منتدي لآلـــئ

التاريخ والجغرافيا وتحليل الأحداث
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الحاجة
عضو فعال



عدد المساهمات : 657
تاريخ التسجيل : 16/11/2011

الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Empty
مُساهمةموضوع: الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله   الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Icon_minitimeالثلاثاء يونيو 12, 2012 9:56 pm

الحاكم بأمر الله
بقلم المؤرخ المقريزي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحاكم بأمر الله أبو علي (منصور) إبن العزيز بالله أبي المنصور نزار ابن المعز لدين الله أبي تميم معد
----------
ولد في القصر بالقاهرة ليلة الخميس الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول سنة خمس وسبعين وثلثمائة في الساعة التاسعة الموافق صبيحتها الثالث عشر من شهر آب‏.‏
والطالع من السرطان سبع وعشرون درجة والشمس في برج الأسد على خمس وعشرين درجة والقمر بالجوزاء على إحدى عشرة درجة وزحل بالعقرب على أربع وعشرين درجة والمشتري بالميزان على ثمان درج والمريخ بالميزان على ثلاث عشرة درجة والزهرة بالميزان على تسع عشرة درجة وعطارد بالأسد على عشر درج والرأس بالدلو على خمس درج‏.‏
سنة 386 هـ
وسلم عليه بالخلافة في الجيش بعد الظهر من يوم الثلاثاء ثامن عشري شهر رمضان سنة ست وثمانين وثلثمائة‏.‏
وسار إلى قصره في يوم الأربعاء بسائر أهل الدولة والعزيز في قبة على ناقة بين يديه وعلى الحاكم دراعة مصمتة وعمامة فيها الجوهر وبيده رمح وقد تقلد السيف فوصل إلى القصر ولم يفقد من جميع ما كان مع العساكر شيء ودخله قبل صلاة المغرب وأخذ في جهاز أبيه العزيز ودفنه‏.‏
ثم بكر سائر أهل الدولة إلى القصر يوم الخميس وقد نصب للحاكم سرير من ذهب عليه مرتبة مذهبة في الإيوان الكبير‏.‏
وخرج من قصره راكباً وعليه معممة الجوهر فوقف الناس بصحن الإيوان وقبلوا الأرض ومشوا بين يديه حتى جلس على السرير فوقف من مهمته الوقوف وجلس من له عادة الجلوس‏.‏
فسلم عليه الجماعة بالإمامة واللقب الذي اختير له وهو الحاكم بأمر الله‏.‏
وكان سنه يومئذ إحدى عشرة سنة وخمسة أشهر وستة أيام‏.‏
وكان جماعة من شيوخ كتامة تخلفوا عن الحضور وتجمعوا نحو المصلى‏.‏
فخرج إليهم أبو محمد بن الحسن بن عمار في طائفة من شيوخهم وما زالوا بهم حتى أحضروهم بعد امتناعهم من الحضور وشكوا من قيس بن نسطورس وسألوا صرفه وأن تكون الوساطة لرجل منهم فندب لذلك أبو محمد الحسن بن عمار‏.‏
فقرر أحوالهم فيما يطلق لهم من الرزق بعد خطاب طويل على أن يطلق لهم ثماني إطلاقات في كل سنة وأن يكون لكل واحد ثمانية دنانير وأن يطلق هذا الفض في يومهم بحضرة أمير المؤمنين‏.‏
فأحضر المال ودفع إليهم بحضرة الحاكم الفضل وهو وخلع على أبي الحسن يانس الخادم الصقلبي وحمل على فرسخين وقال‏:‏ يتولى القصور‏.‏
وفي أول شوال فرش على سرير الذهب في الإيوان مرتبة نسيج فضة وخرج الحاكم على فرس أدهم بمعممة الجوهر وقد تقلد السيف وفي ركابه الايمن حسين بن عبد الرحمن الرابض وفي ركابه الأيسر برجوان والناس قيام فقبلوا له الأرض ودعوا‏.‏
فقال ابن عمار للقاضي محمد بن النعمان‏:‏ مولانا يأمرك بالخوارج إلى المصلى للصلاة بالناس وإقامة الدعوة لأمير المؤمنين‏.‏
فنهض قائما وقلده برجوان بسيف محلى بذهب من سيوف العزيز ومضى فصلى وأقام الدعوة ثم قدم‏.‏
ونصب السرير الذهب في صفة الإيوان ونصب السماط الفضة وخرج الحاكم من القصر وكان قد دخل إليه وهو على فرس أشقر فجلس على السماط وحضر من له رسم فأكلوا وانصرفوا‏.‏
وفي ثالثه خلع علي ابن عمار وقلد بسيف من سيوف العزيز وحمل على فرس بسرج ذهب وكناه الحاكم ولقبه بأمين الدولة وقال له‏:‏ أنت أميني على دولتي ورجالي‏.‏
وقاد بين الخيل وعمل خمسين ثوبا ملونة من البز الرفيع‏.‏
ومضى في موكب عظيم إلى داره‏.‏
وكتب سجل من إنشاء أبي منصور بن سيرين وبخطه قرأه القاضي محمد بن النعمان بالجامع يتضمن وراثة الحاكم الملك من أبيه ويعد الرعية فيه بحسن النظر لهم وأمر فيه بإسقاط مكوس كانت بالساحل‏.‏
ففرح الناس‏.‏
وكانت عدة ممن قتلهم ابن نسطورس لما احترق الأسطول على الخشبة فأمر بتسليمهم إلى أهليهم وأطلق لكل واحد عشرة دنانير من أجل كفنه فكثر الدعاء من الرعية للحاكم‏.‏
وأمر بقلع الالواح التي على دور الأخباز وسلمت لأربابها ومستحقيها فبلغت شيئا كثيرا‏.‏
وخلع على القائد أبي عبد الله الحسين بن جوهر القائد ورد إليه البريد والإنشاء فكان يخلفه ابن سورين وحمل بين يديه كثير من الخيل والثياب وحمل على فرس بمركبين‏.‏
واستكتب أمين الدولة ابن عمار أبا عبد الله الموصلي واستخلفه على أخذ رقاع الناس وتوقيعاتهم‏.‏
وأقر عيسى بن نسطورس على ديوان الخاص‏.‏
وخلع على جماعة بولايات عديدة وقرىء سجل قرأه القاضي بالجامع يتضمن ولاية ابن عمار الوساطة وتلقيبه بأمين الدولة وأمر الناس كلهم أن يترجلوا لابن عمار فترجلوا بأسرهم له‏.‏
وفي ثاني ذي القعدة تجمع الكتاميون عند المصلى فأنفذ إليهم واستحضرهم وتقرر أمرهم على النفقة فيهم فأنفق عليهم‏.‏
وحمل راجلهم على الخيل وكانوا نحو الألف رجل وأركبت وفي ثاني عشره خلع على أبي تميم سلمان بن جعفر بن فلاح وقلد السيف وحمل على فرس بمركب ذهب وقيد بين يديه بأربعة أفراس مسرجة ملجمة وحمل بين يديه ثياب كثيرة من كل نوع وجرد معه عسكر ليسير إلى الشام‏.‏
وسارت قافلة الحاج بكسوة الكعبة والصلات والنفقة على الرسم المعتاد في النصف منه‏.‏
وركب الحاكم يوم الأضحى فصلى بالناس صلاة العيد بالمصلى وخطب وأصعد معه المنبر القاضي محمد بن النعمان وبرجوان وابن عمار وجماعة‏

سنة 387 هـ

في المحرم ورد سابق الحاج فأخبر بتمام الحج والدعاء للحاكم في الحرمين‏.‏
وفيه نزع سعر القمح وغيره وعز وجوده واشتد الغلاء ووقع في البلد خوف شديد من طرف رجل من اللصوص في الليل وكبسه دور الناس فتحارسوا في الليل وأخذت نساء من الطرقات وعظم الأمر في ذلك‏.‏
وفيه ضربت رقبة عيسى بن نسطورس‏.‏
ووصل الحاج في رابع عشر صفر فخلع على سبكتكين مقدم القافلة وحمل على عدد من ووقف سعر الخبز على أربعة أرطال بدرهم‏.‏
وسار أبو تميم سلمان بن جعفر بن فلاح بعد أن خلع عليه وقيد بين يديه عدة خيول وحمل معه شيء كثير من الثياب وأنفق في أهل عسكره فنزل مسجد تبر فأقام إلى تاسع عشر ربيع الأول فخرج إليه الحاكم وحلفه ومن معه وعاد‏.‏
فرحل ابن فلاح إلى القصور فأقام بها‏.‏
وقرىء سجل يوم الجمعة للنصف منه بمدح كتامة ولعن منجوتكين على سائر منابر مصر وفي القصر‏.‏
وخلع على جماعة من الحمدانية وجهزوا إلى ابن فلاح فساروا معه‏.‏
وفي آخره أخرج ابن عمار إلى سلمان بن جعفر بن فلاح بخزانة مال على ثمانية وستين بغلا في صناديق فيها أربعمائة ألف دينار وسبعمائة ألف درهم وستة وأربعين حملاً من السلاح وعشر جمازات عليها دروع وست قباب بفرشها وأهلتها ومناطقها وجميع آلاتها منها قبتان قرقرى مثقل وباقيها ديباج وست جمازات تجنب بآلة الديباج الملون وثلاثين جمازة بأجلتها وعشرة أفراس وثلاث بغلات بمراكبها ومنديل حمله خادم فيه ثياب مشرف بها من ثياب العزيز وسيف من سيوفه‏.‏
وفي ثالث ربيع الآخر ركب الحاكم وابن عمار إلى القصور فودعا ابن فلاح وسار في ثلاثة من كتامة وسبعمائة فارس من الغلمان وانضم إليه من عرب الرملة ثمانية آلاف‏.‏
وفي النصف منه شق الحاكم المدينة وقد زينت زينة عظيمة وزيدان يحمل مظلة عن يمينه وابن عمار عن يساره ويرجوان وحده خلفه فدخل الصناعة‏.‏
وأما منجوتكين فإنه لما بلغه ما فعله ابن عمار من إكرام كتامة وحطه من مراتب المصطنعين الذين اصطنعهم العزيز من الأتراك خاف‏.‏
فلم يكن غير قليل حتى بلغه خروج سلمان بن جعفر بن فلاح إلى الشام بالكتاميين فسار إلى الرملة مستعد القتال من يجيئه من مصر فالتقيا برفح‏.‏
وكانت الوقعة بين الطوالع فانهزم أصحاب منجوتكين وسار ابن فلاح إلى منجوتكين فلقيه بظاهر عسقلان وقد انضم إليه ابن الجراح في كثير من العرب فاستأمن إلى ابن فلاح عدة من أصحاب منجوتكين‏.‏
واقتتلا يوم الجمعة رابع جمادى الأولى فقتل كثير من أصحاب منجوتكين وأسر عدة منهم وانهزم منجوتكين بمن بقى معه فقطع من عسقلان إلى دمشق في ثلاثة أيام وأهلها في مجاعة من غلاء الأسعار وقلة الطعام وقد راجت الغلال‏.‏
فاجتمع أهل البلد إلى الجامع وهم كثير فيهم حمال السلاح ومن يطلب الفتن‏.‏
فقال الناس‏:‏ نرح منجوتكين عنا وقال طلاب الفتن‏:‏ لا ما نقاتل معه وساروا إلى داره ومعهم قوم من المرج يقال لهم الهياجنة أهل شر وفساد فنهبوها وما حولها من دور أمرائها‏.‏
وخرج منهزما في يسير من الجند فراسخ فنزل على ابن الجراح‏.‏
وبلغ ذلك ابن فلاح فأرسل بأخيه علي بن جعفر بن فلاح في ألفي رجل فنزل بظاهر دمشق لست بقين منه وبعث إلى ابن الجراح رسولاً بأن ينفذ منجوتكين إلى مولانا فإنا لا نريد به سوءاً وهو آمن وبذل له مالا‏.‏
فسار منجوتكين ودخل القاهرة في ثاني عشري رجب فأنزله ابن عمار في دار وكان يركب في خدمته وإذا لقيه وهو راكب ترجل له‏.‏
وكان ابن عمار ينزله أدون المراتب وغير رسومه كلها‏.‏
وأما علي بن جعفر بن فلاح فإنه لما قدم من عند أخيه ولى البلد لرجل من المغاربة لم يكن عنده ما رآه بل كان فظا غليظاً فشاق العامة وواجههم فثاروا عليه بالسلاح وركب المغاربة وكانت بينهم حروب‏.‏
ثم إن شيوخ البلد خرجوا إليه وأصلحوا الأمر‏.‏
وسار علي من الرملة فنزل على دمشق في عسكر عظيم يوم الاثنين لست بقين من رجب وأقام لا يأمر بخير ولا شر‏.‏
وأما ابن عمار فإنه لما نظر في الأمر كان ينزل على باب الحجرة التي فيها الحاكم ويدخل القصر راكبا فيشق قاعة الدواوين ويدخل من الباب الذي يجلس فيه خدم الخاصة ثم يعدل منه إلى باب الحجرة فينزل ويركب منه‏.‏
وكان الناس من الشيوخ والرؤساء على سائر طبقاتهم يبكرون إلى داره والباب مغلق فيفتح بعد وقت فيدخل إليه الوجوه فيجلسون في قاعة الدار على حصير وهو في مجلسه لا يدخل إليه أحد فإذا مضت لهم ساعة أذن للوجوه فالقاضي وبعده كتامة والقواد فيدخل أعيانهم ثم يأذن لسائر الناس فلا يقدر أحد على الوصول إليه فمنهم من يومى إلى تقبيل الأرض ومنهم من يقبل الركاب ومنهم من يقبل ركبته‏.‏
وتسلم النظر والإسطبلات عامرة فأخرج لرجال كتامة وأحداثهم ألفا وخمسمائة فرس ولم يبق من شيوخهم إلا من قاد إليه الفرسين والثلاثة بمراكبها‏.‏
وحمل لسلمان بن جعفر ابن فلاح ما يتجاوز ألف رأس وجل رحل العزيز وأمتعته‏.‏
وباع من الخيل والبغال والنجب والحمر ما يتجاوز الألوف حتى بيعت الناقة بستة دنانير والحمار الذي قيمته أربعون دينارا بأربعة دنانير‏.‏
وقطع أكثر الرسوم التي كانت لأولياء الدولة من الأتراك والعبيد وقطع أكثر ما كان في المطابخ‏.‏
وقطع أرزاق جماعة أرباب الراتب وفرق كثيرا من الجواري طلباً للتوفير‏.‏
واصطنع أحداث المغاربة فكثر عبث أشرارهم وامتدت أيديهم إلى أخذ الحرم في الطرقات وعروا جماعة من الناس فكثرت الشكاية منهم ولم يبد كبير نكير فأفرط الأمر حتى تعرضوا إلى الأتراك يريدون أخذ ثيابهم فثار لذلك شر قتل فيه واحد من المغاربة وغلام تركي فسار أولياء الكتامى ليأخذوا التركي قاتله ويأتوا به إلى قبر المقتول فيعتقوه هناك فلما أخذوه قتلوه على قبر الكتامي‏.‏
فاجتمعت أكابر الطائفتين وتحزبوا فوقعت الحرب بينهما وقتل جماعة وانطلقت ألسن كل منهما في الآخرين بالقبيح‏.‏
وأقاموا على مصافهم يومين آخرهما تاسع شعبان فركب ابن عمار في عاشره بآلة الحرب وقد حفت به المغاربة وتبادر إليه الاتراك فاقتتل الفريقان وقتل منهما جماعة وجرح كثير‏.‏
وجيء لابن عمار بعدة رؤوس طرحت بين يديه فأنكر ذلك وظهر له الخطأ في ركوبه فعاد إلى داره‏.‏
وجاء برجوان ليصلح الأمر فثار الغلمان وركبوا دار ابن عمار للفتك به فأركب برجوان إلى القصر وانبسطت أيدي المغاربة وأحداث الغلمان والنهابة فانتهبوا دار ابن عمار واسطبلاته ودار رشا غلامه وأخذوا ما لا يحصى كثرة‏.‏
وانعزل لثلاث بقين منه وتحول من القاهرة إلى داره بمصر‏.‏
فكانت أيام نظره أحد عشر شهرا غير خمسة أيام‏.‏
فأقام بمصر سبعة وعشرين يوماً ثم عاد إلى القاهرة بأمر الحاكم فأقام بها لا يركب ولا يجتمع به سوى خدمه وأطلقت له رسومه وجراياته وجرايات حشمه على رتبه في أيام نظره‏.‏
وتقدم الحاكم إلى برجوان أن ينظر في التدبير على ما كان ابن عمار فنظر في ذلك لثلاث بقين من رمضان وسار إلى القصر وجمع الغلمان الأتراك ونهاهم عن التعرض لأحد من الكتاميين والمغاربة‏.‏
وقبض على عريف الباطلية فإنهم كانوا قد نهبوا شيئا كثيرا لابن عمار وألزمه بإحضار ما نهب أصحابه‏.‏
وأجرى الرسوم والرواتب التي قطعها ابن عمار وأجرى لابن عمار ما كان يجري له في أيام العزيز ولآله وحرمه ومبلغ ذلك من اللحم والتوابل والفاكهة خمسمائة دينار في كل شهر يزيد على ذلك تارة وينقص أخرى على قدر الأسعار مع ما كان له من الفاكهة وهو في كل يوم سلة بدينار وعشرة أرطال شمع كل يوم وحمل ثلج عن يومين فأجرى له ذلك مدة حياته‏.‏
وجعل برجوان أبا العلا فهد بن إبراهيم النصراني كاتبه يوقع عنه فنظر في قصص الرافعين وظلاماتهم وطالعه بما يحتاج إليه فرتب الغلمان في القصر وأكد عليهم في ملازمة الخدمة وتفقد أحوالهم‏.‏
وأزاح علل أولياء الدولة وتفقد أمور الناس وأزال ضروراتهم ومنع من الترجل له‏.‏
وكان الناس يلقونه في داره فإذا تكاملوا ركب وهم بين يديه إلى القصر‏.‏
ولقب كاتبه فهد بن إبراهيم بالرئيس فكان يخاطب بذلك ويكاتب به ويركب أكثر الناس إلى داره حتى يخرج برجوان إلى القصر فيجلس فيه في آخر دهاليزه ويجلس فهد في الدهليز الأول يوقع وينظر ويطالع برجوان بما يحتاج له فيخرج الأمر بما يكون‏.‏
فلم يزل الأمر على ذلك حتى انتهت مدتهما‏.‏
وكان الحاكم يركب كل يوم إلى الميدان فيجلس على سريره بالطارمة فتعرض عليه الخيل والقراء بين يديه وربما أنشده الشعراء ثم ينصرف إلى القصر فيجلس برجوان وكاتبه لأخذ رقاع المتظلمين وأرباب الحاجات فلا يزالان حتى لا يبقى منهم أحد ثم يدخلان‏.‏
فإذا فرغ الحاكم من غدائه ورفعت المائدة تقدم أبو العلا فجلس بين يديه وبرجوان قائم على رأسه حتى يقرأ جميع تلك الرقاع ويوقع عليها الحاكم في أعلاها بما يراه ثم يخرج بها فتفرق كلها ويمضى بها إلى الديوان فتنفذ من غير مراجعة‏.‏
وكان الحاكم إذا جلس في الطارمة وأنشده الشعراء تناول برجوان قصائدهم فجعلها في كمه فإذا عرض رقاع الناس وفرغ من التوقيع قرأ القصائد وقد حضر من له تمييز ومعرفة بالشعر‏.‏
وكان الحاكم له من الحذق بذلك ما ليس لغيره فإذا أنشده الشاعر أو أنشد له أبو الحسن لا ينشد ويمر بالبيت النادر أو المعنى الحسن إلا نبه برجوان عليه واستعاده مراراً ثم يوقع لكل واحد منهم بقدر استحقاقه ومبلغه من صناعته فتخرج صلاتهم بحسب ذلك‏.‏
وفي يوم الثلاثاء تاسع شعبان أهدت ست الملوك إلى أخيها الحاكم بأمر الله ثلاثين فرسا مسرجة أحدها مرصع وآخر بلور وبقيتها ذهب وعشرين بغلة مسرجة ملجمة وخمسين خادما منها عشرة صقالبة ومائة تخت ثياب وتاجا مرصعا وشاشية مرصعة وأسفاطا كثيرة من طيب وبستانا من الفضة مزروعا من أنواع الشجر‏.‏
وصلى الحاكم بالناس صلاة عيد الفطر بالمصلى وخطب وأصعد معه المنبر الحسين بن جوهر والقاضي والأستاذ برجوان وجماعة‏.‏
وسارت قافلة الحاج من بركة الجب بالكسوة للكعبة والزيت والدقيق والقمح والشمع والطيب لمكة والمدينة في تاسع ذي القعدة‏.‏
وفيه خرج جيش بن الصمصامة إلى الشام مكان سلمان بن جعفر بن فلاح فرحل ابن فلاح عن دمشق في يوم الثلاثاء سابع عشر ذي الحجة بعسكره وسار إلى الرملة‏.‏
وفيها صلى الحاكم بالمصلى صلاة العيد يوم النحر بالناس وخطب على رسمه‏.‏
وورد الخبر من مدينة قوص بأن شدةً نزلت بهم من برق ورعد ومطر وحجارة نزلت من السماء منها ما لم يسمع بمثله وأنهم زلزلوا زلزلة شديدة قصفت النخل والجميز واقتلعت خمسمائة نخلة من أصولها‏.‏
وانبثق بقوص وأعمالها زرقة خضراء على ظهر الأرض وغرقت عدة مراكب مشحونة بغلال تساوى أموالا كثيرة‏.‏
وفيها كتب الحاكم بأمر الله مع الشريف الداعي علي بن عبد الله سجلين لأبي مناد باديس ابن يوسف بن زيرى أحدهما بولايته المغرب وتلقيبه نصير دولة الحاكم والثاني بوفاة العزيز بالله وخلافة الحاكم وأخذه العهد على بني مناد‏.‏
فأنزل وأكرم وأخذ العهد على جميع قبائل صنهاجة وعمومهم بالبيعة للحاكم في جمادى الآخرة ثم عاد فقدم إلى القاهرة يوم الخميس لليلتين خلتا من جمادى الآخرة بعد أن وصله نصير الدولة بمال جليل وثياب وخيول‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحاجة
عضو فعال



عدد المساهمات : 657
تاريخ التسجيل : 16/11/2011

الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله   الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Icon_minitimeالثلاثاء يونيو 12, 2012 10:00 pm

سنة 388 هـ



في المحرم كان غطاس النصارى فضربت الخيام والمضارب والأشرعة في عدة مواضع من شاطىء النيل ونصبت أسرة للرئيس فهد بن إبراهيم وأوقدت له الشموع والمشاعل وحضر المغنون والملهون وجلس مع أهله يشرب إلى أن جاء وقت الغطاس فغطس وانصرف‏.‏
وورد سابق الحاج لثمان خلون منه‏.‏
وخلع على أبي الحارث فحل بن إسماعيل بن تميم بن فحل الكتامي وقيد بين يديه وحمل إليه وقلد صور وخلع على أبي سعيد وقلد الحسبة‏.‏
وخلع على أبي الحسن يانس الخادم الصقلبي وقلد بسيف ودفع إليه رمح وحمل على فرس بمركب ذهب ثقيل وحمل إليه خمسة آلاف دينار وعدة من الخيل والثياب ومائة غلام وسار لولاية برقة‏.‏
وخلع على خود الصقلبي وقلد بسيف وحمل وقيد بين يديه فرس وحمل إليه ثياب وقلد ووصلت قافلة الحاج سابع عشر صفر‏.‏
وسار ميسور الخادم الصقلبي والباعلي طرابلس وخلع على فائق الخادم الصقلبي وجعل على الأسطول‏.‏
وفي سادس عشر ربيع الأول كان نوروز الفرس فأهدى الأتراك وقوادهم وجماعة الأولياء إلى الحاكم الخيل والسلاح الكثير فقبل يسيراً منه وشكر ذلك لهم ورد الباقي إليهم‏.‏
وفي أول ربيع الآخر قدم سلمان بن فلاح وأخوه من الرملة‏.‏
وفي سادس عشر كان فصح النصارى فخلع على فهد بن إبراهيم خلعة حملت إلى داره ومعها بغلتان بمركبيهما وألف دينار‏.‏
وخلع على أبي سعادة أيمن الخادم أخي برجوان وقلد غزة وعسقلان في سادس جمادى الأولى‏.‏
وورد الخبر بفتح صور‏.‏
وذلك أن أهل صور ثاروا على من عندهم من المغاربة وقتلوا منهم جماعة وقتلوا من بقى وغلب على البلد رجل من البجوية يقال له العلاقة وأرسل إلى الروم فسيروا إليه بمراكب فيها رجال فخرج إليهم عسكره وسارت إليها المراكب من مصر فقاتلوا من بها من الروم فانهزموا عنها في مراكبهم وبدت أهل البلد فألح القتال عليهم حتى ملكت منهم‏.‏
وامتنع العلاقة ومعه طائفة في بعض الأبرجة ثم طلبوا الأمان‏.‏
فانتهبت المدينة وأخذ منها ما لا يعرف قدره كثرة في الرابع عشر من جمادى الآخرة‏.‏
وحمل العلاقة مقيدا وسيق في جماعة معهم إلى القاهرة فشهروا وقد ألبس العلاقة طرطورا من رصاص له عظم وثقل على رأسه وكاد أن يغوص على رقبته ثم قتل وصلب وقتلت أصحابه‏.‏
وفي شعبان ورد الخبر من جيش بمواقعة الروم على فامية وأنطاكية‏.‏
وذلك أن جيشا نزل على دمشق ونزل بشارة إلى طبرية أيضاً لأربع خلون من رجب وكتب إلى بشارة بولاية دمشق فأقر عليا والياً من قبله وسار بعساكره هو جيش في رابع عشره إلى فامية وبها الروم‏.‏
فاشتد القتال بينهم وبين الروم فانهزم المسلمون وملك الروم سوادهم‏.‏
ثم غلبوا وعادوا إلى محاربة الروم فواقعوهم فانهزم الروم وقتل منهم نحو خمسة آلاف وقتل مقدمهم وذلك لتسع بقين من رجب‏.‏
ورجع المنهزمون إلى جيش ابن الصمصامة وقد خافوه فسار بهم إلى نحو مرعش فأحرقوا وهدموا ولم يلقهم أحد ونزل على أنطاكية فقاتل أهلها أياماً ثم رحل عنها إلى شيزر‏.‏
وسار بشارة إلى دمشق فنزلها للنصف من شوال على أنه قد ولى البلد فأقبل إليه جيش فنزل ظاهر المزة لسبع بقين من ذي القعدة وقد هجم الشتاء فوافى الكتاب من مصر بعزل بشارة عن دمشق وولايته طبرية واستقرار جيش على ولاية دمشق فدخلها واستقر بها‏.‏
وفي شهر رمضان صلى الحاكم بجامع القاهرة بالناس بعد ما خطب وعليه رداء وهو متقلد سيفا وبيده قضيب وزرر عليه جلال القبة لما خطب وقال خطبة مختصرة سمعها من قرب منه‏.‏
وهي أول جمعة صلاها ثم صلى جمعة أخرى وصلى صلاة عيد الفطر في المصلى وخطب على الرسم المعتاد وحضر السماط‏.‏
وأحضرت امرأة من الشام في علبة طولها ذراع واحد من غير زيادة وافت من خراسان ومعها أخ لها في قد الرجال فأنزلت بالقصر وأقيم لها ولمن معها الأنزال وكانوا عدة وقطع لها في وقت واحد مائة ثوب مثقل وحرير‏.‏
وكانت مليحة الكلام نظيفة ولبثت بضعة وثلاثين يوماً وماتت فكانت لها جنازة عظيمة‏.‏
وسارت قافلة الحاج في ثالث عشر ذي القعدة بالكسوة والصلات على العادة‏.‏
وصلى الحاكم يوم عيد النحر بالمصلى وخطب‏.‏
ووصل خود من قبل جيش بن الصمصامة في عشري ذي القعدة ومعه عدة أسارى ورءوس كثيرة فطيف بهم في البلد ثم عفى عن الأسرى وأطلقوا سنة ثمان وثمانين وثلثمائة في حادي عشر المحرم ورد سابق الحاج فأخبر أن عدن احترقت كلها وتلف فيها من المال ما لا يعرف له قيمة لكثرته‏.‏
وفي ليلة الرابع من صفر مات قاضي القضاة محمد بن النعمان فركب الحاكم وصلى عليه‏.‏
وله من العمر تسع وأربعون سنة إلا يوما ومولده لثلاث خلون من صفر سنة أربعين وثلثمائة وكانت مدة ولايته القضاء بمصر وأعمالها أربع عشرة سنة وستة أشهر وعشرة أيام‏.‏
ودفن بداره ثم نقل إلى القرافة وقيدت دوابه إلى الاصطبل‏.‏
وترك عليه دينا للأيتام وغيرهم عشرين ألف دينار وقيل ستة وثلاثين ألف دينار فبعث برجوان كاتبه أبا العلاء فهد بن ابراهيم فختم على جميع ما ترك القاضي ولم يمكن ورثته من شيء وباع ذلك كله‏.‏
وطالب الأمناء والعدول بأموال اليتامى المتبقية عليهم في ديوان القضاء فزعموا أن القاضي قبضها وأقام بعضهم بينة على ذلك وعجز بعضهم فأغرم من لم يقم بينة ما ثبت عليه‏.‏
فاجتمع من البيع والأمناء ثمانية عشر ألف دينار أخذها الغرماء بحق النصف مما لهم‏.‏
وأمر الحاكم ألا يودع عند عدل ولا أمين شيء من أموال اليتامى وأن يكتروا مخزنا في زقاق القناديل وتودع فيه أموال اليتامى فإذا أرادوا دفع أموال اليتامى حضر أربعة من ثقات القاضي وجاء كل أمين فأطلق لمن يلي عليه رزقه بعد مشورة القاضي في ذلك فكتب على الأمين وثيقة بما بقبضه من المال لمن يلي عليه‏.‏
ورجم في ولايته رجلا زنى في ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين وثلثمائة‏.‏
وكان أكثر أيامه عليلا بالنقرس والقولنج وكان برجوان على كلالته يعوده إذا مرض فمن دونه‏.‏
وكان يكاتب بقاضي القضاة‏.‏
وعلت منزلته حتى جاز حد القضاة وكانت النعمة تليق به وعم إحسانه سائر أصحابه وأتباعه‏.‏
وكان حسن الخلق ندي الوجه فاخر الزي يلبس الدراعة والعمامة بغير ولما مرض رأى كأن الحق تعالى نزل من السماء فلما بلغ باب داره مات فقال له ابن قديد عابر الرؤيا موت الحق إبطاله والله هو الحق ولا يزال الحق حيا حتى يصير إلى بابك فيموت فمات هو بعد ذلك بقليل‏.‏
ومن شعره‏:‏
أيا مشبه البدر بدر السماء ** لسبعٍ وخمسٍ مضت واثنتين
ويا كامل الحسن في نعته ** شغلت فؤادي وأنهرت عيني
فهل لي من مطمع أرتجيه ** وإلا انصرفت بخفّى حنين
ويشمت بي شامت في ** هواك صفر اليديين
فإمّا مننت وإمّا قتلت ** فأنت القدير على الحالتين
ومنه‏:‏
تأمل لذى الدنيا تجدها مشوبة ** سرورا بحزن في تقلّب أحوال
وقد قسمت أشياؤها بين أهلها ** فمالٌ بلا أمنٍ وأمنٌ بلا مال
وأقامت البلد بعد موته تسع عشرة ليلة بغير قاض‏.‏
وفي ثالث عشر منه استدعى برجوان أبا عبد الله الحسين بن علي ابن النعمان إلى حضرة الحاكم بأمر الله وأضعف له أرزاق عمه وصلاته وإقطاعاته وقال له‏:‏ قد أرحت عليك فلا توجد لي سبيلا إليك بتعرضك لدرهم من أموال المسلمين فقد أغنيتك عنها‏.‏
ثم خلع عليه ثيابا بيضا ورداءً محشّى مذهبا وعمامة مذهبة وقلده سيفا وحمله على بغلة وقاد بين يديه بغلتين بسروجهما ولجمهما وحمل معه ثيابا كثيرة صحاحا ورد إليه القضاء بمصر وأعمالها ولم يظن ذلك أحد لضعف حاله وكان الناس يتخيلون ولاية عبد العزيز بن محمد بن النعمان بعد أبيه لأنه كان يخلف أباه فنزل إلى الجامع العتيق وقرئ سجله على منبره‏.‏
فنظر بين الناس وأوقف شهادة جماعة من الشهود وندب أربعة لكشف أحوال الشهود وألزم ولاة أمور الأيتام برفع حسابهم‏.‏
وطالب عبد العزيز بن النعمان بما على أبيه من أموال الأيتام‏.‏
وجعل موضعا بزقاق القناديل يكون مودعا لأموال الأيتام وجعل خمسة من الشهود يضبطون ما يرد إليه وما يخرج منه بحجج يكتب فيها خطوطهم فاستحسن ذلك من فعله‏.‏
وهو أول من اتخذ مودعا للأيتام من القضاة‏.‏
واستخلف بمصر أبا عبد الله الحسين بن محمد بن طاهر وبالقاهرة أبا الحسن مالك ابن سعيد الفارقي وعلى العرض والنظر بين المتحاكمين إذا غاب الحسن بن طاهر وأبا العباس أحمد بن محمد بن عبيد الله بن العوام‏.‏
واستكتب أبا طاهر زيد بن أحمد بن السندي وأبا القاسم علي بن عبد الرزاق وجعل إلى أخيه أبي النعمان المنذر بن علي النظر في العيار ودار الضرب‏.‏
واستخلف على الإسكندرية وأعمالها‏.‏
وقوى أمره وتشدد في الأحكام وقبل شهادة من أوقف شهادته وعزل آخرين واتخذ حاجبا‏.‏
وتولى أمر الدعوة وقراءة ما يقرأ في القصر من مجالس الدعوة وكتبها وعلت منزلته‏.‏
وفي خامس عشري صفر وصل حاج البيت‏.‏
وصلى الحاكم في رمضان بالناس جمعتين وخطب وصلى صلاة عيد الفطر وخطب وأصعد القاضي معه في جماعة وجلس على السماط‏.‏
وسارت قافلة الحاج أول ذي القعدة بالكسوة والصلات على العادة‏.‏
وصلى الحاكم صلاة عيد النحر وخطب على الرسم وأجرى الناس في أضاحيهم على عوائدهم‏.‏
وعمل عيد الغدير على العادة وطاف الناس بالقصر على رسمهم‏

----------------------------------------------
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحاجة
عضو فعال



عدد المساهمات : 657
تاريخ التسجيل : 16/11/2011

الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Empty
مُساهمةموضوع: الدولة الفاطمية سنة 390هـ   الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Icon_minitimeالثلاثاء يونيو 12, 2012 10:06 pm


سنة 390 هـ
.‏

في أول يوم من المحرم ظهر الحاكم ودخل الناس فهنئوه بالعام‏.‏
كان سعر الخبز ستة عشر رطلاً بدرهم‏.‏
وسقط إصطبل فهد بن ابراهيم فمات له نحو ستين وفي حادي عشر صفر وصلت قافلة الحاج من غير أن يدخلوا إلى المدينة النبوية‏.‏
وفي سادس عشر من ربيع الآخر أنهد الحاكم إلى برجوان عشية يستدعيه للركوب معه إلى المقس فجاء بعد بطء وقد ضاق الوقت إلى القصر ودخل بالموكب ورؤساء الدولة والكتاب إلى الباب الذي يخرج منه الحاكم إلى المقس فلم يكن بأسرع من خروج عقيق الخادم وهو يصيح‏:‏ قتل مولاي وكان عقيق عيناً لبرجوان في القصر وقد جعله على خزاناته الخاصة‏.‏
فاضطرب الناس وبادروا إلى باب القصر الكبير فوقفوا عنده وأشرف عليهم الحاكم‏.‏
وقام زيدان صاحب المظلة فصاح بهم‏:‏ من كان في الطاعة فلينصرف إلى منزله ويبكر إلى القصر المعمور فانصرف الجميع‏.‏
وكان قتل برجوان في بستان يعرف بدويرة التين والعناب كان الحاكم فيه مع زيدان فجاء برجوان ووقف مع زيدان‏.‏
فسار الحاكم حتى خرج من باب الدويرة فعاجل زيدان وضرب برجوان بسكين كانت في خفه وابتدره قوم وقد أعدوا له السكاكين والخناجر فقتل مكانه وحزت رأسه وطرح عليه حائط‏.‏
وسبب ذلك أن برجوان لما بلغ النهاية قصر في الخدمة واستقل بلذاته وأقبل على سماع الغناء وكان كثير الطرب شديد الشغف به فكان يجمع المغنين من الرجال والنساء بداره فيكون معهم كأحدهم ولا يخرج من داره حتى يمضى صدر من النهار ويتكامل الناس على بابه فيركب إلى وكان برجوان من استبداده يكثر من الدالة على الحاكم فحقد عليه أموراً منها أنه قال بعد قتله إنه كان سيىء الأدب جدا والله إني لأذكر وقد استدعيته يوما ونحن ركبان فصار إلي ورجله على عنق دابته وبطن خفه قبالة وجهي فشاغلته بالحديث ولم أره فكرةً في ذلك‏.‏
وغير ذلك مما يطول شرحه‏.‏
وأنهد الحاكم بعد قتل برجوان فأحضر كاتبه فهد بن إبراهيم في الليل وأمنه وقال‏:‏ أنت كاتبي وصاحبك عبدي وهو كان الواسطة بيني وبينك وجرت منه أشياء أنكرتها عليه فجازيته عليها بما استوجبه فكن أنت على رسمك في كتابك آمناً على نفسك ومالك‏.‏
فكانت مدة نظر برجوان سنتين وثمانية أشهر غير يوم واحد‏.‏
وبرجوان بفتح الباء الموحدة وسكون الراء وفتح الجيم والواو وبعد الألف نون‏.‏
وبكر الناس إلى القصر فوقفوا بالباب ونزل القائد أبو عبد الله الحسين بن جوهر القائد وحده إلى القصر وأذن للناس فدخلوا إلى الحضرة وخرج الحاكم على فرس أشقر فوقف في صحن القصر قائماً وزيدان عن يمينه وأبو القاسم الفارقي عن يساره والناس قيام بين يديه فقال لهم بنفسه من غير واسطة‏:‏ إن برجوان عبدي استخدمته فنصح فأحسنت إليه ثم أساء في أشياء عملها فقتلته والآن فأنتم شيوخ دولتي وأشار إلى كتامة وأنتم عندي الآن أفضل مما كنتم فيه مما تقدم‏.‏
والتفت إلى الأتراك وقال لهم‏:‏ أنتم تربية العزيز بالله وفي مقام الأولاد وما لكل أحد عنيد إلا ما يؤثره ويحبه فكونوا على رسومكم وامضوا إلى منازلكم وخذوا على أيدي سفهائكم‏.‏
فدعوا جميعا وقبلوا الأرض وانصرفوا‏.‏
وأمر بكتابة سجل أنشأه أبو منصور بن سورين كاتب الإنشاء قرىء بسائر الجوامع في مصر والقاهرة والجيزة والجزيرة نصه بعد البسملة‏:‏ من عبد الله ووليه المنصور أبي علي الإمام الحاكم بأمر الله أمير المؤمنين إلى سائر من شهد الصلاة الجامعة في مساجد القاهرة المعزية ومصر والجزيرة‏:‏ سلام عليكم معاشر المسلمين المصلين في يومنا هذا في الجوامع وسائر الناس كافة أجمعين فإن أمير المؤمنين يحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو ويسأله أن يصلي على جده محمد خاتم النبيين وسيد المرسلين وعلى أهل بيته الطاهرين‏.‏
أما بعد فالحمد لله الذي قال وقوله الحق المبين‏:‏ "‏ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلَهِةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسّدَتَا فَسُبْحَانَ اللّهِ رَبِّ الْعَرْش عَمَّا يَصِفُونَ * لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُون * ‏"‏ يحمده أمير المؤمنين على ما أعطاه من خلافته وجعل إليه فيها دون بريته من الضبط والقبض والإبرام والنقض‏.‏
معاشر الناس إن برجوان كان فيما مضى عبداً ناصحا أرضى أمير المؤمنين حينا فاستخدمهم كما يشاء فيما يشاء وفعل به ما شاء كما سبق في العلوم وجاز عليه في المختوم‏.‏
قال الله عز وجل‏:‏ "‏ وَلَوْ بَسَطَ اللّهُ الرِّزْقَ لعِبَادِهِ لَبَغَوْا في الأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدرٍ مِا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ‏"‏ * ولقد كان أمير المؤمنين ملكه فلما أساء ألبسه النقم لقول الله تعالى‏:‏ "‏ فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمُ ‏"‏ * وقوله عز وجل‏:‏ "‏ إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى ‏"‏ أن رآه استغنى * فحظره أمير المؤمنين عما صبا إليه ونزعه ما كان فيه وتمت مشيئة الله عز وجل ونفذ قضاؤه وتقديره فيه‏.‏
"‏كَانَ ذَلِكَ في الْكِتَابِ مَسْطُوراً ‏"‏ * فأقبلوا معاشر التجار والرعية على معايشكم واشتغلوا بأشغالكم فهو أعود لشأنكم ولا تطغوا في أمر أنفسكم فلأمير المؤمنين الرأي فيه وفيكم‏.‏
فمن كانت له منكم مطالبة أو حاجة فليمض إلى أمير المؤمنين بها فإنه مباشر ذلك لكم بنفسه وبابه مفتوح بينكم وبينه‏.‏
"‏ والله يَخْتَصُّ برَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم" وأنتم رعايا أمير المؤمنين المفتحة لها أبواب عدله وإحسانه وفضله‏.‏
والله يريده فيما يريده ويعتمده من الخير لمن أطاعه من الأنام والحماية لحمى الإسلام "‏ عَلَيْهٍ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ‏"‏ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏.‏
وكتب يوم الجمعة لثلاث بقين من شهر ربيع الآخر سنة تسعين وثلثمائة‏.‏
وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الأخيار وسلم تسليما‏.‏
وكتبت سجلات على نسخة واحدة وأنفذت إلى سائر النواحي والأعمال‏.‏
ولثلاث خلون من جمادى الأولى خلع على القائد الحسين بن جوهر ثوب ديباج أحمر ومنديل أزرق مذهب وتقلد سيفا عليه ذهب وحمل على فرس بسرج ولجام ذهب وبين يديه ثلاثة أفراس بمراكبها وخمسون ثوبا من كل فن‏.‏
ورد إليه الحاكم التوقيعات والنظر في أمور الناس وتدبير المملكة وإنصاف المظلوم‏.‏
وخلع على فهد بن إبراهيم وحمل على بغلة وبين يديه بغلة أخرى وعشرون ثوبا‏.‏
فانصرف القائد وخلفه فهد وسائر الناس بين يديه إلى داره‏.‏
وتقدم إلى فهد بالتوقيعات في رقاع الرافعين على رسمه وأن يعاضد القائد حسينا في النظر ويعاونه ويخلفه إذا غاب‏.‏
فكان القائد يبكر إلى القصر ومعه الرئيس فهد فينظران في أمور الناس وينهيان الأمور إلى الحاكم والقائد متقدم وفهد يتبعه فإذا دخلا إلى حضرة الحاكم جلس القائد وقام فهد خلفه فيعرضان الكتب والرقاع عليه‏.‏
وأمر القائد ألا يلقاه أحد من الناس على طريق ولا يركب إليه إلى داره أحد لقضاء حق ولا سؤال في مصلحة ومن كان له حاجة يلقاه في القصر‏.‏
ونهى الناس أن يخاطبوه في الرقاع التي تكتب إليه بسيدنا ومولانا ولا يخاطبونه ويكاتبونه إلا بالقائد فقط ولا يخاطب فهد ويكاتب إلا بالرئيس فقط‏.‏
وحمل فهد إلى الحاكم هدية منها ثلاثون بغلة بألوان من الأجلة وعشرون فرسا منها عشرة مسرجة ملجمة وعشرة بجلال ملونة وعشرون ألف دينار وسفط فيه حلة دبيقية مذهبة لم ير مثلها ودرج فيه جوهر وأسفاط كثيرة فيها البز الرفيع وخزانة مدهونة‏.‏
وأمر أبو جعفر محمد بن حسين بن مهذب صاحب بيت المال بإحضار تركة برجوان فوجد فيها مائة منديل شرب ملونة معممة كلها على مائة شاشية وألف سروال دبيقي بألف تكة حرير أرمني ومن الثياب المخيطة والصحاح والحلى والمصاغ والطيب والفرش ما لا يحصى كثرة ومن العين ثلاثة وثلاثون ألف دينار ومائة وخمسون فرسا لركابه وخمسون بغلة وثلثمائة رأس من بغال النقل ودواب الغلمان ومائة وخمسون سرجا منها عشرون من ذهب ومن الكتب شيء كثير‏.‏
لما ركب القائد حسين رأى جماعة من قواد الأتراك قياما على الطريق ينتظرونه فوقف وقال‏:‏ كلنا عبيد مولانا صلوات الله عليه ومماليكه وليس والله أبرح من موضعي أو تنصرفوا عني ولا يلقاني أحد إلا في القصر فانصرفوا‏.‏
وأقام خدما من الصقالبة بنوب على الطريق يمنعون الناس من المصير إلى داره ومن لقائه إلا في القصر وجلس في موضع رسم له بالجلوس فيه‏.‏
وتقدم حسين بن جوهر إلى أبي الفتوح مسعود الصقلبي صاحب الستر بأن يوصل الناس بأسرهم إلى الحاكم ولا يمنع أحدا وأن يعرف رسم كل من يحضر من يجلس للتوقيع إذا وقع له‏.‏
فدخل الناس ليأخذ رقاعهم وقصصهم ووقع فيها والحاكم في مكانه جالس يدخل إليه أرباب الحوائج ويشاور في الأمور المهمة‏.‏
ووصل إلى الحاكم جماعة ممن كان يدخل في الليل إلى العزيز وأمروا بملازمة القصر وقت جلوسه ودوام الجلوس بالعشايا فدخل أول ليلة وهي ليلة الأربعاء سابع جمادى الأولى القائد الحسين والقائد فضل بن صالح والحسين بن الحسن البازيار‏.‏
فجلس حسين بن جوهر من اليمين وإلى جانبه فضل بن صالح ودونه ابن البازيار وبعده أبو الحسن علي بن إبراهيم المرسي ويليه القاضي عبد العزيز بن محمد بن النعمان وجلس من اليسار رجاء ومسعود ابنا أبي الحسين ودونهما أبو الفتح منصور بن معشر الطبيب وأبو الحسين بن المغربي الكاتب وأخوه‏.‏
ووقف عنده عدة من الأقارب وجماعة من القواد منهم منجوتكين وغيره ثم دخل بعد ذلك جماعة منهم ابن طاهر الوزان‏.‏
فجرى الرسم على ذلك إلى اثني عشر جمادى الآخرة‏.‏
ثم صار السلام يخرج فينصرفون إلا ابن البازيار وابن معشر الطبيب وعبد الأعلى بن هاشم من القرابة فإنهم يجلسون فربما أطالوا الجلوس وربما خدموا‏.‏
وركب الحاكم عدة مرار إلى ناحية سردوس وإلى بركة الجب وإلى عين شمس وحلوان للصيد وغيره‏.‏
وفي سابع عشري جمادى الآخرة قرئ سجل على سائر منابر المساجد الجامعة بأن يلقب القائد حسين بن جوهر بقائد القواد‏.‏
وخلع على جابر بن منصور الجودري جبة مثقلة ومنديل بذهب وحمل بين يديه ثياب كثيرة وقلد بسيف وندب ناظرا في السواحل والحسبة بمصر‏.‏
وأما الشام فإن جيش بن الصمصامة لما استقر بدمشق وقد خرب البلد وضعف وقل ناسه وطمعت رعيته فكان فيهم جهال يأخذون الخفارة ويطمعون في أموال أهل السلامة فصارت لهم أموال وخيول ومشى بين أيديهم الرجال وقويت نفوسهم وصاروا يوالون خروجهم مع جيش في وقائع الروم فوعدهم جيش بالأرزاق فاطمأنوا إليه‏.‏
ثم إنه رتب جماعة وقبض على المذكورين وقيدهم وأمر بهم فحبسوا وأفاض عليهم العذاب حتى سلبهم جميع أموالهم وتتبع من استتر منهم فضرب أعناقهم وصلبهم على أبواب البلد فلم يبق منهم أحد‏.‏
فلما خلا له البلد من حمال السلاح طمع في أهل القرى فعم كثيرا من الناس البلاء منه وشمل أهل المدينة والقرى ضرره حتى غلق أكثر الأسواق وضج الناس إلى الله بالدعاء وهو يعدهم بحريق البلد وبذل السيف فيهم فهرب كثير من الناس عن البلد‏.‏
ووصل الخبر بقدوم عسكر الروم فأخذ جيش في جمع العرب ونزل ملك الروم على شيزر وفيها عسكر من قبل الحاكم فقاتلهم حتى ملكهم بأمان‏.‏
ونزلت العرب الذين جمعهم جيش فيما بين حرستا والقابول وانتقل الروم من شيزر إلى حمص فأخذوها وسبوا أهلها وأحرقوا وذلك في ذي الحجة سنة تسع وثمانين وهي دخلة الروم الثالثة إلى حمص فأقاموا بها وقد اشتد البرد وغلت عليهم الأسعار حتى بيعت العليقة عندهم بدينار فرحلوا وقد مات أكثر دوابهم إلى طرابلس فنزلوا عليها وهم في ضيق ثم رحلوا عنها إلى ميافارقين وآمد وهادنوهم‏.‏
ثم ساروا إلى أرمينية‏.‏
وزاد جور جيش وأسرف في الظلم وكان به طرف جذام فاشتد به وسقط شعر بدنه ورشح جسمه واسود حتى انمحت سحنة وجهه وزاد وأروح سائر بدنه فكان يصيح‏:‏ ويحكم ‏!‏ اقتلوني أريحوني‏!‏‏!‏ إلى أن هلك يوم الأحد لسبع خلون من ربيع الآخر‏.‏
فكان مقامه بدمشق ستة عشر شهرا وستة عشر يوما‏.‏
ووصل ابنه أبو عبد الله بتركته إلى القاهرة فخلع عليه الحاكم وحمله‏.‏
ورفع زيدان إلى الحاكم درجاً بخط جيش وفيه وصية وثبت بما خلف مفصلاً مشروحا وأن ذلك جميعه لأمير المؤمنين الحاكم بأمر الله لا يستحق أحد من أولاده منه درهما وكان ذلك يبلغ نحو مائتي ألف دينار ما بين عين ورحل ومتاع‏.‏
وقد قال فيه جيش‏:‏ لو زيدان يتسلم ذلك فإنه على بغال تحت القصر بظاهر والقاهرة‏.‏
فأخذ الحاكم الدرج وأوصله لابني جيش وخلع عليهما وقال لهما بحضرة أولياء الدولة ووجوهها‏:‏ قد وقفت على وصية أبيكما رحمه الله من عين ومتاع فيما وصى به فخذوه هنيئاً مباركاً لكما فيه‏.‏
فانصرفا بجميع التركة‏.‏
وأقطعت سيدة الملك على عبرة سنة تسع وثمانين الخراجية إقطاعا مبلغه مائة ألف دينار منها ضياع في الصعيد وأسفل الأرض ثمانية وستون ألفا وأربعمائة وخمسون دينارا منها بوتيج ستة آلاف وسبعمائة وخمسون دينارا وصهرشت سبعة عشر ألف دينار ودمنهور خمسة آلاف دينار وباقي ذلك وهو أحد وثلاثون ألف دينار وخمسمائة وخمسون ديناراً من دور وبساتين ورسوم‏.‏
وأما المغرب فإن الأستاذ برجوان لما ولى تدبير الدولة ثقل عليه أبو الحسن يانس الصقلبي العزيزي فإنه كان ينافسه في الرئاسة فتحيل حتى أخرجه إلى برقة كما تقدم فتوالت كتب تموصلت بن بكار يسأله أن يأتيه أحد ليسلمه مدينة أطرابلس وتقدم إلى الحضرة‏.‏
فقصد برجوان إبعاد يانس فكتب إليه حتى سار إليها وقدم إليها للنصف من جمادى الأولى سنة سبعين فسلمه تموصلت البلد ومضى إلى القاهرة وقد تأخر أكثر عسكره مع يانس فاختلفوا مع أصحابه حتى اقتتلوا وخرجوا أقبح خروج إلى إفريقية وشكوا ما نزل بهم إلى نصير الدولة أبي مناد باديس‏.‏
فبعث القائد جعفر بن حبيب على عسكر فقاتل يانس فقتل في رابع ذي القعدة‏.‏
وبادر فتوح بن علي بن عقيان من أصحاب يانس إلى أطرابلس فدخلها وانضم إليه بقية أصحابه وقاتل بها جعفر بن حبيب سنة إحدى وتسعين واستمد الحاكم فأمده بيحيى بن علي بن الأندلسي على عسكر فاختلف عليه أصحابه وعاد أقبح عود إلى القاهرة‏.‏
فأراد الحاكم قتله فأظهر كتاب زيدان صاحب المظلة بخطه أن يدفع إليه المال من برقة وأنه قبض ذلك من مال الحضرة فلم يجد ببرقة مالاً ينفقه على العساكر فقبل هذا العذر وقتل زيدان على ما فعل‏.‏
وكان مع يحيى بن علي عند خروجه من المغرب جماعة من بني قرة فكسروا عسكره ورجعوا إلى موضعهم فبعث الحاكم يستدعيهم إلى القاهرة فخافوا وامتنعوا فأعرض عنهم مدة ثم كتب إليهم أمانا فبعثوا رهائن منهم فأمرهم بالوصول إلى الإسكندرية ليقفوا على ما يأمرهم به فحذر أكثرهم وقدمت طائفة إلى الإسكندرية فقتلوا وحملت رؤوسهم إلى القاهرة وقتل من كان بها من رهائنهم فنفرت عنه بنو قرة وكان منهم ما يأتي ذكره من قيامهم مع أبي ركوة‏.‏
وفي ثالث رجب خلع على أبي القاسم عبد العزيز بن محمد بن النعمان ونزل إلى الجامع العتيق وبين يديه ثياب صحاح وحمل على بغلتين مسرجتين ملجمتين وقرئ له سجل بالنظر في المظالم وسماع البينة فيها‏.‏
وحمل رحل برجوان إلى القصر على ثمانين حمارا‏.‏
وقرئ سجل بالقصر نصه بعد البسملة‏:‏ معاشر من يسمع هذا النداء من الناس أجمعين إن الله وله الكبرياء والعظمة أوجب اختصاص الأئمة بما لا يشركها فيه أحد من الأمة‏.‏
فمن أقدم بعد قراءة هذا المنشور على فليبلغ الشاهد الغائب إن شاء الله‏.‏
وأفطر في رمضان مع الحاكم جماعة رتبوا عن يمينه ويساره وصلى فيه جمعتين بالناس وركب لفتح الخليج‏.‏
ووصل تموصلت بن بكار الأسود عبد ابن زيرى وكان قد ولاه طرابلس المغرب فجار على أهلها وأخذ منها مالا كثيرا وفر خوفا من مولاه فسار من طرابلس المغرب ومعه نيف وستون ولداً ما بين ذكر وأنثى في عسكر كبير بعد أن مر ببرقة ودفع ليانس العزيزي متوليها ثلاثين ألف دينار لخاصة نفقته وأنفق في عسكره ورجاله مالا كثيرا وسلم إليه مخازن فيها العسل والسمن والقمح والشعير والزيت وغيره‏.‏
فجلس له الحاكم وأجلسه فكان من كلامه للحاكم‏:‏ قد وصلت إلى حضرة مولانا بالأهل والمال والولد ومعي ما يكفيني ويكفي عقب عقبي ولكن الرجال الذين معي رجال مولانا وهو يحسن إليهم على ما يراه‏.‏
وأهدى إلى الحاكم مائة ألف دينار ومائة ألف درهم ونيفا وخمسين حملا من البز والطرف وثمانين فرسا منها أربعون بسرجها ولجمها وأربعين بغلا وخمسين بختيا بأكوارها ومائتي جمل‏.‏
فخلع عليه وعلى من حضر من أولاده وسار إلى دار قد أعدت له فيها خمس وثلاثون حجرة في كل حجرة آلاتها وفرشها فبلغت النفقة على هذه الدار خمسة آلاف دينار‏.‏
وفي يوم عيد الفطر صلى الحاكم بالناس بالمصلى وخطب على رسمه وأصعد ابن النعمان وعدة من القواد معه المنبر فجلس على الدرج‏.‏
ولخمس خلون من شوال أذن لابن عمار في الركوب إلى القصر فركب ونزل حيث ينزل سائر الناس وواصل الركوب إلى الرابع عشر منه فأحضر عشية إلى القصر فجلس إلى بعد العشاء الآخرة ثم أذن له في الانصراف فلما انصرف ابتدره جماعة من الأتراك قد أوقفوا لقتله فقتلوه واحتزوا رأسه ودفنوه هنالك ثم نقل إلى تربته بالقرافة فكانت مدة حياته بعد عزله ثلاث سنين وشهراً واحداً وثمانية عشر يوما‏.‏
وسارت قافلة الحاج لاثنتي عشرة خلت من ذي القعدة‏.‏
وعزل خود عن الشرطة السفلى وجمعت الشرطتان لمسعود الصقلبي فنزل بالخلع والطبول والبنود إلى الجامع العتيق حتى قرئ سجله على المنبر‏.‏
وفي ثالث ذي الحجة أمر الناس بتعليق القنادل على سائر الحوانيت وأبواب الدور كلها وفي جميع المحال والسكك الشارعة وغير الشارعة ففعلوا‏.‏
وصلى الحاكم صلاة عيد النحر بالمصلى وخطب ونحر في القصر على رسمه وجلس على السماط‏.‏
وكان الناس بين عبد العزيز بن النعمان وبين قاضي القضاة الحسين بن النعمان في شرور وبلاء وذلك أن عبد العزيز قبل شهادة جماعة اختارهم فكان من حاكم خصمه إلى الحسين اختار خصمه بالمرافعة إلى عبد العزيز وبالعكس‏.‏
وكان عبد العزيز إذا جلس للنظر في المظالم حضر شهوده عنده وسمع شهادتهم وأشهدهم فيما يقول ويمضى ولا يحضر أحد منهم عند الحسين ولا يقرب داره ويقيد الشهود القدماء يشهدون عنده غير أنهم لا يحضرون مجلس عبد العزيز مواصلين لذلك ولا يركبون معه‏.‏
وفيها عقد ليانس الصقلبي على ولاية أطرابلس الغرب بعد موت المنصور من بلكين فوصل إليها في ألف وخمسمائة فارس وملكها‏.‏
فبعث باديس بن جعفر بن حبيب على عسكر فلقيه على زنزوير واقتتلا يومين فانهزم عسكر يانس وقتل‏.
----------------------------------------------------------------.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحاجة
عضو فعال



عدد المساهمات : 657
تاريخ التسجيل : 16/11/2011

الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Empty
مُساهمةموضوع: الدولة الفاطمية سنة 391هـ   الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Icon_minitimeالثلاثاء يونيو 12, 2012 10:08 pm


سنة 391 هـ

في المحرم واصل الحاكم الركوب في الليل في كل ليلة وكان يركب إلى موضع موضع وإلى شارع شارع وإلى زقاق زقاق‏.‏
وأمر الناس بالوقيد فتزايدوا فيه بالشوارع والأزقة وزينت الأسواق والقياسر بأنواع الزينة وباعوا واشتروا وأوقدوا الشموع الكبيرة طول الليل وأنفقوا الأموال الكثيرة في المآكل والمشارب والغناء واللهو‏.‏
ومنع الرجال المشاة بين يدي الحاكم أن يقرب أحد من الناس الحاكم فزجرهم وقال لا تمنعوا أحداً فأحدق الناس به وأكثروا من الدعاء له‏.‏
وزينت الصناعة وخرج سائر الناس بالليل للتفرج وغلب النساء الرجال على الخروج في الليل وتزايد الزحام في الشوارع والطرقات وتجاهروا بكثير من المسكرات وأفرط الأمر من ليلة التاسع عشر إلى ليلة الرابع والعشرين
ولما خرج الناس عن الحد أمر الحاكم ألا تخرج امرأة من العشاء فإن ظهرت نكل بها‏.‏ ومنع الناس من الجلوس في الحوانيت‏.‏
-----------------
وهبت في أول يوم من طوبة سموم لم يعهد مثله‏.‏
-----------------
وورد سابق الحاج ثم قدمت قافلة الحاج في سادس عشر صفر‏.‏
-----------------
وفي خامس ربيع الأول أعتق الحاكم زيدان صاحب المظلة وأمر أن يكتب على مكاتباته من زيدان مولى أمير المؤمنين‏.‏
وخلع على القاضي حسين بن النعمان وقيد بين يديه بغلتان بسروجهما ولجمهما وحمل إليه عدة ثياب لحضوره العتاقة‏.‏
وكثر وقود المصابيح في الشوارع والطرقات وأمر الناس بالاستكثار منها وبكنس الطرقات وحفر الموارد وتنظيفها‏.‏
وخلع على فتح غلام ابن فلاح وندب إلى الخروج على الأسطول‏.‏
وقبض على رجل شامي قال‏:‏ لا أعرف علي بن أبي طالب وأقول إن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل غير أني لا أعرف علي بن أبي طالب‏.‏
فحبس وروجع فأصر على أنه لا يعرف عليا فرفق به القائد حسين فلم يعترف بمعرفة علي رضي الله عنه فخرج الأمر بقتله فضرب عنقه وصلب‏.‏
------------------
وفي سادس عشر جمادى الآخرة وصل رسول ملك الروم فحشدت له العساكر من سائر الأعمال ووقفوا صفين والحاكم واقف ليراهم‏.‏
وسار الرسول بين العساكر إلى باب الفتوح ونزل ومشى إلى القصر يقبل الأرض في طول المسافة حتى وصل إلى حضرة الحاكم بالقصر وقد فرش إيوان القصر وعلق فيه تعاليق غريبة يقال إنه أمر بتفتيش خزائن الفرش إلى أن وجد فيها أحداً وعشرين عدلا ذكرت السيدة رشيدة بنت المعز أنها كانت في قطار الفرش المحمولة من القيروان إلى مصر مع المعز في جملة أعدال وأن كتاب خزائن الفرش وجدوا على بعضها مكتوبا الحادي والثلاثون والثلثمائة من عمل العبيد ديباج خز ومذهب ففرش منه جميع الإيوان وستر جميع حيطانه بالتعاليق فكان جميع أرضه وحيطانه رفيعاً دليلا على عظمته وسعته‏.‏
وعلقت بصدر الإيوان العسجدة وهي درقة مطعمة بفاخر الجوهر النفيس من كل أصنافه فأضاء لها ما حوله ووقعت عليها الشمس فلم تطق الأبصار تأملها كلالاً‏.‏
فدخل الرسول وقبل الأرض وأنفذ الحاكم لأبي الحسن علي بن إبراهيم النرسي ألف دينار وأربعة وعشرين قطعة ثياب مختارة وسومح بمبلغ ثلاثة آلاف دينار كانت عليه‏.‏
------------------
وجرى الرسم في الفطر طول شهر رمضان على مائدة الحاكم كما تقدم‏.‏
ولما كثر النزاع بين عبد العزيز بن النعمان والقاضي حسين بن النعمان كتب الحاكم بخطه ورقة إلى الحسين نصها بعد البسملة‏:‏ يا حسين أحسن الله عليك‏.‏
اتصل بنا ما جرى من شناعات العوام ومن لا خير فيه وإرجافهم وأنكرنا أن يجري مثله فيمن يحل محلك من خدمتنا إذ أنت قاضينا وداعينا وثقتنا‏.‏
ونحن نتقدم بما يزيل ذلك ولم نجعل لأحد غيرك نظراً في شيء من القضايا والحكم ولا في شيء مما استخدمناك فيه ولا مكاتبة أحد من خلفائك بالحضرة وغيرها وسائر النواحي ولا أن نكاتب أحدا منهم غيرك ومن تسمى غيرك بالقضاء فذلك على المجاز في اللفظ لا على الحقيقة‏.‏
وقد منعنا غيرك أن يسجل في شيء فيتقدم إلى جميع الشهود والعدول بألا يشهدوا في سجل لأحد سواك‏.‏
وإن تشاجر خصمان فدعى أحدهما إليك ودعى الآخر إلى غيرك كان الداعي إلى غيرك عليه الرجوع إليك طائعا مكرها فاجر على ما أنت عليه من تنفيذ القضايا والأحكام مستعينا بالله عز وجل ثم بنا ولك من جميل رأينا فيك ما يسعدك في الدنيا والآخرة‏.‏
وقد أذنا لك أن يكاتب جميع من يكاتب القاضي بقاضي القضاة كما جعلناك وتكاتب من تكاتبه بذلك وتكتب به في سجلاتك‏.‏
فاعلم ذلك وأشهر أمرنا بجميع ما يقتضيه هذا التوقيع ليمتثل ولا يتجاوز‏.‏
وفقك الله لرضاه ورضانا وأيدك على ذلك وأعانك عليه إن شاء الله تعالى‏.‏
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما‏.‏
فقرأه القاضي على سائر الشهود وأمر أن يكتب في سجلاته قاضي القضاة وكوتب بذلك وكتب عليه‏.‏
وجرى الرسم في ركوب الحاكم لفتح الخليج وفي يوم العيد إلى المصلى على العادات‏.‏
--------------------------
وسارت قافلة الحاج للنصف من ذي القعدة بالكسوة والشمع والصلات وزينت البلد مرة في شوال ثلاثة أيام ومرة في ذي القعدة يوما‏.‏
--------------------------
وجرى الرسم في صلاة عيد النحر على ما تقدم ثم انصرف فنحر ودخل تربة القصر وحضر السماط‏.‏
سنة 391 الوفيات ================:
وفيها توفي أبو الفضل جعفر بن الفرات في ثالث ربيع الأول عن اثنتين وثمانين سنة وثلاثة أشهر وخمسة أيام فصلى عليه القاضي حسين بن النعمان ودفن في داره‏.‏
وكان من الفضل والعلم والدين بمنزلة وحدث وأسمع وأملى مجالس وكتب على الصحيحين مستخرجا وكان كثير البرد والصلات والصدقة شديد الغيرة حتى إنه ليحجب أولاده الأكابر عن حرمه وأهله وعن أمهاتم‏.‏ فإنه بلغه عن بعض أولاده أنه واقع أختا له وأحبلها‏.‏
وكان يتنسك منذ تجاوز أربعين سنة‏.‏
----------
ثم وفيها قتل الحاكم مؤدبه أبا القاسم سعيد بن سعيد الفارقي يوم السبت لثمان بقين من جمادى الأولى وهو يسايره بأن أشار إلى الأتراك بعينيه بعد أن بيت معهم قتله فأخذته السيوف وكان قد داخل الحاكم في أمور الدولة وقرأ عليه الرقاع واستأذنه في الأمور كهيئة الوزراء‏
------------------------------------------------
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحاجة
عضو فعال



عدد المساهمات : 657
تاريخ التسجيل : 16/11/2011

الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Empty
مُساهمةموضوع: الدولة الفاطمية سنة 392هـ   الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Icon_minitimeالثلاثاء يونيو 12, 2012 10:19 pm

في المحرم :قتل الحاكم ابن أبي نجدة وكان بقالا فترقت أحواله حتى ولى الحسبة ودخل فيما لا يليق به وأساء في معاملة الناس فاعتقل ثم قطعت يده ولسانه وشهر على جمل وضربت عنقه‏.‏
وفي شعبان سارت هدية إلى المغرب فيها ثلثمائة فرس بجلال وعشرة بمراكب وخمسة وأربعون بغلا تحمل السلاح والكسوة وعشرون بغلا تحمل صناديق فيها ذهب وفضة‏.‏
وفي شهر رمضان خلع على تموصلت بن بكار وقلد بسيف وحمل على عشرة أفراس بمراكبها وقلد إمارة الشام‏.‏
وجرى الرسم في سماط رمضان وصلاتي العيدين وخروج قافلة الحاج على ما تقدم‏.‏
وفيها توفي أبو تميم سلمان بن جعفر بن فلاح في ثامن جمادى الآخرة‏.‏
وقتل عدة أناس في نصف صفر قدم الحاج‏.‏
وفي ربيع الأول قرئ سجل برفع المنكرات وإبطالها وبمنع ذلك فختم على عدة مواضع فيها المسكرات لتراق‏.‏
وابتدئ في عمارة جامع راشدة وكان مكانه كنيسة فبنى جامعاً وأقيمت فيه الجمعة وفي ثامن جمادى الآخرة ضربت رقبة فهد بن إبراهيم وله منذ نظر في الرئاسة خمس سنين وتسعة أشهر واثنا عشر يوما‏.‏
فحمل أخوه أبو غالب إلى سقيفة القصر من مال أخيه فهد جرايات فيها خمسمائة ألف دينار‏.‏
فلما خرج الحاكم سأل عنها فعرف خبرها فأعرض عنا وبقيت هناك مدة ثم أمر بها فردت إلى أولاد فهد وقال إنا لم نقتله على مال فحملت إليهم ثم رفع أصحاب الأخبار عن أبي غالب كلمة تكلم بها فقتل وأحرق بالنار‏.‏
وخلع على أبي الحسن علي بن عمر بن العداس مكانه وخلع على ابنه محمد بن علي وعلى الحسين بن طاهر الوزان وحملوا في رابع عشره‏.‏
وسار الأمير ياروخ متقلدا طبرية وأعمالها‏.‏
وقبضت أموال من قبض عليه من النصارى الكتاب‏.‏
وأمر بإتمام بناء الجامع الذي ابتدأ بعمارته العزيز على يد وزيره يعقوب بن كلس خارج باب وفي خامس عشر من شهر رجب ضرب عنق أبي طاهر محمود بن النحوي الناظر في أعمال الشام لكثرة تجبره وعسفه بالناس‏.‏
وفي غرة شعبان جمع في الجامع الجديد بظاهر باب الفتوح‏.‏
وقطع الحاكم الركوب في الليل‏.‏
ورد إلى أولاد فهد بن ابراهيم سروجهم المحلاة وأمروا بالركوب بها‏.‏
وأطلق من اعتقل من الكتاب النصارى‏.‏
وصلى الحاكم في رمضان بالناس أجمعين بعد ما خطب وصلى صلاة عيد الفطر وخطب على الرسم‏.‏
وأكثر من الحركة في شهري رمضان وشوال إلى دمنهور والأهرام وغيرهما‏.‏
وسافر الحاج للنصف من ذي القعدة‏.‏
وأما الشام فإنه لما مات جيش بن الصمصامة في شهر ربيع الآخر سنة تسعين ولي دمشق شيخ من المغاربة يقال له فحل بن تميم فلبث شهورا ومات فقدم عند الحاكم على ابن جعفر بن فلاح فنزل على دمشق ليومين بقيا من شوال وأقام بها غير منبسط اليد في ماله‏.‏
فلما كان في شهر رمضان سنة اثنتين وتسعين قدم من جهة الحاكم داع يقال له ختكين الملقب بالضيف إلى دمشق فبرز ابن فلاح وأقام بظاهر دمشق‏.‏
فأراد الضيف أن ينقص الجند من أرزاقهم فشغبوا وساروا يريدون ابن عبدون النصراني وكان على تدبير المال وعطاء الأرزاق فمنعهم الضيف وأغلظ في القول لهم وكان قليل المداراة فرجعوا إليه وقتلوه وانتهبوا دور الكتاب والكنائس‏.‏
وتحالف المغاربة والمشارقة من العسكر على أن يكونوا يداً واحدة في طلب الأرزاق وأنهم يمتنعون ممن يطالبهم بما فعلوه وحلف لهم علي بن جعفر بن فلاح أنه معهم على ما اجتمعوا عليه‏.‏
فبلغ ذلك الحاكم فقال‏:‏ هذا قد عمى‏.‏
فبعث يعزله عن دمشق فسار عنها في يسير من أصحابه وذلك في شوال منها‏.‏
وتأخر العسكر بدمشق فقدم إليها تموصلت بن بكار من قبل الحاكم فلم يزل عليها إلى أن ولي مفلح اللحياني دمشق في ذي الحجة سنة ثلاث وتسعين‏.‏
وكان خادما وفي وجهه شعر فسار إليها‏

-------------------------------------------------------
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحاجة
عضو فعال



عدد المساهمات : 657
تاريخ التسجيل : 16/11/2011

الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Empty
مُساهمةموضوع: الدولة الفاطمية سنة 393هـ   الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Icon_minitimeالثلاثاء يونيو 12, 2012 10:24 pm

سنة 393 هـ

وفيها قتل أبو علي الحسن بن عسلوج في المحرم وأحرق‏.‏

------------------------

وقتل علي بن عمر بن العداس في شعبان وأحرق‏.‏

-------------------------

وقتل الأستاذ أبو الفضل زيدان صاحب المظلة لعشر بقين من ذي الحجة ضرب عنقه‏.‏

--------------------------

وفيها استأذن (عبد الأعلى بن الأمير هاشم بن المنصور) أن يخرج إلى بعض ضياعه فأذن له الحاكم فخرج بجماعة من ندمائه فبعث الحاكم عينا يأتيه بخبرهم فصاروا إلى متنزههم

فأكلوا وشربوا وجرى من حديثهم أن قال أحد أولاد المغازلي المنجم لابن هاشم‏:‏ "لا بد لك من الخلافة فأنت إمام العصر‏.‏"0

فلما عادوا ودخل ابن هاشم على الحاكم وجلس أخرج الحاكم من تحت فراشه سيفا مجردا وضربه به فحمل من داره وكتب يعتذر عن ذنبه إن كان قيل عنه ويحلف ويذكر أن ضربته سالمة ويسأل الإذن في طبيب يعالجه فأجيب إلى ذلك‏.‏

فلما أفاق استأذن في الدخول إلى الحمام فأذن له فبعث الحاكم إلى الحمام من ذبحه فيه وأتاه برأسه‏.‏

وبعث إلى من حضر المجلس فقتلوا وأحرقوا بالنار وفيهم أولاد المغازلي وابن خريطة وأولاد أبي الفضل بن الفرات وفتيان من كتامة‏.‏

وتتابع القتل في الناس من الجند والرعية بضروب مختلفة‏.‏

------------------------

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحاجة
عضو فعال



عدد المساهمات : 657
تاريخ التسجيل : 16/11/2011

الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Empty
مُساهمةموضوع: الدولة الفاطمية سنة 394هـ   الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Icon_minitimeالثلاثاء يونيو 12, 2012 10:34 pm


سنة 394 هـ

في محرم :
خلع على مظفر الخادم الصقلبي وحمل على ثلاث بغلات بمراكبها ومعه ثياب كثيرة وندب لحمل المظلة‏.‏
وخلع على متولي الأسود وحمل لواؤه ببرقة‏.‏
وقبض على أبي داود بن المطيع‏.‏
وخلع على صاحب ديوان النفقات وضرب عنقه بسبب أنه سرق مائتي ألف دينار وقدم مفلح اللحياني إلى دمشق في المحرم فسار عنها تموصلت يريد مصر ونزل بداريا فمات بها في ثاني صفر‏.‏
فلما ورد خبر موته إلى الحاكم خلع على ولديه وحملهما‏.‏
وقدم الحاج في رابع عشريه‏.‏
-------------------------------
وفي ربيع الأول :
ألزم الناس بوقود القناديل بالليل في سائر الشوارع والأزقة بمصر‏.‏
وخلع على أبي يعقوب بن نسطاس المتطبب وحمله على بغلتين ومعه ثياب كثيرة ومنحت لها دار بالقاهرة وفرشت وألزم بالخدمة وكان قد هلك منصور بن معشر الطبيب‏.‏
وهدمت كنيستان بجانب جامع راشدة‏.‏
--------------------------
وفي جمادى الآخرة :
حمل إلى الشريف أبي الحسن علي النرسي رسمه يجاري به العادة في كل سنة وهو من الثياب عشرون قطعة بنحو خمسمائة دينار‏.‏
---------------------------
وفي رجب :
قرئ سجلان أحدهما فيه إنكار الحاكم على من يخاطبه في المكاتبة بمولى الخلق أجمعين والآخر بمسير الحاج أول ذي القعدة‏.‏
وقبض على ثلاثة عشر رجلا ضربوا وشهروا على الجمال وحبسوا ثلاثة أيام بسبب أنهم صلوا صلاة الضحى وفي شعبان خرج الكتاميون إلى باب الفتوح فترجلوا وكشفوا رؤوسهم واستغاثوا بعفو أمير المؤمنين فأوصل إلى الحاكم جماعة منهم فوعدهم وكتب لهم سجل قرئ بالقصر والجوامع بالرضا عنهم وإعادتهم إلى رسومهم في التكرمة‏.‏
-
وأمر بهدم جامع عمرو بن العاص بالإسكندرية‏.‏
في رمضان:------------------------------
وصلى الحاكم بالناس في رمضان صلاة الجمعة مرتين وخطب‏.‏
وفي سادس عشره صرف (الحسين بن النعمان) عن القضاء‏.‏
وكان قد ضرب في الجامع فندب الحاكم جماعة من شيوخ الأضياف يركبون معه إلى كل مجلس فيه جماعة من الخاصة وأمر أصحاب سيوف الحلي بالمشي بين يديه في كل يوم‏.‏
فكان إذا حضر إلى الجامع العتيق وقام يصلي وقف جماعة الأضياف صفا خلفه يسترونه ولا يصلي أحد منهم حتى يفرغ من صلاته ويعود إلى مجلسه فإذا جلس في مجلسه كانوا قياما عن يمينه وشماله‏.‏
وهو أول قاض فعل ذلك معه وأول قاض كتب في سجلاته قاضي القضاة وعلت منزلته عند الحاكم وتخصص به‏.‏
وكان له عند الحاكم جماعة يمدحونه ويبالغون في الثناء عليه منهم ريحان اللحياني وزيدان ومصلح اللحياني فانبسطت يده وعظم شأنه ولا عن بين رجل وامرأته وتشدد على الناس فكان إذا أبطأ شاهد يوم جلوسه في الجامع عن الحضور إلى داره والركوب معه رسم عليه وأغرمه مالاً ليأخذه‏.‏
وألزم كتابه بملازمة داره دائما‏.‏
وكانت إليه الدعوة أيضا‏.‏
وكان قاضي القضاة وداعي فكانت مدة نظره في القضاء خمس سنين وستة أشهر وثلاثة وعشرين يوما‏.‏
ومولده لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة ثمان وخمسين‏.‏
وهو أول قاض أحرق بعد قتله فإن الحاكم أحرقه بعد ما قتله في سادس محرم الآتي ذكره‏.‏
---
وفي سادس عشر رمضان قلد ( أبو القاسم عبد العزيز بن محمد بن النعمان) القضاء إلى ما بيده من النظر في المظالم وخلع عليه وقلد سيفا محلى بذهب وحمل على بغلة وبين يديه سفط ثياب‏.‏
فنزل في موكب عظيم إلى الجامع العتيق فجلس تحت المنبر ورقى أبو علي أحمد بن عبد السميع وقرأ سجله‏.‏
وانصرف إلى داره فنزلها وحكم واستخلف على الحكم أبا الحسن مالك بن سعيد الفارقي مضافا إلى ما كان مستخلفاً عليه من الحكم في القاهرة‏.‏
واستكتب أبا يوسف منال لحضرته والتوقيعات عنه ثم كتب له سجل بأخذ الفطرة والنجوى وحضور المجلس بالقصر وأخذ الدعوة على الناس وقراءة ما يقرأ على من دخل الدعوة‏.‏
فحضر يوم الخميس الثاني عشر منه وقرأ ما جرى الرسم بقراءته في القصر وأخذ النجوى والفطرة وأوقف سائر الشهود الذين قبلهم حسين في أيامه وصرف عدة من المستخلفين بالأعمال واستكتب أبا طالب ابن السندي فوقع بين يديه واستكتب أبا القاسم علي ابن عمر الوراق وكتب السجلات وكتب القضايا والأحكام‏.‏
ولزم حسين داره وقد استبد خوفه وفيه قرئ سجل بالإنكار على الكتاب ومن يجري مجراهم في أخذ شيء من البراطيل ونحوها‏.‏
-----------------------------
وركب الحاكم لصلاة العيد بالمصلى فصلى وخطب وحضر السماط بالقصر على رسمه في ذلك‏.‏
وبرزت قافلة الحاج في ثامن ذي القعدة بالكسوة والصلات على العادة‏.‏
-------------------------
وصلى الحاكم بالناس صلاة عيد النحر ونحر في الملعب‏.‏
-------------------------
وفيها قتل (سهل بن يوسف) أخو ( يعقوب بن يوسف بن كلس الوزير) بسبب قوة طمعه وكثرة شرهه وعندما قدم للقتل سأل أن يدفع الساعة ثلثمائة ألف دينار عيناً يفدى بها نفسه فلم يجب‏.‏
-------------------------
وقتل أيضا ( القائد " أبو عبد الله الحسين بن الحسن البازيار ) من أجل أنه كان إذا دخل من باب البحر تكون رجله على عنق دابته ويكون الحاكم في المنظرة التي على بابه فتصير رجله إلى وجه الحاكم وكان ابن البازيار قد اعتراه وجع النقرس فعد ذلك الحاكم عليه دينا قتله به في شوال لسوء التوفيق‏.‏
-------------------------
وفيها قدم من برقة عدة من بني قرة إلى الإسكندرية فقتلوا عن آخرهم‏.‏
وذلك أن:
( يانس) لما قتل وصل عسكره إلى طرابلس فنازلهم القائد جعفر بن حبيب فزحف إليه فلفول ابن خزرون ففر منه وخرج فتوح بن علي ومن معه من أصحاب يانس إلى فلفول وملكوه عليهم فقام بدعوة الحاكم وعقد الحاكم ليحيى بن علي بن حمدون الأندلسي على أطرابلس وكتب لبني قرة أن يسيروا معه فمضوا من برقة معه وخذلوه فعاد إلى القاهرة ورجع بنو قرة إلى برقة وأظهروا الخلاف فأمنهم الحاكم حتى قدموا وحدهم إلى إسكندرية فقتلوا‏.‏
واستقرت أطرابلس بيد فلفول وتداولها بنوه‏

===================================
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحاجة
عضو فعال



عدد المساهمات : 657
تاريخ التسجيل : 16/11/2011

الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Empty
مُساهمةموضوع: الدولة الفاطمية سنة 395هـ   الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Icon_minitimeالثلاثاء يونيو 12, 2012 10:42 pm

.‏



سنة 395 هـ


في سابع محرم قرئ سجل في الجوامع يأمر اليهود والنصارى بشد الزنار ولبس الغيار وشعارهم بالسواد
شعار الغاصبين العباسيين‏.‏
وفيه فحش كثير وقدح في حق الشيخين رضي الله عنهما‏.‏
وقرئ سجل في الأطعمة بالمنع من أكل الملوخية المحببة كانت لمعاوية بن أبي سفيان والبقلة المسماة بالجرجير المنسوبة إلى عائشة رضي الله عنها والمتوكلية المنسوبة إلى المتوكل‏.‏
وفيه المنع من عجن الخبز بالرجل والمنع من أكل الدلنيس والمنع من ذبح البقر التي لا عاقبة لها إلا في أيام الأضاحي وما سواها من الأيام لا يذبح منها إلا ما لا يصلح للحرث‏.‏
وقرئ سجل آخر بأن يؤذن لصلاة الظهر في أول الساعة السابعة ويؤذن لصلاة العصر في أول الساعة التاسعة‏.‏
وإصلاح المكاييل والموازين والنهي عن البخس فيهما والمنع من بيع الفقاع وعمله ألبتة لما يؤثر عن علي رضي الله عنه من كراهة شرب الفقاع‏.‏
وضرب في الطرقات بالأجراس ونودي ألا يدخل الحمام أحد إلا بمئزر وألا تكشف امرأة وجهها في طريق ولا خلف جنازة ولا تتبرج‏.‏
ولا يباع شيء من السمك بغير قشر ولا يصطاده أحد من الصيادين‏.‏
وتتبعت الحمامات وقبض على جماعة وجدوا بغير مئزر فضربوا وشهروا‏.‏
وفيه برزت العساكر لقتال بني قرة وسارت‏.‏
-------------------------------------------
وكتب في صفر على سائر المساجد وعلى الجامع العتيق من ظاهره وباطنه في جميع جوانبه وعلى أبواب الحوانيت والحجر والمقابر والصحراء بسب السلف ولعنهم ونقش ذلك ولون بالأصباغ والذهب وعمل كذلك على أبواب القياسر وأبواب الدور وأكره على عمل ذلك‏.‏
وأقبل الناس من النواحي والضياع فدخلوا في الدعوة وجعل لهم يوم وللنساء يوم فكثر الازدحام ومات في الزحمة عدة‏.‏
ولما دخل الحاج نالهم من العامة سب وبطش فإنهم طلبوا منهم سب السلف ولعنهم فامتنعوا‏.‏
ونودي في القاهرة‏:‏ لا يخرج أحد بعد المغرب إلى الطريق ولا يظهر بها لبيع ولا شراء فامتثل الناس لذلك‏.‏
-----------------------------
وفي ربيع الأول تتبعت الدور ومن يعرف بعمل المسكرات وكسر من أوعيتها شيء كثير‏.‏
وفيه أمر الحاكم بشونة تحت الجبل ملئت بالسنط والبوص والحلفاء فتخوف الناس كافة من يتعلق بخدمة الدولة من الأولياء والقواد والكتاب وسائر الرعية من العوام‏.‏
وقويت الشفاعات وكثر الاضطراب فاجتمع سائر الكتاب والمتصرفين من المسلمين والنصارى وخرجوا بأجمعهم في خامسة إلى الرياحين بالقاهرة وما زالوا يقبلون الأرض حتى وصلوا إلى القصر فوقفوا على بابه يدعون ويتضرعون ويضجون ويسألون العفو عنهم ومعهم رقعة قد كتبت عن الجميع‏.‏
ثم دخلوا باب القصر وهم يسألون أن يعفى عنهم ولا يسأل فيهم قول ساع يسعى فيهم‏.‏
وسلموا رقعتهم لقائد القواد فأوصلها إلى الحاكم فعفا عنهم وأمرهم على لسان قائد القواد بالانصراف والبكور لقراءة سجل بالعفو عنهم فانصرفوا بعد العصر‏.‏
وقرئ من الغد سجل كتب نسخة للمسلمين ونسخة للنصارى ونسخة لليهود بالأمان والعفو عنهم‏.‏
وفي ليلة التاسع منه ولد للحاكم ولد فجلس في صبيحتها للهناء وأمر بإحراق الشونة فأحرقت‏.‏
وكان سابع المولود فأخرج على يد خادم إلى قائد القواد فتسلمه حتى أعد المزين شعره وذبح عنه الشريف أبو الحسن النرسي العقيقة بيده وحمل عثمان الحاجب الدم والعقيقة فأمر له بألف دينار وفرس ملجم وعدة ثياب من أجل حمل الدم والعقيقة ودفع إلى المزين مائتا دينار وفرس‏.‏
وسمى المولود بالحارث وكنى بأبي الأشبال‏.‏
وخرج قائد القواد إلى سائر الأتراك والديلم والعرفاء وقال‏:‏ مولانا يقرأ عليكم السلام ويقول قد سميت مولاكم الأمير الحارث وكنيته أبا الأشبال‏.‏
فقبل الجميع الأرض وأكثروا الدعاء وانصرفوا‏.‏
وزينت البلد أربعة أيام‏.‏
وفيه رسم الحاكم لجماعة من الأحداث أن يتقافزوا من موضع عال في القصر ورسم لكل منهم بصلة فحضر جماعة وتقافزوا فمات منهم نحو ثلاثين إنسانا من أجل سقوطهم خارجاً عن الماء على صخر هناك ووضع لمن قفز ماله‏.‏
---------------------------
وفي ربيع الآخر اشتد خوف كافة الناس من الحاكم فكتب ما شاء الله من الأمانات للغلمان الأتراك الخاصة وزمامهم ومن معهم من الحمدانية والبكجورية والغلمان العرفاء والمماليك وصبيان الدار وأصحاب الإقطاعات والمرتزقة والغلمان الحاكمية القدم‏.‏
وكتب أمان لجماعة من خدم القصر الموسومين بخدمة الحضرة بعد ما تجمعوا وساروا إلى تربة العزيز وضجوا بالبكاء وكشفوا رؤوسهم‏.‏
وكتبت عدة سجلات بأمانات للديلم والخيل والغلمان الشرابية والغلمان المرتاحية والغلمان البشارية والغلمان المفرقة العجم وغيرهم والنقباء والروم المرتزقة‏.‏
وكتبت عدة أخرى بأمان الزويلين والمنادين والبطالين والبرقيين والعطوفية والجوانية والجودرية والمظفرية والصنهاجيين وعبيد الشراء بالحسينية والميمونية والفرجية‏.‏
وكتب أمان لمؤذني أبواب القصر وأمانات لسائر البيازرة والفهادين والحجالين وأمانات أخر لعدة أقوام كل ذلك بعد سؤالهم وتقربهم‏.‏
وفيه أمر بقتل الكلاب فقتل منها ما لا يحصى حتى لم يبق منها بالأزقة والشوارع شيء وطرحت بالصحراء وبشاطىء النيل وأمر بكنس الأزقة والشوارع وأبواب الدور في كل مكان ففعل ذلك‏.‏
---------------------------
وفي جمادى الآخرة فتحت دار الحكمة بالقاهرة وجلس الفقهاء فيها وحملت الكتب إليها ودخلها الناس للنسخ من كتبها وللقراءة‏.‏
وانتصب فيها الفقراء والقراء والنحاة وغيرهم من أرباب العلوم وفرشت وأقيم فيها خدام لخدمتها وأجريت الأرزاق على من بها من فقيه وغيره وجعل فيها ما يحتاج إليه من الحبر والأوراق والأقلام‏.‏
وفيه اشتد الطلب على الركابية المستخدمين في الركاب بعد أن قتل منهم في يومين أكثر من خمسين نفسا فتغيبوا وامتنع أحد من الناس أن يمشي بين يديه غلام أو شاكري فكانت القواد ومن جرى رسمه أن يكونوا بين يديه يسيرون وحدهم وإذا نزل أحدهم للسلام أمسك خادمه الدابة ثم عفى عنهم وكتب لهم أمان‏.‏
وكتب لعدة من الناس عدة أمانات‏.‏
وفيه منع كل أحد ممن يركب أن يدخل من باب القاهرة راكبا ومنع المكاريون أن يدخلوا بحميرهم ومنع الناس من الجلوس على باب الزهومة من التجار وغيرهم ومنع كل أحد أن يمشي ملاصق القصر من باب الزهومة إلى باب الزمرد‏.‏
ثم أذن للمكاريين في الدخول وكتب لهم أمان‏.‏
وتخوف الناس فخرج أهل الأسواق على طبقاتهم كل طائفة تسأل كتابة أمان فكتب ما ينيف عن المائة أمان لأهل الأسواق خاصة قرئت كلها في القصر ودفعت لأربابها وكلها على نسخة واحدة‏.‏
وهي بعد البسملة‏:‏ هذا كتاب من عبد الله ووليه المنصور أبي علي الإمام الحاكم بأمر الله أمير المؤمنين لأهل مشهد عبد الله إنكم من الآمنين بأمان الله الملك الحق المبين وأمان سيدنا محمد خاتم النبيين وأبينا علي خير الوصيين وذرية النبوة المهديين آبائنا صلى الله على الرسول ووصيه وعليهم أجمعين‏.‏
وأمان أمير المؤمنين على النفس والأهل والدم والمال‏.‏
لا خوف عليكم ولا تهديد بسوء إليكم إلا في حد يقام بواجبه وحق يوجد لمستوجبه‏.‏
فليوثق بذلك وليعول بأمان الله‏.‏
وكتب في جمادى الآخرة سنة خمسين وتسعين وثلثمائة‏.‏
والحمد لله وصلى الله على محمد سيد وفي يوم الأربعاء لعشر خلون من رمضان ولد للحاكم ولد ذكر فجلس الحاكم يوم الخميس للهناء‏.‏
وكان السابع يوم الثلاثاء فحمله شكر الخادم وحضر أبو الحسن علي ابن إبراهيم النرسي وعق عنه وحضر المزين فحلق شعره وتناول ماله من الرسم‏.‏
وسماه الحاكم عليا وكناه أبا الحسن وهو الذي ولي الخلافة وتلقب بالظاهر‏.‏
وفيه فرش جامع راشدة‏.‏
---------------------------
وركب الحاكم يوم عيد الفطر وعليه ثوب مصمت أصفر وعلى رأسه منديل منكر وهو محنك بذؤابة والجوهر بين عينيه‏.‏
وقيد بين يديه ستة أفراس بسروج مرصعة بالجوهر وست فيلة وخمس زرافات فصلى بالناس صلاة العيد وخطبهم فلعن في خطبته ظالمه حقه والمرجفين به وأصعد معه قائد القواد وقاضي القضاة عز الدين‏.‏
وفيه اضطرب السعر واختلف الناس في الدراهم والصرف فكانت المعاملة بالدراهم الزائدة والقطع واستقر سعرها على ستة وعشرين درهما بدينار‏.‏
---------------------------
وفي أول ذي القعدة برزت قافلة الحاج إلى مصلى القاهرة ثم رفعت إلى جب عميرة في سابعه وسارت ليلة العاشر منه بالكسوة للكعبة والرسوم على العادة‏.‏
وفيه كسر الخليج والماء على خمسة عشر ذراعا وسبعة أصابع وهو آخر يوم من مسرى‏.‏
وحضر الحاكم وعلى رأسه تاج مكلل بالجواهر‏.‏
ونودي في الناس بأن يلعبوا بالماء في النوروز
--------------------------------
ونزل الحاكم يوم النحر إلى المصلى فصلى بالناس وخطب ونحر بها ثلاث بدن وعاد إلى القصر فحضر السماط ثم نحر في الملعب إحدى وعشرين بدنة وواصل النحر أياماً‏.‏
---------------------------
وفيها قتل القاضي حسين بن النعمان ضربت رقبته ثم أحرق بالنار‏.‏
وذلك أن متظلما رفع رقعةً إلى الحاكم يذكر فيها أن أباه توفي وترك له عشرين ألف دينار‏.‏
وأنها في ديوان القاضي وقد أخذ منها رزق أوقاف معلومة وأن القاضي حسين بن النعمان عرفه أن ماله قد نجز‏.‏
فدعا به وأوقفه على الرقعة فقال كقوله للرجل من أنه قد استوفى ماله من أجرة‏.‏
وأمر بإحضار ديوان القاضي فأحضر من ساعته فوجد أن الذي وصل إلى الرجل أيسر ماله‏.‏
فعدد على القاضي حسين ما أقطعه وأجرى له وما أزاح من علله لئلا يتعرض إلى ما نهاه عنه من هذا وأمثاله‏.‏
فقال‏:‏ العفو والتوبة فأمر به فضربت عنقه وأحرق‏.‏
-----------------------------
وقتل عدة أناس يزيد عددهم على مائة نفس ضربت أعناقهم وصلبوا
-----------------------------
وقتل عبد الأعلى بن هاشم من القرابة لأنه كان يتحدث بأنه يلي الخلافة وأنه كان يجمع قوما ويعدهم بولاية الأعمال‏.‏ وقد تقدم خبره‏.‏
-----------------------------------------
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحاجة
عضو فعال



عدد المساهمات : 657
تاريخ التسجيل : 16/11/2011

الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Empty
مُساهمةموضوع: الدولة الفاطمية سنة 396هـ   الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Icon_minitimeالأربعاء يونيو 13, 2012 10:18 pm


سنة 396 هـ
فيها ذكر المسبحي خبر أبي ركوة الوليد بن هشام بن عبد الملك بن عبد الرحمن الأموي ولد بالأندلس وقدم القيروان فانتصب يعلم الصبيان بها القرآن ثم دخل إلى مصر فأقام بها وبأريافها يعلم الصبيان مدة ثم خرج إلى الإسكندرية وقد أكثر الحاكم من الإيقاع ببني قرة وأكثر من قتلهم وتحريقهم بالنار فخلعوا طاعته‏.‏
وسبب ذلك أن بني قرة كان شيخهم (مختار بن القاسم) فلما بعث الحاكم (يحيى بن علي الأندلسي) يخرج (فلفول بن سعيد بن خزرون ) بطرابلس على صنهاجة ساروا معه إلى طرابلس وجرت الهزيمة عليه ورجعوا إلى برقة‏.‏
فتنكر لهم الحاكم فامتنعوا عليه فبعث لهم بالأمان فقدم وفدهم إلى الإسكندرية فقتلهم عن آخرهم سنة 394هـ0‏.‏
وكان عندهم معلم القرآن واسمه (الوليد بن هشام ) ينسب إلى المغيرة بن عبد الرحمن من بني أمية وكان يزعم أن له أثارة من علم ويخبر بأنه سيملك ما ملكه آباؤه وكان يقال له " أبو ركوة"‏.‏
فدعاهم إلى نفسه فبايعوه وتلقب ب "أمير المؤمنين الناصر لدين الله‏"
ثم بعث إلى ( لواتة) و(مزانة) و(زناتة) فاستجابوا له ورحل إلى برقة والناس يباركونه في كل يوم فيسلمون عليه بالخلافة ويقبلون له الأرض فيجلس في وسطهم ويقول‏:‏ أنا واحد منكم وما أريد شيئا من هذه الدنيا‏:‏ ولا أطلبها إلا لكم وليس معي مال أعطيكم وإنما لي عليكم طاعة وإن نصرتموني نصرتم أنفسكم وإن قاتلتم معي أخذتم حقكم بأيديكم فيقولون له‏:‏ يا أمير المؤمنين نحن فلم يزل معهم يطوف قرى برقة ويأخذ البيعة إلى أن عظم أمره وهو فيما بين الإسكندرية وبرقة‏.‏
فبعث إليه الحاكم جيشا عليه (ينال الطويل) التركي في نصف شعبان سنة 395 فواقعه أبو ركوة وقتله ومعظم عسكره وظفر من الأموال والخيل والسلاح والنعم الجليلة بما قوى به واشتد بأسه‏.‏
وكان في ظهور أبي ركوة طلع كوكب الذؤابة فكان يضئ كالقمر وله بريق ولمعان ويقوى ويكثر نوره وأمر أبي ركوة يشتد ويعظم‏.‏
فأقام هذا الكوكب شهورا ثم اضمحل نوره وضعف لمعانه وأخذ أمر أبي ركوة ينقص ويضعف إلى أن أخذ أسيراً فغاب الكوكب ولم ير بعد ذلك فكان شأن هذا الكوكب في دلالته على أبي ركوة من أعجب العجب‏.‏
وابتدأ الحاكم في تجريد العساكر شيئا بعد شيء ونزل أبو ركوة بعد ظفره على برقة فحاصرها وصندل الحاكم أميرها يقاتله حتى اشتد الحصار ومنع أهل برقة من الميرة ففر صندل ومعه شيوخ البلد إلى الحاكم وحثه على بعث الجيوش وأعلمه بقوة أبي ركوة واستفحال أمره‏.‏
ودخل أبو ركوة إلى مدينة برقة واستخرج الأموال وأقطع بني قرة أعمال مصر مثل دمياط وتنيس والمحلة وغيرها وكتب خطه بذلك وأقطع دور القواد والأكابر التي بالقاهرة ومصر وجدد البيعة لنفسه‏.‏
فندب الحاكم لقتاله القائد أبا الفتوح فضل بن صالح في ربيع الأول سنة 396 وأتبعه بالعساكر فاجتمعت بالإسكندرية وسار بها فلقيه أبو ركوة بذات الحمام‏.‏
وكانت بينهما حروب آلت إلى هزيمة العسكر والاحتواء على ما فيه من مال وسلاح فعظم شأن أبي ركوة‏.‏
ووردت الجند على الحاكم بذلك للنصف من رمضان فكان من تدبير الحاكم أن دعا بوجوه رجاله وقواده فأمرهم أن يكاتبوا أبا ركوة ويعرفوه أنهم على مذهبه ورأيه وانه إن توجه إليهم وقرب منهم صاروا في جملته وقاتلوا معه وذكروا ما يقاسونه من قتل وجوههم وأكابرهم وأنهم لا يأمنون في ليلهم ولا نهارهم مع ما يسمعونه من انتقاص الشرف ونحو هذا‏.‏
فكتبوا بذلك وأنفذوا إليه عدة كتب من كل واحد منهم كتابا مع رسوله‏.‏
فلما تواتر ذلك عليه وثق به ولم يشك فيه وحشد جموعه ووعدهم بأموال مصر ونعمها وسار‏.‏
فخلع الحاكم على أبي الحسن علي بن فلاح وسيره إلى ضبط بركة الحبش في عسكر فأقام بها أياما ثم عدى إلى الجيزة وتلاحقت به العساكر براً وبحراً‏.‏
واضطربت الأسعار بمصر وعدم الخبز وبيع مبلولاً ستة أرطال بدرهم وكان يباع عشرة أرطال بدرهم وأنفق في العساكر المتوجهة لكل واحد أربعةً وعشرين دينارا‏.‏
وكوتب على بن صفوح بن دغفل بن الجراح الطائي فحضر في سابع عشر شوال وخلع عليه وتزايد سعر الدقيق والخبز وروايا الماء وازدحم الناس عليها‏.‏
وخلع على القائد فضل بن صالح ثوب ديباج مثقل طميم أحمر ومنديل ذهب وقلد بسيف وحمل على فرس بمركب ذهب وبين يديه تسعة من الخيل وثلاثون بندا مذهبة وأربعة عشر سفطا فيها أنواع الثياب‏.‏
وسار إلى الجيزة وأكمل لكل واحد من العساكر السائرة خمسون دينارا‏.‏
ونزلت إليه خزانة السلاح‏.‏
وورد الخبر بنهب الفيوم فجهزت إليها سرية فأوقعوا بأصحاب أبي ركوة وبعثوا إلى القاهرة بعدة رؤوس طيف بها‏.‏
وسار القائد فضل من الجيزة في رابع ذي القعدة والغلاء بالعسكر فبيعت الويبة من الشعير بخمسة دراهم والخبز ثلاثة أرطال بدرهم‏.‏
وأقام على بن فلاح في مضاربه بالجيزة وحمل إليه خيمة وخمسة أفراس بمراكبها وسيف وألفا دينار وثلاثون ثوبا فأنفق في أصحابه‏.‏
فلما كان في ثامن عشر ذي القعدة وقع في الناس خوف في الليل وضجيج فنزلت العساكر طائفة بعد طائفة والناس جلوس في الشوارع وعلى أبواب الدور ليلهم كله يبتهلون بالدعاء بالنصر فلحقت هذه العساكر بابن فلاح وهو بالجيزة فسير عسكراً إلى الفيوم وأقام على خوف ووجل‏.‏
فبلغ أبا ركوة إقامة علي بن فلاح بالجيزة فأسرع إليه وكبس عسكره ونهب سواده وأخذت خزائن السلاح ووقع القتال الشديد فقتل خلق كثير من أصحابه وجرح خلق لا يحصى‏.‏
ولما نزلت خزائن السلاح من عند الحاكم مع قائد القواد وعظم البكاء والضجيج على شاطىء النيل لكثرة القتلى في العسكر منع ابن فلاح من حمل الموتى إلى مصر وأمر بدفنهم في الجيزة‏.‏
وافتقد كثير من العسكر فلم يعلم لهم خبر ولم يسلم من العسكر إلا القليل فغلقت الأسواق وجلس الناس بالشوارع غما لما جرى على العسكر وتزايد البكاء من الناس على فقد آبائهم ومعارفهم‏.‏
وباتوا وأصبحوا يوم السبت العشرين منه فورد الخبر بدخول أبي ركوة في جموعه إلى الفيوم وسار فضل بن صالح لقتاله فالتقى معه في ثالث ذي الحجة وحاربه فكانت وقعة عظيمة قتل فيها ما لا يحصى كثرة‏.‏
وانهزم أبو ركوة واستأمن بنو كلاب وغيرهم من العرب‏.‏
فسارت العساكر في طلب أبي ركوة وحضرت الرؤوس من الفيوم ومعها الأسرى وهي تجاوز ستة آلاف ومائة أسير فطيف بها بالبلد وقتل الأسرى بالسيوف بع ما لحقهم أنواع البلاء بيد العامة يصفعون أقفيتهم وينتفون لحاهم ويضربونهم حتى تفتحت أكتاف كثير منهم فكان أمراً مهولاً‏.‏
وتواتر مجيء من أخذ من عسكر أبي ركوة فجيء بخلق كثير وعدة رؤوس‏.‏
ودخل ابن فلاح من الجيزة فخلع عليه‏.‏
واستمر القائد فضل في طلب أبي ركوة هو يبعث بمن قبض عليه من الرجال وبرؤوس من يقتلهم شيئاً بعد شيء‏.‏
وعاد علي بن الجراح من عند القائد فضل فخلع عليه‏.‏
وفي الثاني من جمادى الآخرة سنة 397هـ ورد الخبر من القائد الفضل بن صالح بحصول أبي ركوة ووقوعه في يده فابتهج الناس لذلك وخلع على قائد القواد وعلى أولاده وعلى البدوي الذي خرج في طلب أبي ركوة حتى أدركه ببلد النوبة وعلى أبي القاسم علي بن القائد فضل وعلى ابنه‏.‏
وذلك أن أبا ركوة دخل بعد هزيمته إلى بلد النوبة فتبعه القائد فضل وبعث إلى ملك النوبة بالقبض على أبي ركوة وسير إليه عسكراً مع الكتاب‏.‏
فلما بلغوا أطراف النوبة وجدوا أبا ركوة قد اختفى بدير هناك وله فيه أربعة عشر يوماً فدلهم عليه رجل من العرب فقبضوا عليه في ربيع الأول منها وأتوا به إلى القائد فضل‏.‏
فسار به إلى مصر ونزل بركة الحبش يوم الجمعة للنصف من جمادى الآخرة فخرج إليه قائد القواد بسائر رجال الدولة وسلم عليه وأبو ركوة في مضرب ومعه القائد فضل فأقام هناك إلى بكرة يوم الأحد سابع عشره فصار من بركة الحبش بعساكره وأبو ركوة على حمل فوق سرير وعليه ثوب مشهر وفوق رأسه طرطور طويل ومعه رجل يمسكه‏.‏
وذلك أنه لما ألبس الطرطور صاح‏:‏ يا فضل يا أبا الفتوح ما كذا ضمنت لي‏.‏
فصفع صفعة منكرة وأمسك يديه هذا القائد خلفه وقد اجتمع الناس من كل جهة فكان جمعا لم ير مثله كثرة وأوجرت الدور والحوانيت بحمله وبات الناس على الطرقات حتى وصل به إلى القصر فأوقف ساعة على باب القصر وهو يشير بأصبعه ويطلب العفو والصفع في قفاه ويقال له قبل الأرض فيقبل ثم سير به إلى مسجد تبر‏.‏
فلما خرج من باب القاهرة أشار إلى الناس يرجمونه بالحجر والاجر ويصفعونه وينتفون لحيته حتى عاين الموت مرارا إلى أن بلغ (مسجد تبر) فضرب عنقه وصلب جسده وحل رأسه إلى الحاكم فخلع على القائد فضل وغيره من القواد والعرفاء الذين كانوا معه وخلع على قائد القواد‏.‏
فكان يوماً عظيما مهولاً لكثرة اجتماع الناس‏.‏
وأقاموا ليلتين في الحوانيت والشوارع وعلى أبواب الدور يظهرون المسرة والفرح‏.‏
وأظهر أبو ركوة في مواقف الألم صبرا وتجلدا وكان لا يخاطب القائد الفضل إلا باسمه أو بكنيته‏.‏
ولما أقام في بركة الحبش وخرج الناس ورأوه كان يسأل من يلقاه عن اسمه وكان يتلو القرآن ويترحم على السلف‏.‏
وكان شاباً أسمر تعلوه حمرة مستن الوجه طويل الجبهة أشهل بزرقة أقنى صغير اللحية أصهب إلى الشقرة ظاهر القلوب تبين فيه الجد لا يكاد يتجاوز ثلاثين سنة يوم قتل‏.‏
ويقال إنه ولد رجل من موالي بني أمية‏.‏
ولما قتل أبو ركوة نفذت الكتب إلى الأعمال كلها بخبر الفتح‏.‏
فلما كان في رجب ورد شيوخ كل ناحية وقضاتها وقضاة الشام وشيوخه لتهنئة الحاكم بالظفر وأخذ أبي ركوة‏.‏
وقدم ( أبو الفتوح حسن بن جعفر الحسني) أمير مكة في شعبان لتهنئته فخلع عليه وأكرمه وأنزل بدار برجوان‏.‏
وفيه أرجف الناس بأن القائد (فضل بن صالح) ينظر في أمور الدولة وتدبيرها بدل قائد القواد (حسين بن جوهر) وكان بينهما في الباطن تباعد من جهة الرتبة والحسد عليها‏:‏ وكان القائد فضل قد تفاقم وعظم تيهه وترفعه على قائد القواد في قوله وفعله‏:‏ قال المسبحي‏:‏ قال لي الحاكم بأمر الله وقد جرى حديث أبي ركوة‏:‏ ما أردت قتله ولكن جرى في أمره ما لم يكن عن اختياري فقلت له‏:‏ يا أمير المؤمنين ما قصر عبدك الفضل بن صالح في خدمته قال‏:‏ وإيش تظن أن فضل أخذ قلت‏:‏ نعم يا أمير المؤمنين هذا قول الناس‏.‏
فقال‏:‏ والله العظيم ما أفلح فضل في حركته تلك ولا أنجح ميزاننا‏.‏
أنفقنا ألف ألف دينار ذهبا صناعا وإنما أخذه ملك النوبة وأنفذ به إلي‏.‏
فقلت صدقت يا أمير المؤمنين وعلمت أن هذا مما قرر قائد القواد الحسين بن جوهر في نفسه ليبطل فعل فضل وخدمته فاستقر‏.‏
----------------------
وأما خبر القاهرة فإنه جرى الأمر في يوم عاشوراء على العادة من تعطيل الأسواق وخروج المنشدين والناحة إلى جامع القاهرة فتظاهروا فيه بسب السلف فقبض على رجل ونودي عليه‏:‏ هذا جزاء من سب عائشة وزوجها وضربت عنقه‏.‏
وتقدم الأمر إلى أصحاب الشرطة ألا يتعرض أحد لسب السلف ومن فعل ذلك قبض عليه فانكف الرعاع عن السب والتعرض للحاج‏.‏
-------------------
وللنصف من صفر وردت قافلة الحاج‏.‏
-------------------
وفي نصف ربيع الأول جمع الحاكم نحو ألفي باقة نرجس وأتحف بها الأولياء‏.‏
------------------
واستهل رجب بيوم الأربعاء فخرج أمر الحاكم إلى أصحاب الدواوين بأن يؤرخوه بيوم الثلاثاء‏.‏
وفيه هبت ريح عاصفة ثم أرعدت ونزل المطر وفيه برد كهيئة الصفائح إذا سقط إلى الأرض تكسر فكان فيه ما يبلغ وزنه زيادة على أوقيتين وفيه ما هو قدر البيضة فغطى الأرض وأقام الناس أياما يتبعونه في الأسواق‏.‏ ولم يعهد مثل ذلك بمصر‏.‏
------------------
وجرى الرسم في شهر رمضان كل ليلة على العادة وصلى الحاكم فيه بالناس صلاة الجمعة وخطب ثلاث مرات‏.‏
------------------
وصلى يوم عيد الفطر بالناس وخطب بالمصلى على عادته‏.‏
------------------
وللنصف من ذي القعدة: سارت قافلة الحاج بكسوة الكعبة وصلات الأشراف وغيرها على ما جرى به الرسم‏.‏
------------------
وفتح الخليج في السابع والعشرين من مسرى والماء على خمس عشرة ذراعاً وأصابع فلم يركب الحاكم لفتحه ولم يوف ست عشرة ذراعاً إلى ثامن توت فخلع على ابن أبي الرداد وحمل‏.‏
واجتمع الناس الذين جرت عادتهم بحضور القصر لسماع ما يقرأ من كتب مجالس الدعوة فضربوا بأجمعهم ولم يقرأ عليهم شيء‏.‏
وفيها رحل (بنو قرة) من البحيرة بأرض مصر إلى ناحية من عمل برقة مع كبيرهم مختار بن قاسم‏.‏
----------------------------
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحاجة
عضو فعال



عدد المساهمات : 657
تاريخ التسجيل : 16/11/2011

الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Empty
مُساهمةموضوع: الدولة الفاطمية سنة 397هـ   الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Icon_minitimeالأربعاء يونيو 13, 2012 10:22 pm

--------------------------------------------------------

سنة 397 هـ



في شهر ربيع الأول تزايد أمر الدراهم القطع المتزايدة فبلغت أربعة وثلاثين درهما بدينار ونزع السعر واضطربت أمور الناس‏.‏
فرفعت هذه الدراهم وأنزل من بيت المال بعشرين صندوقا فيها الدراهم الجدد لتفرق على الصيارفة‏.‏
وقرئ سجل يرفع تلك الدراهم والمنع من المعاملة بها وأنظر من في يده منها شيء ثلاثة أيام وأمر الناس بحمل ما كان مها إلى دار الضرب فقلق الناس وبلغ كل درهم من الجدد أربعة دراهم من القطع‏.‏
وبيع الخبز كل ثلاثة أرطال بدرهم فنودي أن يكون الخبز كل اثني عشر رطلا بدرهم جديد واللحم رطلين بدرهم وسعر أكثر الأشياء واستقر كل دينار بثمانين درهماً من الجدد‏.‏
وسكن أمر الناس بعد ما ضرب كثير من الباعة بالسياط وشهروا‏.‏
وقبض على جماعة من أصحاب الفقاع والسماكين وكبست الحمامات وضرب جماعة لمخالفتهم ما نهو عنه وشهروا‏.‏
--------------------------
وفي تاسع ربيع الآخر أمر الحاكم بمحو ما هو مكتوب على المساجد والأبواب وغيرها من سب السلف فمحي بأسره وطاف متولي الشرطة حتى أزال سائر ما كان منه‏.‏
وقرئ سجل بترك الخوض فيما لا يعنى واشتغال كل أحد بمعيشته عن الخوض في أعمال أمير المؤمنين وأوامره‏.‏
-----------------------------
وجرى الأمر في الفطر على السماط ليالي رمضان وفي صلاة الحاكم بالناس يوم الجمعة على ما تقدم‏.‏
---------------------------
وركب الحاكم لفتح الخليج في ذي القعدة والماء على أربعة عشر ذراعا وأصابع وهو تاسع توت فانتهى بعد فتح الخليج ماء النيل إلى ستة عشر أصبعا من خمسة عشر ذراعا ثم نقص فتحرك السعر وازدحم الناس على شراء الغلال وابتدأت الشدة‏.‏
----------------------------
وفيها مات يعقوب بن نسطاس النصراني طبيب الحاكم سكران في بركة ماء فحمل إلى الكنيسة في تابوت وشق به البلد ثم أعيد إلى داره فدفن بها وسائر أهل الدولة في جنازته ومعه شموع كثيرة تتقد ومداخن عدة فيها بخور‏.‏
وكان طبيب وقته عارفا بالطب آية في الحفظ ما يغنى له قط صوت إلا حفظه‏.‏
ولو غناه مائة مغن في مجلس واحد لحفظ سائر ما غنوه به وتكلم على ألحانها وأشعارها‏.‏
وكانت له يد في الموسيقا وانفرد بخدمة الحاكم في الطب فأثرى وترك زيادة على عشرين ألف دينار عينا سوى الثياب وغيرها‏.‏
------------------------------
وتوفى الأمير( منجوتكين ) لأربع خلون من ذي الحجة فصلى عليه الحاكم‏.‏
--------------------------------









الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحاجة
عضو فعال



عدد المساهمات : 657
تاريخ التسجيل : 16/11/2011

الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Empty
مُساهمةموضوع: الدولة الفاطمية سنة 398هـ   الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Icon_minitimeالأربعاء يونيو 13, 2012 10:29 pm



سنة 398 هـ



في المحرم : ابتدأ نقص ماء النيل من ثامن عشر توت فاشتد الأمر وبيع الخبز مبلولا وضرب جماعة من الخبازين وشهروا لتعذر وجود الخبز بالعشايا‏.‏
----------------------
ووصل الحاج لثمان بقين من صفر‏.‏
----------------------
وفي ربيع الأول خلع على علي بن جعفر بن فلاح بولاية دمشق حربا وخراجا‏.‏
واشتد الغلاء‏.‏
فلما كان ليلة عيد الشعانين منع النصارى من تزيين كنائسهم على ما هي عادتهم وقبض على جماعة منهم في رجب وأمر باحضار ما هو معلق على الكنائس وإثباته في دواوين السلطان وكتب إلى سائر الأعمال بذلك‏.‏
وأحرق صلبان كثيرة على باب الجامع
---------------------------
وفي يوم الجمعة سادس عشر رجب ولي مالك بن سعيد الفارقي القضاء وخلع عليه في بيت المال قميص مصمت وعمامة مذهبة وطيلسان محشى مذهب وقلد بسيف‏.‏
وقرأ سجله أحمد بن عبد السميع وهو قائم فخرج وبين يديه سفط ثياب وحمل على بغلة وبين يديه بغلتان وكان مالك بن سعيد لما قرئ سجله قائماً على قدميه وكلما مر ذكر أمير المؤمنين قبل الأرض‏.‏
ثم سار من القصر إلى الجامع العتيق وكلما مر بباب من أبواب القصر نزل عن بغلته وقبل الباب‏.‏
فلما وصل إلى الجامع وقف خلف المنبر قائما حتى انتهت قراءة السجل وقبل الأرض كلما ذكر أمير المؤمنين‏.‏
ثم عاد إلى داره بالقاهرة وتسلم كتب الدعوة التي تقرأ بالقصر على الأولياء‏.‏
وفي يوم الجمعة سابع شعبان اجتمع أهل الدولة في القصر بعد ما طلبوا لذلك وأمروا ألا يقام لأحد فخرج خادم وأسر إلى صاحب الستر كلاما فصاح‏:‏ صالح بن علي فقام (صالح بن علي الروزباري) فأخذ بيده ولا يعلم أحد ما يراد به‏.‏
فأدخل إلى بيت المال ثم خرج وعليه دراعة مصمتة وعمامة مذهبة ومعه مسعود صاحب الستر فجلس بحضرة قائد القواد وأخرج سجلا قرأه ابن عبد السميع فإذا فيه رد سائر الأمور التي ينظر فيها قائد القواد حسين بن جوهر إليه‏.‏
فعندما سمع في السجل صالح ذكر قام وقبل الأرض‏.‏
ولما انتهى ابن عبد السميع من القراءة قام قائد القواد وقبل خد صالح وهنأه وانصرف‏.‏
فخرج صالح وبين يديه عدة أسفاط وثلاث بغلات بسروجها ولجمها‏.‏
قال المسبحي‏:‏ قال لي الحاكم بأمر الله أحضرت ابن سورين وحلفته على الإنجيل أن يكتب سجل صالح بن علي ولا يطلع عليه أحدا من ابن جوهر ولا غيره وقلت له إنك تعرف ما أجازي به من يخالف أمري فكن منه على يقين‏.‏
فوالله ما اطلع عليه أحد غيري وغيره حتى كان‏.‏
وجلس صالح في مجلس قائد القواد من القصر ووقع عن الحاكم‏:‏ ورفع إليه الأولياء وسائر المتصرفين قصصهم وأحوالهم ونفذ أوامر الحاكم وطالع بما تجب مطالعته به‏.‏
وقلد ( ديوان الشام) الذي كان يتولاه لأبي عبد الله الموصلي الكاتب‏.‏
وخلع علي ( الشريف أبي الحسن علي بن إبراهيم النرسي) لنقابة الطالبيين وحمل على فرسين وقرئ سجله في القصر والجامع‏.‏
وخلع على (صقر اليهودي) وحمل على بغلة وقيد إليه ثلاث بغلات بسروج ولجم ثقال وحمل معه عشرون سفط ثياب وأنزل في دار فرشت وزينت وعلق على أبوابها وحجرها الستور وأعطى فيها جميع ما يحتاج إليه وقيل له هذه دارك فحصل له في ساعة واحدة ما قيمته عشرة آلاف دينار‏.‏
واستقر طبيب الحاكم عوضا عن ابن نسطاس‏.‏
وورد الخبر بأن ابن الجراح فر بعد قتل جماعة من أصحابه‏.‏
وخلع على ياروخ وسار إلى دمشق وتبعه عسكر كثير‏.‏
-----------------------
واستهل رمضان فحضر الأسماط مع الحاكم القائد صالح قائد القواد والقاضي مالك بن سعيد وجلس فوق القاضي عبد العزيز بن النعمان‏.‏
وقد صلى الحاكم بالناس صلاة الجمعة في (جامع راشدة )
وصلى صلاة عيد الفطر وخطب على ما جرت عادته به وأصعد معه المنبر وقت الخطبة قائد القواد صالح بن علي ومالك بن سعيد القاضي والشريف النرسي وجماعة‏.‏
وفي ثالث شوال أمر الحاكم قائد القواد السابق (حسين بن جوهر) والقاضي (عبد العزيز بن النعمان) بأن يلزما داريهما ومنعا من الركوب وسائر أولادهما فلبسوا الصوف وامتنع الداخل إليهم وجلسوا على الحصر‏.‏
-----------------------------------
وفي ذي القعدة ولي غالب بن مالك الشرطتين والحسبة والنظر في البلد وقرئ سجله بالجامع العتيق وجامع ابن طولون وصرف خود ومسعود‏.‏
وفي ثالث عشرة سارت قافلة الحاج‏.‏
وفي تاسع عشره عفا الحاكم عن قائد القواد والقاضي عبد العزيز وأذن لهما في الركوب فركبا إلى القصر بزيهما من غير حلق شعر ولا تغيير حال‏.‏
وتوقفت زيادة النيل فاستسقى الناس وخرجوا معهم النساء والصبيان مرتين‏.‏
وقرئ سجل بإبطال المكوس والمؤن التي تؤخذ من المسافرين عن الغلال والأرز‏.‏
وبيع الخبز ثلاثة أرطال بدرهم‏.‏ وتعذر وجوده‏.‏
وجرى الرسم في عيد الغدير على عادته‏.‏
واشتد تكالب الناس على الخبز فاجتمعوا وضجوا من قلته وسواده ورفعوا للحاكم قصة مع رغيفة وكانت الحملة الدقيق قد بلغت ستة دنانير‏.‏
وفتح الخليج في رابع توت والماء على خمسة عشر ذراعا فبلغ التليس أربعة دنانير والويبة من الأرز بدينار واللحم كل رطلين بدرهم ولحم البقر رطلين ونصفا بدرهم والبصل عشرة أرطال بدرهم والخبز ثمان أواق بدرهم وزيت الوقود الرطل بدرهم‏.‏
------------------------
وفيها خرج النصارى من مصر إلى القدس لحضور الفصح ب "قمامة" على عادتهم في كل سنة بتجمل عظيم كما يخرج المسلمون إلى الحج فسأل الحاكم ختكين الضيف العضدي أحد قواده عن ذلك لمعرفته بأمر قمامة فقال هذه بيعة تعظمها النصارى ويحج إليها من جميع البلاد وتأتيها الملوك وتحمل إليها الأموال العظيمة والثياب والستور والفرش والقناديل والصلبان المصوغة من الذهب والفضة والأواني من ذلك وبها من ذلك شيء عظيم‏.‏
فإذا كان يوم الفصح واجتمع النصارى بقمامة ونصبت الصلبان وعلقت القناديل في المذبح تحيلوا في إيصال النار إليه بدهن البيلسان مع دهن الزئبق فيحدث له ضياء ساطع يظن من يراه أنها نار نزلت من السماء‏.‏
فأنكر الحاكم ذلك وتقدم إلى (بشر بن سورين) كاتب الإنشاء فكتب إلى ( أحمد بن يعقوب) الداعي أن يقصد القدس ويهدم قمامة وينهبها الناس حتى يعفى أثرها ففعل ذلك‏.‏
ثم أمر بهدم ما في أعمال مملكته من البيع والكنائس ، فخوف أن تهدم النصارى ما في بلادها من مساجد المسلمين فأمسك عن ذلك‏.‏
---------------------------------



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحاجة
عضو فعال



عدد المساهمات : 657
تاريخ التسجيل : 16/11/2011

الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Empty
مُساهمةموضوع: الدولة الفاطمية سنة 399هـ   الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Icon_minitimeالأربعاء يونيو 13, 2012 10:34 pm

-----------------------------------------

سنة 399 هـ
في ثالث المحرم نظر أبو نصر بن عبدون الكاتب النصراني في ديوان الخراج بانفراده من غير شريك‏.‏
وفي تاسعه وهو نصف توت أشيع وفاء النيل وخلع على ابن أبي الرداد فابتدأ في النقص قبل أن يوفى ستة عشر ذراعا من تاسع عشر توت فأمر الناس كافةً بألا يتظاهر أحد منهم على شاطىء النيل بشيء من الغناء ولا يسمع في دار ولا يشرب في المراكب‏.‏
وكبست عدة دور وقبض على جماعة‏.‏
------------------------------
وقدم الحاج في حادي عشري صفر‏.‏
ونودي ألا يدخل أحد الحمام إلا بمئزر ولا يمشي اليهود والنصارى إلا بالغيار وضربوا على ترك ذلك‏.‏
وكسبت الحمامات وأخذ منها جماعة وشهروا من أجل أنهم وجدوا بغير مئزر‏.‏
ومنع أن يدخل أحد إلى سوق الرقيق إلا أن يكون بائعا أو مشتريا وأفرد الجواري من الغلمان وجعل لكل منهم يوم‏.‏
ومنع من نصب الشراعات التي كانت النساء تنصبها في المقابر أيام الزيارة‏.‏
وأشيع بين الناس بأن النبيذ يمنع من بيعه فازدحموا على شرائه وبيع منه شيء كثير فعز حتى بيع كل عشر جرار بدينار ولم يوجد لكثرة طلابه‏.‏
ومنع كل أحد من الناس أن يخرج من منزله قبل صلاة الصبح وبعد صلاة العشاء واشتد الأمر في هذا واعتقل جماعة خالفوا ما أمر به‏.‏
وقرئ سجل بترك الخوض فيما لا عيني والاشتغال بالصلوات في أوقاتها والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وألا يخوض أحد في أحوال السلطان وأوامره وأسرار الملك‏.‏
وقرئ سجل في ربيع الأول بالمنع من حمل النبيذ والموز وحذر من التظاهر بشيء منه أو من الفقاع والدلينس والسمك الذي لا قشر له والترمس المعفن‏.‏
وقرئ آخر في سائر الجوامع بتسكين قلوب الناس وتطمينهم لكثرة ما اشتهر عندهم وداخلهم من الخوف بما يجري من أوامر الحضرة في البلد‏.‏
----------------------
وفي حادي عشر جمادى الآخرة قبض على عبد العزيز بن النعمان وطلب حسين بن جوهر ففر هو وابناه وجماعة‏.‏
وكثر الصياح في دار عبد العزيز وغلقت حوانيت القاهرة وأسواقها‏.‏
فأفرج عن عبد العزيز ونودي في القاهرة بألا يغلق أحد‏.‏
ثم رد حسين بعد ثلاثة أيام بابنيه وصاروا إلى الحاكم فأمرهم بالانصراف إلى دورهم وخلع عليه وعلى عبد العزيز وعلى أولادهما وكتب لهما أمانان‏.‏
---------------------
وفي رجب كثرت الأمراض في الناس وفشا الموت‏.‏
وتخوف الناس من الحاكم فكتب عدة أمانات لأناس شتى‏.‏
وأقطع مالك بن سعيد ناحية برنشت‏.‏
------------------------
وفي شعبان تراخت الأسعار‏.‏
------------------------
وفي رمضان قرئ سجل فيه يصوم الصائمون على حسابهم ويفطرون ولا يعارض أهل الرؤية فيما هم عليه صائمون ويفطرون وصلاة الخمسين للذين بما جاءهم فيها يصلون وصلاة الضحى وصلاة التراويح لا مانع لهم منها ولاهم عنها يدفعون ويخمس في التكبير على الجنائز المخمسون ولا يمنع من التربيع عليها المربعون يؤذن بحي على خير العمل المؤذنون ولا يؤذى من بها لا يؤذنون لا يسب أحد من السلف ولا يحتسب على الواصف فيهم بما يصف والحالف منهم بما حلف لكل مسلم مجتهد في دينه اجتهاد‏.‏
وفيه ركب سائر العرائف والأولياء وأكثر أهل البلد إلى القصر وقد عظمت الزحمة واصطفت العساكر حول القصر بالسلاح ولم يعرف أحد ما هذا الاجتماع فخرج صالح ابن علي بالخلع على فرس بسرج ولجام ذهب وبين يديه فرسان وسفط ثياب وسجل يتضمن أنه لقب بثقة ثقات السيف والقلم‏.‏
وأعيد عبد العزيز بن النعمان إلى النظر في المظالم‏.‏
وتزايدت الأمراض وكثر موت الناس وعزت الأدوية فبلغ السكر أربعة دراهم للرطل وبذر الرمان كل أوقية بدرهم ودهن البنفسج كل أوقية بدينار والعناب والإجاص كل أوقيتين بدرهم وباقة لينوفر بدينار والبطيخة بثلاثة دنانير‏.‏
ولم يركب الحاكم لصلاة عيد الفطر وصلى القاضي مالك بن سعيد بالناس في المصلى وخطب‏.‏
---------------------------
وفي ذي القعدة أعيدت المكوس التي كانت رفعت‏.‏
وسارت قافلة الحاج في النصف منه‏.‏
----------------------------
وحمل سماط عيد النحر يوم التاسع من ذي الحجة على عادته غير أنه أبطل منه الملاهي والخيال واللعب الذي كان يعمل في كل سنة‏.‏
وصلى القاضي بالناس صلاة عيد النحر وخطب‏.‏
وفي يوم عيد الغدير منع الناس من عمله‏.‏
ودرست كنائس كانت بطريق المكس وكنيسة بحارة الروم من القاهرة ونهب ما فيها‏.‏
وقتل في هذه الليلة كثير من الخدم والصقالبة والكتاب بعد أن قطعت أيديهم بالساطور على خشبة من وسط الذراع‏.‏
-------------------------------
وفيها:
مات أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن أحمد بن يونس المنجم لثلاث خلون من جمادى الأولى وقتل القائد فضل بن صالح ضربت رقبته لتسع بقين من ذي القعدة‏.‏
------------------------------
وقتل أبو أسامة جنادة أسامة بن محمد اللغوي لثلاث عشرة خلت من ذي الحجة ومعه الحسن بن سليمان الأنطاكي النحوي واستتر عبد الغني بن سعيد وكان ذلك بسبب اجتماعهم بدار العلم وجلوسهم فيها‏.‏
------------------------------
وقتل رجاء بن أبي الحسين من أجل أنه صلى صلاة التراويح في شهر رمضان‏.‏
------------------------------
وقتل أصحاب الأخبار عن آخرهم لكثرة أذيتهم الناس بالكذب عليهم وأخذهم الأموال من الناس‏.‏
------------------------------
وفيها قتل أبو علي بن ثمال الخفاجي متولي الرحبة من قبل الحاكم وملكها بعده صالح بن مرداس الكلابي متملك حلب‏.‏
------------------------------
-
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحاجة
عضو فعال



عدد المساهمات : 657
تاريخ التسجيل : 16/11/2011

الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Empty
مُساهمةموضوع: الدولة الفاطمية سنة 400هـ   الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Icon_minitimeالأربعاء يونيو 13, 2012 10:36 pm



سنة 400 هـ



في حادي عشر صفر صرف أبو الفضل صالح بن علي الروزباري ثقة ثقات السيف والقلم وقرر مكانه أبو نصر بن عبدون الكاتب النصراني فوقع من الحاكم فيما كان يوقع فيه صالح ونظر فيما كان ينظر فيه وأذن لصالح في الركوب إلى القصر‏.‏
وسار ابن عبدون في الموكب مع الشيوخ في المنتهى وقال مثلي لا يساير أمير المؤمنين بأعلى من ذلك‏.‏
وكتب من إنشاء ابن سورين لخدم قمامة بالقدس‏.‏
وأحدث الحاكم ديوانا سماه الديوان المفرد برسم من يقبض ماله من المقتولين وغيرهم‏.‏
ووصل الحاج في حادي عشر منه‏.‏
وفي ربيع الأول كثرت الأمراض والموت وعزت الأدوية المطلوبة للمرضى‏.‏
وشهر جماعة وجد عندهم فقاع وملوخية وترمس ودلينس بعد ضربهم‏.‏
وهدم دير القصير ونهب‏.‏
ولقب ابن عبدون بالقاضي وكتب له سجل بذلك وحمل على بغلتين‏.‏
واشتد الأمر على اليهود والنصارى في إلزامهم لبس الغيار‏.‏
ورد إقطاع حسين بن جوهر إليه وإلى أولاده وصهره عبد العزيز بن النعمان وقرئ لهم بذلك وصلى القاضي بالناس صلاة عيد الفطر على الرسم‏.‏
وقرئ سجل بإبطال ما كان يؤخذ على أيدي القضاة من الخمس والفطرة والنجوى‏.‏
في تاسع ذي القعدة فر حسين بن جوهر وأولاده وصهره عبد العزيز بن النعمان وأولاده بجماعة منهم في أموال وسلاح وخرجوا ليلاً فلما أصبحوا سير الحاكم خيلا في طلبهم نحو وجرة فلم يدركوهم‏.‏
وأحيط بدورهم فأخذت للديون المفرد‏.‏
وفر أبو القاسم الحسين بن المغربي في زي حمال إلى حسان بن علي بن مفرج بن دغفل بن الجراح‏.‏
وفيه قرىء عدة أمانات بالقصر للكتاميين من جند إفريقية والأتراك والقضاة والشهود وسائر الأولياء والأمناء والرعية والكتاب والأطباء والخدام السود والخدام الصقالبة لكل طائفة أمان‏.‏
وحمل سائر ما في دور حسين بن جوهر وعبد العزيز بن النعمان إلى القصر بعد أن احصاه القاضي ملك بن سعيد وضبطه‏.‏
وقرئ سجل بقطع مجالس الحكمة التي كانت تقرأ على الأولياء في يومي الخميس والجمعة‏.‏
وقرئ سجل في الجامع العتيق بإقبال الناس على شأنهم وتركهم الخوض فيما لا يعنيهم وسجل آخر برد التثويب في الأذان والإذن للناس في صلاة الضحى وصلاة القنوت‏.‏
ثم جمع في سائر الجوامع وقرئ عليهم سجل بأن يتركوا الأذان بحي على خير العمل ويزاد في أذان الفجر‏:‏ الصلاة خير من النوم وأن يكون ذلك من مؤذني القصر عند قولهم‏:‏ السلام على أمير المؤمنين ورحمة الله فامتثل الناس وعمل‏.‏
وسار محمد بن نزال بعسكر إلى الشام‏.‏
وقرئ سجل مندد فيه بشرب النبيذ وجميع أنواع المسكر‏.‏
وصلى الحاكم بالناس في المصلى صلاة عيد النحر وخطب ونحر وحضر السماط على رسمه‏.‏
وقرئت عدة أمانات بالقصر‏.‏
وفيه سارت العساكر بعدة مواضع تطلب قائد القواد حسين بن جوهر وصهره عبد العزيز وشاع الخبر بأنه عند بني قرة‏.‏
وقرئ سجل في الجوامع بالرخصة فيما كان يشدد فيه في الجمعة الماضية من أمر النبيذ‏.‏
--------------------------------
وقتل في هذه السنة عدة كثيرة من الخدام والفراشين والكتاب وغيرهم‏.‏
ومات أبو منصور بشر بن عبيد الله بن سورين كاتب السجلات في صفر‏.‏
وتوفي صقر اليهودي طبيب الحاكم في ربيع الآخر‏.‏
وتوفي أبو عبد الله اليمنى المؤرخ وله تاريخ النحاة وسيرة جوهر القائد‏.‏
وقتل أبو الفضل صالح بن علي الروزباري ليلة الثاني عشر من شوال‏.‏
وقتل غالب بن هلال متولي الشرطتين والحسبة في شوال‏.‏
-------------------------
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحاجة
عضو فعال



عدد المساهمات : 657
تاريخ التسجيل : 16/11/2011

الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله   الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Icon_minitimeالأربعاء يونيو 13, 2012 10:50 pm


سنة 401 هـ

في رابع المحرم صرف ابن عبدون النصراني وخلع على أحمد بن محمد القشوري الكاتب وقرئ سجله في القصر بأنه تقلد الوساطة والسفارة بين أولياء أمير المؤمنين الحاكم وبينه وأمر الرعايا وفوضت له الأمور وعول عليه فيها‏.‏
وكان سبب صرف ابن عبدون عن الوساطة والسفارة أن كتب الحاكم تكررت إلى قائد القواد حسين بن جوهر وإلى صهره عبد العزيز بن النعمان بأمانهم وعودهم فأبى ابن جوهر أن يدخل وابن عبدون واسطة وقال‏:‏ أنا أحسنت إليه نظري فسعى فيّ إلى أمير المؤمنين ونال مني كل منال لا أعود أبدا وهو وزير‏.‏
فصرف لذلك وحضر حسين وعبد العزيز ومن خرج معهما فنزل سائر أهل الدولة إلى لقائه وتلقته الخلع وأفيضت عليه وعلى أولاده وصهره عبد العزيز وقيد بين أيديهم الدواب‏.‏
فعندما وصلوا إلى باب القاهرة ترجلوا ومشوا ومشى معهم سائر الناس إلى القصر فمثلوا بحضرة الحاكم ثم خرجوا وقد عفى عنهم‏.‏
وأذن للحسين أن يكاتب بقائد القواد ويكون اسمه تالياً للقبه وأن يخاطب بذلك فانصرف إلى داره فكان يوما عظيما‏.‏
وحمل إليه جميع ما قبض له من مال وغيره وأنعم عليه‏.‏
وواصل هو وعبد العزيز الركوب إلى القصر‏.‏
وكتب لابن عبدون أمان خطه الحاكم بيده وكان يقول عنه‏:‏ ما خدمني أحد ولا بلغ في خدمته ما بلغه ابن عبدون‏.‏
ولقد جمع لي من الأموال ما هو خارج في أموال الدواوين ثلثمائة ألف دينار‏.‏
وأقام ابن القشوري على رسمه ينظر عشرة أيام إلى ثالث عشره فبينا هو يوقع إذ قبض عليه وضربت رقبته من أجل أنه بلغ الحاكم عنه أنه يبالغ في تعظيم حسين بن جوهر وأكثر من السؤال في حوائجه‏.‏
وفي يومه أجلس أبو الخير بن زرعة بن عيسى بن نسطورس الكاتب النصراني في مكان ابن القشوري وأمر أن يوقع عن الحاكم في أوامره فجلس ونظر في الوساطة والسفارة بغير خلع‏.‏
ومنع من الركوب في المراكب بالخليج وسدت أبواب القاهرة التي مما يلي الخليج وأبواب الدور والطاقات المطلة عليه والخوخ‏.‏
وخلع على قاضي القضاة مالك وقلد النظر في المظالم مع القضاء وقرئ سجله بالجامع‏.‏
وكتب سجل بإعادة مجالس الحكمة‏.‏
وأخذ النحوي‏.‏
وشدد على النصارى في لبس الغيار بالعمائم الشديدة السواد دون ما عداها من الألوان‏.‏
وفيه قبض على حسين بن جوهر وعبد العزيز بن النعمان واعتقلا ثلاثة أيام ثم حلفا أنهما لا يغيبان عن الحضرة وأشهدا على أنفسهما بذلك وأفرج عنهما وحلف لهما الحاكم في أمان كتبه لهما‏.‏
واعتقل ابن عبدون وأمر بعمل حسابه ثم ضربت عنقه وقبض ماله‏.‏
وفي سابع عشر صفر وصل الحاج من غير زيارة المدينة النبوية فأمر أن يكون مسير الحاج للنصف من شوال وأن يبدءوا بزيارة المدينة وكتب بذلك إلى سائر الأعمال‏.‏
وفي سابع ربيع الآخر خلع على زرعة بن عيسى بن نسطورس وحمل وقرئ له سجل في القصر لقب فيه بالشافي‏.‏
وخلع على أبي القاسم علي بن أحمد الزيدي وقرئ له سجل بنقابة الطالبيين‏.‏
وقرئ سجل في سائر الجوامع فيه النهي عن معارضة الإمام فيما يفعله وترك الخوض فيما لا يعنى وأن يؤذن بحي على خير العمل ويترك من أذان الصبح قول‏:‏ الصلاة خير من النوم والمنع من صلاة الضحى وصلاة التراويح وإعادة الدعوة والمجلس على الرسم‏.‏
فكان بين المنع من ذلك وضرب جماعة وشهروا لبيعهم الملوخية والسمك الذي لا قشر له‏.‏
وقبض على جماعة بسبب بيع النبيذ واعتقلوا وكبست مواضع ذلك‏.‏
ومنع النصارى من الغطاس فلم يتظاهروا على شاطىء البحر بما جرت عادتهم به‏.‏
وفي ثاني عشر جمادى الآخرة ركب حسين بن جوهر وعبد العزيز بن النعمان على رسمهما إلى القصر فلما خرج المتسلم قيل لحسين وعبد العزيز وأبي علي أخي الفضل أطيعوا لأمر تريده الحضرة منكم‏.‏
فجلس الثلاثة وانصرف الناس فقبض على ثلاثتهم وقتلوا في وقت واحد وأحيط بأموالهم وضياعهم ودورهم فوجد لحسين بن جوهر في جملة ما وجد سبعة آلاف مبطنة حريرا من سائر أنواع الديباج والعتابي وغيره وتسع متارد صيني مملؤة حب كافور قنصوري وزن الحبة الواحدة ثلاثة مثاقيل‏.‏
وأخذت الأمانات والسجلات التي كتبت لهم‏.‏
واستدعي أولاد حسين وأولاد عبد العزيز ووعدوا بالجميل وخلع عليهم وحملوا على دواب‏.‏
وفيه ذبحت نعجة فوجد في بطنها حمل وجهه كوجه إنسان‏.‏
وفي شعبان وقع قاضي القضاة مالك إلى سائر الشهود بخروج الأمر العالي المعظم أن يكون الصوم يوم الجمعة والعيد يوم الأحد‏.‏
واشتد الأمر في منع المسكرات وتتبع مواضعها‏.‏
وأبطلت عدة جهات من جهات المكوس والرسوم‏.‏
ومنع الغناء واللهو وأمر الاتباع مغنية وألا يجتمع الناس في الصحراء ومنع النساء من الحمام‏.‏
وأن يكون الخروج للحج في سابع شوال‏.‏
وركب الحاكم لصلاة العيد على رسمه‏.‏
وفي ثاني شوال سار على بن جعفر بن فلاح بالعساكر لقتال حسان بن علي بن مفرج بن دغفل بن الجراح عند هزيمته ياروخ وقبضه عليه وعلى أصحابه بالرملة فقاتلهم في ثالث عشره وقتل منهم وظهر عليهم وخلع طاعة الحاكم وأقام الدعوة لأبي الفتوح حسين بن جعفر بن محمد بن الحسين بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الحسني أمير مكة‏.‏
وقتل ياروخ‏.‏
وفيه تأخر الحاج إلى نصف ذي القعدة فخرجوا في سابع عشره ورجعوا في ثالث عشريه من القلزم فلم يحج أحد من مصر في هذه السنة‏.‏
وصلى مالك بن سعيد بالناس صلاة عيد النحر وخطب ونحر في المصلى والملعب مدة أيام النحر‏.‏
ولم يركب الحاكم ولا نحر‏.‏
وفيها مات أبو الحسن علي بن ابراهيم النرسي نقيب الطالبيين في رابع ربيع الآخر وقد أناف على السبعين‏.‏
وفيها خطب قرواش بن المقلد بن المسيب أمير بني عقيل للحاكم بالموصل والأنبار والمدائن والكوفة وغيرها فكان أول الخطبة‏:‏ الحمد لله الذي انجلت بنوره غمرات الغضب وانهدت بعظمته أركان النصب وأطلع بقدرته شمس الحق من المغرب‏.‏
ثم بطلت الخطبة بعد شهر وأعيدت لبني العباس‏.‏





سنة 402 هـ
في المحرم قلدت الشرطتان لمحمد بن نزال وأمر بتتبع المنكرات والمنع منها وألا يباع زبيب أكثر من خمسة أرطال ولا تباع الجرار‏.‏
ومنع النصارى من الاجتماع في عيد الصليب وأن يظهروا في المضي إلى الكنائس‏.‏
وأوفى النيل ستة عشر ذراعا في رابع عشر صفر وهو سادس عشر توت‏.‏
وفي تاسع ربيع الآخر خلع على غين الخادم وقلد بسيف وقرئ سجله بأنه لقب بقائد القواد فليكاتب بذلك ويكاتب به وقيد معه عشرة أفراس بسروجها ولجمها‏.‏
وهدمت اللؤلؤة‏.‏
وفي جمادى الآخرة منع بيع قليل الزبيب وكثيره وكوتب بالمنع من حمله وألقى في النيل منه شيء كثير‏.‏
وفي رجب قطع الرسم الجاري من الخبز والحلوى الذي كان يقام في الثلاثة أشهر لمن يبيت بجامع القاهرة في ليالي الجمع والأنصاف‏.‏
وحضر القاضي مالك إلى جامع القاهرة في ليلة النصف من رجب‏.‏
واجتمع الناس بالقرافة على عادتهم في كثرة اللعب والمزاح‏.‏
وقرئ سجل في القصر بأن أحداً لا يلتمس من أمير المؤمنين زيادة رزق ولا صلة ولا إقطاع ولا غير ذلك من المنافع‏.‏
واستهل شعبان يوم الاثنين فأمر أن يجعل أوله يوم الثلاثاء وأخذ جميع ما عند التجار من السلاح بثمنه للخزانة‏.‏
ومنع النساء من الخروج بعد العشاء الآخرة‏.‏
وفي ليلة النصف من شعبان كثر إيقاد القناديل في المساجد وتنافس الناس في ذلك‏.‏
وصلى مالك بن سعيد بالناس صلاة العيد‏.‏
وتشدد الأمر في الإنكار على بيع الفقاع والملوخية والسمك الذي لا قشر له‏.‏
ومنع الناس من الاجتماع في المآتم ومن اتباع الجنائز‏.‏
وأحرق زبيب كثير كان في محارق التجار‏.‏
وجمع الشطرنج من أماكن متعددة وأحرق‏.‏
وجمع الصيادون وحلفوا أنهم لا يصطادون سمكا بغير قشر ومن فعل ذلك ضربت رقبته وتوالى إحراق الزبيب عدة أيام بحضرة الشهود وتولى مؤنة الإنفاق على حمله وإحراقه متولى ديوان النفقات فأحرق منه ألفان وثمانمائة وأربعون قطعة بلغت مؤنة الإنفاق وقرئ سجل بمنع الناس من السفر إلى مكة في البر والبحر ومن حمل الأمتعة والأقوات إليها فرد قوم خرجوا إلى الحج من الطريق‏.‏
ومرض غين الخادم فركب الحاكم لعيادته وسير إليه خمسة آلاف دينار وخمسة وعشرين فرسا مسرجة ملجمة وقلد الشرطة والحسبة بمصر والقاهرة والجزيرة والنظر في جميع الأموال والأحوال‏.‏
ونزل إلى الجامع العتيق ومعه سائر العسكر بخلعه وقرئ سجله وفيه تشدده في المسكرات والمنع من بيع الفقاع والملوخية والسمك الذي لا قشر له والمنع من الملاهي ومن اجتماع الناس في المآتم واتباع الجنائز والمنع من بيع العسل إلا أن يكون ثلاثة أرطال فما دونها‏.‏
وفي ذي الحجة وردت هدية تنيس على العادة في كل سنة‏.‏
ولم يركب الحاكم لصلاة عيد النحر فصلى بالناس مالك بن سعيد وخطب‏.‏
ولم يخرج من النساء إلى الصحراء فلم تر امرأة على قبر‏.‏
ومنع من الاجتماع على شاطىء النيل ومن ركوب النساء المراكب مع الرجال وخروجهن إلى مواضع الحرج مع الرجال‏.‏
وفيه عمل عيد الغدير على رسمه وفرقت فيه دراهم كثيرة‏.‏
ومنع من بيع العنب وألا يتجاوز في بيعة أربعة أرطال ومنع من اعتصاره فبيع كل ثمانية أرطال بدرهم وطرح كثير منه في الطرقات وأمر بدوسه ومنع من بيعه ألبتة وغرق ما حمل منه في النيل‏.‏
وبعث شاهدين إلى الجيزة فأخذ جميع ما على الكروم من الأعناب وطرحت تحت أرجل البقر لدوسه وبعث بذلك إلى عدة جهات‏.‏
وتتبع من يبيع العنب واشتد الأمر فيه بحيث لم يستطع أحد بيعه فاتفق أن شيخا حمل خمرا له على حمار وهرب فصدفه الحاكم عند قائلة النهار على جسر ضيق فقال له‏:‏ من أين أقبلت قال من أرض الله الضيقة‏.‏
فقال‏:‏ يا شيخ أرض الله ضيقة فقال‏:‏ لو لم تكن ضيقة ما جمعتني وإياك على هذا الجسر‏.‏
فضحك منه وتركه‏.‏
وفيها أخذ بنو قرجه هدية باديس بن المنصور صاحب إفريقية وزحفوا إلى برقة ففر عاملها في البحر وفتحوها‏.‏
وفيه نزع السعر‏.‏
وفيها مات أبو القاسم ولى الدولة ابن خيران الكاتب في شهر رمضان‏.‏
وانتهى ماء النيل في زيادته إلى ستة عشر ذراعا ونصف ذراع‏.‏
<p>




سنة 403 هـ
في محرم ختم على مخازن العسل وجميع ما عند التجار والباعة منه ورفعت مكوس الساحل‏.‏
ومنع الناس من عمل حزن عاشوراء‏.‏
وغرق في أربعة أيام خمسة آلاف وواحد وخمسون زيراً من أزيال العسل‏.‏
ونزع السعر وكثر الازدحام على الخبز ففرق الحاكم مالاً على الفقراء‏.‏
وكثر ابتياع الناس للسيوف والسكاكين والسلاح وحمله من لم يحمله قط من العوام والصناع وكثر الكلام فيه فقرئ سجل على منابر الجوامع بتطمين الناس وإعراضهم عن سماع أقوال المرجفين‏.‏
وفي ثاني ربيع الأول خلع على أبي الحسن علي بن جعفر بن فلاح ولقب قطب الدولة وقرئ له سجل بالتقدم على سائر الكتاميين والنظر في أحوالهم والسفارة بينهم وبين أمير المؤمنين‏.‏
وحمل على فرس وبين يديه ثياب‏.‏
وهلك زرعة بن عيسى بن نسطورس من علته في ثاني عشره فكانت مدة نظره في الوساطة سنتين وشهرا فتأسف الحاكم على فقده من غير قتل وقال ما أسفت على شيء قط أسفي على خلاص ابن نسطورس من سيفي وكنت أود ضرب عنقه لأنه أفسد دولتي وخانني ونافق علي وكتب إلى حسان بن الجراح في المداجاة علي وأنه يبعث من يهرب به إليه‏.‏
وخلع على إخوته الثلاثة وأقروا على ما بأيديهم من الدواوين‏.‏
وأمر النصارى إلا الحبابرة بلبس العمائم السود والطيالسة السود وأن يعلق النصارى في أعناقهم صلبان الخشب ويكون ركب سروجهم من خشب ولا يركب أحد منهم خيلا وأنهم يركبون البغال والحمير وألا يركبوا السروج واللجم محلاةً وأن تكون سروجهم ولجمهم بسيور سود وأنهم يشدون الزنانير على أوساطهم ولا يستعملون مسلما ولا يشترون عبدا ولا أمة وأذن للناس في البحث عنهم وتتبع آثارهم في ذلك فأسلم عدة من النصارى الكتاب وغيرهم‏.‏
وشدد الأمر عليهم ومنع المكاريون من تركيبهم وأخذوا بتسوية السروج والخفاف ومنعوا من ركوب النيل مع نواتية مسلمين‏.‏
واستدعى الحاكم حسين بن طاهر الوزان وكان منقطعا إلى غين الخادم الأسود وعرض عليه الوساطة فأجاب بشريطة أن يكون لكل قبيل من طوائف العسكر زمام عليهم يرجعون إليه ويكون نظره على الأزمة فيجعل لكل طائفة يوما ينظر في أمورهم وخاصة زمامهم فقط ففعل ذلك وخلع عليه‏.‏
وفوض في الوساطة والتوقيع وقرئ سجله بالقصر في تاسع عشر ربيع الأول‏.‏
وأمر الحاكم فنقش على خاتمه‏:‏ بنصر الله العظيم الولي ينتصر الإمام أبو علي‏.‏
وفيه أمر النصارى بعمل ركب السروج من خشب الجميز‏.‏
وقبض على جماعة بسبب اللعب بالشطرنج وضربوا وحبسوا‏.‏
وألزم النصارى أن يكون الصليب الذي في أعناقهم طوله ذراع في مثله وكثرت إهاناتهم وضيق عليهم وأمروا أن تكون زنة الصليب خمسة أرطال وأن يكون فوق الثياب مكشوفا ففعلوا ذلك‏.‏
ولما اشتدت عليهم الأمور تظاهر كثير منهم بالإسلام فوقع الأمر بهدم الكنائس وأقطعت بجميع مبانيها وبمالها من رباع وأراض لجماعة وعملت مساجد وأذن في بعضها وبيعت أوانيها‏.‏
ووجد في المعلقة بمصر وفي كنيسة بو شنوده مال جزيل من مصاغ وثياب وغيره‏.‏
وتتابع هدم الكنائس وكتب إلى الأعمال بهدمها فهدمت‏.‏
وأشيع سير أبي الفتوح أمير مكة من الرملة إلى الحجاز وكان قد قدم إليها فبايعه ابن الجراح ولقبه بالراشد بالله أمير المؤمنين ودعا له بالرملة‏.‏
وفي جمادى الأولى لقب الحسين بن طاهر الوزان بأمين الأمناء وكتب له سجل بذلك‏.‏
وظهر لحسين بن جوهر مال عظيم فأنعم به الحاكم على ورثته ولم يعرض لشيء منه‏.‏
وفي ذلك الحين كان وصول أبي الفتوح إلى مكة إقامته الدعوة للحاكم بها وضربت السكة باسمه‏.‏
وابتدأ مالك بن سعيد بعمل رصد فلم يتم‏.‏
وفي جمادى الآخرة اشتد الإنكار بسبب الفقاع والزبيب والسمك‏.‏
وقبض على جماعة فاعتقلوا وأمر بضرب أعناقهم ثم أطلقوا‏.‏
وتشدد في منع ذبح الأبقار السالمة من العيب ومنع النساء من الغناء والنشيد‏.‏
وأقطعت الكنائس والديارات بنواحي بمصر لكل من التمسها‏.‏
وفي رجب قرئ سجل بمنع الناس من تقبيل الأرض للحاكم وبمنعهم من تقبيل ركابه ويده عند السلام عليه في المواكب والانتهاء عن التخلق بأخلاق أهل الشرك من الانحناء إلى الأرض فإنه صنيع الروم وأمروا أن يكون للسلام عليه‏:‏ السلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته‏.‏
ونهوا عن الصلاة عليه في المكاتبة والمخاطبة وأن تكون مكاتبتهم في رقاعهم ومراسلاتهم بإنهاء الحال ويقتصر في الدعاء على سلام الله وتحياته وتوالى بركاته على أمير المؤمنين ويدعى له بما سبق من الدعاء لا غير‏.‏
فلما كان يوم الجمعة لم يقل الخطيب سوى‏:‏ اللهم صل على محمد المصطفى وسلم على أمير المؤمنين علي المرتضى اللهم وسلم على أمراء المؤمنين آباء أمير المؤمنين اللهم اجعل أفضل سلامك على سرك وخليفتك‏.‏
وأنزل من القصر سبع صناديق فيها ألف ومائتان وتسعون مصحفا إلى الجامع العتيق ليقرأ فيها الناس‏.‏
وأحصيت المساجد التي لا غلة لها فكانت ثمانمائة مسجد ونيف فأطلق لها في كل شهر تسعة آلاف ومائتا درهم وعشرون درهما لكل مسجد اثنا عشر درهما‏.‏
ومنع من ضرب الطبول والأبواق التي كانت تضرب حول القصر في الليل فصاروا يطوفون بغير طبل ولا بوق‏.‏
وأنزل إلى جامع ابن طولون ثمانمائة مصحف وأربعة عشر مصحفا‏.‏
وأبطلت مكوس الحسبة وأذن للناس بالتأهب للحج في البر والبحر‏.‏
وفي رمضان صلى الحاكم بالناس مرة في جامعه براشدة ومرة بجامعه خارج باب الفتوح وفيه ظهر جراد كثير حتى أبيع في الأسواق‏.‏
وصلى بالجامع العتيق بمصر جمعة وهو أول من صلى فيه من الخلفاء الفاطميين‏.‏
ومنع النساء من الجلوس في الطرقات للنظر إليه‏.‏
وأخذ القصص بيده ووقف لأهلها وسمع كلامهم وخالطه العوام وحالوا بينه وبين موكبه‏.‏
واستماحه قوم فوصلهم بصلات كثيرة وأهدى إليه قوم مصاحف فقبلها وأجازهم عليها‏.‏
ووقف عليه اثنان من تربة عمرو بن العاص وشكوا أن حبسهما قبض عليه للديوان من أيام العزيز فخلع عليهما ووصلهما بألف دينار‏.‏
وكثرت في هذا الشهر إنعاماته فتوقف أمين الأمناء حسين بن طاهر الوزان في ذلك فكتب إليه الحاكم بخطه بعد البسملة‏:‏ الحمد لله كما هو أهله‏.‏
أصبحت لا أرجو ولا أتقي سوى إلهي وله الفضل جدّي نبيّي وإمامي أبي وديني الإخلاص والعدل المال مال الله عز وجل والخلق عباد الله ونحن أمناؤه في الأرض‏.‏
أطلق أرزاق الناس ولا تقطعها والسلام‏.‏
وركب في يوم الفطر إلى المصلى بغير شيء مما كان يظهر في هذا اليوم من الزينة والجنائب ونحوها فكان في عشرة أفراس جياد بين يديه بسروج ولجم محلاةً بالفضة البيضاء الخفيفة ومظلة بيضاء بغير ذهب وعليه بياض بغير طرز ولا ذهب ولا جوهر في عمامته ولم يفرش المنبر‏.‏
وولد لعبد الرحيم بن إلياس ابن عم الحاكم مولود فبعث إليه ثلاثة أفراس مسرجة ملجمة ومائة قطعة من الثياب وخمسة آلاف دينار عينا وسائر ما كان لأبيه أبي الأشبال المتوفي وكان شيخا جليلا‏.‏
ومنع الناس من سب السلف وضرب في ذلك رجل وشهر ونودي عليه‏:‏ هذا جزاء من سب أبا بكر وعمر وتبرأ الناس‏.‏
فشق هذا على كثير من الناس وتجمعوا يستغيثون وهم يستغيثون في الطرقات‏.‏
فقرئ سجل بالقصر فيه الترحم على السلف من الصحابة والنهي عن الخوض في مثل ذلك‏.‏
ورأى في طريقه وقد ركب لوحاً فيه سب على السلف فأنكره ووقف حتى قلع‏.‏
وتتبع الألواح التي فيها شيء من ذلك فقلعت كلها ومحى ما كان على الحيطان منها حتى لم يبق لها أثر‏.‏
وشدد في الإنكار على من خالف ذلك ووعد عليه بالعقوبة‏.‏
وسارت قافلة الحاج في رابع عشر ذي القعدة إلى بركة الجب ثم رجعوا من ليلتهم‏.‏
وخلع على قطب الدولة أبي الحسن على بن فلاح وسار في عسكر لقتال ابن الجراح‏.‏
وأملك ابنا عبد الرحيم بن إلياس بزوجتي حسين بن جوهر وقرئ كتابهما في القصر وقد كتبا في ثوب مصمت وفي رأس كل منهما بخط الحاكم‏:‏ يعقد هذا النكاح بمشيئة الله وعونه والحمد لله رب العالمين وحسبنا الله ونعم الوكيل‏.‏
وخلع على ابني عبد الرحيم وحمل عنهما المهر وهو ألفا وصلى الحاكم بالناس صلاة عيد النحر كهيئته في عيد الفطر ونحر عنه عبد الرحيم والمؤذنون يكبرون خلفه كما يفعلون بين يدي الحاكم والقاضي مالك إلى جنبه ومعه الرمح وكلما رمى الرمح لينحر به قبله قبل أن ينحر به فعل ذلك ثمانية أيام فعبث إليه الحاكم ثياباً جليلة وجواهر ثمينة وحمله على فرس بسرج مرصع بالجوهر‏.‏
وواصل الحاكم الركوب إلى الصحراء بحذاء في رجله وعلى رأسه فوطة‏.‏
وكان يركب كل ليلة بعد المغرب‏.‏
ووقف إليه خراساني يذكر أنه أخذ منه متاع برسم الخزانة ولم يدفع إليه ثمنه فدفع إليه جميع ما كان له وهو نحو خمسة آلاف دينار فشق به البلد وكثر الدعاء للحاكم‏.‏
وحمل إلى عبد الرحيم عشرة ألاف دينار في أكياس مكتوب عليها‏:‏ لابن عمنا وأعز الخلق علينا عبد الرحيم بن إلياس بن أحمد بن المهدي بالله سلمه الله وبلغنا فيه ما نؤمله‏.‏
وبعث إلى ملك الروم هدية مبلغ سبعة آلاف دينار‏.‏
وفيها وصلت هدية الحاكم إلى نصير الدولة أبي مناد مع عبد العزيز بن أبي كدينة لثلاث عشرة خلت من المحرم ومعه سجل بإضافة برقة وأعمالها إليه فخرج إلى لقائه ومعه القضاة والأعيان فكان يوماً مشهودا‏.‏
وفي أواخر رجب فلج أبو الفتوح يوسف بن عبد الله بن أبي الحسين أمير صقلية فتعطل جانبه الأيسر فقام بالأمر ابنه أبو محمد جعفر بن يوسف وكان بيده سجل الحاكم بولايته بعد أبيه ثم وصل إليه سجل لقب فيه تاج الدولة وسيف الملك‏.‏
ثم أنفذ إليه تشريف وعقد له لواء وزيد في لقبه الملك‏.‏
وفي ذي القعدة مات مفرج بن دغفل بن الجراح برملة لد من فلسطين‏.‏
<p>




سنة 404 هـ


في محرم : أمر ألا يدخل يهودي ولا نصراني الحمام إلا ويكون مع اليهودي جرس ومع النصارى صليب‏.‏
ونهى عن الكلام في النجوم فتغيب عدة من المنجمين وبقي منهم جماعة وطردوا وحذر الناس أن يخفوا أحداً منهم فأظهر جماعة منهم التوبة فعفى عنهم وحلفوا ألا ينظروا في النجوم‏.‏
وأمر بغلق سائر الدواوين وجميع الأماكن التي تباع فيها الغلال والفواكه وغيرها ثلاثة أيام من آخر حزن عاشوراء فلما كان يوم عاشوراء أغلقت سائر حوانيت مصر والقاهرة بأسرها إلا حوانيت الخبازين‏.‏
ونزل الذين عادتهم النزول في يوم عاشوراء إلى القاهرة من المنشدين وغيرهم أفراداً غير مجتمعين ولا متكلمين فما اجتمع اثنان في موضع‏.‏
وخرج الحاكم في أمره وبذيله وأكثر الحاكم في هذا الشهر من الصدقات وإعطاء الأموال الكثيرة جدا‏.‏
وأعتق سائر مماليكه وجواريه‏.‏
وفتح فيه الخليج يوم السابع عشر من مسرى والماء على أربعة عشر ذراعا وثمانية أصابع‏.‏
وفي أول صفر صرف القائد غين عن الشرطتين والحسبة وتقلدها مظفر الصقلبي حامل المظلة‏.‏
وأذن لليهود والنصارى في مسيرهم إلى حيث ساروا من بلاد الروم‏.‏
وورد الخبر بوصول عساكر مصر ودمشق إلى الرملة وخروج العرب منها‏.‏
وأمر ببناء جامع الإسكندرية وأطلق مالا كثيرا للصدقة والتفرقة‏.‏
وفيه جمع سائر الناس على اختلافهم بالقصر وقرئ عليهم سجل بأن أبا القاسم عبد الرحيم بن إلياس بن أبي علي بن المهدي بالله أبي محمد عبيد الله قد جعله الحاكم بأمر الله ولي عهد المسلمين في حياته والخليفة بعد وفاته وأمر الناس بالسلام عليه وأن يقولوا له في سلامهم عليه‏:‏ السلام على ابن عم أمير المؤمنين وولي عهد المسلمين وتعين له محل يجلس فيه من القصر‏.‏
ثم قرئ السجل على منابر البلد وبالإسكندرية وبعث بذلك سجلاً إلى إفريقية فقرئ بجامع القيروان وغيره وأثبت اسمه مع اسم الحاكم في البنود والسكة والطراز‏.‏
فعظم ذلك على نصير الدولة أبي مناد باديس وقال‏:‏ لولا أن الإمام لا يعترض عليه في تدبير لكاتبته ألا يصرف هذا الأمر وخلع على عبد الغني بن سعيد ودفع له ألف وخمسمائة دينار وخمس عشرة قطعة ثياب وحمل على بغلة ولرفيقه مثل ذاك‏.‏
وسير مع رسول متملك الروم بهدية عظيمة‏.‏
وبلغ الحاكم أن أبا القاسم علي بن أحمد الزيدي النقيب عليه عشرون ألف دينار فوقع له بها مما عليه من الخراج وبعث له بثلاثة آلاف دينار أخرى‏.‏
وكثر ركوب الحاكم وهو بدراعة صوف وبيضاء وعمامة فوطة وفي رجله حذاء عربي بقبالين فأقبل الناس إليه بالرقاع ما بين متظلم أو مستمنح فأجزل في الصلات والعطايا ما بين دور ودراهم وثياب فلم يرد أحد خائبا‏.‏
ورد ما كان في الديوان من الضياع والأملاك المأخوذة لأربابها وأقطع كثيرا من الناس عدة آدر‏.‏
وفي ربيع الأول بسط الحاكم يده بالعطاء‏.‏
وفي ثامن عشر ربيع الآخر أمر الحاكم بقطع يدي أبي القاسم أحمد بن علي الجرجرائي فقطعتا جميعاً وهو يومئذ كاتب قائد القواد غين‏.‏
وسبب ذلك أنه كان في خدمة ست الملك أخت الحاكم فانفصل عنها وهي غير راضية عنه وخدم عند غين ثم بعث إليها رقعة يستعطفها فارتابت منه وسيرتها في طي درجها إلى الحاكم فأمر بقطع يديه وقد اشتد غيظه‏.‏
ويقال بل كان عقيل صاحب الخبر يحمل الرقاع بالخبر إلى القائد غين ليوصلها إلى الحاكم وهي مختومة فجاءه في يوم بالرقاع على عادته فدفعها غين إلى كاتبه أبي القاسم الجرجرائي حتى يجد فراغا فيحملها إلى الحاكم ففك الجرجرائي الختم وقرأها فإذا في بعضها طعن على غين وذكره بسوء فقطع ذلك الموضع من الرقعة وحكه وأصلحه وأعاد الختم‏.‏
فبلغ ذلك عقيلا فأوصله إلى الحاكم فأمر بقطع يديه‏.‏
وفي ثالث جمادى الأولى قطعت يد غين بعد قطع يد كاتبه الجرجرائي بخمسة عشر يوماً وكانت يده الأخرى قد قطعت قبل ذلك بثلاث سنين وشهر فصار مقطوع اليدين‏.‏
ثم إن الحاكم بعث إليه بآلاف من الذهب وعدة أسفاط من الثياب وأمر بمداواته‏.‏
وأبطل عدة مكوس من جهات كثيرة‏.‏
فلما كان في ثالث عشره أمر بقطع لسان غين فقطع‏.‏
وفي رجب أمر برفع ما يؤخذ من الشرطتين وقتل الكلاب فقتلت بأجمعها وأبطل مكس الرطب ومكس دار الصابون ومبلغه ستة عشر ألف دينار وأطلق أموالا جزيلة للصدقة‏.‏
وأكثر من الركوب في الليل‏.‏
ونزل ليلة النصف من شعبان إلى القرافة ومشى فيها وتصدق بشيء كثير وأبطل عدة جهات من جهات المكس‏.‏
ومنع النساء أن يخرجن إلى الطرقات في ليل أو نهار سواء أكانت المرأة شابةً أم عجوزاً فاحتبسن في بيوتهن ولم تر امرأة في طريق وأغلقت حماماتهن وامتنع الأساكفة من عمل خفاف النساء وتعطلت حوانيتهم‏.‏
وفي سادس عشره وقع في الناس خوف وفزع من شناعة القول وكثرة إشاعته بأن السيف قد وقع في الناس فتهارب الناس وغلقت الحوانيت فلم يكن سوى القلب‏.‏
وضرب قوم خالفوا النهي عن بيع الملوخية والسمك الذي لا قشر له وشهروا‏.‏
وضرب كثير من النساء من أجل خروجهن من البيوت وحبسن‏.‏
وقرئ سجل بالمنع من تفتيش المسافرين في البحر والبر وانهي عن التعرض‏.‏
وفي رمضان صلى بالناس في الجوامع الأربعة‏:‏ جامع القاهرة والجامع خارج باب الفتوح وجامع عمرو وجامع راشدة وتصدق بأموال كثيرة ودعا فوق المنابر بنفسه لعبد الرحيم بن إلياس فقال‏:‏ اللهم استجب منى في ابن عمي وولي عهدي والخليفة من بعدي عبد الرحيم بن إلياس بن أحمد بن المهدي بالله أمير المؤمنين كما استجبت من موسى في أخيه هرون‏.‏
وفيه ركب قائد القواد غين إلى القصر في موكب عظيم فخلع عليه‏.‏
وضرب على السكة اسم عبد الرحيم ولي عهد المسلمين‏.‏
ومنع من عادته الطواف في الأعياد بالأسواق لأخذ الهبات من الرجالة والبواقين‏.‏
واجتمع الأولياء وغيرهم بالقصر في يوم الخميس ثامن عشريه لسماع ما يقرؤه القاضي من كتب مجالس الحكم فمنعوا من ذلك‏.‏
وركب لصلاة الجمعة بجامع القاهرة فازدحم الناس عليه بعد ركوبه من الجامع إلى القصر فوقف لهم وأخذ رقاعهم وحادثهم وضاحكهم فلم يرجع إلى القصر من كثرة وقوفه ومحادثته العوام إلى غروب الشمس ووقع صلات كثيرة‏.‏
وركب لصلاة العيد بغير زي الخلافة ومظلته بيضاء وعبد الرحيم يسايره وهو حامل الرمح الذي من عادة الخليفة حمله وأصعده معه المنبر ودعا له‏.‏
ولم يعمل في القصر سماط ولا رؤيت امرأة ولا أبيع شيء مما عادته يباع في الأعياد من اللعب والتماثيل‏.‏
واشتد الأمر في منع النساء من الخروج وحبس عدة عجائز وخدم وجدن في الطرقات‏.‏
وواصل الركوب في الليل‏.‏
وأطلق لخليج الإسكندرية خمسة عشر ألف دينار‏.‏
وقرئ سجل بأن كل من كانت له مظلمة فليرفعها إلى ولي العهد فجلس عبد الرحيم ورفعت إليه الرقاع فوقع عليها‏.‏
وللنصف من ذي القعدة سار الحاج‏.‏
وفي يوم النحر ركب عبد الرحيم بالعساكر إلى المصلى فصلى بالناس وخطب ونحر بالمصلى وبالملعب ولم يعمل سماط بالقصر‏.‏
وواصل الحاكم الركوب في العشايا‏.‏
واصطنع خادما وكاتبا أسود كناه بأبي الرضا سعد وأعطاه من الجواهر والأموال ما يجل وصفها وأقطعه إقطاعات كثيرة فقصده الناس لحوائجهم ولزموا بابه لمهماتهم فتكلم لهم مع الحاكم فلم يرد سؤاله في شيء‏.‏
وكان مما يسأل فيه إقطاعات للناس تتجاوز خمسين ألف دينار‏.‏
وفيه بعث أبو مناد باديس أمير إفريقية حميد بن تموصلت على عسكر إلى برقة فخرج منها


سنة 405 هـ



في المحرم تزايد وقوع النار وكثر الحرق في الأماكن فأمر الناس باتخاذ القناديل على الحوانيت وعلى أريافها وطرحت السقائف والرواشن وأمر بقتل الكلاب فقتل منها كثير‏.‏
وعظم الحريق ووقعت في أمره شناعات من القول فقرئ سجل في الجوامع بزجر السفهاء والكف عن أحوال تفعل وأن يدخل الناس إلى دورهم من بعد صلاة العشاء‏.‏
فأغلقت الدور والحوانيت والدروب من بعد صلاة المغرب وكثر الكلام وعظم الترحم في الليل‏.‏
وفيه وصل علي بن جعفر بن فلاح من الشام‏.‏
ووصلت قافلة الحاج في تاسع صفر من غير زيارة المدينة وقد أصابهم خوف شديد وهلك منهم خلق كثير من الجوع والعطش‏.‏
وفيه ركب الحاكم مرتين فرفعت إليه الرقاع فأمر برافعيها فحبسوا‏.‏
وحبس عدة قياسر وأملاك مع سبع ضياع بإطفيح وطوخ على القراء والمؤذنين بالجوامع وعلى ملء المصانع والمارستان وثمن الأكفان‏.‏
وفي ربيع الأول واصل الركوب وأخذ الرقاع ووقف مع الناس طويلا ثم امتنع من أخذ الرقاع وأمر أن ترفع إلى عبد الرحيم وإلى القاضي مالك وإلى أمين الأمناء فتناولوا الرقاع‏.‏
وأكثر من فلما كان يوم السبت سادس عشري ربيع الآخر ركب في الليل على رسمه إلى الجب وتلاحق به الناس وفيهم قاضي القضاة مالك بن سعيد فلما أقبل على الحاكم أعرض عنه فتأخر وإذا بصقلبي يقال له غادى يتولى الستر والحجية أخذه وسار به إلى القصور وألقاه مطروحا بالأرض فمر به الحاكم وأمر بمواراته فدفن هناك بثيابه وخفيه‏.‏
وكانت مدة نظره في الأحكام عشرين سنة منها ست سنين وتسعة أشهر قاضي القضاة وباقيها خلافة لبني النعمان‏.‏
وكان ينظر في القضاء والمظالم والأحباس والدعوة ودار الضرب ودار العيار وأمر الأضياف فعلت منزلته وقصده الناس في حوائجهم لكثرة اختصاصه بالحاكم وتزايد إقطاعاته من الدور بفرشها والضياع العديدة ومواصلة الركوب مع ليلا ونهارا ومشاورته في أمور الدولة ونظره في أمور الدواوين كلها‏.‏
وكان سخياً جواداً فصيحا بليغاً لم يضبط عليه قط صياح ولا حدة ولا سمعت منه في خطاباته أبداً كلمة فيها فحش ولا قذع ولا قبح‏.‏
وكان سبب قتله أنه اتهم بموالاة سيدة الملك ومراعاتها وكان الحاكم قد انفلق منها فلما قتل استدعى الحاكم أولاده وخاطبهم ولم يتعرض لشيء من تركة أبيهم وأمر ابنه أبا الفرج أن يركب في الموكب وأقره على إقطاعه ومبلغه في السنة خمسة عشر ألف دينار‏.‏
وفي جمادى الأولى رد الحاكم على بني عمرو بن العاص حبس جدهم عمرو بن العاص ومبلغه وتزايد ركوب الحاكم حتى كان يركب في اليوم الواحد عدة مرات وعظمت هباته وعطياته‏.‏
ثم أمر بابتياع الحمير وصار يركبها من تحت السرداب إلى باب البستان إلى المقس ويغلق الأبواب التي يتوصل منها إلى المقس وقت ركوبه ومنع الناس من الخروج إلى هذه المواضع‏.‏
وفي جمادى الآخرة قدم رسول ملك الروم فاصطفت العساكر من باب القصر إلى سقاية ريدان بعددها وأسلحتها وركب الحاكم بصوف أبيض وعمامة مفوطة بمظلة مثلها وولي العهد يسايره وعليه ثوب مثقل ومعهم الجواهر‏.‏
وأحضر الرسول ومعه عبد الغني بن سعيد بهدية إلى القصر فخلع على عبد الغني وأنزل الرسول في دار بالقاهرة وبلغ الحاكم أن ثلاثة من الركابية أخذوا هبة من الرسول فأمر بقتلهم فقتلوا من أجل ذلك‏.‏
وفي جمادى الآخرة ركب الحاكم ومعه أمين الأمناء الحسين بن طاهر الوزان على رسمه فلما انتهى إلى حارة كتامة خارج باب القاهرة أمر فضربت رقبة ابن الوزان ودفن مكانه‏.‏
فكانت مدة نظره في الوساطة سنتين وشهرين وعشرين يوما وكان توقيعه عن الحاكم‏:‏ الحمد لله وعليه توكلي‏.‏
وتقدم الأمر لسائر أرباب الدواوين بلزوم دواوينهم‏.‏
واعتل الحاكم أياما فركب على حمار بشاشية مكشوفة وأكثر من الحركة في العشيات إلى المقس والتعدية إلى الجيزة وهو على الحمار‏.‏
وأكثر من الركوب في النيل‏.‏
وفي حادي عشر شعبان أمر أصحاب الدواوين بأن يمتثلوا ما يرسم به عبد الرحيم بن أبي السيد الكاتب متولي ديوان النفقات وأخوه أبو عبد الله الحسين وجعلا في الوساطة والسفارة ثم قرئ لهما سجل بذلك وخلع عليهما وحملا فوقعا وكان توقيعهما‏:‏ الحمد لله حمدا يرضاه‏.‏
وفي حادي عشريه خلع على أبي العباس أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي العوام وأعطى سجلاً بتقليده قضاء القضاة وحمل على بغلة بسرج ولجام مصفح بالذهب وقيد بين يديه بغلة أخرى ونزل إلى الجامع فقرئ سجله على المنبر وفيه‏:‏ فقلدك أمير المؤمنين القضاة والصلاة والخطابة بحضرته والحكم فيها وراء حجابه من القاهرة المعزية ومصر وأعمالها والإسكندرية والحرمين وبرقة والمغرب وصقلية مع الإشراف على دور الضرب بهذه الأعمال والنظر في أحباس الجوامع والمساجد وأرزاق المرتزقة ووجوه البر وتستخلف على الحكم‏.‏
ونقل ديوان الحكم من بيت مالك بن سعيد إلى بيت المال بالجامع العتيق وهو أول من فعل ذلك من القضاة‏.‏
وكانت دواوين الحكام في دورهم فجعلها بالجامع وجعل جلوسه بالجامع العتيق يومي الاثنين والخميس وبالقاهرة يوم الثلاثاء ولحضور القصر يوم السبت‏.‏
وفي يوم الجمعة رابع رمضان ركب ولي العهد فصلى بالجامع الأنور الجديد بباب الفتوح في موكب الخلافة ثم صلى جمعة أخرى بجامع القاهرة ثم جمعتين بالجامع الجديد‏.‏
وفيه كثرت صلات الحاكم ومواهبه وإقطاعاته للناس حتى خرج في ذلك عن الحد‏.‏
وركب ولي العهد يوم الفطر في موكب الخلافة وصلى بالناس في المصلى وخطب‏.‏
وخرج الحاكم عن المعهود في العطاء والإقطاعات حتى أقطع النواتية الذين يجدفون به في العشاري وأقطع المشاعلية وكثيرا من الوجوه والأقارب وبني قرة فكان مما أقطع الإسكندرية والبحيرة ونواحيها‏.‏
[font:5e
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحاجة
عضو فعال



عدد المساهمات : 657
تاريخ التسجيل : 16/11/2011

الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله   الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله Icon_minitimeالأربعاء يونيو 13, 2012 10:59 pm

وفي نصفه قتل ابنا أبي السيد حسين وعبد الرحيم ضربت أعناقهما بالقصر فكانت مدة نظرهما اثنين وتسعين يوما‏.‏
وواصل الركوب في كل غداة وهو على الحمار‏.‏
وقرئ سجل بأن يكون ما يرفعه الناس من حوائجهم في ثلاثة أيام يوم السبت للكتاميين والمغاربة ويوم الاثنين للمشارقة ويوم الخميس لسائر الناس كافة وأن يتجنبوا لقاء أمير المؤمنين ليلاً ونهاراً بالرقاع فما يتعلق بالمظالم فإلى ولي العهد وما يتعلق بالدعاوى فإلى قاضي القضاة وما استصعب من ذلك ينتهي إلى أمير المؤمنين‏.‏
وفي سابع عشره تقلد أبو العباس فضل بن جعفر بن الفرات الوساطة ولم يخلع عليه فجلس ووقع ثم قتل في اليوم الخامس من جلوسه‏.‏
وتشدد الأمر في منع النساء من الخروج في الطرقات ومن التطلع في الطيقان بأسرهن شبابهن وعجائزهن‏.‏
ومنع مؤذنو القصر وجامع القاهرة من قولهم بعد الأذان‏:‏ السلام على أمير المؤمنين وأن يقولوا بعد الأذان‏:‏ السلام من الله‏.‏
وفيه غلب بنو قرة على الإسكندرية وأعمالهما‏.‏
وأقطع القاضي ابن أبي العوام ناحية تلبانة عدي‏.‏
وأكثر الحاكم فيه من الركوب فركب في يوم واحد ست مرات تارة على فرس وأخرى على حمار ومرة في محفة تحمل على الأعناق ومرة في عشارى في النيل بشاشية لا عمامة عليها‏.‏
وأكثر من إقطاع الإقطاعات للجند وعبيد الشراء‏.‏
واستمر على مواصلة الركوب إلى ليلة النحر قرب العشاء وشق البلد والطرادون يفرقون الناس عنه‏.‏
وصلى ولي العهد صلاة عيد النحر ولم يضح بشيء ونهى الناس عن ذبح البقر‏.‏
وفيه قلد ذو الرياستين قطب الدولة أبو الحسن علي بن جعفر بن فلاح الوساطة والسفارة‏.‏
وفيها بعث نصير الدولة أبو مناد باديس من إفريقية هدية عظيمة إلى الغاية للحاكم بأمر الله فوصلت إلى مدينة برقة لأربع عشرة بقيت من رجب وسارت منها في سابع رمضان حتى ولت لك فأخذها بنو قرة عن آخرها‏.‏
وكانوا قد انتجعوا مع كبيرهم مختار بن قاسم من البحيرة ومعهم مواشيهم وقصدوا مدينة برقة ففر منها حميد بن تموصلت إلى إفريقية فملك برقة مختار بن قاسم‏.‏
وفيها بعث الحاكم عبد العزيز بن أبي كدينة ومعه أبو القاسم بن حسن إلى إفريقية بخلع وسيول وتشريف لمنصور بن نصير الدولة أبي مناد باديس لولاية ما يتولاه أبوه في حياته وبعد وفاته ولقبه عزيز الدولة‏.
سنة ست وأربعمائة
فيها عرض الاستيمار على الحاكم بأسماء الفقهاء والقراء والمؤذنين بالقاهرة ومصر فكانت جملته في كل سنة واحداً وسبعين ألفا وسبعمائة وثلاثة وثلاثين دينارا وثلثي وربع دينار فأمضى جميع ذلك‏.‏
وفيها زاد ماء النيل وغرق الضياع وغلت الأسعار وهلكت البساتين وامتلأ كل مكان من المدينة وغرق المقياس وانتهت الزيادة إلى ثلاث أصابع من إحدى وعشرين ذراعا وبلغ الماء إلى نصف النخل مما يلي بركة الحبش وغرق المعتوق‏!‏‏.‏
ولم يبق طريق يسلك إلى القاهرة إلا من الشارع والصحراء‏.‏
سنة ثمان وأربعمائة
قدم مصر داع عجمي اسمه محمد بن اسماعيل الدرزي واتصل بالحاكم فأنعم عليه‏.‏
ودعا الناس إلى القول بإلهية الحاكم فأنكر الناس عليه ذلك ووثب به أحد الأتراك ومحمد في موكب الحاكم فقتله وثارت الفتنة فنهبت داره وغلقت أبواب القاهرة‏.‏
واستمرت الفتنة ثلاثة أيام قتل فيها جماعة من الدرزية وقبض على التركي قاتل الدرزي وحبس ثم قتل‏.‏
ثم ظهر داع آخر اسمه حمزة بن أحمد وتلقب بالهادي وأقام بمسجد تبر خارج القاهرة ودعا إلى مقالة الدرزي وبث دعاته في أعمال مصر والشام وترخص في أعمال الشريعة وأباح الأمهات والبنات ونحوهن وأسقط جميع التكاليف في الصلاة والصوم ونحو ذلك‏.‏
فاستجاب له خلق كثير فظهر من حينئذ مذهب الدرزية ببلاد صيدا وبيروت وساحل الشام سنة تسع وأربعمائة
في آخر شوال ركب الوزير علي بن جعفر بن فلاح إلى البرك التي قبل الخليج خارج القاهرة فثار عليه فارسان فأخذه أحدهما فألقاه وفرا فلم يعرف خبرهما وحمل إلى داره فمات من الأخذ‏.‏
وولى الوزارة بعده الظهير صاعد بن عيسى بن نسطورس فأقام إلى رابع ذي الحجة‏.‏
وقيل تولى بعده شمس الملك مسعود بن طاهر الوزان‏.‏
وفيها عزل الحاكم سديد الدولة عن دمشق ووليها عبد الرحيم بن إلياس وسار إليها لعشرين من جمادى الآخرة فبينما هو قصره إذ هجم عليه قوم ملثمون فقتلوا جماعةً من غلمانه ثم أخذوه ووضعوه في صندوق وحملوه إلى مصر‏.‏
فلم يكن بها أكثر من شهرين ثم أعيد إلى دمشق فأقام بها ليلة العيد‏.‏
وورد من مصر رجل يقال له أبو الداود المغربي ومعه جماعة وأخرجوا عبد الرحيم وضربوا وجهه وأصبح الناس يوم العيد وليس لهم من يصلي بهم‏.‏
وعجب الناس من هذه الأمور‏.‏
وفيها سومح ضامن الصعيد الأعلى بما عليه وهو أربعة وستون ألف دينار وسبعمائة وخمسة وستون دينارا‏.‏
سنة عشر وأربعمائة
فيها اشتد الغلاء بديار مصر حتى أبيع الدقيق رطلا بدرهم واللحم أربع أواق بدرهم ومات كثير من الناس بالجوع‏.‏
وبلغت عدة من مات في مدة رمضان وشوال وذي القعدة مائتي ألف وسبعين ألفا سوى الغرباء وهم أكثر من ذلك

سنة 411 هـ
سير الحاكم بأمر الله أبا القاسم بن اليزيد إلى شرف الدولة الحاكمية أبي تميم المعز بن نصير الدولة أبي مناد باديس ومعه سيف مكلل بنفيس الجوهر وخلعة من سنة إحدى عشرة وأربعمائة فقدم المنصورية لست بقين من صفر سنة إحدى عشرة‏.‏
وتلقاه شرف الدولة ونزل إليه فقرأ عليه سجلاً عظيما فكانت أيام فرح‏.‏
ثم ورد بعده محمد بن عبد العزيز بن أبي كدينة بسجل آخر ومعه خمسة عشر علما منسوجة بالذهب فخلع على أبي القاسم ومحمد وحملا وطيف بهما في القيروان والأعلام المذكورة بين أيديهما‏.‏
-------------------------------
مقتل الحاكم :
ولليلتين بقيتا من شوال سنة إحدى عشرة وأربعمائة فقد الحاكم‏.‏
وسبب فقده أن أخته ست الكل سلطانة كانت امرأة حازمة وكانت أسن منه فدار بينها وبينه يوما كلام فرماها بالفجور وقال لها‏:‏ أنت حامل‏.‏
فراسلت سيف الدين حسين بن علي بن دواس من مقدمي كتامة وكان قد تخوف من الحاكم وتواعدا على قتل الحاكم وتحالفا عليه‏.‏
فأحضرت ست الكل عبدين وحلفتهما على كتمان الأمر ودفعت إليهما ألف دينار ليقتلا الحاكم‏.‏
فأصعد إلى الجبل في الليل وكان الحاكم قد رأى أن عليه قطعا فلما كان في الليلة التي فيها قال لأمه‏:‏ علي قطع في هذه الليلة وعلامة ذلك ظهور كوكب الذنابة ودفع إليهما خمسمائة ألف دينار ذخيرة لها فمنعته من الركوب ونام‏.‏
ثم انتبه آخر الليل وقام ليركب فتعلقت به فامتنع ومضى وركب الحمار إلى باب القاهرة ففتح له أبو عروس صاحب الشرطة الباب وأغلقه خلفه وخرج متبعا له‏.‏
قال‏:‏ فسمعته يقول‏:‏ ظهر والله الكوكب ولم يكن معه سوى ركابي وصبي يحمل دواته‏.‏
فعارضه وسط الجبل سبع فوارس من بني قرة فخدموه وسألوه الأمان وأن يسعفهم بما يصلح شأنهم فأمنهم وأمر الركابي أن يحملهم إلى الخازن يدفع إليهم عشرة آلاف درهم‏.‏
ودخل الشعب الذي كان يدخله وقد وقف العبدان له فضرباه حتى مات وطرحاه وشقا جوفه ولفاه في كساء وقتلا الصبي وغرقا حماره وحملا الحاكم في كساء إلى أخته فدفنته‏.‏
وأقامت مدة وأحضرت الوزير خطير الملك وعرفته الحال وأمرته أن يكاتب عبد الرحيم بن إلياس يستدعيه من دمشق‏.‏
فكتب إليه على لسان الحاكم يأمره بالمبادرة واستدعت ألف ألف دينار فرقتها في الأولياء وبعثت قائد السواحل‏.‏
فلما قدم عبد الرحيم عدل به إلى تنيس فقتل بها‏.‏
واضطرب الناس لغيبة الحاكم فأرسلت إليهم‏:‏ إنه أخبرني أنه يغيب سبعة أيام وإنه يواصلني بأوامره‏.‏
ورتبت رسلا يمضون عنها إلى الحاكم ويجيئون منه إليها‏.‏
ففي أثناء ذلك اشتدت شوكتها وكف الناس عن الاستقصاء في المسألة‏.‏
وأحضرت ابن دواس وواطأته على أخذ البيعة للظاهر لإعزاز دين الله بن الحاكم وأظهرته وعلى رأسه تاج جده العزيز‏.‏
وقام ابن دواس فقال لمن حضر من أهل الدولة تقول لكم مولاتنا هذا مولاكم فسلموا عليه‏.‏
وقبل ابن دواس الأرض فبايع الناس إلا غلاما تركيا كان عمل ليلا بين يدي الحاكم فإنه قال‏:‏ لا أبايع حتى أعرف خبر مولاي‏.‏
فقتل وقام ابن دواس بتدبير الأمر‏.‏
ثم إن ست الملك دست عليه وقتلته وقتلت جميع من اطلع على سرها وقتلت جماعة خافتهم‏.‏
ثم لم تطل أيامها وماتت بعد أيام‏.‏
قال ابن أبي طي لما ذكر هذا الخبر في كيفية قتل الحاكم‏:‏ وكان الحاكم شديد السطوة عظيم الهيبة جريئا على سفك الدماء‏.‏
خطب له على منابر مصر والشام وإفريقية‏.‏
وكان يتشبه بالمأمون ويقصد مقاصده واشتغل بعلوم الأوائل واعتد بعلوم النجوم وعمل له رصدا ووقف الكواكب واتخذ بيتا بالمقطم فيه عن الناس ويخلو لمخاطبة الكواكب‏.‏
وكان يركب الحمار وعليه ثياب الرهبان ووراءه غلام اسمه مفلح يحمل الدواة والسيف والورق في كيس معلق في كتفه وهو يمشي وراءه فإذا مر بسوق انهزم الناس واستتروا عنه ويطرق أبواب الحوانيت فلا ينظرون إليه إلا أن يكون لأحد منهم حاجة فإنه يقف عليه ويكتب العبد بين يديه ما يأمره به في رقعة إلى الوزير‏.‏
وكان لا يحضره الجيش إلا في الأعياد فيركب في ذلك اليوم بثيابه على الفرس‏.‏
وكان مهاباً عند أهل مملكته وكان لا يحضر مجالس الجدل ويحتجب أياما كثيرة مشتغلا بما هو فيه وكان له سعي في إظهار كلمته فبعث دعاته إلى خراسان وأقام فيها مذهب الشيعة واستجاب له عالم وكان أبو عبد الله أنوشتكين النجري الدرزي أول رجل تكلم بدعوته وأمر برفع ما جاء به السرع وسير مذهبه إلى بلاد الشام والساحل ولهم مذهب في كتمان السر لا يطلعون عليه من ليس منهم‏.‏
وكان الدرزي يبيح البنات والأمهات والأخوات‏.‏
فقام الناس عليه بمصر وقتلوه فقتل الحاكم به سبعين رجلا‏.‏
وأنفذ الدرزي إلى الحجر الأسود برجل ضربه وكسره وادعى الربوبية‏.‏
وقدم رجل يقال له يحيى اللباد ويعرف بالزوزني الأخرم فساعده على ذلك ونشط جماعة على الخروج عن الشريعة‏.‏
وركب يوما من القاهرة في خمسين رجلا من أصحابه إلى مصر ودخل الجامع بدابته وأصحابه كذلك فسلم إلى القاضي رقعة فيها‏:‏ باسم الحاكم الرحمن الرحيم فأنكر القاضي ذلك وثار الناس بهم وقتلوهم وشاع هذا في الناس فلعنوه‏.‏
ويقال إنه خرج يوما وعليه قباء أطلس وفي وسطه سيف فخلع القباء وقال‏:‏ هذا الظاهر قد خلعته ثم جرد السيف وقال‏:‏ هذا الباطن قد سللته‏.‏
قال‏:‏ وفي السنة التي قتل فيها الحاكم أشاع أنه يريد أن ينزل في أول رمضان إلى الجامع ومعه الطعام فمن أبى الأكل قتله‏.‏
وكان دعاته إذا ركب يقولون‏:‏ السلام عليك يا واحد يا أحد ويغلون فيه الغلو المفرط‏.‏
وادعى أنه حصل له كتاب الجفر‏.‏
ولما غلب على الحرمين وعد العلويين أهل المدينة إذا هم مكنوه من فتح دار جعفر بن محمد الصادق بوعود كثيرة ففتحها وكانت مغلقة فإذا فيها قعب خشب ومصحف وسرير سعف وقدره ولم تكن فتحت قبل ذلك فرأى بالسرير وأخذ أعداءه وهدم بيعة ثمامة في سنة ثمان وثمانين وثلثمائة وخرج رسمه إلى الوزير على لسان خادم أن يتب‏:‏ أمرت حضرة الإمامة بهدم قمامة وأن يجعل علوها خفضا وسماؤها أرضا‏.‏
وبلغه أن المغاربة تلعنه فقرب الفقهاء المالكية وأمرهم بتدريس مذهب مالك بن أنس في الجامع‏.‏
وكان يحب العلماء ويقدم ما يرد فيه وإذا رأى رأيا عزم عليه وأمضاه‏.‏
وكتب إليه رجل‏:‏ إن فلانا مات وخلف مالا فوقع بخطه على ظهر الرقعة‏:‏ السعاية قبيحة إن كانت صحيحة‏.‏
وكتب إليه آخر‏:‏ إن فلانا مات وخلف بنتا وقد أخذت جميع مال أبيها فوقع على ظهر الرقعة‏:‏ المال مال الله واليتيم جبره الله والساعي لعنه الله وعلى مذهبنا يجوز أن ترث البنت جميع مال أبيها‏.‏
ومنع النساء الخروج من البيوت فقيل إن فيهن من لا تجد من يقوم بشأنها فتموت جوعا فأمر الباعة بالتطواف في السكك وأن يبيعوهن من خلف الأبواب ويناولوهن بمغارف طوال السواعد‏.‏
وكان أمر ألا يكشف مغطى فسكر رجل ونام في قارعة الطريق وغطى نفسه بمنديل فصار الناس يمرون به ولا يقدر أحد أن يكشف عنه‏.‏
فمر به الحاكم وهو كذلك فوقف عليه وقال له‏:‏ ما أنت فقال‏:‏ أنا مغطى وقد أمر أمير المؤمنين ألا يكشف مغطى‏.‏
فضحك وطرح عنده مالا وقال‏:‏ استعن بهذا على ستر أمرك‏.‏
وقرر الحاكم بعد ابن الفرات ذا الرياستين قطب الدولة أبا الحسن علي بن جعفر بن فلاح واستمر إلى أن قتل الحاكم‏.‏
انتهى ما ذكره (ابن أبي طي) وفيه تحامل شعر به واحد من مؤرخي مصر ذكره‏.‏
وقال الروحي على ما حكاه عنه ابن سعيد‏:‏ ولم يزل الحاكم خليفة إلى سنة إحدى عشرة وأربعمائة فخرج ليلة الاثنين السابع والعشرين من شوال فطاف ليلته كلها على رسمه وأصبح عند قبر الفقاعي ثم توجه إلى شرقي حلوان وتبعه ركابيان فأعادهما‏.‏
وبقي الناس على رسومهم يخرجون يلتمسون رجوعه إلى يوم الخميس سلخ الشهر المذكور ثم خرج خواص من بطانته فبلغوا دير القصير ثم أمعنوا في الدخول في الجبل فبينما هم كذلك إذ بصروا بالحمار الذي كان راكبه على قنة الجبل وقد ضربت يداه بسيف فأثر فيهما وعليه سرجه ولجامه‏.‏
وتتبع الأثر فقاد إلى أثر الحمار في الأرض وأثر راجل خلفه وراجل قدامه فلم يزالوا يقصون هذا القص حتى انتهوا إلى البركة التي في شرقي حلوان فنزل فيها رجل فوجد فيها ثيابه وهي سبع جباب ووجدت مزررة فيها آثار السكاكين فلم يشك في قتله‏.‏
فكانت مدته ستا وثلاثين سنة وسبعة أشهر وكانت ولايته خمسا وعشرين سنة وشهرا‏.‏
وكسفت الشمس يوم موته‏.‏
وكان جوادا بالمال سفاكا للدماء قتل عددا كثيرا من أماثل دولته وغيرهم صبرا وكانت سيرته من أعجب السير‏.‏
قال‏:‏ ومنع النساء من الخروج إلى الطرقات ليلا ونهارا ومنع الأساكفة من عمل الخفاف المنجة لهن فأقمن على ذلك سبع سنين وسبعة أشهر إلى خلافة الظاهر‏.‏
قال أحمد بن الحسين بن أحمد الروذباري في كتاب الأدباء على ما نقله ابن سعيد‏:‏ وقتل الحاكم ركابيا له بحربة في يده على باب جامع عمرو بن العاص وشق بطنه بيده‏.‏
وعم بالقتل بين وزير وكاتب وقاض وطبيب وشاعر ونحوي ومغن ومختار وصاحب ستر وحمامي وطباخ وابن عم وصاحب حرب وصاحب خبر ويهودي ونصراني وقطع حتى أيدي الجواري في قصره‏.‏
وكان في مدته القتل والغيلة حتى على الوزراء وأعيان الدولة يخرج عليهم من يقتلهم ويجرحهم‏.‏
وخطفت العمائم جهاراً بالنهار وكان لعبيد الشراء في مدته مصائب وخطوب في الناس‏.‏
وكان المقتول ربما جر في الأسواق فأوقع ذلك فتنة عظيمة‏.‏
قال‏:‏ كان الحاكم يركب حمارا يسمى القمر ويعبر به على الناس‏.‏
وكان له صوفية يرقصون بين يديه ولهم عليه جار مستمر‏.‏
ووقف رجل للحاكم فصاح عليه فمات لوقته‏.‏
وكانت غيبته إلى يوم جلوس ولده الظاهر ثلاثة وأربعين يوما‏.‏
قال ابن سعيد عن مجموع وقف عليه‏:‏ وواصل الحاكم في ركوبه الوقوف على المعروف بابن الأرزق الشواء ومحادثته بدار فرح وخلع عليه وأجازه‏.‏
وفي يوم استدعى الحاكم أحد الركابية السودان المصطنعة ليحضر إلى حانوت ابن الأزرق الشواء فوقفه بين اثنين ورماه برمح ثم أضجعه واستدعى سكينا فذبحه بيده ثم استدعى شاطورا ففرق بين رأسه وجسده ثم استدعى ماء فغسل يده بأشنان ثم ركب‏.‏
وحمل المقتول إلى الشرطة فأقام ليلة ثم دفن بالصحراء‏.‏
ثم بعث المؤتمن بعد ثلاثة أيام فنبشه وغسله وأنفذ إليه أكفانا كفن بها ثم أمر قاضي القضاة بالصلاة عليه وأمر ألا يتخلف أحد فحضر الشهود وأهل السوق وصلى عليه قاضي القضاة ودفن بالقرافة وواراه قاضي القضاة وجعل التراب تحت خده وأمر ببناء قبره وتبيضه في وقته ففعل ذلك‏.‏
وتظلم إليه رجل في ركوبه إلى مصر في ناصح الركابي فوقف عليه وسأل ناصحا عن دعواه فظهر أنها صحيحة فأمر أن يدفع ماله إليه فلم يجد معه في الوقت ذلك القدر فألزمه ببيع فرسه الذي كان راكبا عليه فباعه ووفى الرجل ما كان له عليه كل ذلك بحضرته وهو واقف على ظهر دابته ثم سار‏.‏
وقال الفوطي‏:‏ كان الحاكم أجود الخلفاء بماله وبه تفشت حاله فيما سفكه من الدماء التي لا يحصيها إلا الله‏.‏
وكان الأمر في مدة العزيز فيه انحلال وعفو كبير عن الناس وظنوا أن ذلك يجوز في مدة الحاكم وجروا على رسمهم فتجرد له منهم مطلع على جميع أمورهم غير مطرح لعقوبة فهلك الجم الغفير منهم‏.‏
وكان في مدة أبيه العزيز بالله قد تكشف على أقوام ممن يطعن في الدولة ويسىء المقالة فيها فلما صارت له الخلافة انتقم منهم أشد انتقام وعمهم بالعقوبة‏.‏
قال‏:‏ ومن حكايته المشهورة في العدل أن رجلا عربيا ورد على مصر من سجلماسة يريد الحج فأودع ماله عند رجل في السوق فلما عاد من الحج طلب ماله فأبى أن يدفعه إليه‏.‏
فتوصل إلى أن أطلع الحاكم على أمره فقال له اجلس في دكان مقابلا لدكانه فإذا جزت في ذلك السوق فاعمل كأنك تعرفني وكأني أعرفك‏.‏
فلما مر الحاكم وقف على الرجل وسأل عن حاله وأكثر معه الوقوف وانصرف فجاء الرجل الذي عنده الوديعة إلى الرجل وأكب عليه وسأله الصفح عما سلف منه وأحضر إليه جميع ماله‏.‏
فعرف الحاكم بذلك فأصبح الذي أنكر الوديعة مقتولا معلقا برجله‏.‏
وكان نقش خاتمه‏:‏ بنصر الولي العلي ينتصر الإمام أبو علي‏.‏
وخطب له معتمد الدولة أبو المنيع قرواش بن المقلد بالموصل والأنبار وقصر ابن هبيرة والمدائن‏.‏
ومن خط ابن الصيرفي يروي أن الإمام الحاكم بأمر الله قال لبعض الأعيان الذين شرفهم بمجالسته وميزهم بمحاورته فقال‏:‏ أكلت حتى شبعت وشربت حتى رويت والشبع والري غايتا الأكل والشرب فإذا قلت ونمت فنقول‏:‏ حتى إذا أي شيء جعلته غاية النوم فلم يحر جوابا ورغب إلى كرمه في الإفادة فقال نمت حتى ريثت والروث غاية النوم وأنشد‏:‏
فأما تميم بن مرّ فألفاهم القوم روثاً نياما

================
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» جامع " الحاكم بأمر الله"الخليفة الفاطمي
» الخليفة الفاطمي الظافر بأمر الله
»  الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد -الخليفة العباسي المصري 1262م
» الخليفة الفاطمي " القائم بأمر الله" محمد بن المهدي 934-946م
» الخليفة الفاطمي العاضد لدين الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي لآلـــئ :: الأرشيف :: بعض :: من أرشيف 2012-
انتقل الى: