منتدي لآلـــئ

التاريخ والجغرافيا وتحليل الأحداث
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 خمارويه الطولوني حاكم مصر 270هـ- بقلم المقريزي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الحاجة
عضو فعال



عدد المساهمات : 657
تاريخ التسجيل : 16/11/2011

خمارويه الطولوني حاكم مصر 270هـ- بقلم المقريزي  Empty
مُساهمةموضوع: خمارويه الطولوني حاكم مصر 270هـ- بقلم المقريزي    خمارويه الطولوني حاكم مصر 270هـ- بقلم المقريزي  Icon_minitimeالإثنين يناير 07, 2013 7:09 pm

النص التالي عن (خمارويه بن أحمد بن طولون )
وهو منقول من كتاب " المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار" المقريزي

=================




فلما مات أحمد بن طولون وقام من بعده ابنه خمارويه أقبل على قصر أبيه وزاد فيه وأخذ الميدان الذي كان لأبيه فجعله كله بستانًا وزرع فيه أنواع الرياحين وأصناف الشجر ونقل إليه الودى اللطيف الذي ينال ثمره القائم ومنه ما يتناوله الجالس من أصناف خيار النخل وحمل إليه كل صيف من الشجر المطعم العجيب وأنواع الورد وزرع فيه الزعفران وكسا أجسام النخل نحاسًا مذهبًا حسن الصنعة وجعل بين النحاس وأجساد النخل مزاريب الرصاص وأجرى فيها الماء المدبر فكان يخرج من تضاعيف قائم النخل عيون الماء فتنحدر إلى فساقي معمولة ويفيض منها الماء إلى مجار تسقي سائر البستان وغرس فيه من الريحان المزروع على نقوش معمولة وكتابات مكتوبة بتعاهدها البستاني بالمقراض حتى لا تزيد ورقة على ورقة وزرع فيه النيلوفر الأحمر والأزرق والأصفر والجنوى العجيب وأهدى إليه من خراسان وغيرها كل أصل عجيب وطعموا له شجر المشمش باللوز وأشباه ذلك من كل ما يستظرف ويستحسن وبنى فيه برجًا من خشب الساج المنقوش بالنقر النافذ ليقوم مقام الأقفاص وزوقه بأصناف الأصباغ وبلط أرضه وجعل في تضاعيفه أنهارًا لطافًا جدًا ولها يجري فيها الماء مدبرًا من السواقي التي تدور على الآبار العذبة ويسقي منها الأشجار وغيرها وسرح في هذا البرج من أصناف القماري والدباسي والنونيات وكل طائر مستحسن حسن الصوت فكانت الطير تشرب وتغتسل من تلك الأنهار الجارية في البرج وجعل فيه أوكارًا في قواديس لطيفة ممكنة في جوف الحيطان لتفرخ الطيور فيها وعارض لها فيه عيدانًا ممكنة في جوانبه لتقف عليها إذا تطايرت حتى يجاوب بعضها بعضًا بالصياح وسرح في البستان من الطير العجيب كالطواويس ودجاج الحبش ونحوها شيئًا كثيرًا‏.‏

وعمل في داره مجلسًا برواقة سماه بيت الذهب طلى حيطانه كلها بالذهب المجاول باللازورد المعمول في أحسن نقش وأظرف تفصيل وجعل فيه على مقدار قامة ونصف صورًا في حيطانه بارزة من خشب معمول على صورته وصور حظاياه والمغنيات اللاتي تغنينه بأحسن تصوير وأبهج تزويق وجعل على رؤوسهن الأكاليل من الذهب الخالص الإبريز الرزين والكوادن المرصعة بأصناف الجواهر وفي آذانها الأجراس الثقال الوزن المحكمة الصنعة وهي مسمرة في الحيطان ولونت أجسامها بأصناف أشباه الثياب من الأصباغ العجيبة‏.‏

فكان هذا البيت من أعجب مباني الدنيا وجعل بين يدي هذا البيت فسقية مقدرة وملأها زئبقًا وذلك أنه شكا إلى طبيبه كثرة السهر فأشار عليه بالتغمير فأنف من ذلك وقال‏:‏ لا أقدر على وضع يد أحد علي فقال له‏:‏ تأمر بعمل بركة من زئبق فأنفق في ذلك أموالًا عظيمة وجعل في أركان البركة سككًا من الفضة الخالصة وجعل في السكك زنانير من حرير محكمة الصنعة في حلق من الفضة وعمل فرشًا من أدم يحشى بالريح حتى ينتفخ فيحكم حينئذ شده ويلقي على تلك البركة الزئبق وتشد زنانير الحرير التي في حلق الفضة بسكك الفضة وينام علىهذا الفرش فلا يزال الفرش يرتج ويتحرك بحركة الزئبق ما دام عليه وكانت هذه البركة من أعظم ما سمع به من الهمم الملوكية فكان يرى لها في الليلالي المقمرة منظر عجيب إذا تألف نور القمر بنور الزئبق ولقد أقام الناس بعد خراب القصر مدة يحفرون لأخذ الزئبق من شقوق البركة وما عرف ملك قط تقدم خمارويه في عمل مثل هذه البركة‏.‏

وبنى أيضًا في القصر قبة تضاهي قبة الهواء سماها الدكة فكانت أحسن شيء بني وجعل لها الستر التي تقي الحر والبرد فتسبل إذا شاء وترفع إذا أحب وفرش أرضها بالفرش السرية وعمل لكل فصل فرشًا يليق به وكان كثيرًا ما يجلس في هذه القبة ليشرف منها على جميع ما في داره من البستان وغيره ويرى الصحراء والنيل والجبل وجميع المدينة وبنى ميدانًا آخر أكبر من ميدان أبيه وكان أحمد بن طولون قد اتخذ حجرة بقربه فيها رجال سماهم بالمكبرين عدتهم اثنا عشر رجلًا يبيت منهم في كل ليلة أربعة يتعاقبون الليل نوبًا يكبرون ويسبحون ويحمدون ويهللون ويقرأون القرآن تطريبًا بألحان ويتوسلون بقصائد زهدية ويؤذنون أوقات الأذان فلما ولي خمارويه‏:‏ أقرهم على حالهم وأجراهم على رسمهم وكان يجلس للشرب مع حظاياه في الليل وقيناته تغنين فإذا سمع أصوات هؤلاء يسكت القوم لا يضجره ذلكن ولا يغيظه أن يعطع عليه ما كان فيه من لذته بالسماع‏.‏

وبنى أيضًا في داره‏:‏ دارًا للسباع عمل فيها بيوتًا بآزاج كل بيت يسع سبعًا ولبوته وعلى تلك البيوت أبواب تفتح من أعلاها بحركات ولكل بيت منها طاق صغير يدخل منه الرجل الموكل بخدمة ذلك البيت يفرشه بالزبل وفي جانب كل بيت حوض من رخام بميزاب من نحاس يصب فيه المال وبين يدي هذه البيوت قاعة فسيحة متسعة فيها رمل مفروش بها وفي جانبها حوض كبير من رخام يصب فيه ماء من ميزاب كبير فإذا أراد سائس سبع من تلك السباع تنظيف بيته أو وضع وظيفة اللحم التي لغذائه رفع الباب بحيلة من أعلى البيت وصاح بالسبع فيخرج إلى القاعة المذكورة ويرد الباب ثم ينزل إلى البيت من الطاق فيكنس الزبل ويبدل الرمل بغيره مما هو نظيف ويضع الوظيفة من اللحم في مكان معد لذلك بعدما يخلص ما فيه من الغدد ويقطعها لهما ويغسل الحوض ويملأه ماء ثم يخرج ويرفع الباب من أعلاه وقد عرف السبع ذاك فحال ما يرفع السائس باب البيت دخل إليه الأسد فأكل ما هيئ له من اللحم حتى يستوفيه ويشرب منالماء كفايته فكانت هذه مملوءة من السباع ولهم أوقات يفتح فيها سائر بيوت السباع فتخرج إلى القاعة وتتمشى فيها وتمرح وتلعب ويهائش بعضها بعضًا فتقيم يومًا كاملًا إلى العشي فيصبح بها السواس فيدخل كل سبع إلى بيته لا يتخطاه إلى غيره‏.‏

وكان من جملة هذه السباع‏:‏ سبع أرزق العينين يقال له‏:‏ زريق قد أنس بخمارويه وصار مطلقًا في الدار لا يؤذي أحدًا ويقام له بوظيفته من الغذاء في كل يوم فإذا نصبت مائدة خمارويه أقبل زريق معها وربض بين يديه فرمى إليه بيده الدجاجة بعد الدجاجة والفضلة الصالحة من الجدي ونحو ذلك مما على المائدة فيتفكه به‏.‏

وكانت له لبوى لم تستأنس كما أنس فكانت مقصورة في بيت ولها وقت معروف يجتمع معها فيه فإذا نام خمارويه جاء زريق ليحرسه فإن كان قد نام على سرير ربض بين يدي السرير وجعل يراعيه ما دام نائمًا وإن كان إنما نام على الأرض بقي قريبًا منه وفطن لمن يدخل ويقصد خمارويه لا يغفل عن ذلك لحظة واحدة وكان على ذلك دهره قد ألف ذلك ودرب عليه وكان في عنقه طوق من ذهب فلا يقدر أحد من أن يدنو من خمارويه ما دام نائمًا لمراعاة زريق له وحراسته إياه حتى إذا شاء الله إنفاذ قضائه في خمارويه كان بدمشق وزريق غائب عنه بمصر ليعلم أنه لا يغني حذر من قدر وبنى أيضًا دار الحرم ونقل إليها أمهات أولاد أبيه مع أولادهن وجعل معهن المعزولات من أمهات أولاده وأفرد لكل واحدة حجرة واسعة نزل في كل حجرة منها بعد زوال دولتهم قائد جليل فوسعته وفضل عنه منها شيء وأقام لكل حجرة من الأنزال والوظائف الواسعة ما كان يفضل عن أهلها منه شيء كثير فكان الخدم الموكلون بالحرم من الطباخين وغيرهم يفضل لكل منهم مع كثرة عددهم بعد التوسع في قوته الزلة الكبيرة والتي فيها العدة من الدجاج فمنها ما قلع فخذها ومنها ما قد بشعب صدرها ومن الفراخ مثل ذلك مع القطع الكبار من الجدي ولحوم الضأن والعدة من ألوان عديدة والقطع الصالحة من الفالوذج والكثير من اللوزينج والقطائف والهرائس من العصيدة التي تعرف اليوم في وقتنا هذا بالمامونية وأشباه ذلك مع الأرغفة الكبار واشتهر بمصر بيعهم لذلك وعرفوا به فكان الناس يتناوبونهم لذلك وأكثر ما تباع الزلة الكبيرة منها بدرهمين ومنها ما يباع بدرهم فكان كثير من الناس يتفكهون من هذه الزلات وكان شيئًا موجودًا في كل وقت لكثرته واتساعه بحيث إن الرجل إذا طرقه ضيف خرج من فوره إلى باب دار الحرم فيجد ما يشتريه ليتجمل به لضيفه مما لا يقدر على عمل مثله ولا يتهيأ له من اللحوم والفراخ والدجاج والحلوى مثل ذلك‏.‏

واتسعت أيضًا اصطبلات خمارويه فعمل لكل صنف من الدواب اصطبلًا مفردًا لكان للخيل الخاص اصطبل مفرد ولدواب الغلمان اصطبلات عدة ولبغال القباب اصطبلات ولبغال النقل غير بغال القباب اصطبلات وللنجائب والبخاتي اصطبلات لكل صنف اصطبل مفرد للاتساع في المواضع والتفنن في الأثقال وعمل للنمور دارًا مفردة وللفهود دارًا مفردة وللفيلة دارًا وللزرافات دارًا كل ذلك سوى الاصطبلات التي بالجيزة فإنه كان له عدة ضياع من الجيزة اصطبلات مثل‏:‏ نهيا ووسيم وسفط وطهرمس وغيرها وكانت هذه الضياع لا تزرع إلا القرط برسم الدواب وكان للخليفة أيضًا بمصر اصطبلات سوى ما ذكر تنتج فيها الخيل‏:‏ لحلبة السباق وللرباط في سبيل الله تعالى برسم الغزو وكان لكل دار من الدور المذكورة ولكل اصطبل وكلاء لهم الرزق السني والوظائف الكثيرة والأموال المتسعة وبلغ رزق الجيش في أيام خمارويه تسعمائة ألف دينار في كل سنة وقام مطبخه المعروف بمطبخ العامة بثلاثة وعشرين ألف دينار في كل شهر سوى ما هو موظف لجواريه وأرزاق من يخدمهن ويتصرف في حوائجهن‏.‏

وكان قد اتخذ لنفسه من ولد الحوف وشناترة الضياع قومًا معروفين بالشجاعة والبأس لهم خلق عظيم تام وعظم أجسام وأدر عليهم الأرزاق ووسع لهم في العطاء وشغلهم عما كانوا فيه من قطع الطريق وأذية الناس بخدمته وألبسهم الأقبية وجواشن الديباج وصاغ لهم المناطق العراض الثقال وقلدهم السيوف المحلاة يضعونها على أكتافهم فإذا مشوا بين يديه وموكبه على ترتيبه ومضت أصناف العسكر وطوائفه تلاهم السودان وعدتهم ألف أسود لهم درق من حديد محكم الصنعة وعليهم أقبية سود وعمائم سود فيخالهم الناظر إليهم بحرًا أسود يسير لسواد ألوانهم وسواد قيابهم ويصير لبريق درقهم وحلي سيوفهم والبيض التي تلمع على رؤوسهم من تحت العمائم زي بهج فإذا مضى السودان قدم خمارويه وقد انفرد عن موكبه وصار بينه وبين الموكب نحو نصف غلوة سهم والمختارة تحف به وكان تام الظهر ويركب فرسًا تامًا فيصير كالكوكب إذا أقبل لا يخفى على أحد كأنه قطعة جبل في وسط المختارة وكان مهابًا ذا سطوة وقد وقع في قلوت الكافة أنه متى أشار إليه أحد بإصبعه أو تكلم أو قرب من لحقه مكروه عظيم فكان إذا أقبل كما ذكرنا لا يسمع من أحد كلمة ولا سعلة ولا عطسة ولا نحنحة ألبتة كأنما على رؤوسهم الطير وكان يتقلد في يوم العيد سيفًا بحمائل ولا يزال يتفرج ويتنزه ويخرج إلى مواضع لم يكن أبوه يهش إليها كالأهرام ومدينة العقاب ونحو ذلك لأجل الصيد فإن كان مشغوفًا به لا يكاد يسمع بسبع إلا قصده ومعه رجال عليهم لبود فيدخلون إلى الأسد ويتناولونه بأيديهم من غابه عنوة وهو سليم فيضعونه في أقفاص من خشب محكمة الصنعة يسع الواحد منها السبع وهو قائم فإذا قدم خمارويه من الصيد سار القفص وفيه السبع بين يديه وكانت حلبة السباق في أيامهم تقوم مقام الأعياد لكثرة الزينة وركوب سائر الغلمان والعساكر على كثرتهم بالسلاح التام والعدد الكاملة فيجلس الناس لمشاهدة ذلك كما يجلسون في الأعياد وتطلق الخيل من غايتها فتمر متفاوتة قال القضاعي‏:‏ المنظر بناه أحمد بن طولون في ولايته لعرض الخيل وكان عرض الخيل من عجائب الإسلام الأربعة التي منها هذا العرض ورمضان بمكة والعيد كان بطرسوس والجمعة ببغداد فبقي من هذه الأربعة شهر رمضان بمكة والجمعة ببغداد وذهبت اثنتان قال كاتبه‏:‏ وقد ذهبت الجمعة ببغداد أيضًا بعد القضاعي بقتل هولاكو للخليفة المستعصم وزوال شعائر الإسلام من العراق وبقيت مكة شرفها الله تعالى وليس في شهر رمضان الآن بها ما يقال فيه أنه من عجائب الإسلام لما تكامل عز خمارويه وانتهى أمره بدأ يسترجع منه الدهر ما أعطاه فأول ما طرقه موت خطيبته بوران التي من أجلها بنى بيت الذهب وصور فيه صورتها وصورته كما تقدم وكان يرى الدنيا لا تطيب له إلا بسلامتها وبنظره إليها وتمتعه بها فكدر موتها عيشه وانكسر انكسارًا بان عليه ثم إنه أخذ في تجهيز ابنته فجهزها جهازًا ضاهى به نعم الخلافة فلم يبق خطيرة ولا طرفة من كل لون وجنس إلا حمله معها فكان من جملته‏:‏ دكة أربع قطع من ذهب عليها قبة من ذهب مشبك في كل عين من التشبيك قرط معلق فيه حبة جوهر لا يعرف لها قيمة ومائة هون من ذهب‏.‏

قال القضاعي‏:‏ وعقد المعتضد النكاح على ابنته يعنى ابنة خمارويه‏:‏ قطر الندى فحملها أبو الجيش خمارويه مع عبد الله بن الخصاص وحمل معها ما لي ير مثله ولا يسمع به ولما دخل إليه ابن الخصاص يودعه قال له خمارويه‏:‏ هل بقي بيني وبينك حساب فقال‏:‏ لا فقال‏:‏ انظر حسابك فقال‏:‏ كسر بقي من الجهاز فقال‏:‏ أحضروه فأخرج ربع طومار فيه سبت ذكر النفقة فإذا هي أربعمائة ألف دينار قال محمد بن علي المادراني فنظرت في الطومار فإذا فيه وألف تكة الثمن عنها عشرة آلاف دينار فأطلق له الكل‏.‏
ال القضاعي‏:‏ وإنما ذكرت هذا الخبر لتستدل به على أشياء منها سعة نفس أبي الجيش ومنها كثرة ما كان يملكه ابن الخصاص حتى أنه قال‏:‏ كسر بقي من الجهاز وهو أربعمائة ألف دينار لو لم يقتضه ذلك لم يذكره ومنها ميسور ذلك الزمان لما طلب فيه ألف تكة من أثمان عشرة دنانير قدر عليها في أيسر وقت وبأهون سعي ولو طلب اليوم خمسون لي يقدر عليها قال كاتبه‏:‏ ولا يعرف اليوم في أسواق القاهرة ومصر تكة بعشرة دنانير إذا طلبت توجد في الحال ولا بعد شهر إلا أن يتعنى بعملها فتعمل ولما فرغ خمارويه من جهاز ابنته أمر فبنى لها على رأس كل مرحلة تنزل بها قصر فيما بين مصر وبغداد وأخرج معها أخاه شيبان بن أحمد بن طولون في جماعة مع ابن الخصاص فكانوا يسيرون بها سير الطفل في المهد فإذا وافت المنزل وجدت قصرًا قد فرش فيه جميع ما يحتاج إليه وعلقت فيه الستور وأعد فيه كل ما يصلح لمثلها في حال الإقامة فكانت في مسيرها من مصر إلى بغداد على بعد الشقة كأنها في قصر أبيها تنتقل من مجلس إلى مجلس حتى قدمت بغداد أول المحرم سنة اثنتين وثمانين ومائتين فزفت على الخليفة المعتضد‏.‏

وبعد ذلك قتل خمارويه بدمشق وكانت مدة بني طولون بمصر سبعًا وثلاثين سنة وستة أشهر واثنين وعشرين يومًا‏.‏

كما ورد عن خمارويه بموضع آخر بنفس الكتاب للمقريزي :
بايعه الجند يوم الأحد لعشر خلون من ذي القعدة فأمر بقتل أخيه العباس لامتناعه من مبايعته وعقد لأبي عبد الله أحمد الواسطي على جيش إلى الشام لست خلون من ذي الحجة وعقد لسعد الأعسر على جيش آخر وبعث بمراكب في البحر لتقيم على السواحل الشامية فنزل الواسطي فلسطين وهو خائف من خمارويه أن يوقع به لأنه كان أشار عليه بقتل أخيه العباس فكتب إلى أبي أحمد الموفق‏:‏ يصغر أمر خمارويه ويحرضه على المسير إليه فأقبل من بغداد وانضم إليه إسحاق بن كنداح ومحمد بن أبي الساج ونزل الرقة فتسلم قنسرين والعواصم وسار إلى شيزر فقاتل أصحاب خمارويه وهزمهم ودخل دمشق فخرج خمارويه في جيش عظيم لعشر خلون من صفر سنة إحدى وسبعين فالتقى مع أحمد بن الموفق بنهر أبي بطرس المعروف بالطواحين من أرض فلسطين فاقتتلا فانهزم أصحاب خمارويه وكان في سبعين ألفًا وابن الموفق في نحو أربعة آلاف واحتوى على عسكر خمارويه بما فيه ومضى خمارويه إلى الفسطاط وأقبل كمين له عليه‏:‏ سعد الأعسر ولم يعلم بثزيمة خمارويه فحارب ابن الموفق حتى أزاله عن المعسكر وهزمه اثني عشر ميلًا ومضى إلى دمشق فلم يفتح له ودخل خمارويه إلى الفسطاط لثلاث خلون من ربيع الأول وسار سعد الأعسر والواسطي فملكا دمشق وخرج خمارويه من مصر لسبع بقين من رمضان فوصل إلى فلسطين ثم عاد لاثنتي عشرة بقيت من شوال ثم خرج في ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين فقتل سعدًا الأعسر ودخل دمشق لسبع خلون من المحرم سنة ثلاث وسبعين وسار لقتال ابن كنداح وأتبعه حتى بلغ أصحابه سر من رأى ثم اصطلحا تظاهرا وأقبل إلى خمارويه فأقام في عسكره ودعا له في أعماله التي بيده وكاتب خمارويه أبا أحمد الموفق في الصلح فأجابه إلى ذلك وكتب له بذلك كتابًا فورد عليه به‏:‏ فالق الخادم إلى مصر في رجب ذكر فيه‏:‏ أن المعتمد والموفق وابنه كتبوه بأيديهم وبولاية خمارويه وولده ثلاثين سنة على مصر والشامات ثم قدم خمارويه سلخ رجب فأمر بالدعاء لأبي أحمد الموفق وترك الدعاء عليه وجعل على المظالم بمصر‏:‏ محمد بن عبدة بن حرب وبلغه مسير محمد بن أبي الساج إلى أعماله فخرج إليه في ذي القعدة ولقيه شيبة العقاب من دمشق فانهزم أصحاب خمارويه وثبت هو فحاربه حتى حزمه أقبح هزيمة وعاد إلى مصر فدخلها لست بقين من جمادى الآخرة سنة ست وسبعين ثم خرج إلى الإسكندرية لأربع خلون من شوال وورد الخبر أنه دعي له بطرسوس في جمادى الآخرة سنة سبع وسبعين وخرج إلى الشام لسبع عشرة من ذي القعدة ومات الموفق في سنة ثمان وسبعين ثم مات المعتمد في رجب سنة تسع وسبعين وبويع المعتضد أبو العباس أحمد بن الموفق فبعث إليه خمارويه بالهدايا وقدم من الشام لست خلون من ربيع الأول سنة ثمانين فورد كتاب المعتضد بولاية خمارويه على مصر هو وولده ثلاثين سنة من الفرات إلى برقة وجعل له الصلاة والخراج والقضاء وجميع الأعمال على أن يحمل في كل عام مائتي ألف دينار عما مضى وثلثمائة ألف للمستقبل ثم قدم رسول المعتضد بالخلع وهي اثنتا عشرة خلعة وسيف وتاج ووشاح مع خادم في رمضان وعقد المعتضد نكاح قطر الندى بنت خمارويه في سنة إحدى وثمانين وفيها خرج خمارويه إلى نزهته ببربوط في شعبان ومضى إلى الصعيد فبلغ سيوط ثم رجع من الشرق إلى الفسطاط أول ذي القعدة وخرج إلى الشام لثمان خلون من شعبان سنة اثنتين وثمانين فأقام بمنية الأصبغ ومنية مطر ثم رحل حتى أتى دمشق فقتل بها على فراشه ذبحه جواريه وخدمه وحمل في صندوق إلى مصر وكان لدخول تابوته يوم عظيم واستقبله جواريه وجواري غلمانه ونساء قواده ونساء القطائع بالصياح وما يصنع في المآتم وخرج الغلمان وقد خلوا أقبيتهم وفيهم من سود ثيابه وشققها وكانت في البلد ضجة عظيمة وصرخة تتعتع ثم ولي أبو العساكر بن خمارويه بن أحمد بن طولون لليلة بقيت من ذي القعدة سنة اثنتين وثمانين ومائتين بدمشق فسار إلى مصر واشتمل على أمور أنكرت عليه فاستوحش من عظماء الجند وتنكر لهم فخافوه ودأبوا في الفساد فخرج منتزهًا إلى منية الأصبغ ففر جماعة من عظماء الدولة إلى المعتضد وخلعه أحمد بن طغان وكان على الثغر وخلعه طغج بن جف بدمشق فوثب جيش على عمه مضر بن أحمد بن طولون فقتله فوثب عليه الجيش وخلعوه وجمعوا الفقهاء والقضاة فتبرأ من بيعته وحللهم منها وكان خلعه لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين فولي ستة أشهر واثني عشر يومًا ومات في السجن بعد أيام‏.‏ "
=
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
خمارويه الطولوني حاكم مصر 270هـ- بقلم المقريزي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أحمد بن طولون - بقلم المقريزي
» المؤرخ تقي الدين المقريزي
»  العلامة المؤرخ ( تقي الدين المقريزي)
»  وثائق تاريخ الإمارات العربية في القرن 19
» أحداث السنوات من سنة 110 م إلي سنة 119 م

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي لآلـــئ :: الفئة الأولى :: التاريخ الوسيط-
انتقل الى: