الكتابة في اليمن القديم بخط " المسند ":للمسند 29حرفاً, أي انه يزيد عن الأبجدية العربية الحالية بحرف واحد وهو ما بين السين والشين
وأوجه الفرق بين المسند والخط العربي الحالي أن المسند يكتب منفصلاً غير مترابط أي إن حروفه لا تلتقي
ولا يتغير شكل الحرف بحسب موضعه في الكلمة غير أن اتجاه بعض الأحرف يتغير وفقاً لبدء الكتابة
وكتابة المسند أما بارزة أو غائرة فالكتابة البارزة للأعمال الجليلة والكتابة الغائرة للاعتيادية
ومواد كتابة المسند كانت الحجارة والصخر والخشب والمعادن وفي سياق تطوره ظهرت تجليات المسند في القلم اللحياني والقلم الثمودي والقلم الصفوي والتي أحدثت فيه من التعديل والتغيير, وعن المسند ولد القلم الحبشي.
=======================
نظرية المسند تتضح في خاصية تسوية الحروف وفيها تنظيم هندسي فائق والتزام صارم في انتظام الحروف ودقة في رسمها.
الكتابة العربية هي من وضع من لهم خبرة في الكتابة الحضرية والتي اخذوا كثيرا من أشكالها بشكل مباشر واعتمدوا خصائصها في وضع الكتابة العربية الجديدة ، وهذا ما أكدته بعض روايات المصادر العربية القديمة التي أشارت إلى اختراعها في "بقة " إحدى حواضر العرب قبل الإسلام والمجاورة للحضر ، كما أن هناك روايات أخرى جاءت بها هذه المصادر أيضا تشير إلى مناشيء أخرى تشكل مصادر لولادة هذه الكتابة ، وهي في بنيتها التحليلية ومنظورها المتعمق تعكس الخريطة الكتابية للمنطقة ، تذكر السريانية ، وتشير إلى الآرامية وتومئ إلى العبرية وتقرر الأبجدية وتصرح بالمسند وتخبر عن الكتابة على الطين وهي الكتابة العراقية القديمة ( المسمارية ).
نظرية المسند أصل الكتابة العربية : أن أقدم من دون نظرية " المسند فيما وصلتنا من مصادر ، هو ابن دريد ( ت 321 هـ ) ولكنه لم يذكر مصدرا لرواة هذه النظرية ، وجاء بعده ابن جني ( ت 392 هـ ) فذكر نفس الرواية ونسبها إلى أبي حاتم ( سهل بن محمد السجستاني البصري ) ( ت 255 هـ ) وهو أسبق من ابن دريد وقد ترددت هذه الرواية عند الجوهري ( ت 398 أو 400 هـ هـ ) والزبيدي ( ت 1205 هـ ) نقلا عن أبي حاتم أيضا .
إذا ما حاولنا لم شتات نظرية المسند من مختلف الروايات التي تعرضت لها ، فإننا نجد أنها تقوم على:
1- فان خط الجاهلية هو " الجزم " ذكر ذلك ابن دريد في تقديم نظرية المسند حيث قال " الجزم خطنا هذا العربي وكان يسمى في الجاهلية الجزم "
2- إن " الجزم " هو الخط العربي الشمالي والذي كتب له الاستمرار حتى الوقت الحاضر ، وهذا واضح في النص المتقدم الذي أورده ابن دريد .
أن ما تقدم عن " الجزم " لم يكن قاصرا على نظرية المسند ، وأنما ذكرته الروايات التي تنسب أصل الكتابة العربية إلى منابع أخرى ، و بهذا يكون " الجزم " هو العامل المشترك لمحصلة النظريات المختلفة التي طرحت في مختلف المصادر باعتباره الكتابة الجديدة التي نشأت قبل الإسلام - كما سيرد - بغض النظر عن مصادرها أو ما ذكر من روايات مختلفة عن اختراعها أو موطن ولادتها،
لكن نظرية المسند تفترق عن هذه الروايات في تفسيرها لمصطلح " الجزم " حينما تبين :
3 - إن " الجزم " مجزوم ( مقطوع أو مولد ) من " المسند " .
4 - وأن " المسند " هو خط حمير وأهل اليمن الأقدمين .
5 - أن " قلم المسند " خط مخالف لخطنا هذا ،وهي بذلك تعترف بالخلاف بين شكلي حروف الكتابتين ، كما تعترف .
6 - أن " المسند " قد زال قبل الإسلام ، وهذا ثابت ومعروف أكدته التنقيبات الأثرية والابحاث المستجدة ، وأما ما أورده ابن جني والزبيدي من استمرار المسند الى وقتهم في قولهما المتطابق " والمسند خط حمير في أيام ملكهم ، وهو في ايديهم إلى هذا اليوم باليمن " هو قول منقول ، حافظ على صيغته المنقولة عندهما مما افقده دقته ، وقد كرره ابن منظور ( ت 711 هـ ) ولكنه وقف عند عبارة " أيام ملكهم " ولم يزد لأنه أدرك أن بقية الجملة مرتبط بوقت رواتها .
7 - أن لكندة دورًا في انتقال المسند من أرض اليمن إلى الشمال ،
ورد أن الذي علم الكتابة لأهل الحيرة طارئ طرأ عليهم من أرض اليمن من كندة ، ، و بعد اكتشاف حضارة دولة كندة في التنقيبات الأخيرة في عاصمتها " قرية " الغاو ، والتي ساد فيها " قلم المسند " في الكتابة عندها يمكن القول أن ورود كندة في صلب هذه العلمية هو بقايا مؤشر على دورها الحضاري وسيادة كتابتها
8 - أن الطارئ من قبيلة كندة ، أخذ الخط عن الخفلجان بن الوهم ، كاتب الوحي للنبي هود عليه السلام الذي عمت كتابته جنوب الجزيرة العربية ومن ثم امتدت إلى شمالها في الكتابة الثمودية واللحيانية والصفوية
9 - والأغرب في نظرية المسند أن حمير بن سبأ هو أول من كتب الخط العربي
10 - أن الخط الحميري هو الذي انتقل إلى الحيرة .
أو أنه انتقل مباشرة إلى مكة بشخصية حرب بن أمية عن طريق طارئ طرأ عليه من اليمن ، تعلمه الطارىء من كاتب الوحي للنبي هود عليه السلام .
ا بل إن هناك رواية تفيد أن النبي هود عليه السلام هو أول من كتب بالعربية وهنا تبلغ النظرية ذروتها .
حينما ندقق نجد أن الأساس فيها هو المخالفة بين قلم المسند وخطنا العربي المبكر معا يجعلها غير مقبولة لدى الدارسين ، وهذا أمر واضح لم يختلف فيه اثنان ممن درسوا الكتابات الجزرية ( السامية ) وخاصة من الذين تعرضوا لدراسة نظريات نشوء الخط العربي ، وعلى ضوء ذلك حاولوا نقد نظرية المسند ، فكان رأيهم أنها مسرفة في الخطأ.
أما ما جاء من أن هناك شبها في حرف الراء فقط ، فهو غير وارد في الكتابة العربية المبكرة ، لأن الراء فيها قد أخذ شكله من حرف الراء في الكتابة الحضرية مع إمالة قليلة في وضعها وكانت مرواة وليست على شكل قوس كالذي وصلت إليه فيما بعد ( شكل -2- ) . وخاصة في مرحلة الانتقال من الخطوط الموزونة ( الكوفي ) الى الكتابة المنسوبة وعلى رأسها خط الثلث . والتي بدأت في كتابات " المشق" على البردي في نهاية القرن الأول الهجري ومع ذلك لم تأخذ شكل راء المسند .
يتضح مما تقدم أنه لا علاقة للمسند بالخط العربي من حيث شكل الحروف كما توحي به الروايات التي أفادت أن مصدر نشوء الخط العربي هو المسند ، ومع ذلك فإننا نجد أن ابن خلدون ( ت 808 هـ ) يؤيد هذه النظرية وقد انطلق في ذلك من نظريته في أن الكتابة مرتبطة بالعمران وتابعة له -وقد ذكر أن دولة التتابعة وخطهم الحميري هو الوحيد المؤهل لأن يكون مصدر الكتابة التي وصلت " الحيرة " ، لأن اخبار الدويلات العربية التي قامت قبل الإسلام لم تكن تفاصيلها الدقيقة معروفة لدى الاخبار بين القدامي ، والتي كشفت عنها التنقيبات والدراسات الحديثة مثل الحضريين والانباط والتدمريين والرهاويين وكندة وغيرهم .
أما تأييد المحدثين لهذه النظرية فالغالب عليهم التقدير والاستنتاج الذي لم يستند على دراسة منهجية