نظام الحكم والإدارة في الدولة السعودية الأولى |
النظام السياسي: قامت الدولة السعودية الأولى على تصحيح العقيدة الإسلامية، وعلى نصرة التوحيد والحق. اشتمل النظام السياسيّ على المناصب العليا التالية:
الإمام يأتي في قمة النظام السياسي في الدولة السعودية الأولى، فهو الرئيس الأعلى للدولة، وصاحب السلطات الفعلية فيها. وهو أعلى منصب في الدولة السعودية الأولى بيده إدارة شؤونها. والإمام السعودي هو المشرف العام على جميع شؤون الدولة، فهو القائد العام للقوات السعودية وبيده إبرام المعاهدات وإعلان الحرب، وجمع النفير العام. وهو المشرف الأول على شؤون الأمن، وتحل عنده أعقد المسائل والخلافات. ويشرف على الشؤون الماليّة كلها، وهو المتصرف الأول والمسؤول عن بيت المال وغيره من الأمور المهمة في السلطة والسيادة. وممّا يقوي مركز الإمام ويدعمه اعتماد الإمام في حكمه على مبادئ الشرع الإسلاميّ الذي لايجرؤ الفرد على مخالفته البتة، وهو في الوقت نفسه يعطي الإمام صلاحيات كاملة في العمل والإشراف مادام ذلك متمشيًا مع أحكام الشريعة الإسلامية ومطبقًا لتعاليمها.
ولي العهد هو منصب من يخلف الإمام في الحكم بعد وفاته. وقد ورد ذكر ولاية العهد في أخبار عام 1202هـ، 1787م في كتاب روضة الأفكار والأفهام لابن غنام، وكذلك في كتاب عنوان المجد لابن بشر، فيقول: ¸أمر الشيخ محمد رحمه الله ـ أهل بلدان نجد وغيرهم أن يبايعوا سعود بن عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ وأن يكون ولي العهد بعد أبيه وذلك بأمر عبدالعزيز، فبايعه جميعهم·.
ومن أهم سلطات ولي العهد وواجباته أنه ينوب عن الإمام في القيام بمهمات الدولة أثناء غيابه في حالة الغزو أو المرض أو أي حالة أخرى تستدعي ذلك. وكثيرًا ماكان ولي العهد يباشر مهمات الأمور الحربيّة والإدارية أثناء عهد أبيه وذلك من أجل تدريبه وإعداده لتحمل المسؤولية في المستقبل، ولكي يتعرف على الناس ومشكلاتهم.
لم تستقم الأمور في مكة للسعوديين، لأنه عندما رجع الأمير سعود إلى الدرعية، عاد الشريف غالب فدخل مكة دون معارضة من أخيه الشريف عبدالمعين. ثم تقدم صوب الطائف وكانت فيها قوات سعودية، بالإضافة إلى قوات عثمان المضايفي وأتباعه. فحاصر الشريف غالب الطائف، وأثناء ذلك جاء خبر استشهاد الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود عام 1218هـ. 1803م، وتولى الإمام سعود بن عبدالعزيز الحكم خلفًا لأبيه.
وصل نبأ استرداد الشريف غالب لمدينة ( مكة) إلى الدرعية، فقرر الإمام سعود بن عبدالعزيز أن يضع حدًا لتصرفات الشريف غالب. فأمر قواته في مناطق عسير ونواحي تهامة بمهاجمة جدّة، وكانت تلك القوات برئاسة عبدالوهاب أبو نقطة. ثم بنى السعوديون حصنًا قويًا في وادي فاطمة ووضعوا فيه قوات سعودية كبيرة أخذت تهاجم قواعد الشريف غالب في المنطقة. وبعدها أرسلت الدرعية قوات سعودية كبيرة جدًا إلى مكة المكرمة فحاصرتها بشدة كي تضعف قوات الشريف غالب عسكريًا واقتصاديًا ونفسيًا حتى يضطر إلى الاستسلام. وبالفعل أدرك الشريف غالب أنه ليس باستطاعته الصمود في وجه القوات السعودية، فاضطر إلى طلب الصلح على شرط أن يبقى شريفًا على مكة وأميرًا عليها تابعًا للدولة السعودية الأولى. وهكذا عادت مكة المكرمة إلى الدولة السعودية الأولى. وبعدها دخلت القوات السعودية المدينة المنورة عام 1220هـ، 1805م.
وممّا لاشك فيه أن دخول الدولة السعودية الأولى بلدان الحجاز: مكة والمدينة وجدّة والطائف وغيرها قد أدّى إلى قيام نوع جديد من العداء الشديد بين الدولة السعودية الأولى والدولة العثمانية صاحبة السيادة والنفوذ في الولايات العربية العثمانية، وخصوصًا المسألة الحجازية التي تؤثر على سمعة الدولة العثمانية ومركزها ليس في العالم العربي فحسب، وإنما في العالم الإسلامي كله عندما فقد سلاطينها لقب حامي الحرمين الشريفين، والحق الرسميّ في الإشراف على المناطق الإسلامية المقدسة في الحجاز. فرأت الدولة العثمانية ضرورة معالجة مسألة الحجاز ومسألة الدولة السعودية الأولى بشكل حربي سريع، وليس في شكل محاورات ومناقشات سلمية. وعندما تأكدت الدولة العثمانية أن ولاية دمشق غير قادرة على التنفيذ، وأنه ليس بإمكانها فرض الحل الحاسم، وجهت الدولة أوامرها السلطانية إلى محمد علي باشا والي مصر العثمانية للقيام بتنفيذ هذا الحل في صورته الحربية لفرض الأمر الواقع بالقوة، خصوصًا وأن الدولة العثمانية دولة قادرة على مواجهة المشاكل الداخلية بيد أنها أصبحت عاجزة أمام الدول العالمية الكبرى وقتذاك.
==================================
الدولة السعودية الأولى ومحمد علي باشا:
عدّ العثمانيون الإجراء السعودي المتمثل في ضم إقليم الحجاز إلى الدولة السعودية الأولى وحرمانهم من لقب حامي الحرمين الشريفين بمثابة تَحَدٍّ ديني وسياسي يواجه سيادتهم على العالم العربي الإسلامي. وبناءً على تلك المتغيرات والمستجدات قررت الدولة العثمانية إسناد مهمة التحدي العسكري لتلك الدولة إلى محمد علي باشا واليها في مصر بعد فشل ولاية العراق من جهة، وعجز ولاية الشام من جهة ثانية. ومن الواضح أن الدولة العثمانية حاولت القضاء على الدولة السعودية الأولى من خلال قوات ولاياتها العربية المجاورة لتلك الدولة، ومن خلال استخدام طاقات تلك الولايات واقتصادها، خصوصًا وأن الدولة العثمانية وقتذاك كانت جد مشغولة في أمورها الداخلية من جهة، وأمورها الخارجية من جهة أخرى.
وهناك دوافع وأسباب أدّت بالعثمانيين إلى إسناد تلك المهمة إلى ولاية مصر وواليها محمد علي باشا، حيث إنَّ ولاية مصر أكبر الولايات العربية العثمانية في المنطقة، وهي ذات إمكانات بشرية واقتصادية ومالية كبيرة، بالإضافة إلى خبراتها الحربية وتجاربها السياسية والإدارية مع مناطق الجزيرة العربية خصوصًا الجانب الغربي منها. ولم تكن تلك التجارب وليدة فترة زمنية محدودة، أو حقبة تاريخية معينة، وإنما هي تجارب تاريخية ممتدة على فترات تاريخية متشابكة ومتعاقبة. ويعدّ هذا التكليف بمثابة جس نبض لمحمد علي وامتحان لابد أن يدخله ويجتازه حتى يحافظ على زعامته.
وأول تكليف رسمي وجه إلى محمد علي باشا كان في عهد السلطان مصطفى الرابع، وذلك عام 1222هـ، 1807م، استنادًا إلى معلومات الوثائق العثمانية المحفوظة بدار الوثائق القومية بالقاهرة. وقد اعتذر محمد علي في بادئ الأمر متعللاً بالمشكلات الاقتصادية والظروف الصعبة التي تمر بها ولايته نتيجة تمكن المماليك من السيطرة على صعيد مصر، ونتيجة لانخفاض الفيضان في نهر النيل، بالإضافة إلى ما أبداه من مخاوف تجاه أطماع الدول الأوروبية في ولايته. ولكن مع هذا كله اضطر محمد علي باشا إلى قبول الأوامر والإذعان لمطالب السلطان.
======================================
======================================
الحملات العسكرية علي الدولة السعودية الأولى |
حملة أحمد طوسون :بدأت حملة طوسون السفر من القاهرة في 19 رجب 1226هـ، 1811م، وكانت تتألف من 8,000 جندي، منهم خمسة آلاف من المشاة والمدفعية سافروا بحرًا. ومنهم ثلاثة آلاف من الفرسان سافروا بطريق البر عبر العقبة ومنها إلى ينبع أحد موانئ إقليم الحجاز.
حاول محمد علي باشا وكذلك السلطات العثمانية في إسطنبول استمالة الشريف غالب العدو اللدود للدولة السعودية الأولى، عن طريق الرسائل التي أرسلت إليه بوساطة التجار العاملين في التجارة في مدينة جدّة. ولم تجد الحملة مقاومة في ينبع التي كانت تُدير أمورها جماعات من قبيلة جهينة المؤيدة للدرعية. وركز أحمد طوسون قائد الحملة على إغداق الأموال والهدايا والخلع على شيوخ القبائل ورؤساء الجماعات التي تقطن الموانئ الحجازية ولها نفوذ فيها لتكون سندًا لقواته، ولتقبل تأجير إبلها إلى القوات العثمانية من أجل حمل المؤن والعتاد من المناطق الساحلية إلى داخل بلاد الجزيرة العربية.
قرر السعوديون استدراج القوات العثمانية إلى الأراضي النجدية من أجل إضعافها وتشتيت قواتها. ولجأوا إلى أسلوب المقاومة والدفاع عوضًا عن الهجوم. وبهذا الأسلوب نجح الإمام سعود بن عبدالعزيز في السيطرة على الطريق الرئيسي الواصل بين المدينة المنورة ومنطقة القصيم. وتمكنت القوات السعودية من إنزال هزيمة كبيرة بقوات طوسون في وقعة وادي الصفراء، حيث إن القوات السعودية بقيادة الأمير عبدالله بن سعود والقائد السعودي سعود بن مضيان كانت قد تمركزت في القمم الجبلية المطلة على أطراف الوادي. وبعد هذه الهزيمة اضطر أحمد طوسون إلى طلب العون والمساعدة من والده محمد علي باشا.
=============================
حملة أحمد بونابرت الخازندار : أرسل محمد علي باشا حملة عسكرية جديدة ضد الدولة السعودية الأولى، كانت تحت قيادة أحمد بن نابرت الخازندار من أجل دعم صمود حملة أحمد طوسون، وكان ذلك عام 1227هـ، 1812م. وقد وصلت تلك الإمدادات العسكرية إلى ميناء ينبع، وكان طوسون قد نقل قيادته إلى بدر، وهناك أخذ ينظم القوات العثمانية المصرية، وبعدها زحف صوب وادي الصفراء واحتله. ثم تقدمت قوات طوسون وحاصرت المدينة المنورة وضربت سورها بالمدافع ودمرت بعض أجزائه بالمتفجرات، عندها اضطرت الحامية السعودية في المدينة إلى الاستسلام. وتعود سرعة استيلاء طوسون على المدينة لعدة أسباب:
1ـ قوة جيش طوسون، وحداثة معداته العسكرية، وتدريبه المنظم.
2ـ تأييد بعض القبائل البدوية لطوسون، وتعرض الحامية السعودية في المدينة المنورة إلى مرض الكوليرا الذي فتك بجندها.
3ـ التأييد الذي لقيته حملة طوسون في المدن الحجازية خصوصًا من الأشراف وأصحاب النفوذ في الحجاز وهو أمر له مفعوله النفسيّ والمعنوي في المعركة.
أما مكة المكرمة فقد انسحب منها السعوديون بعد انضمام الشريف غالب بن مساعد إلى القوات العثمانية المصرية، وبذلك استرجعها العثمانيون. وبعدها دخلت قوات الحملة مدينة الطائف، وبذلك تكون مدن الحجاز جميعها قد عادت إلى السيادة العثمانية الممثلة في سيادة والي مصر.
ونلحظ هنا أن القوات السعودية كانت قد وضعت خطة استراتيجية عسكرية ضد قوات محمد علي باشا تمثلت في إخلاء مواقعها العسكرية تدريجيًا، وتركيز قواتها العسكرية في الأراضي النجدية. ونجح الإمام سعود في استدراج قوات أحمد طوسون إلى نجد حيث المناطق الصحراوية الشاسعة التي تجهلها تمامًا قوات طوسون، ولم تجرّب الحرب فيها. بالإضافة إلى ذلك فإنها بهذا الأسلوب تكون قد أبعدت قوات طوسون عن مركز العتاد والمؤن من جهة، وعن قيادتها المركزية من جهة أخرى. وبعد ذلك يمكن الانقضاض عليها وتشتيتها. كما أن القيادة العسكرية السعودية كانت قد خططت لتنفيذ خطة هجومية ضد القوات العثمانية المصرية الزاحفة صوب نجد. فقاد الإمام سعود جيشًا زحف به صوب الحناكية للسيطرة على الطريق الرئيسي الذي يربط المدينة المنورة بالقصيم. ونجح الجيش السعوديّ في أسر جماعات من القوات العثمانية المصرية وإرسالها إلى والي بغداد تحت حراسة أمير جبل شمّر. وقام جيش الإمام سعود بعدة حملات تأديبية ضد البدو الذين أيدوا القوات العثمانية. وسار جيش سعودي بقيادة فيصل بن سعود إلى تربة واتخذها مركزًا للقيادة السعودية في المنطقة. واستطاع هذا الجيش إنزال هزيمة ساحقة بقوات طوسون التي كانت تحت قيادة مصطفى بك رئيس الفرسان والشريف راجح أحد الأشراف المرشحين لشرافة مكة بعد الشريف غالب.
ارتبك موقف طوسون من جراء انهزام قواته في تربة، وتأييد عدد من قبائل المنطقة للدولة السعودية الأولى، ولأنه ظل لا يعلم شيئًا عن قواته في الحناكية بعد أن سيطر السعوديون على الطريق الواصل بين المدينة المنورة والقصيم. فدفع هذا الأمر طوسون إلى طلب العون والمساعدة مرة أخرى من والده محمد علي باشا الذي رأى ضرورة سفره إلى الحجاز لمراقبة الموقف عن كثب، وإجراء اللازم لتغيير الموقف كي يكون في صالح قواته.
=========================
حملة محمد علي باشا: وصل محمد علي باشا مدينة جدّة عام 1228هـ، 1813م. وفيها أخذ يعدّ الخطط لاستمالة العربان رجال القبائل، والشيوخ منهم. وجعل مدينة جدّة مستودعًا رئيسًا للعتاد. واهتم بوسائل نقل المؤن والعتاد من مصر إلى الحجاز. وأقام حاميات عسكرية على الطرق الرئيسية وفي المواقع الاستراتيجية. وجعل الطائف مركز قيادة ابنه طوسون. وألقى القبض على الشريف غالب، وصادر أمواله، وأرسله إلى مصر عام 1228هـ، 1813م لأنه لايثق بولائه. وفي ظل هذه الظروف الصعبة توفي الإمام سعود بن عبدالعزيز عام 1229هـ، 1814م. وبهذا حُرمت الدولة السعودية الأولى من قيادة إمام محنك، وعسكري مجرب، وإداري قدير، وشخصية قوية. وقد خلفه في حكم الدولة السعودية الأولى أكبر أبنائه عبدالله بن سعود، وهو أقل خبرة ودراية في إدارة شؤون الدولة من والده.
كانت القوات السعودية في الجنوب بقيادة طامي بن شعيب قد حققت نصرًا كبيرًا على قوات محمد علي باشا في حصن بخروش علاس، وألحقت بها خسائر فادحة في الأرواح والمعدات. ولكن الدولة السعودية الأولى لم تستفد من هذه الانتصارات كثيرًا لأن الإمام عبدالله بن سعود كان وقتها في حرب ضد قبيلتي مطير وحرب اللتين خرجتا عليه.
وشارك محمد علي بنفسه في وقعة عنيفة ضد القوات السعودية في بسل الواقعة بين الطائف وتربة. وتمكنت القوات العثمانية المصرية من تحقيق انتصار ساحق على القوات السعودية في هذا المكان عام 1230هـ، 1815م، وكان قائد القوات السعودية في تلك الوقعة الأمير فيصل ابن سعود الكبير أخا الإمام عبدالله بن سعود. وبعد تلك الوقعة تقدمت القوات العثمانية المصرية إلى بلدة تربة واحتلتها، وأصبحت تلك البلدة مركزًا عامًا للقوات العثمانية المصرية بدلاً من مدينة الطائف ومن قبلها ميناء ينبع على البحر الأحمر.
صدرت الأوامر إلى محمد علي باشا من الباب العالي تأمره بتوجيه حملات عسكرية تأديبية ضد قبائل عسير المؤيدة للدولة السعودية الأولى. فوجه محمد علي باشا قوات صوب الجنوب، احتلت بيشة وهي مفتاح الطريق إلى بلاد عسير من جهة الشمال الشرقي. وهزمت كذلك قوات طامي بن شعيب المؤيدة للدولة السعودية الأولى. وبعد ذلك تقدمت قوات محمد علي باشا صوب بلدة القنفذة واحتلتها. وهكذا أصبح جنوب الحجاز خاضعًا في مُعْظَمه لسيادة محمد علي والدولة العثمانية. وفي خضم هذا الجهد الحربي للقوات العثمانية المصرية عاد محمد علي باشا إلى مصر على أثر تمرد حدث فيها.
وفي ميادين القتال الشمالية كانت قوات طوسون قد وصلت في زحفها إلى بلدة الرس بعد أن استولت على عدد من بلدان منطقة القصيم. وعلى الرغم من هذه الانتصارات التي حققتها قوات طوسون على بعض بلدان القصيم، إلاّ أن طوسون أدرك أنه ارتكب خطأ كبيرًا حين توغل في منطقة القصيم حيث إن قواده وجنده لايعرفون المنطقة، ولايتقنون حرب الصحراء بالقدر الذي تتقنه القوات السعودية المتدربة عليه والتي تعرف البلدان ودروبها ومناطق وجود الماء فيها، بالإضافة إلى تأييد السكّان لها. لذا فكر طوسون أن يعقد صلحًا مع الإمام عبدالله بن سعود ويلحق بعد ذلك بوالده، خصوصًا وأن صحته قد اعتلت ومرض وأصبح بحاجة إلى الراحة والبعد عن القتال والحروب، وقد ضمن ذلك في رسالة إلى والده محمد علي كي يأذن له بالعودة إلى مصر. فاستأذن محمد علي الباب العالي في ذلك فوافق، عندها عاد أحمد طوسون إلى القاهرة عام 1231هـ،1815م.
وقبل أن يعود طوسون إلى القاهرة دخل في مفاوضات مع الإمام عبدالله بن سعود الذي جمع القوات السعودية وتوجه بها إلى القصيم لمحاربة القوات العثمانية المصرية التي احتلت الخبراء والرس وغيرهما من بلدان منطقة القصيم. و توصل الطرفان إلى صلح مؤقت، وهو ليس صلحًا بقدر ماهو هدنة مؤقتة، عرف بصلح الرس، شروطه:
1ـ أن تقف الحرب بين الطرفين.
2ـ استقلال الإمام عبدالله بن سعود بحكم نجد بعد أن تنسحب القوات العثمانية المصرية منها.
3ـ أن يبقى الحجاز تحت السيادة العثمانية ممثلة في سيادة محمد علي باشا والي مصر.
4ـ احترام سلامة التنقل في بلاد نجد وفيما بينها وبين الحجاز وولاية الشام وولاية مصر وغيرها من الولايات العثمانية.
5ـ عدم اعتراض سبيل الحجاج وقوافلهم من الجانبين.
وبمقتضى هذا الصلح انسحبت قوات طوسون من بلدان نجد في شهر شعبان عام 1230هـ، 1815م، إلاّ أن فترة السلم هذه لم تدم طويلاً لأن كلا الطرفين ظل يعد العدة من أجل محاربة الطرف الآخر.
[b]