========
مارس سنة 68
.أعلن ( يوليوس فندكس
Julius Vindex حاكم ليون الغلي أعلن استقلال بلاد الغليين ،
ولما عرض نيرون جائزة قدرها 2.500.000 سسترس لمن يأتيه برأسه أجاب فندكس عن هذا القول: " أن من يأتيني برأس نيرون سيأخذ في مقابل ذلك رأسي"
. وأخذ نيرون يعد العدة لملاقاة هذا العدو الشديد البأس في الميدان، وكان أول ما عني به أن اختار العربات لينقل عليها آلاته الموسيقية وأدوات المسرح.
-------------------------
أبريل سنة 68
انضمام جلبا Gelba قائد الجيش الروماني في أسبانيا إلى فندكس في ثورته، وشرع في الزحف على روما
. وسمع مجلس الشيوخ أن الحرس البريتوري يتأهب للخروج على الإمبراطور طمعاً فيما يناله رجاله من أجور عالية، فنادى بجلبا إمبراطوراً.
-------------------
سنة 68
انتحار نيرون
نيرون يئس من البقاء كامبراطور وعندئذ وضع بعض السم في صندوق صغير، وبعد أن تسلح بهذا السلاح الفتاك من بيته الذهبي إلى الحدائق السرفيلية الواقعة في طريق أستيا. وطلب قبل فراره إلى من كان في القصر من الضباط أن يرافقوه، فرفضوا جميعاُ طلبه، وأنشد له أحدهم بيتاً من شعر فرجيل يقول فيهِ: "وهل من الصعب على الإنسان إذن أن يموت؟". ولم يكن في مقدوره أن يصدق أن سلطاته قد فارقته فجأة ، فأخذ يرسل النداء تلو النداء إلى الكثيرين من أصدقائه يطلب إليهم النجدة، ولكن أحداً منهم لم يرد على رسالة من رسائله، فذهب إلى نهر التيبر يريد أن يغرق نفسه فيه. حتى إذا بلغه خارت قواه، وعرض عليه فاؤون أحد معاتيقه أن يخفيهِ في بيته القائم على طريق سلاريا، ورحب نيرون بهذا الاقتراح، واجتاز في ظلال الليل على ظهر جواد أربعة أميال من وسط المدينة إلى بيت فاؤون. وقضى تلك الليلة في مخزن الطعام، وعليه جلباب قذر، يتلوى من الجوع، ولم يطف بجفنه النوم، ترتعد فرائصه فرقاً في كل صوت يقع على أذنيهِ.
وجاء رسول فاؤون يبلغه أن مجلس الشيوخ قد نادى بأن نيرون عدو الشعب وأمر بالقبض عليهِ، وقرر أن يعاقب "حسب السنة القديمة"!
وسأل نيرون عن ماهية تلك السنة القديمة؟؟
فقيل له: "إن الرجل المذنب يجرد من ثيابهِ، ويصلب جسمه في عمود بمسمار ذي شعب يُدق في عنقهِ، ثم يُضرب حتى يقضي نحبه."
وارتاع نيرون من هول هذا العقاب، فحاول أن يطعن نفسه طعنة تقضي عليهِ، ولكنه أخطأ إذ جرب سنان الخنجر اولاً ووجده حاداً لا يطيقه فنادى قائلاً: "أي فنانا يموت موتي!".
وسمع في مطلع الفجر وقع حوافر الخيل، فأدرك أن جنود مجلس الشيوخ قد أدركوه، فأنشد بيتاً من الشعر يقول: "استمعوا؛ ها هي ذي أصوات الساعين إلىَّ تقع على أذني"-ثم طعن نفسه بخنجر في حلقه، ولكن يده اضطربت ووهنت فأعانه إبثروديتس أحد معاتيقه على أن يدفع سن الخنجر إلى نهايته. وكان قد طلب إلى من حوله قبل موتهِ أن يحولوا دون تشويه جسمه، وأجابهم رجال جلبا إلى ما طلبوا.
وقامت مربياته العجائز وأكتى عشيقته السابقة بدفن جثته في قباب القصر دومتيوس
وابتهج كثيرون من العامة بموتهِ، واخذوا يطوفون بأحياء رومة وعلى رؤوسهم قلانس الحرية.
ولكن الذين حزنوا كانوا أكثر منهم لأن سخاءه على الفقراء لم يكن يقل عن قسوته الشديدة على العظماء، وأصغوا إلى ما أشيع وقتئذ من أنه لم يمت ، بل خرج يقاتل أعداءه في طريق رومة، ولما أن تأكدوا آخر الأمر من نبأ موته، ظلوا شهوراً كثيرة يحجون إلى قبرهِ وينثرون الأزهار أمام القبر !
المصدر : ديورانت ، قصة الحضارة
#########################################
9-6-68??
انتحار الامبراطور الروماني نيرون
Death of Emperor Nero
Nero (31), Roman Emperor (54-68), committed suicide.
تفاصيل:
-----------------------------------------------
68-69
Galba reigned as the Roman emperor. He was a commander of Roman forces in Spain and acclaimed emperor by his 2 legions. When the praetorian guard accepted Galba, Nero committed suicide.
(WUD, 1994, p.1667)
--------------------------------------------
سنة 68
* عقب موت الإمبراطور نيرون تعاقب على عرش روما أربعة أباطرة فى عام واحد : جالبا - أتونو - فيتلسيوس ثم فسبسيان وتولى مصر في عهده تيبريوس يوليوس لوبوس .
-------------------------
في يونية من عام 68،
وصل سرفيوس سلبيوس جلبا Servius Sulpius Galba روما وكان من أصل شريف، فقد كان أبوه عل حد قولهِ ينحدر من نسل جوبتر، كما كانت أمه تنتمي إلى باسفائي Basipha( زوجة مينوس Minos.
صفته (في السنة التي ارتقى العرش) : أصلع الرأس متقلص اليدين والقدمين من داء المفاصل، فكان لا يستطيع أن يلبس حذاء أو يمسك كتاباً.
أخلاقه: شيخ ضعيف كان يتصف بالرذائل المألوفة لدي الروم، ولذلك لم تكن هذه الرذائل هي التي قصرت حكمه، بل إن الذي أحنق الجيش والشعب عليه هو اقتصاده الشديد في الأموال العامة، وحرصه الشديد على تنفيذ العدالة.
---------------------
سنة 68
أمر الامبراطور جلبا كل من نال أعطية من نيرون أن يرد تسعة أعشارها (90%)ِ إلى خزانة الدولة،لأنها منهوبة منها
وبهذا القرار الخطير خلق الامبراطور لنفسهِ آلافاً من الأعداء الجدد وتصرمت أيامه سراعاً.
وذلك أن شيخاً مفلساً يدعى ماركس أتو Marcus Etho أعلن أنه لا يستطيع أداء ديونه إلا إذا أصبح إمبراطوراً. وانضم إليه الحرس، وزحفوا على السوق والتقوا بجلبا راكباً في هودج، ومد جلبا عنقه إلى سيوفهم دون أن يبدي أية مقاومة فقطعوا رأسه وذراعيه، وشفتيه، وحمل واحد منهم رأسه إلى أتو،
وأسرع مجلس الشيوخ فوافق على تولية أتو إمبراطوراً
لكن الجيش الروماني في ألمانيا نادي بقائده أولس فيتليوس Aulus Vitillius امبراطوراً
وكذلك الجيش الروماني في مصر نادي بقائدهِ تيتس فلافيوس فسبازبانس Titus Flavius Vespasianus إمبراطوراً
---------------------------------
سنة 68
زحف فيتلوس قائد الجيش الروماني في ألمانيا على إيطاليا بفيالقه القوية، وقضى على ما أبدته الحاميات الشمالية، وما أبداه الحرس البريتوري، من مقاومة ضعيفة، وانتحر أتو بعد أن حكم 95 يوماً، وارتقى فيتليوس عرش الإمبراطورية.
. لقد كان فيتليوس نهماً ويجعل كل وجبة من وجباته وليمة كبرى، أما شؤون الحكم فكان يكفيها ما بين الوجبات من فراغ، وإذ كانت هذه الفترات قد أخذت تقصر شيئاً فشيئاً، فقد ترك شؤون الدولة في يد معتوقهِ أسياتكس Asiaticus فلم تمضِ على هذا المعتوق أربعة أشهر حتى أصبح أغنى رجل في رومة. ولما علم فيتليوس أن أنطونيوس قائد فسبازيان يزحف بجيشه على إيطاليا ليخلعه، عهد بالدفاع عنه إلى جماعة من أتباعه واستمر هو في ولائمه.
---------------------------------------------------------------------------------------
سيرة فسبازيان :
صفته : مفتول العضلات، ذو بنية قوية لم يوهنها الإفراط ، ذا رأس عريض أصلع ضخم، وملامح غليظة ولكنها مهيبة، وله عينان صغيرتان حادتان تخترقان المظاهر الخداعة إلى الحقائق المستورة. قوي الإرادة شديد الذكاء العملي ،قوى الأخلاق ولم يكن يتصف بشيء من شذوذ
كان فسبازيان، وهذه الأحداث قائمة، يخوض غمار الحرب في بلاد اليهود، وكان قد بلغ الستين من العمر ولذلك لم يتعجل في القدوم إلى روما ليشغل منصب الامبراطور العالي المحفوف بأشد الأخطار الذي رفعه إليهِ جنوده وبادر مجلس الشيوخ إلى الاعتراف به.
فلما وصل إليها في أكتوبر عام 70 أخذ يعمل بجد على إعادة النظام إلى المجتمع الذي اضطرب في كل ناحية من نواحيهِ، وسرى جده هذا إلى نفوس أعوانه. ولما أدرك أن لا بد له أن يعاني نفس المشاق التي عاناها أغسطس، سار على سيرة ذلك الزعيم وسلك مسلكه في أخلاقه وسياسته، فسالم مجلس الشيوخ، وأعاد الحكم الدستوري إلى البلاد، وأطلق سراح من حكم عليهم من قبل بمقتضى قانون الخيانة في عهد نيرون وجلبا وأتو وفيتليوس، واستدعى من كان منهم منفياً خارج البلاد. ثم أعاد تنظيم الجيش وزاد عدد الحرس البريتوري ووسع سلطة رجاله، وعين قواداً كفاة لقمع الثورات التي شبت نارها في الولايات، واستطاع بعد قليل أن يغلق هيكل يانوس Janus رمزاً لعودة السلام وعهداً منه بالمحافظة عليهِ.
ولد في قرية سبنية قريبة من ريتي Reate وأسرته من عامة الشعب.
وكان جلوسه على العرش ثورة رباعية: فها هو ذا قائد يتربع على عرش الإمبراطورية، وهاهو ذا جيش من جيوش الولايات قد غلب الحرس البريتوري وتوج من يريده إمبراطوراً، وهاهي ذي أسرة الفلافيين Flavians قد خلفت أسرة اليوليو-كلوديين، وعادات الطبقات الوسطى وفضائلها قد حلت في بلاط الإمبراطور محل الإتلاف الأبيقوري الذي كان يتصف به أبناء أغسطس وليفيا الذين نشأوا في الحواضر.
ولم ينس فسبازيان قط أصله المتواضع، ولم يحاول أن يخفيه عن الناس، ولما حاول الأنساب أن يصلوا بنسب أسرته إلى أحد أصحاب هرقل طمعاً منهم في عطائهِ أرغمهم بسخريته على الصمت.
وكان يعود بين الفينة والفينة إلى البيت الذي ولد فيه ليستمتع بما فيه من أساليب وأطعمة ريفية، ولم يسمح بأن يُغيَر فيهِ شيء قط. وكان يزدري الترف والبطالة، ويأكل طعام الفلاحين، ويصوم يوماً في كل شهر؛ وأعلن حرباً عواناً على التبذير والإتلاف.
وجاءه في يوم ما رجل روماني رشحه لمنصب من المناصب تفوح من رائحة العطر، فقال له: "لقد كنت أوثر أن تفوح منك رائحة الثوم"، ورجع عن ترشيحه لذلك المنصب.
ولم يحجب بابه عن الناس، وكان يعيش كما يعيش عامتهم ويتحدث إليهم حديث الرجل الذي لا يترفع عنهم، ويضحك من الفكاهة التي كانت توجه إلى شخصه، ويسمح لكل إنسان أن يوجه إلى خلقه وسلوكه ما شاء من النقد بكامل حريته.
وكشف مرة عن مؤامرة تُدبر له فعفا عن المتآمرين، وقال إنهم بلهاء لا يدركون عبء المتاعب التي ينوء بها كاهل الحاكم.
ولم يُعرف عنه أنه فقد حلمه إلا مرة واحدة. ذلك أن هلفديوس برسكس Helvidius Priscus، بعد أن عاد إلى مجلس الشيوخ من منفاه الذي أخرجه إليه نيرون، أخذ يطالب بعودة الجمهورية ويطعن على فسبازيان طعناً مراً في السر والعلن، فطلب إليه فسبازيان أن يمتنع حضور جلسات المجلس إذا كان يريد أن يواصل هذا السباب، فلما رفض هلفديوس أن يجيبه إلى ما طلب نفاه إلى خارج البلاد ولوث حكمه الصالح بأن أمر بإعدامه. وقد ندم على عملهِ هذا فيما بعد
واستمسك في سائر عهدهِ، على حد قول سوتونيوس "بأعظم الصبر وهو يستمع إلى عبارات أصدقائه الصريحة...وإلى قحة الفلاسفة". وكان هؤلاء فلاسفة كلبيين ساخرين أكثر منهم رواقيين؛ كانوا فوضويين متفلسفين يشعرون أن كل حكم أياً كانت صفته عبء على الناس فرضاً، وكانوا يهاجمون كل إمبراطور يجلس على العرش.
وأراد أن يطعم مجلس الشيوخ بدم قوي جديد، بعد أن أوهنته الحرب الأهلية والقيود على اختلاط الأسر، فعمل على أن يعين رقيباً، ثم جاء إلى رومة بألف من الأسر الممتازة في إيطاليا والولايات القريبة، وسجل أسماءها في سجلات طبقتي الأشراف والفرسان، وملأ ما كان في مجلس الشيوخ من فراغ من بين هذه الأسر الجديدة. وحذا هؤلاء الأشراف الجدد حذوه بعد أن ضرب لهم أحسن الأمثلة، فأصلحوا بسلوكهم الأخلاق الرومانية والمجتمع الروماني. ذلك أن أفراد هاتين الطبقتين لم يكونوا ممن أفسدتهم الثروات الطائلة، ولم يكونوا ممن طال عليهم العهد ببعدهم عن العمل الشاق وزراعة الأرض، فلم يستنكفوا أن يقوموا بالواجبات والأعمال الرتيبة في الحياة وتصريف شؤون الحكم. وكانت تتصف بما يتصف به الإمبراطور من نظام حسن وآداب رقيقة. وقد خرج من هذه الطبقة الجديدة أولئك الحكام الذين صلحت بهم حكومة روما بعد دومتيان Domitian مدى جيل كامل
، وأدرك فسبازيان ما جره من المساوئ استخدام العبيد المحررين منفذين لأوامر الإمبراطور، فاستبدل بمعظمهم رجالاً ممن جاء بهم ومن طبقة رجال الأعمال التي اخذ عددها يزداد في رومة. واستطاع بمعونة هؤلاء وأولئك أن يرد إلى رومة كرامتها وهو عمل يكاد يكون معجزة من المعجزات.
وجد أنه في حاجة إلى 40.000.000.000 سسترس لكي ينتشل البلاد من الإفلاس ويعيد الثقة إلى خزانة الدولة ففرض ضريبة على كل شيء تقريباً، وزاد خراج الولايات، وأعاد فرض الخراج على بلاد اليونان، ورد إلى الدولة الأراضي العامة وأجرها للأفراد، وباع القصور والضياع الإمبراطورية، وفرض الاقتصاد الدقيق في نفقات الدولة إلى حد جعل الناس ينددون به ويقولون عنه إنه فلاح بخيل، وقرر ضريبة على المباول العامة التي كانت تزدان بها رومة القديمة كما تزدان بها رومة الحديثة. واحتج ابنه على هذه الضريبة الأخيرة المنافية للكرامة، ولكن الإمبراطور الشيخ أمسك بيده بعض النقود المحصلة منها وقربها من فم الشاب وقال له: "انظر يا بني، هل تشم لها رائحة كريهة؟"
. ويتهمه سوتونيوس بأنه ضاعف أموال الخزانة العامة ببيع المناصب، وترقية أشد الموظفين شراهة في جباية الضرائب من الولايات، حتى يتخموا جيوبهم بالمال حين يعزلهم فجاءة، ثم يفحص عن أعمالهم ويصادر ما جمعوه لأنفسهم!!
كان واسع الحيلة في تحصيل الأموال للدولة لكنه لم يستخدم لنفسه شيئاً مما جمعه، بل استنفذ هذا المال كله في إنعاش الحالة الاقتصادية، وفي تجميل روما بالمنشآت العامة وفي تقدمها الثقافي.
وبقي بعدئذ على هذا الجندي الخشن أن ينشئ أول نظام للتعليم تقوم به الدولة في التاريخ القديم، فكان أول ما عمله في هذا الميدان أن أمر بأن تؤدي لطائفة من ذوي الكفاية من مدرسي الآداب وعلوم البلاغة اللاتينية واليونانية أجورهم من خزانة الدولة، وأن يتحدد لهم معاش بعد عشرين عاماً من الخدمة.
ولعل هذا الشيخ المتشكك قد أحس بأن للمدرسين نصيباً في تكييف الرأي العام، وبأنهم سيمتدحون الحكومة التي تؤدي إليهم أجر أعمالهم.
ولعل سبباً كهذا هو الذي حدا بهِ إلى إعادة كثير من الهياكل القديمة في الحواضر وفي بلاد الريف نفسها. فقد أعاد بناء هيكل جوبتير، ويونو، ومنيرفا، وكان جنود فيتلوس قد أحرقوا هذه الهياكل وهدموها فوق رءوس جنوده.
وشاد معبداً لباكس Pax وثنة السلام، وبدأ أشهر المباني الرومانية كلها وهو مبنى الكولسيوم.
وغضبت الطبقات العليا حين رأت الضرائب تفرض على ثروتها لإقامة المنشآت للدولة وأداء الأجور للعمال الفقراء، كما أن العمال أنفسهم لم يحمدوا له كثيراً عمله هذا.
ومن أعماله الأخرى أنه حشد الشعب لإزالة ما خلفته الحرب الأخيرة من أنقاض، وحمل هو نفسه أول ما حمل منها، ولما أن عرض عليه أحدالمخترعين تصميم آلة رافعة تقلل الحاجة إلى العمل الجثماني إلى حد كبير أبى أن يستخدمها وقال: "إني أريد أن أطعم شعبي" وكان هذا الخطر المؤقت الذي فرضه فسبازيان على الاختراع اعترافاً منه بمشكلة التعطل الفنية، وقراراً بالحيلولة دون حدوث ثورة صناعية.
وعم الرخاء الأقليم إلى حد لم يكن له نظير من قبل، فكانت ثروتها في ذلك الوقت-إذا قدرت بالنقد على الأقل-ضعفي ما كانت عليه في عهد أغسطس، ولذلك تحملت أعباء ما زاد من الخراج من غير أن يصيبها ضرر ما.
وعين فسبازيان أجركولا Agricola الرجل القدير حاكماً على بريطانيا، وعهد إلى تيتس أن يخمد ثورة اليهود، فاستولى على أورشليم ثم عاد إلى رومة بكل مظاهر الشرف التي تتوج الإسراف في التقتيل، وسار القائد المظفر في موكب نصره ومن ورائه صف طويل من الأسرى وقدر كبير من الغنائم مخترقاً شوارع رومة، وأقيم له قوس نصر شهير لتخليد ذكرى هذا النصر الباهر. وازدهى فسبازيان بانتصار ولده ولكنه ساءه وأقلق باله أن رأى تيتس يأتي معه بأميرة يهودية جميلة تدعىبرنيس Berenice لتكون خليلة له، ويرغب أن يتزوجها، وفي هذه المرة أيضاً حمل الآسر معه آسره.
ولم يكن الإمبراطور يرى سبباً يدعو لأن يتزوج الرجل خليلته، وقد ظل هو نفسه بعد وفاة زوجته يعيش مع جارية معتوقة ولم يعن قط بأن يعقد عليها، ولما ماتت كئينس هذه وزع قلبه بين عدة محظيات. وكان قوي الاعتقاد بأنه يجب أن يستقر على رأي في وراثة العرش قبل وفاته، لأن هذه هي السبيل الوحيدة لمنع الفوضى. ووافقه مجلس الشيوخ على هذا الرأي، ولكنه طلب إليه أن يختار "خير الأخيار" ويتبناه-ولعل المجلس كان يريد منه أن يختار أحد أعضائه.
ورد فسبازيان بأنه يرى تيتس خير الأخيار. وأراد ولده أن ييسر الأمر لأبيه فأبعد عنه برنيس، واستعاض عنها بالشيوعية الجنسية ثم أجلس الإمبراطور ولده معه على العرش وعهد إليهِ قسطاً متزايداً من الحكم.
وزار فسبازيان ريتى مرة أخرى، وشرب وهو في الإقليم السبيني كثيراً من ماء بحيرة كوتليا Cutelia المسهل فأصيب بإسهال شديد. وظل وهو طريح الفراش يستقبل الرسل ويؤدي واجبات منصبه. وقد احتفظ إلى آخر لحظة بفكاهته السمجة رغم علمه بأنه قاب قوسين أو أدنى من الموت فقال: "وا أسفاه أظن أني صائر إلى أن أكون إلهاً Vae ( Puto deus fio. ووقف على قدميه وهو يكاد أن يُغمى عليهِ، وأعانه على ذلك بعض أتباعه وقال: "إن الإمبراطور يجب أن يموت واقفاً". وبهذا ختم حياة كاملة بلغت 69 عاماً، واختتم حكماً صالحاً عشر سنين.
-------------------------------------------------
تيتس
كان أكبر ولديهِ المسمى باسمه تيتس فلافيوس فسبازيانس Titus Flavius Vespasianus أسعد الأباطرة كلهم حظاً. ذلك أنه مات في السنة الثانية من حكمه وفي الثانية والأربعين من عمره وهو لا يزال "محبوباً لم تفسده السلطة أو تتكشف له خيبة الرجاء في شعبه.
لقد امتازوهو في ريعان الشباب ببأسه وقسوته في الحرب، ولوث سمعته بالانغماس في الملذات، فلما أن تولى الحكم لم تسكره السلطة، وصلحت أخلاقه، وجعل حكومته مضرب المثل في الحكمة والنزاهة.
وكان أكبر عيوبه كرمه الشديد ، فكان يرى أن اليوم الذي لم يسعد فيه إنساناً ما بهبة يقدمها يوماً أضاعه من حياته. وقد أسرف في الإنفاق على المعارض والألعاب، وترك خزانة الدولة الغاصة بالمال وهي تكاد أن تكون خاوية كما وجدها أبوه.
ومن أعماله أنه أتم تشييد الكلسيوم، وبنى حماماً عاماً جديداً في رومة، ولم يحكم على أحد بالإعدام في أثناء حكمه القصير، بل فعل عكس هذا، فقد كان الواشون والمخبرون يضربون وينفون من البلاد، وأقسم أنه يفضل أن يُقتل هو على أن يكون سبباً في قتل إنسان، ولما عرف أن اثنين من الأشراف يأتمرون به ليخلعاه، لم يعمل أكثر من أن يرسل إليهم يحذرهم، ثم أرسل رسولاً يطمئن والدة أحد المتآمرين، ويبلغها أن ابنها لم يُصب بسوء.
وكان ما أصابه من سوء الحظ ناشئاً من نكبات لا سلطان له عليها. ذلك أن حريقاً شب في رومة ودام ثلاثة أيام، دمر فيها كثيراً من الأبنية الهامة، وكان مما دمر فيها مرة أخرى هياكل جوبتير، ويونو، ومنيرفا.
وفي السنة نفسها ثار بركان فيزوف، وخرب بمبي، وأهلك آلافاً من الإيطاليين؛
وفي السنة التالية تفشى في رومة طاعون لم تشهد وباء أشد منه فتكاً في تاريخها كله. وبذل كل ما في وسعه ليخفف وقع هذه الكوارث الشديدة، ولم تظهر في ذلك العمل عناية الإمبراطور برعاياه فحسب، بل ظهر كذلك عطف الوالد الحنون على أولاده
ومات تيتس في سنة 81 في نفس البيت الريفي الذي توفي فيهِ أبوه من زمن قصير. وحزنت عليه رومة كلها إلا أخاه الذي على العرش.
المصدر : ديورانت ،قصة الحضارة> قيصر والمسيح > الزعامة > الجانب الآخر من الملكية > تيتس
===========================
Roman Empire in Year 68 :------------------------الصين سنة 68
- A bridge suspended by iron chains is constructed in China.
---------------------------
Ongoing events-------------------------
Religions in Year 68 :
Deaths @ سنة 68
=