=
تضخم أحمق في أحجام مساحات المدن
في القرنين 19 و20 أدت التغيرات التقنية والاقتصادية التي نجمت عن الثورة الزراعية والثورة الصناعية والسياسات الحكومية إلى :
1-تضخم أحمق في أحجام مساحات المدن،
2-تضخم فظيع في عدد السكان الذين يعيشون بها
-----------------
تأثير الثورة الزراعية :
كان للثورة الزراعية التي شهدها العالم في العصر الحديث دور كبير في نمو المدن القائمة وتضخمها،
وقد حدثت هذه الثورة في غرب أوروبا قبل أن تشهد الانقلاب الصناعي والتجاري،
تمثلت الثورة الزراعية في استخدام السماد واتباع الدورة الزراعية وإدخال أنواع جديدة من المحاصيل واستعمال البذور المنتقاة وتحسين أنواع الماشية بتربية السلالات الجيدة واستخدام بعض الآلات المستحدثة.
وقد أدى هذا التطور الزراعي الكبير إلى ازدياد الأرض دون الاستعانة بمزيد من الأيدي العاملة في الوقت الذي كان عدد السكان يزداد باستمرار، وأدى ذلك إلى البحث عن أعمال أخرى غير الزراعة طالما أنها توفر الغذاء للجميع ودون نقص في الموارد الغذائية، واتجه جزء كبير من السكان لسكنى المدن وانصرافهم عن العمل في الأرض الزراعية.
وقد واكب هذا التطور في الزراعة في غرب أوروبا اتساع مساحات الأراضي الزراعية في العالم بعد النزوح الأوربي الكبير إلى أراضي العالم الجديد واستراليا ونيوزلندا وجنوب أفريقيا.
وقد أدى ذلك كله إلى فائض زراعي وفير بدأ بدوره يكون أساس هاما للتجارة والتبادل، التي اعتمدت هي الأخرى على تقدم وسائل النقل البحري والبري والتقدم في وسائل حفظ الطعام بالتبريد واستطاعت السفن أن تنقل الغلات الزراعية والمنتجات الحيوانية إلى غربي أوروبا وجهات أخرى من العالم.
وقد أدت هذه الزيادة الضخمة في إنتاج الغذاء وإمكان نقل الفائض منه إلى المناطق البعيدة إلى زيادة في عدد السكان الأوروبيين خلال القرن 19، مما أدى بدوره إلى تزايد أحجام المدن القائمة تزايدا كبيرا حيث أدى استخدام الآلات الزراعية إلى البطالة في الريف وتحول أعداد كبيرة من العمال الزراعيين نحو المدن بحثا عن فرص عمل ومورد للدخل
-------------------
تأثير الثورة الصناعية:
أدى الانقلاب الصناعي وظهور الآلة البخارية إلي تركز السكان في المدن، وساعد على ذلك سماح الحكومات في توطين المصانع في المدن وبالتالي أصبحت مراكز جذب قوي لسكان الريف حيث وجدوا بالمدن الأجور العالية وتوافر فرص العمل بدلاً من الأجور الزهيدة أو البطالة
ولكن أدى ذلك إلى تزايد سكان المدن على حساب الأرياف
بل وأصبح ذلك سمة بارزة من سمات هذا العصر ليس في الأقطار المتقدمة وحدها بل وفي الدول النامية كذلك،
وقد ساعد على ذلك خطوط النقل بين المدن والأرياف وخاصة خطوط السكك الحديدية التي أدت إلى نشر الصناعة وتقدمها ومن ثم تحسن الأحوال الاقتصادية وزاد عدد السكان في الريف والحضر وإن كانت المدن قد شهدت معدلات نمو عالية أكثر من الريف.
ولم تصبح المدن مراكز زراعية فقط بل أصبحت مراكز اقتصادية واجتماعية تقوم بالكثير من الخدمات لسكانها ولسكان الريف المجاور، وتركزت هذه الخدمات في مكان معين بالمدينة ومن هذه الخدمات التجارة في الإنتاج الصناعي والزراعي والنقل والمحاسبة والتأمين والخدمات الصحية والتعليمية وغيرها.
و كل هذه العوامل قد أدت إلى نمو مدني هائل في العالم، حتى إن مدن العالم الغربي قد نمت خلال الربع الأخير من القرن 19 بمعدل أسرع من أي وقت مضى وكان ذلك التوسع ملحوظا بدرجة أكبر في الولايات المتحدة، وهنا أنشئت شبكة من السكك الحديدية في شرق البلاد في الأربعينات ، وانتشرت باقي المراكز العمرانية بمعدل أسرع بعد ذلك في أمريكا الشمالية وخاصة على السواحل وعلى الأنهار الملاحية وعلى ضفاف البحيرات العظمى وفي المناطق الداخلية.
وتتعدد الأمثلة على النمو الحضري الكبير في دول العالم مثلما يبدو في المدن الأوروبية
فقد تضاعف عدد سكان الحضر في إنجلترا وويلز في الفترة (1871 - 1911 )من 14 إلى 28 مليون نسمة،
وفي نفس الفترة ارتفع سكان المدن في فرنسا من 11 مليونا إلى 17.5 مليون نسمة
، ومدينة باريس مثلا بلغ عدد سكانها 518.000 نسمة في عهد نابليون الأول، ولكن بعد ذلك بخمسين عاما فقط تعدت المليون نسمة وذلك في سنة 1860 ثم وصلت إلى 6.7 مليون نسمة سنة 1950 ثم إلى 7.8 مليون نسمة سنة 1960.
----------------------------
تأثير السياسات الحكومية في الاتجاه الخاطئ:
كان في سماح الحكومات بإنشاء المصانع والمباني الكثيفة داخل العواصم وكبريات المدن ،ثم تشجيع الحكومات علي نزوح سكان الأرياف بأعداد هائلة إلي كبريات المدن بالانفاق الضخم من إيرادات الدولة علي أمور من شأنها زيادة مساحات كبريات المدن و العاصمة وزيادة عدد وظائف العاصمة وكبريات المدن بدلاً من الصحيح وهو تحجيم الانفاق بالعاصمة لصالح إنشاء المباني المتكاملة بالمدن الصغيرة وزيادة عدد الوظائف بصغريات المدن في كل إقليم
ولو استمرت الحكومات في الانفاق علي كبريات المدن سيستمر النزوح وستزيد العشوائيات التي يسكنها البطالون حول العاصمة وكبريات المدن بما سيسبب الأحقاد عما قريب ويهدد السلام الاجتماعي مستقبلاً
وفي القرون الخوالي كان الأمر أصوب عندما كان يتم تسوير كبريات المدن فلايدخلها الناس إلا لمبرر وعن طريق بوابات مخصصة وكان نشاط سكانها في التجارة والتعليم والبناء والإدارة وليس الصناعات
=============