البحث عن السمة الفينيقية لتحديد أحفاد الشعب الفينيقي :نشرت (الدورية الأميـركية للجـينات البشرية) يوم 30-11-2008 دراسة فتحت مجالاً جديداً لإعادة فهم حقيقة هذا الشعب الفينيقي الذي يبدو ظاهرياً، وكأنه اختفى،
الحمض النووي (د ن أ): الحمض النووي الذكوري للذكور محفوظ في جزء من صبغية واي Y Chromosome وبه جين مختص بالسلالة يتناقله الرجال فقط من جيل الى جيل منذ الخليقة
والناس المعاصرون يحملون حتى اليوم في خلاياهم تاريخ هذا الجين لاجدادهم منذ هجرة أجدادهم منذ 60 ألف عام من افريقيا لبقية قارات الارض.
أما الحمض النووي للإناث( Maternal DNA ) : تورثه الأمهات لاولادها الاناث والذكور وهو موجود في «الميتكوندريا Mitochondria»المسؤولة عن إنتاج الطاقة للخلية، وهذا الحمض ينتقل من جيل الى جيل فقط من خلال الام.
اما الحمض النووي الذي ينقله الآباء Paternal DNA فينتقل للأبناء الذكور فقط على صبغية الكروموسوم واي (Y Chromosome).
الحمض النووي الأنثوي لا يختلط أبدا مع الحمض النووي الذكوري في جسم الانسان
والتغير الوحيد الذي يؤثر علي هذا الحمض الذكوري (الموجود في جزئية معينة من الكروموسوم واي التي يحملها الذكور ) هو التحور الطبيعي للجين( Mutation ) الذي يحدث بلا قانون محدد
ويتكرر التحور عبر الزمان الممتد. وهذه التحورات ت تساعدنا علي تحديد الزمن الذي حدثت فيها التحورات.
موضوع تعدد تحورات الحامض النووي في الكروموسوم واي تشبه كتابة رسالة مكتوبة ليست علي ورقة ولكن علي الخلية البشرية ومع كل مولود ذكر يتم استنساخ ذات الكتابة جيلا بعد جيل ولكن أحد الأحفاد قد يحدث عنده طفرة جينية فيتغير النص الموجود بتغيير حرف وحيد في هذه الرسالة. ثم يجئ حفيد آخر ويحدث تغيير أحد الحروف المكتوبة بالرسالةً فيرث نسله التغييران ، ثم يجئ حفيد آخر ويحدث تغيير أحد الحروف المكتوبة بالرسالةً فيرث نسله الثلاثة تغييرات -- وتسمي هذه التغييرات تحورات
كلما لاحظنا تحولات اقل في الحمض النووي، استنتجنا ان هذا الحمض اقدم من غيره. وبناءً على وتيرة التحورات وعددها نستطيع ان نحدد في اي فترة زمنية وفي اي مكان حدث هذا التحور
لو أتاك شخصان يقولان أنهما يتشاركان في جد عاش منذ الف سنة ففي مقدورك تأكيد ذلك لهما أو نفيه بعد ان تأخذ عينتين ضئيلتين لهما من الدم وترسلها لمعمل الجينات وتعاين الحمض النووي DNA في جزء من صبغية واي (Y Chromosome) لكل منهما.
هابلوجرام السلالة هو جزء من الكروموسوم واي و أيضاً هو مؤشر دقيق لهجرات البشر،وقد كشف كفاليس سفورزا هذه الحقيقة امام العالم في العام 1991
و بدأت طريقة استكشاف تاريخ البشر عبر دراسة الحمض النووي DNA اطلقها فريق يرأسه العالم الايطالي الاصل «كفاليس سفورزا Cavalli Sforza» في جامعة ستانفورد في الولايات المتحدة الاميركية
وظهر علم جديد اسمه الأنثربولوجيا الجينية Anthropology - Genetic وهوعلم جديد يجمع بين علم الآثار Archeology وعلم الجينات Genetics.فعندما يأتيك علم الآثار ببقايا عظام او جلد لبشر عاشوا منذ آلاف السنين، يستطيع علم الجينات معاينة الحمض النووي DNA في هذه البقايا ودرسها. كما يدرس الناس الذين يعيشون اليوم والاصول الوراثية لأجدادهم من خلال معاينة الحمض النووي في جيناتهم.
الدكتور سبنسر ولز Spencer Wellsوهو احد طلاب كفاليس سفورزا قام بدراسة انثربولوجية جينية في محاولة لرسم تاريخ الهجرات البشرية، أدهشت من شاهدها على شاشات بعض محطات التليفزيون العالمية المهمة.
مشروع ''جينوجرافيك'' بدأ في إبريل عام 2005 للتحقق من الأصول البشرية والهجرات.
و»جينوغرافيك« هو مشروع دراسي وراثي يحاول وضع خريطة جغرافية للشعوب، من خلال تحليل عوامل وراثية تميزهم عن بعضهم بعضاً وربطها بالشعوب القديمة.
ويهدف المشروع الذي يستمر خمس سنوات إلى جمع أكثر من 100 ألف عينة من الحمض النووي الأميني من الشعوب الأصلية والتقليدية في شتى أنحاء العالم وتعقب أعداد البشر الذين هاجروا من أفريقيا إلى كل ركن من أركان العالم ، وبانتهاء المشروع يستطيع كل شعب تحديد أصوله ومعرفة التوزيع الجغرافي لبقايا أحفاده.
والذي يهمنا هنا مافعل فريق البحث المختص بدراسة الفينيقيين
البحث عن السمة الفينيقية : التقي بيير زلوعة بـ«سبنسر ولز» في العام 1999 اثناء وجوده في جامعة هارفارد واقترح عليه أن يساعده إن قام بمشروع لدراسة الاصول الجينية للشعب اللبناني. فوافق وبدأ في العام 2002 - 2003 تجمبع ألف عينة من عينات الدم او اللعاب للاشخاص من اناس يعيشون على الشاطئ التركي ومن لبنان وصولاً الى تونس ومالطا واسبانيا. حيث كان للفينيقيين وجود حضاري في هذه المناطق حسب مصادر تاريخية واركيولوجية رصدت سابقاًأماكن الانتشار الفينيقي في حوض البحر الابيض المتوسط وهي الامكنة التي يجب ان تجمع عينات الحمض النووي منها.
ثم تمت دراسات على صبغية واي (Y Chromosome) الموجودة في هذه العينات.
وبدأت تظهر النتائج في العام 2004، وهذ النتائج نشرتها مجلة ناشيونال جيوجرافيك National Geographic
بل ذهبوا الى المتحف التركي لمعاينة بقايا احد ملوك صيدا الفينقيين التي نقلها الاتراك من لبنان قبل حوالي 200 سنة، ولاستخراج عينات من الحمض النووي لدرسها.
لكن هناك صعوبة شديدة في استخراج الحمض النووي، من بقايا اشخاص عاشوا منذ آلاف السنين ،،
ويوجد في العالم 3 مختبرات فقط قادرة على استخراج الحمض النووي من بقايا عمرها آلاف السنين. واحد هذه المختبرات في المانيا وقد وافق على العمل على العينات التي جمعها دون ان يتقاضى ثمن اتعابه.
وهناك طريقة مخبرية تسمح لنا بتحديد اوقات الهجرات التي تمت تاريخياً من لبنان الى مالطا. وهكذا نستطيع ان نعرف الفترة الزمنية التي انتقلت فيها الجينات التي كانت موجودة عند الفينيقيين الى مالطا او تونس او اسبانيا.
بحث أجراه فريق من العلماء والباحثين بقيادة كريس تايلر ـ سميث من معهد «ويلكم تراست سانغر»، اكتشف مؤشراً جينياً للفينيقيين في المورث الذَكَري «واي».
ثم باشر الباحثون فحص جينات سكان هذه المناطق ومقارنتها بجينات جماعات أخرى في حوض المتوسط تسكن مناطق لم يقطنها الفينيقيون. وعندها اكتشفوا اختلاف مع جينات مناطق توطن الفينيقيين .
يعني اعتمد الباحثون بداية على دراسة المناطق التي تشكل فينيقيا القديمة في لبنان وجنوب سوريا ووجد السمة الوراثية الفينيقية عن طريق دراسة مناطق تمركز الفينيقيين المحددة تاريخياً حول شواطئ البحر المتوسط وتناسلوا بهذه المناطق وبإجراء مقارنات لتلك العينات التي أخذها الباحثون من خلايا الذكور من سكان تلك المناطق مع خلايا الذكور من سكان المناطق المجاورة التي لم يسكنها الفينيقيون، وبفحص الكروموسوم واي لكل عينة أمكن للباحثين إلى تحديد دقيق لسمة مميزة تم تسميتها بالسمة الفينيقية
وهو أيضاً ما ساهم في استبعاد السمات الوراثية الأخرى الموجودة في لبنان فهي ناتجة عن نسل رجال الشعوب المهاجرة والغازية الذين استوطنوا لبنان
فقد تعرض لبنان الى غزوات من شعوب الاغريق و الرومان والعرب الاسماعيليين لكن الاختلاط بين تلك الشعوب والشعب اللبناني كان محدوداً وهذا ما نراه في الحمض النووي للعينات اللبنانية التي فحصت لكن اكتشفوا جينات الشعوب التي قدمت مع الغزوات الصليبيةضمن عينات جينات الشعب اللبناني فقد حدث هجرة واقامة و اختلاط ونستطيع ان نتبين الاثر الجيني للشعوب الاوروبية التي شاركت في هذه الحملات.
الدراسة لم تعتمد على مقارنة الخريطة الوراثية لشعوب لبنان وسوريا وتونس، مع أي مرجع من الحمض النووي القديم للسكان الفينيقيين.لكن استخدمت صيغ في الرياضيات سمحت بإجراء المقارنات الوراثية والوصول إلى الاستنتاجات، من دون الحاجة لعينات وراثية من هياكل عظمية قديمة لأنمن الصعب جداً الحصول على حمض نووي (فينيقي) سليم في هذه الهياكل أو أسنانها
تمكّنا من تحديد بصمة وراثية خاصة بالفينيقيين مكنتنا أيضاً من رسم خريطة تواجد أحفاد الفينيقيين عبر البحر المتوسط
فقد تمكن فريق من الباحثين اللبنانيين والدوليين يعمل ضمن مشروع »جينوغرافيك« من تحديد سمة وراثية خاصة بهذا الشعب موجودة فقط على الكروموزوم Y لدى الذكور. وهو ما مكّن الباحثين من تحديد آثارهم في الشعوب الحديثة، لا سيما تلك التي تسكن مناطق استوطنها الفينيقيون منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة.
قال التقرير الذي نشر يوم 30-10-2008 في مجلة ناشيونال جيوغرافيك National Geographic الشهيرة التي توزع 30 مليون نسخة شهرياً. إن الفينيقيين الذين جابوا البحار تركوا للعالم ما هو أكثر من الحروف الأبجدية والصبغة الأرجوانية. فلقد تركوا أيضا جيناتهم الوراثية (الحمض النووي الأميني) متناثرة بين الرجال في حوض البحر المتوسط.
وقال فريق من ناشيونال جيوجرافيك وآي.بي.إم في ''الدورية الأميركية للجينات البشريةGenetics American Journal of Human'' إن واحدا من كل 17 رجلا يعيش في منطقة البحر المتوسط يحمل هابلوجرام علي كروموسوم ''واي'' انحدر إليه من جده الفينيقي
وبحسب الباحث اللبناني بيير زلوعة فإن هذه السمة الفينيقية يحملها من ١٠ إلى ٢٠ % من سكان لبنان المعاصرين وتتركز في سكان الساحل منهم،
و هذه السمة اكتشفت بين سكان مستعمرات الفينيقيين في البحرالمتوسط ، مثل قبرص ومالطة وجنوب إسبانيا وقرطاج،ونسبتها تتراوح بين ٦ و١٠ في المئة من السكان ، أي يجب اعتبارهم متحدرين من الفينيقيين.
ولوحظ تقارب جيني وراثي كبير بين سكان قرطاج وسكان مالطا الحاليين مع الشعب اللبناني.
وقال كريس تايلر سميث من معهد و''يلكوم ترست سانجر إنستيتيوت '' البريطاني الذي يشارك مختبره الخاص بتتبع السلاسل الجينية في هذه الدراسة
''عندما بدأنا لم نكن نعرف شيئا عن جينات الفينيقيين. وكان كل ما يقودنا على الطريق هو التاريخ. وكنا نعرف أين استوطنوا والأماكن التي لم يستوطنوا فيها.ولكن المعلومات البسيطة تحولت لتصبح بمساعدة علم الهندسة الوراثية الحديثة كافية لتتبع قوم اختفوا من على سطح الأرض''.
وقال دانييل بلات من آي.بي.إم :''صبيا واحدا في كل صف دراسي من قبرص حتى تونس ربما كان ينحدر مباشرة من التجار الفينيقين ،،وهذه النتائج هامة لأنها توضح أن مواقع المستوطنات الفينيقية تتميز بإشارة جينية مميزة عن أي إشارة قد تكون متروكة من أي توسعات تجارية أو استيطانية أخرى عبر التاريخ''.
================
للحصول علي خريطة تتعقب سير الجينة الفينيقية في حوض المتوسط اضغط علي الرابط التالي :
http://www.assafir.com/Photos/Photos31-10-2008/302620-1.JPG=================
2- لمشاهدة صورة د. بيار زلوعة وهو عالم وراثة يعمل بالجامعة اللبنانية الأميركية فالرابط هو :
http://www.scienceandworld.com/snewsphoto/news37.jpg