كارثة الموت الأسود
عندما هاجم الوباء آسيا و أفريقيا وأوروبا ولم يوجد طبيب يستطيع أن يعالجه لعدم وصول الطب لعلاج في العصور القديمة والوسطى كانت النتيجة موت ثلث سكان العديد من الدول علي كوكب الأرض خلال سنوات قلائل ومايلي ذلك من تغيرات اقتصادية واجتماعية طويلة المدى في كيانات تلك الدول .
كان اتّساع الأعمال التجارية بين دول العالم وامتدادها عبر البحار البعيدة هو السبب الرئيس في انتشار الوباء بين الدول
(مابين 1347-1350) انتشر الموت الأسود وهو مرض وبائي خطير قادم من الصين في وسط آسيا إلى منطقة الشرق الأوسط ومنها إلى أوروبا
ويعزو المؤرخون كارثة الموت الأسود إلى انتشار مرض الطاعون ، وهو وباء كان يعتقد لوقت طويل أنه ينشأ عن نوع من البكتيريا تحمله البراغيث الموجودة في أنواع من الحيوانات مثل الفأر الأسود
وكان هذا النوع من الطاعون مرضًا مستوطنًا في وسط آسيا حيث كان يعرف بأنه سبب الوفاة بين المهاجرين وسكان المنطقة.
أطباءاليوم يشكون في نوع الميكروبات التي تنقل المرض وطريقة انتقاله.
وسر تسميته باسم "الموت الأسود" هو بسبب الأعراض المميزة للمرض التي يطلق عليها اسم "التنكرز "وتعني "الموت الموضعي للأنسجة الحية" الذي يعاني منه ضحايا المرض ويجعل بشرتهم سوداء بعد نزيفها بشكل متواصل
وحسبما قرأنا مؤخراً فإن البكتريا المسببة له وهي (البرنسيسية) أصلها من القوارض مثل الفئران التي عادة ماتحتفظ بها وتتكاثر بداخلها وتنمو وتنتقل عدواها الى الانسان عن طريق البراغيث
وتتكاثر البكتريا في معدة البرغوث حتى يسدها فيزداد احساس البرغوث بالجوع ويزداد عندئذ نهمه في قرصة او عضة
أولاً يلدغ البرغوث الفأر المريض ثم يلدغ الانسان فيمص دمه فتدخل البكتريا محل الوخزة او القرصة فتنقل المرض للانسان ، ثم تنتقل العدوي من انسان الى انسان آخر بشكل مباشر ايضاً عن طريق رذاذ السعال والعطس في حالة الطاعون الرئوي
ويقول الأطباء أن الميكروب ينتقل الى غدة الابط اللمفاوية اذا كانت العضة في اليد او الذراع اما اذا كانت العضة في الوجه او العنق فتنتقل الميكروبات الى غدة في العنق وعندما يلدغ البرغوث المصاب جلد الانسان تنتقل البكتريا الى انسجة الجسم وتبدأ بالتكاثر داخل الخلية ثم تنتقل الى الجهاز اللمفاوي الى ان تصل الى عقدة لمفاوية وهناك يحدث التهاب نزفي شديد وتبدأ العقدة اللمفاوية في التمدد والتورم وتظهر التورمات المميزة للمرض ولان العقد اللمفاوية يرشح سائلها داخل مجرى الدم فمن هذا الطريق تنتقل البكتريا الى الدم وتذهب الى اي مكان في الجسم
وقد يحدث نزيف في الاماكن التي توجد فيها البكتريا فيصعد الدم الى طبقة الجلد وتظهر بقع سوداء على الجلد لذلك سمي بالموت الاسود
واحياناً يصيب المرض الرئتين وفي هذه الحالة يصبح ممكناً انتقاله من انسان الى آخر عن طريق الرذاذ الذي يخرج مع السعال مثل الانفلونزا .
مصدر الطاعون هو الصين في وسط آسيا
------------------
1347
أولى الحالات الوبائية كانت في مدينة القسطنطينية
--------------------
1347
وقعت حالات أخرى للوباء في منطقة أوكرانيا الحالية
--------------------
1347
بدأ الوباء يهاجم الجيوش، وكان ضحايا الوباء (الموتى ) بأعداد ضخمة حتى أنه لم يكن هناك أي وقت لدفنهم وتكدست الجثث مثل حطب الوقود أمام الأسوار المطوقة للمدن.
--------------------
وفي أكتوبر 1347
وصل أسطول من الجيش المغولي إلى إحدى المدن الإيطالية وكان يحمل عددًا كبيرًا من المصابين بالمرض الوبائي والموتى بسبب الإصابة به، ويعتقد أيضًا أن الأسطول حمل فئرانًا مصابة وهكذا انتشر المرض في مدينتي جنوا والبندقية.
ولهذا يعتبر أن حركة القوات المغولية وقوافل التجار على طريق الحرير قد جلبت الوباء من الصين إلى منطقة الشرق الأوسط
-------------------
في بداية أكتوبر تشرين الأول لعام 1347م:
رست مجموعة من السفن التجارية في (ميناء مسينا)وهو ميناء صغير يقع في جنوب إيطاليا وتساقط من السفن بحارتها طالبين النجاة والمساعدة وهم يتقيَّأون دماً ويعتصرون من شدة الألم الذي تعاني منه أجسادهم المنهكة، ثم لايلبثون أن يفارقوا الحياة.
أخذت هذه الظاهرة الغريبة (في حينها) تنتقل إلى كل من يلمس هؤلاء الأشخاص أو يستعمل أدواتهم فدب الرعب بين سكان الميناء الصغير، وقام القاطنون فيه بمهاجمة هذه السفن وإشعال النيران بها، وتمكّن البعض من هذه السفن من الهرب عبر الإبحار مجدداً دون معرفة سبب عدم تقديم المساعدة لهم.
إلا أن الموت ازداد بين سكان هذا الميناء وانتشر بشكل سريع بين أفراده ووصل الخوف والرعب إلى هجران الوالد لولده والام لطفلها ، وعدم تقديم العون لهم لدى ملاحظة أعراض الموت عليهم.
هذا الوصف لواقع حال هذا الميناء، جاء على لسان إحدى كتّاب مدينة "بيزا" الإيطالية لبداية ظهور هذا الوباء والذي أخذ بالانتشار والامتداد مع رسو السفن في أي ميناء طلباً للمساعدة.
وسارت قوافل الموت في كافة الاتّجاهات صعوداً إلى أوربا ليدخل إلى " فيينا " ثم ازدادت ضراوته في أشهر الصيف ليصل إلى سواحل انكلترا، وهناك كان الوباء على أشده ، حيث حصد ثلث سكان انجلترا ، وظل يستمر بعملية الإبادة حتى شتاء عام1349
----------------
في خريف العام 1347
وصل الوباء إلى (مدينة الإسكندرية) في مصر من خلال سفن تجارية قادمة من ميناء تجاري بالقسطنطينية أو موانئ على البحر الأسود
--------------------
من إيطاليا انتشر الوباء إلي شمال غرب أوروبا ، وأصاب سكان فرنسا وإسبانيا وبريطانيا،
--------------------
في يونيو/حزيران 1348
انتقل الوباء إلى ألمانيا واسكندنافيا
--------------------
وخلال العام 1348
انتقل الوباء إلى غزة في فلسطين وإلى شمال وشرق سواحل مدن سوريا وفلسطين بما فيها عسقلان والقدس ودمشق وحمص وحلب
--------------------
وما بين 1348 و1349
وصل الوباء إلى مكة عن طرق الحجاج الذين جاؤوا من المناطق الموبوءة المحيطة
--------------------
1349
وصل الوباء إلى المنطقة من جنوب روسيا إلى بغداد
--------------------
1351
عانت (مدينة الموصل) بالعراق من الوباء بشكل حاد
و بغداد واجهت دورة ثانية من الوباء.
وصل الوباء إلى المنطقة من جنوب روسيا إلى بغداد
--------------------
1351
وصل الوباء إلى شمال وغرب روسيا
، المدهش أن بعض الدول الأوروبية لم يصلها الوباء ومنها بولندا وهولندا
--------------------
وفي العام 1351
عاد ملك اليمن(مجاهد الدين )إلى اليمن من القاهرة مريضاً ،وجلب معه لليمن المرض.
--------------------
قتل الوباء حوالي ثلث سكان أوروبا
سمي بعض الكتاب المعاصرين، الوباء في أوروبا باسم" الموت العظيم"
وعندما ارتفعت معدلات انتشاره سموه"الموت الأسود" بسبب الأعراض المميزة للمرض التي يطلق عليها اسم "التنكرز "وتعني "الموت الموضعي للأنسجة الحية" الذي يعاني منه ضحايا المرض ويجعل بشرتهم سوداء بعد نزيفها بشكل متواصل،
------------------
ولم يختفي الوباء لكن امتدت تمتد آثاره بموجات لاحقة لأكثر من قرنين من الزمانء....
------------------------
1894
الوباء اكتسح الصين من جديد
العالمان يرسن وشيبا ساجور وكيتا ستو في هونغ كونغ: كل منهما على حدة اكتشف الميكروب المسبب للوباء الذي اكتسح الصين
------------------
وفي العام 1898
قام العالم الفرنسي ( بول لويس سيمون ) بتجارب واثبت ان ناقل الميكروب برغوث الفئران وعادة مايعيش الميكروب على الحيوانات القارضة فاذا ماابتدأ الوباء انتقل بواسطة البراغيث والحشرات الى الفئران المنزلية ومنها الى الانسان وغالباً مايحدث الطاعون في مواضع اللحوم الرخوة والابط وخلف ارنبة الاذن.
---------------------
وحاليا
مع التطور العلمي والبشري انقرض مرض الطاعون واختفى ذكره
وان ظهرت حالات يتم معالجتها فوراً بالمضادات الحيوية ويوجد احتمال كبير لشفاء المصاب في حالة الاكتشاف المبكر للمرض اذ تستخدم على سبيل المثال مركبات ستربتوميسين وكلور امفنيكول اضافة لتشكيلات مكونة من تتراسيكلن وسولفوناميد ويعطي السترستوميس عن طريق العضلات فقط بينما يشكل الكلورامفنيكول علاجا مؤثرا رغم عوارضه الجانبية التي تظهر مع الاستعمال لفترات طويلة وتتمثل اساسا في تاثيره على نخاع العظم حيث يؤدي الى حدوث انيميا خبيثة التي تجعل منه علاجا للحالات المستعصية فقط.
وكإجراء وقائي يجب مكافحة القوارض والبراغيث
في حالات الطاعون الرئوي يجب عزل جميع المخالطين اجباريا لمدة عشرة ايام
أما في حالات الطاعون الدملي والتسممي يجب مراقبة المخالطين لمدة عشرة ايام ترقبا لظهور اية حالات مرضية جديدة فيما بينهم
ومن طرق الوقاية والمكافحة تعريض المفروشات لحرارة الشمس والتخلص من البراغيث بالنظافة
وغالبا ما ينصح الاطباء المرضى بتقليل الغذاء لان المريض بالطاعون يشكو كثرة الاسهال،
ويجب عند وقوع الطاعون السكون لتسكين هيجان الاخلاط
-----------------
وعادة ما يتم تشخيص المرض عن طريق تحليل بي سي آر من اجل اكتشاف الحامض النووي للبكتريا المسببه للطاعون
كما يمكن فحص البكتريا وعزلها وصياغتها بصيغة (رايت جيمسا) ورؤيتها تحت الميكروسوب
مرادفات:
pcr= تحليل بي سي آر
==================================
وسيتم توسيع هذا الموضوع مستقبلا بعد دراسة أعمق فعندما يحصد الوباء عشرات الملايين ويموت عدد كبير من سكان العالم يختلط التاريخ بالطب