827هـ/1424م
إخضاع "إسفنديار بك"، ابن "جاندار"، تحت الطاعة
لقد قام حاكم "قسطموني" و"سينوب"، "إسفنديار بن جاندار"، باسترداد "جانكري" و"توسيا" و"قلعه جيك"، التي ألحقت بالدولة العثمانية، في عهد السلطان "محمد الأول"؛ وذلك بالاستفادة من انشغال السلطان "مراد الثاني" بمشكلة "مصطفى الصغير". واستولى، بعد ذلك، على "بولو" و"طاراقلي" والمنطقة المجاورة لهما. والحملة التي قام بها "مراد الثاني" ضد "إسفنديار بك"، كانت بسبب ذلك التصرف منه.
ولقد قام السلطان العثماني، في هذه الحملة، باسترداد تلك الأماكن، وانهزم "إسفنديار بك"، وفر هارباً إلى "سينوب". ويروى أن "قاسم بك بن إسفنديار" المؤيد للعثمانيين، والذي تم تعيينه والياً على "جانكري"، في عهد "محمد الأول"، قام في هذه الحملة بتقديم العون إلى "مراد الثاني" ضد والده.
وبناءً على ما جرى، فلم يبق أمام "إسفنديار بك" سوى الخضوع للسلطان العثماني؛ فقام بدفع التعويضات، من جهة، واضطر إلى ترك جبال "قسطموني"، الثرية بمعادن النحاس، من جهة ثانية؛ كما اضطر إلى تقديم حفيدته المشهورة بجمالها، إلى "مراد الثاني"، من جهة ثالثة.
وبناءً على صك وقفي، فإن اسم هذه الأميرة الجاندارية، هو "خديجة"؛ غير أن بعض المصادر، تشير إلى أن اسمها "حليمة". وإذا كانت الروايتان صحيحتين، ينبغي أن يكون اسمها "خديجة حليمة". وعلى الرغم من وجود رواية، تفيد أن هذه الأميرة التركية، التي هي ابنة "إبراهيم بن إسفنديار"، هي والدة فاتح "إستانبول"، السلطان "محمد الفاتح"، فإن تلك الرواية غير صحيحة.
ولقد زوجت بنات آل عثمان أيضاً لبني "جاندار"، بتلك المناسبة؛ فعلى سبيل المثال، تم تزويج أخت "مراد الثاني"، "سلجوق سلطان" لـ"إبراهيم بن إسفنديار"؛ كما زوج أختاً له أخرى لـ"قاسم بن إسفنديار"، الشهير بميله إلى العثمانيين. وبناءً على رواية أخرى، فإن "مراداً الثاني"، تزوج "خديجة خاتون"، ابنة "إبراهيم بن إسفنديار"، وزوج إحدى أخواته لـ"قاسم بن إسفنديار"؛ وأخرى لابن "خليل باشا جاندارلي" أو أخيه، "محمود جلبي". فإذا كانت هذه الرواية صحيحة، فهذا يعني أن "إبراهيم بن إسفنديار"، لم يصبح نسيباً للعثمانيين.
وهناك رواية تفيد، أن "مراداً الثاني" تزوج ابنة "إسفنديار"، في عام 830هـ/1426م؛ ولكنها رواية ضعيفة.
وجرت حفلة العرس في "بورصا"؛ حيث أرسل "مراد الثاني"، "ألفان بك"، رئيس ذواقي طعام السلطان، وغيره من الأمراء، مع حريم السلطان. ولقد قبلت زوجة حاكم "كرميان"، "يعقوب الثاني"، القيام بوظيفة المرافقة. ويذكر أن السلطان "مراداً"، كان يحترم هذه السيدة (زوجة "يعقوب الثاني")، وأنه كان يناديها بـ"الوالدة شاه" (شاه آنا).
*********************
الصلح العثماني - البيزنطي
يروى أن هذا الصلح، جرى في يوم الثلاثاء، 21 ربيع الأول827هجرية ، الموافق 22 فبراير 1424 -- وبموجب شروط هذا الصلح، الذي احتوى مواد ثقيلة على الإمبراطورية البيزنطية، تتخلى بيزنطة عن كل الأراضي، الواقعة ما وارء "تركوس" و"سلفري"، للأتراك. وتقرر فيها أيضاً دفع الإمبراطورية البيزنطية إلى الدولة العثمانية، سنوياً، ثلاثين ألف دوقة ذهباً. وهذا يعني أن الفوائد، التي جلبتها الإمبراطورية البيزنطية، بعد كارثة "أنقرة"، قد انتهت بتلك الصورة.
عقد المعاهدات مع "صربيا" و"الأفلاق" و"المجر"
يذكر أن الملك الصربي، "ستيفان لازارفيج"؛ وأمير "الأفلاق"، "ولاد دراكول"، ذهبا شخصياً إلى "أدرنة"، وجددا معاهدة التابعية. وهناك رواية تفيد زيادة مبلغ الخراج، الذي كانا يدفعانه إلى الدولة العثمانية.
وبعد فترة وجيزة، أي في شهر شعبان، الموافق لشهر يوليه من هذه السنة، تم تبادل الهدايا والسفراء مع الملك المجري، "سيجسموند"، كما تم تقديم التهنئة لهذا الملك، الذي انتخب للإمبراطورية الألمانية، وعقدت معه معاهدة سلمية، لمدة سنتين.
التنكيل بـ"جنيد بك بن إزمير أغلو"
تعاون "جنيد بن إزمير أغلو" مع الأمير "مصطفى الحقيقي"، الذي أطلق عليه "مصطفى المزور"، وأصبح وزيراً له. إلا أنه قام بالخديعة في حادثة "أولوباد"، فانتقل بذلك إلى طرف "مراد الثاني"، ومنح؛ بناءً على ذلك، إمارة "إزمير".
وبتلك الصورة، فقد حصل "جنيد بك" على إمارة "إزمير"، مرة أخرى. غير أنه، بالنظر إلى عدم جلوسه في الحكم، على نحو مريح ومرتاح، فقد كان يقوم، بين الحين والآخر، بالتعرض للأراضي العثمانية، ولا سيما أنه قام بالاستيلاء على بلاد أمير "آياسلوك"، "مصطفى" ابن "آيدين"، الذي كان تحت التابعية العثمانية. وبناءً على ذلك، فقد توافرت الحاجة إلى القيام بالتنكيل بـ"جنيد بك".
ولقد كلف بإدارة هذه الحملة "خليل يحشي بك". و"يحشي بك"، هو نسيب "بايزيد باشا"، الذي أعدم أثناء وزارة "جنيد بك" لـ"مصطفى جلبي". وقد أفادت روايات، أن عدد أفراد الجيش العثماني، الذي كان تحت إمرة "خليل يحشي بك"، كان بحدود أربعين ألف نفر؛ إلا أن ذلك مبالغ فيه.
ولقد جرت، أولاً، معركة في وادي "آق حصار". ثم تم القبض على "جنيد بك"، من دون إرسال قوات عليه، فأخذ، هو أو ابنه، رهينة، أو هما معاً، وأرسلا إلى "أدرنة". ويروى أنهما قتلا، خنقاً، بعد مدة.
وبناءً على رواية أخرى، فقد طلب من "جنيد بك"، قبل إرسال القوات عليه، إرسال ابنه، "قورت حسن بك". ولما رفض الطلب، تم البدء بالحملة.
____________________________________________________________
829هـ/1425-1426م
إعدام جنيد بك ابن إزمير أغلو
كما تبين من الفقرة السابقة، فإن "جنيد بك"، خسر معركة "آق حصار"، أمام قوات "خليل يحشي بك"؛ وتم القبض فيها على ابنه وأخيه، وتم إعدامهما. وبناءً على تلك الهزيمة، فإن "جنيد بك"، أغلق على نفسه في قلعة "إبسيلي/هبسلي"، المواجهة لجزيرة "سيسام". وبموجب هذه الرواية، فقد تم قطع المواصلات عنه، من البر والبحر، بغية اضطراره إلى الاستسلام. وعلى الرغم من استسلامه، بشرط عدم المس بحياته؛ إلا أنه يروى، أن "خليل يحشي بك"، وبحس الانتقام، قام بخنقه، مع كل أفراد أسرته.
وبناءً على رواية ثالثة أيضاً، فإن "جنيد بك"، قاوم تلك القوات طويلاً؛ فتم تقوية القوات الموجودة تحت قيادة "خليل يحشي بك" بقوات "أوروج بن تيمورطاش" و"حمزة بك"، أخي "بايزيد باشا". وحصلت مصادمات متعددة بين الطرفين، واضطر "جنيد بك" إلى قبول الاستسلام، بشرط عدم المس بحياته. ويبدو، كما يتبين من الأحداث، أن "جنيد بك"، قاوم حتى عام 829هـ/1426م. وبناءً على إعدام "جنيد بك"، وأفراد أسرته، فإن نسل بني "إزمير"، أصبح في خبر كان.
الاستيلاء على إمارة "منتشه"
بناءً على معركة "أنقرة"، كان من بين الإمارات التركية في الأناضول، التي أسسها "تيمورلنك"، من جديد، إمارة "منتشه". ولما استقر السلطان "محمد جلبي الأول" على الحكم، أخضع إمارة "منتشه"، مثل بعض الإمارات الأخرى، للحكم العثماني. بل إن أمير "منتشه"، "مظفر الدين إلياس بك"، الذي سبق أن خضع لـ"تيمور"، قام بضرب المسكوكات باسم السلطان العثماني. وكان لـ"إلياس بك" هذا ولدان: "ليث" و"أحمد". وقد أرسِلا إلى القصر العثماني، رهينتين. ولما توفي السلطان، "محمد الأول"، في عام 824هـ/1421م، توفي أيضاً أمير "منتشه"، "إلياس بك"؛ فاستفاد الأميران: "ليث" و"أحمد" من الفرصة، وهربا من القصر العثماني، متوجهين إلى بلادهما، حيث قسما تركة والدهما. ونظراً إلى وجود مسكوكاتهما، فمن المؤكد أن الأخوين حكما الإمارة.
وبناءً على الشرح الوارد في المصادر العثمانية، التي سمت "ليث بك" بـ"أويس"، فإن هذين الأميرين من أمراء "منتشه"، لم يحكما؛ وإنما تم القبض عليهما، في هذه السنة، التي توفي فيها والدهما، ونفيا إلى "توقاد"، وزج بهما في السجن المسمى "بدوي جارداغي" (أي خيمة البدوي). غير أن هذه الرواية غير صحيحة؛ إذ إن المؤكد، أن "إلياس بك"، توفي في عام 824هـ/1421م؛ وأن ولديه، اللذين استلما الحكم، ضربا مسكوكات؛ بل إن هناك سكاً، ضربه "ليث بك"، في ذلك التاريخ. وبناءً على ما سبق، فإذا كانت الروايات، الواردة في المصادر العثمانية، صحيحة، فينبغي أن يكون الأخوان، قد قبض عليهما في عام 827هـ/1424م، ونفيا إلى "توقاد"؛ لأن هناك رواية أيضاً، تفيد أنهما مكثا في "توقاد" سنتين. وبموجب الشرح الوارد في المصادر العثمانية، فإن الأخوين: "ليث" و"أحمد بك"، حاولا الفرار من "توقاد"، في عام 829هـ/1426م، إلا أن "ليث بك" تم القبض عليه، فأعدم. ووفق "أحمد بك" في الفرار، حيث التجأ إلى "آق قيونليلر". ويتضح من الأبحاث المتأخرة، أن "أحمد بك"، استفاد من انشغال الدولة العثمانية بمشكلة "جنيد بن إزمير أغلو"، فتوجه إلى بلده، ونجح في استرداد تخته. ولكن، بناءً على انتهاء مشكلة "جنيد بك"، فقد تم إنهاء إمارته. ويمكن أن يكون "أحمد بك" التجأ إلى "آق قيونليلر"، بعد ما ما خسر بلاده، للمرة الثانية.
وبناءً على هذا الاستيلاء النهائي على إمارة "منتشه"، فقد أفادت إحدى الروايات، أن "مراداً الثاني"، حولها إلى سنجق، وعين عليها "بالابان باشا". ويبدو أن تلك الروايات، ينبغي قبولها بنوع من الحذر والاحتياط.
____________________________________________________________
830هـ/1426م
الاستيلاء على إمارة "تكه"
كان على رأس هذه الإمارة، التي سميت بإمارة "تكه"، نسبة إلى عشيرة "تكه"، التي قطنت في منطقة "أنطاليا"، في عهد السلاجقة ـ أحد أفخاذ أسرة "بني حميد"؛ وذلك بموجب أقوى الروايات. وكانت هذه الإمارة أيضاً من بين الإمارات، التي أنشأها "تيمورلنك"، من جديد، بعد معركة "أنقرة". إلا أن مدينة "أنطاليا"، التي كانت تابعة لها، قد ألحقت، في ذلك الوقت، بإمارة "بني قره مان". وعلى الرغم مما جرى، فقد انتقلت مدينة "أنطاليا"، فيما بعد، إلى الإدارة العثمانية. وعين عليها محافظ، يدعى "فيروز بك". ويروى أن أمير "تكه"، "عثمان جلبي"، بذل جهوداً مضنية، لاسترداد "أنطاليا" من "فيروز بك". وبناءً على وفاة "فيروز بك"، في نهاية الأمر، طلب "عثمان جلبي" المساعدة من "بني قره مان"، بغية الاستيلاء على "أنطاليا"؛ غير أنه قبل وصول تلك الإمدادات، قتل (أي عثمان بك) على يدي "حمزة بك"، ابن "فيروز بك"، والذي حل محله بعد وفاته؛ وذلك بهجوم مباغت، في جهة "قورقود الي".
وبناءً على ذلك الحادث، فقد انقرضت إمارة "تكه" نهائياً، وانتقلت أراضيها إلى الدولة العثمانية. غير أن هناك اختلافاً في تاريخ ذلك الانتقال، فعلى سبيل المثال، روي عام 826هـ/1423م، وعام 827هـ/1424م.
مقتل حاكم "قره مان"، "محمد الثاني"، أثناء حصار "أنطاليا"
لقد قاد "محمد الثاني" حملة على "أنطاليا"، بناءً على قيام "حمزة بن فيروز بك"، محافظ أنطاليا، بقتل أمير "تكه" "عثمان بك". وتبرز هذه الحملة في المصادر بأنها للانتقام. ثمة اختلاف في تاريخ هذه الحملة. حيث روي عام 826هـ/1423م، وعام 827هـ/1424م.
ولقد توفي حاكم "قره مان"، "محمد الثاني"، في هذه المعركة، حيث أصيب بقذيفة مدفع. وبناءً على استشهاد "محمد الثاني"، فقد أصبح أخوه، "علاء الدين علي بك" حاكماً على "قره مان". فالتجأ ابنا "محمد الثاني": "إبراهيم" و"عيسى بك" إلى السلطان العثماني "مراد الثاني"، ضد عمهما. وتزوجا من أختي السلطان "مراد". وقد منح لـ"عيسى بك" إمارة سنجق، في "الروملي"؛ ونصب "إبراهيم بك" مكان والده، بشرط التنازل عن منطقة "إسبارطة"، التي كانت تتكون من إمارة "حميد"، في السابق. أما "علي بك"، الذي أسقط من تخته، فقد منح سنجق "صوفيا"؛ وهذا يعني أن حكومة "قره مان"، أصبحت تحت النفوذ العثماني.
____________________________________________________________
831هـ/1427-1428م
إلحاق دولة "كرميان" بالدولة العثمانية
السلطان "مراد الثاني"، هو حفيد أخت حاكم "كرميان"، "يعقوب الثاني". ويذكر أن "يعقوب بك" العقيم، كان يحب ابنة أخيه حباً جماً؛ بل إن "مراداً الثاني" لما تزوج حفيدة "إسفنديار بك"، ذهبت زوجة "يعقوب بك" لجلب العروس، من "قسطموني" إلى "بورصا"، وذلك باسم السلطان العثماني. ويروى أن "مراداً الثاني"، كان يخاطب هذه السيدة بـ"والدة شاه". ويبدو أن هذه الأميرة المسنة، كانت تحب أولاد إخوانها؛ والدليل على ذلك توجه حاكم "كرميان"، "يعقوب الثاني"، في هذه السنة، إلى "أدرنة"، عن طريق "بورصا" و"كلي بولي"، لزيارة "مراد الثاني". ويروى أن هذا الحاكم المسن، كلما مر بمدينة عثمانية، أقيمت حفلة تكريماً له، ولا سيما في "أدرنة"، حيث أقيمت حفلات كبيرة، واستمرت مدة من الوقت. ولقد قدم "مراد الثاني" كل تقدير واحترام لخاله المسن هذا.
كان "يعقوب" في تلك الفترة، تجاوز الثمانين من العمر. ونظراً إلى عدم وجود أولاد له، (أي أنه كان عقيماً)، فإنه لم يكن له وارث مباشر. ومع أنه كان له أخوان: "إلياس" و"خضر"، وأبناؤهما، فإنه رجح ابن أخته" "مراداً الثاني"، الذي كانت نسبته إليه من طرف البنت، على أولاد أخويه من طرف الولد. ولا ينبغي أن ينسى أن تأثير عدم وجود المقاومة للحكم العثماني لديه، كان كبيراً على هذا الترجيح. حتى لو كان الأمر كذلك، فإن عودة هذا الحاكم المسن من "أدرنة"، بعد أن ترك وصية مبينة بترك إرثه لـ"مراد الثاني"، تدل على مقامه الكبير، الذي لا يمكن أن ينسى.
ولما توفي "يعقوب الثاني"، بعد عودته من "أدرنة" بفترة وجيزة، التحقت بلاده كافة بالدولة العثمانية، بموجب وصيته. وهناك رواية تفيد، أن "يعقوب بك"، توفي بعد ذلك بسنة.
وهذا يعني، أن الوحدة التركية، التي فتتها "تيمور"، قبل ست وعشرين سنة، بدأت تتحقق، من جديد، تحت الحكم العثماني.
____________________________________________________________
832هـ/1428-1429م
وفاة الشاعر "شيخي"
تاريخ ميلاد هذا الشاعر، الذي يعد من أبرز شخصيات الأدب الديواني التركي، غير معلوم. اسمه الحقيقي، هو "يوسف سنان"، وقد اشتهر، في الأدب، بلقبه الشعري: "شيخي". وكانت مهنته الطب، التي أتاحت له مداواة السلطان "محمد الأول" في أثناء حملته على "قره مان"، والانتساب إلى القصر العثماني، بعد ذلك؛ بسبب نجاحه في تلك المداواة.
ولـ"شيخي" بعض المؤلفات، الدينية والطبية. أما مؤلفاته الأدبية فأهمها: ديوانه، الذي نشره مجمع اللغة التركية، عام 1942م؛ و"قصة حُسرو وشرين"، التي ترجمها عن "نظامي"، بأمر من "مراد الثاني"؛ وكتابه الشهير في الهجو، بعنوان: "هار نامه". وتعد لغة "شيخي" في النثر، مصدراً قيماً للغة التركية.
ويروى أن هذا الشاعر الكبير، توفي في "كوتاحيا"؛ وقبره في "دولوبنار" وعلى الرغم من إشارة المصادر القديمة إلى وفاته، بأنها كانت في عام 826هـ/1423م، فإنه يتضح من الأبحاث الجديدة، أنه توفي بعد هذا التاريخ بخمس سنوات. ____________________________________________________________
833هـ/1430م
فتح "سلانيك"، وانتصار "كلي بولي" للأسطول التركي ضد البنادقة
مات الإمبراطور البيزنطي، "مانوئيل الثاني" في يوم السبت، 5 رمضان 828هـ، الموافق لـ 21 يوليه 1425م؛ وكان له من العمر سبعة وسبعون عاماً. وحل محله ابنه، وشريكه في الحكم، "يؤانس الثامن"، إمبراطوراً على بيزنطة بمفرده. وكان لهذا الإمبراطور أربعة إخوان: منهم "تيودور الثاني" أميراً على "المورة"؛ و"آندرونيكوس"، والياً على "سلانيك". أما الآخران، فكان اسميهما "كوستانتيونوس" و"ديمتريوس". ويروى أن أمير "سلانيك"، "آندرونيكوس"، كان إنساناً بطيئاً، كَسِلاً للغاية. وفي شأن الدفاع عن المدينة، لم يكن للأهالي ثقة بهذا الأمير، ولا للأمير ثقة بالأهالي؛ فعوملت المدينة معاملة تجارية غريبة، حيث بيعت "سلانيك" لجمهورية "البندقية"، مقابل مبلغ من المال. ويذكر أن البنادقة، كانوا يتحدثون عن قيامهم بالدفاع عن الميناء التجاري، ضد الأتراك، من جهة؛ ويقومون، في الوقت عينه، بتحويله إلى "بندقية أخرى" من خلال إعماره، من جهة ثانية. إلا أنه لم يمر وقت طويل، حتى عرف أهالي "سلانيك"، بمرارة قلب، أنهم مخدوعون؛ فقد تحولت المدينة، بعد فترة قصيرة، إلى مسرح للأحداث، بين الروم واللاتين، وبين الأرثوذكس والكاثوليك، بحيث لا يمكن العيش فيها. وقد عامل البنادقة أروام "سلانيك" معاملة سيئة، بل إنهم قاموا بطردهم، وإحلال المهاجرين اللاتين محلهم. وهذا هو السبب، الذي أدى بأهالي "سلانيك" إلى الميل إلى الأتراك، ضد البنادقة.
ويذكر، من جهة ثانية، أن هذا التغيير، الذي حصل في الأوضاع البلقانية، كان يراه "مراد الثاني" تجاوزاً على حقوقه. وهذا هو السبب، الذي أدى القيام بتنظيم الحملة على "سلانيك". وعلى الرغم من قيام البنادقة بتوسيط الإمبراطور البزنطي، "يؤانس الثامن"، بينهم وبين العثمانيين، لحل المسألة سلمياً، فإن "مراداً الثاني" لم يقبل ذلك، بل قام بالحملة على "سلانيك" وضرب الحصار عليها. ويروى أن أهالي "سلانيك"، الذين لم يرتاحوا إلى البنادقة، أيدوا الأتراك في هذه الحملة.
ولقد بدأ حصار "سلانيك" في شهر جمادى الأولى، الموافق لشهر فبراير من هذه السنة. ونظراً إلى فتح المدينة في شهر جمادى الآخرة، الموافق لشهر مارس، يكون الحصار قد استمر شهراً واحداً.
وعلى الرغم من قيام الأسطول البندقي، تحت قيادة "آندريا موكينيكو"، بالتعرض للأسطول التركي، في "كلي بولي"، فإن البحارة الأتراك، الذين حاربوا ببسالة تامة وشجاعة فائقة، هزموهم شر هزيمة. بل إنهم قسموا سفينة الأدميرال إلى شطرين، وأغرقوها. وهذا يعني الانتقام للهزيمة، التي تعرض لها الأسطول التركي، قبل أربعة عشر عاماً، في أول معركة بحرية مع البنادقة. ويذكر أن الانتصار البحري في "كلي بولي" قد رفع معنويات الجيش المشغول بالحصار في "سلانيك"، وأنه بناءً على ذلك التشجيع، تكلل الهجوم الذي قام به على المدينة بالنجاح، وكان عاملاً رئيسياً في فتحها.
وبعد أن تم فتح "سلانيك" بالهجوم العام، تم تحويل بعض الكنائس إلى مساجد. وقام بعض رهبان الروم بتنظيم أشعار رثاء بهذه المناسبة. ودخل الرعب في قلوب الأوروبيين، خوفاً من الاستيلاء التركي.
وقد وردت رواية، تفيد أن فتح "سلانيك"، كان في عام 832هـ/1429م؛ إلا أنها غير صحيحة.
وعلى الرغم من استيلاء الأتراك على مدينة "سلانيك"، قبل ذلك، مرة أو مرتين، فإنها بهذا الفتح النهائي، دخلت تحت الحكم التركي بصورة قطعية.
أما خروج "سلانيك" من حوزة العثمانيين، في المرة الأخيرة، فكان بسبب كون "سلانيك" ضمن الأماكن، التي أعادها "سليمان جلبي"، ابن "بايزيد الأول"، الذي جلس على سدة الحكم في "أدرنة"، في عهد الفترة، بموجب الاتفاق، الذي عقده مع الإمبراطورية البيزنطية.
____________________________________________________________
835هـ/1431م
فتح "يانيا"
كان يحكم منطقة "أبير"، في تلك الفترة، أسرة "توكو" الإيطالية. ونظراً إلى وفاة "كارلو توكو الأول"، في عام 833هـ/1430م، فقد حل محله ابن أخيه، "كارلو توكو الثاني"، أميراً على "أبير". غير أن أولاد "كارلو توكو الأول"، غير الشرعيين، بدأوا بالنزاع فيما بينهم على التركة. ويذكر أن الشعب، ضاق ذرعاً بتلك المنازعات، وأصبح لا يبالي بالأسرة الإيطالية. وبناءً على ذلك، فقد أرسل أهل "يانيا"، الموجودين، آنذاك، في موقع "كليدي"، بجوار "سلانيك" ممثلين لهم إلى "مراد الثاني"، وسلموا له مفاتيح المدينة، مقابل الحصول على فرمان منه، يتصل بالحقوق الشخصية والحريات. ويطلق، في المصادر العثمانية، على مثل هذه التسليمات: "فتح بالفيرة".
ويروى أن تاريخ تسليم "يانيا"، يصادف يوم الثلاثاء، الأول من صفر، الموافق لـ9 من أكتوبر من هذه السنة.
وهذا الحدث، يدل بشكل واضح، على مدى التأثير الإيجابي، الذي تركته الإدارة التركية وعدلها في البلقان.
وعلى الرغم من ذلك، فقد بدأ في "ألبانيا" حركات المقاومة ضد الأتراك؛ بسبب المصالح الخاصة لبعض الأسر الأهلية، ولا سيما بتشجيع وتحريك البنادقة؛ وعلى وجه الخصوص، فإن الحركة، التي بدأت في عام 835هـ/1431-1432م، بتعاون من أمير "ألبانيا" الوسطى، "آندريه ثوبيا دوكاكين"، وأسرة "آرانيتي" ـ أصبحت تتوسع، يوماً بعد يوم، إلى أن باتت حركة شعبية عامة، وأصبحت مشكلة عارمة وكبيرة، في وجه العثمانيين، استمرت حتى نهايات عهد السلطان "محمد الفاتح".