوقت، وساعد اندلاع الحرب العالمية الأولى (1914-1918م). في تلك التطورات إلى حد ما.
التعليم.
أنشأ البريطانيون في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي، مدارس جديدة في ملقا وبنانج. أنشأوا أيضًا مدارس جديدة بعد أن أسسوا إدارتهم في ولايات الملايو وسرواك وصباح وسمحوا بإنشاء المدارس الملايوية والصينية والتاميلية في شبه الجزيرة وفقًا لرغبات السكان المحليين. لكن المدارس البريطانية غدت الأكثر شيوعًا في القرن العشرين الميلادي، ودرس المتفوقون من الطلاب في الجامعات البريطانية، وكان تطور التعليم في سرواك وصباح أبطأ. ظهرت أول صحيفة إنجليزية في بنانج عام 1805م، وظهرت سبع صحف أخرى في عدة مناطق، منها سنغافورة. وقدم البريطانيون خلال الفترة نفسها العديد من الألعاب الرياضية، لصرف أنظار الشعب عن المقاومة. وأسسوا النوادي في المدن، وأصبحت الرياضة نشاطًا مهمًا في المدارس البريطانية.
عدم الاستقرار السياسي.
تأثرت البلاد بالحركات السياسية القائمة في الأقطار الآسيوية الأخرى، لذا وجد المصلحون المسلمون والثوريون والتصحيحيون الصينيون، والمقاومون الوطنيون الهنود دعمًا من السكان متعددي الأعراق. شكَّل المسلمون تهديدًا كبيرًا للوجود البريطاني في البلاد؛ فقد تمرّد الجنود المسلمون الهنود، العاملون في الجيش البريطاني عام 1915م في سنغافورة، وكادوا يسيطرون على الجزيرة، واستمرت المشكلات السياسية حتى عشرينيات القرن العشرين الميلادي.
وهكذا، أصبح الوضع غاية في التعقيد في منتصف العشرينيات، وتم تعليق الهجرة الهندية والصينية للبلاد، بسبب تصاعد الحركات الشعبية في الهند والصين. وتأسس الحزب الشيوعي في البلاد عام 1930م.
حاول البريطانيون في الولايات الملايوية، جعل الإدارة لامركزية. تباينت وجهات النظر حول اللامركزية، الأمر الذي أدى إلى نشوب القتال بين فئات المواطنين، وأسس الملايويون، تنظيمات سياسية، كان أولها في كوالا لامبور عام 1939م بهدف توحيد الملايو.
آثار الكساد الاقتصادي. أدت سنوات ما بعد الحرب إلى كساد اقتصادي. كان هناك نقص كبير في الأرز، نجم عنه شغب في بنانج. وانخفض سعر المطاط بشكل كبير. وكانت هناك مخططات عالمية لتثبيت الأسعار. وكان واضحًا أن ماليزيا بحاجة لتنويع اقتصادها. وبدأت في السنوات التالية، تصدِّر الزيت والشاي والأناناس المعلّب. كانت عمليات تعليب الأناناس، وصناعة المواد المطاطية في العشرينيات من القرن العشرين، بداية مميزة للتصنيع في ماليزيا.
كان للكساد العالمي، فيما بين عامي 1929 و1930م، تأثيره الفعال في الاقتصاد. فانخفضت أسعار البضائع وانتشرت البطالة، وأعيد الكثير من العمال الهنود والأوروبيون إلى أوطانهم.
بُذلت بعض المحاولات في العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين لتحسين التعليم. كان هناك كلية للطب منذ عام 1905م، في سنغافورة. وافتتحت عام 1928م، كلية رافلس، للتعليم العالي لطلاب العلوم والفنون. وفي منتصف الثلاثينيات من القرن العشرين، ونتيجة للطلبات المتزايدة، تحوّلت كل من كلية الطب وكلية رافلس بعد دمجهما، إلى جامعة، وكان ذلك عام 1929م.
زوَّدت الحكومة خلال العشرينيات من القرن العشرين العديد من المدن الماليزية بالكهرباء. وتم استخدام النقل الجوي في أواخر الثلاثينيات. وكذلك، بدأ البث الإذاعي في سنغافورة، وأصبح البلد ناميًا وبسرعة
-------------------
المصدر:
مقال (نمو القوة البريطانية) - منتديات العز الثقافية للكاتب أحمد سعد الدين