بلقيس ملكة سبأ
إسمها :
بلقيس بنت الهدهاد بن شرحبيل بن يعفر
أبوها كان ملكاً على سبأ باليمن حوالي 800 ق.م ويبدو أنه لم يكن له اولاد فولاها العرش من بعده.
أن المصادر العربية لا تورد اشتقاقاً مقنعاً لهذا الاسم بلقيس ويدخله بعضهم مثل ابن دريد ضمن الأسماء الحميرية التي لا نقف لها على اشتقاق؛ لأن لغتها قد بعدت وقدم العهد بمن كان يعرفها.
ويتفرد في ذلك نشوان بن سعيد الحميري الذي حاول أن يقدم اشتقاقاً للاسم فقال في معجمه(شمس العلوم) : "وبلقيس اسمان جعلا اسماً واحداً مثل حضرموت وبعلبك؛ وذلك أن بلقيس لَمَّا ملكت الملك بعد أبيها الهدهاد قال بعض حمير لبعض: ما سيرة هذه الملكة من سيرة أبيها ؟ فقالوا : بلقيس. أي بالقياس فسميت بلقيس ".
روش ROESCH
ورغم بعض المحاولات، فإن المصادر الأجنبية لم تفلح أيضاً في تقديم تفسير مفيد للاسم، ولعل أشهر تلك المحاولات ما جاء به (روش ) في مقالٍ نشره عام( 1880م/ 1297هـ) وهو أن بلقيس كلمةٌ يونانية تعني جارية (PALLAKIS )، ربما كان لها علاقة بالكلمة العربية (PILAEGES ( وبالمعنى نفسه. على أن مثل هذا التفسير يُوحي بأن صاحبة الاسم كانت امرأةً ضعيفةً وتابعة، وهو أمرٌ لا يتفق مع أوصاف تلك الملكة عند الإخباريين؛
فقد ذكر ابن هشام في روايته لكتاب( التيجان) لوهب بن منبه أنه لَمَّا حضرت أباها الوفاة جمع وجوه مملكته وأهل المشورة، وكان من جملة ما قاله له لِيُسَوِّغ استخلاف بلقيس عليهم: " إني رأيتُ الرجالَ، وعَجَمْتُ أهلَ الفضل وسبرتهم، وشهدتُ من أدركتُ من ملوكها فلا والذي أحلفُ به ما رأيت مثلَ بلقيسَ رأياً وعلماً وحلماً ". أو ما ذكره على لسان (هدهد مارب)، وهو يصف الملكة لهدهد سليمان بقوله: " ملكتنا امرأةٌ لم يرَ الناسُ مثلها في حسنها وفضلها وحسن تدبيرها وكثرة جنودها والخير الذي أعطيته في بلدها ".
ومِمَّا يمكن اجتهاده في هذا الشأن أن تكون التسميةُ كنيةً في الأصل منحوتةً من كلمتين إحداهما الاسم(قيس). ويذكر ابن الكلبي في ( جمهرته ) قيساً ضمن شجرة نسبها؛ فهي (بنت القيس)كقولهم (ابن القيس) أو( أبو القيس)، فتصبح الكلمتان بعد النحت ودَرْج الكلام بلقيس، ثم جرى كسر القاف بعد ذلك قياساً على ما هو مشهور في مثل هذه الكُنى كما تنتهي كلمتا (أبو الفقيه) أو (ابن الفقيه) إلى بلفقيه و(أبو القاسم) إلى بلقاسم .
غير أن التواتر المشهور عند نشوان أن أباها هو الهدهاد بن شرحبيل، وينتمي إلى ذِي سحر من المثامنة وهي الأبيات الثمانية من حمير، أو هو الهدهاد بن شرح بن شرحبيل بن الحارث الرائش كما يذكر الهمداني.
والقرآن والتوراة- وهما المصدران الأساسيان لقصة ملكة سبأ -لم يوردا لها اسماً؛ فالتوراة تنعتها بـ(ملكة سبأ) أو (ملكة تيمنا) أي (ملكة الجنوب)، وتذكر أنها زارت النبي سليمان، وقدمت له هدايا ثمينة، والقرآن الكريم لا يذكر اسماً لها. قال الله تعالى: " وجئتك من سبأٍ بنبأٍ يقين إني وجدت امرأةً تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرشٌ عظيم " (النمل:22-23).
أما المصادر العربية الأساسية في قصة هذه الملكة فتذكرها بالاسم بلقيس خاصة كتاب( التيجان) لابن هشام وكتاب( الإكليل) للهمداني و(القصيدة الحميرية) لنشوان الحميري يقول نشوان:
أم أينَ بلقيسُ المعظَّمُ عرشُهُا -- أوصرحُهُا العالي على الأضراحِ
زارتْ سليمانَ النبيَّ بتدمرٍ -- مِنْ ماربٍ ديناً بلا استنكـاحِ
------------------------------------------
تاريخ ولادتها:
لا يوجد تأريخ لسنة ولادتها ووفاتها، لكنها عاصرت الملك سليمان بن داود ملك اليهود للفترة ( 963 ـ 923 ق.م. )
------------------------------------------
تمليكها علي قومها :
ورثت بلقيس الملك بولاية من أبيها لأنه فيما يبدو لم يرزق بأبناء ذكور.
لكن أشراف وعلية قومها استنكروا تولي امرأة العرش علي مملكتهم المترامية الأطراف وقابلوا هذا الأمر بالازدراء و الاستياء، أليس من فرسانهم رجلٌ أفضل منها لهذا المنصب ؟
وهناك روايتان :
الرواية الأولي : ثار الطمع في قلب الملك (عمرو بن أبرهة ) الملقب بذي الأذعار وتملكته الرغبة في الاستيلاء على مملكة سبأ، وبالفعل حشر ذو الأذعار جنده و توجه إلي سبأ للاستيلاء عليها و على ملكتها بلقيس، إلا أن بلقيس فرت قبل أن تقع في أسر ذي الأذعار حيث استخفت في ثياب أعرابي ولاذت بالفرار.
و عرفت بلقيس أن الفساد عم أرجاء مملكتها السابقة فقررت التخلص من ذي الأذعار، فدخلت عليه ذات يوم في قصره و ظلت تسقيه الخمر وهو ظانٌ أنها تسامره وعندما بلغ الخمر منه مبلغه، استلت سكيناً و ذبحته بها .
الرواية الثانية : أرسلت بلقيس إلى ذي الأذعار وطلبت منه أن يتزوجها ، فوافق وأتت وعندما دخلت عليه فعلت فعلتها التي في الرواية الأولى
. وهذه الحادثة هي دليلٌ على رباطة جأشها وقوة نفسها، وتخطيطها لكي تخلص قومها من شر ذي الأذعار وفساده.
الرواية الثالثة : عرض ( عمرو بن أبرهة ) المعروف بسوء الخُلق عليها الزواج فوافقت وعندما دخل عليها ذبحته وخلصت نفسها وقومها من هذا الفاسق ووطدت اركان مملكتها
--------------------------------------
وبعد عودتها الي حكم سبأ:
لما عادت لحكم سبأ استقرت البلاد أيمّا استقرار، وتمتع أهل اليمن بالرخاء و الحضارة والعمران والمدنية. كما حارب جيش بلقيس الأعداء ووطدت أركان ملكها بالعدل وساست قومها بالحكمة. ومما أذاع صيتها و حببها إلى الناس قيامها بترميم سد مأرب الذي كان قد نال منه الزمن وأصيب بنيانه بالضعف
.
-------------------------------------
قصة الملكة بلقيس مع النبي سليمان الحكيم :
كان قومها يعبدون الشمس وبقية الاجرام السماوية
أرسل لها النبي سليمان الحكيم بالهدهد ليدعوها للتوحيد.
فكرت في أن أفضل حل هو إرسال هدية لسليمان دون الحاجة لخوض حرب ومواجهة معه، فأرسلت له رسلاً بهدية عظيمة ولكنه رفضها وأصر على إرسال جيش لها
وتعجب رسل بلقيس من حجم مملكة سليمان وجنوده من الإنس والجن والحيوانات والطيور المختلفة.
================
قررت بلقيس أن تذهب إلى مملكته حتى تتوصل معه إلى حل سلمي قبل تطور الأمور، وبعد وصولها تفاجأت بأن عرش ملكها عنده.
وأعد لها سليمان الحكيم مفاجأة أخرى وكانت قصراً من البلور فوق الماء وظهر كأنه لجة فلما قال لها ادخلي الصرح حسبت أنها ستخوض اللجة ، فكشفت عن ساقيها، فلما تمت المفاجأة كشف لها سليمان عن سرها
إن قصة بلقيس قصة ذائعة منذ القدم، وقد تجاوزت شهرتها مسرح أحداثها، وتناقلتها شعوبٌ أخرى بصيغ مختلفة وروايات متعددة، وتناولتها شروحات التوراة وكتب تفسير القرآن، ودخلت في قصص الأنبياء ونصوص القديسين المسيحيين، وعُنِيَتْ بتفاصيلها كتبُ الأخبار والتاريخ خاصةً اليمنية منها، واستلهمتها روائع الفنانين الأوروبيين في عصر النهضة مثل رافائيل ورويموندي وجبرتي. واتُخِذَ موضوع القصة أساساً لكتاب الحبشة المعروف( كُبْر أنجست) أي كتاب (مجد الملوك) .
وقد كان لانتشار القصبة أثر في تنازع الناس حول الملكة، واختلافهم في اسمها وأصلها وموطنها؛ مِمَّا أضفى عليها أخباراً مصطنعةً وألواناً متعددةً كادت تَغلِب نواة القصة التاريخية، وتحولها إلى حكاية شعبية تُروى في أزمنة متفاوتة ومواطن متباعدة.
على أنَّ أشهر حادثة في حياة تلك الملكة هي زيارتها للنبي سليمان
والقرآن الكريم قد نص على هذه الحادثة، وما كان من كلام الهدهد وكلام بلقيس وكلام سليمان وإسلامها مع سليمان لله رب العالمين .
وفي مصادر القصة الأخرى تفاصيل كثيرة تختلف وتتفق على غرار ما يعتري مثل تلك الحكايات من زيادة ونقصان بحكم تقادم الزمن وولع الرواة بالتلوين والمبالغة بقصد الإمتاع. ومن أخبار الزيارة أنَّ بلقيس عندما اتخذت قرار الزيارة كتبت إلى النبي سليمان:" إني قادمة إليك بملوك قومي؛ حتى أنظر ما أمْرُكَ وما تدعوني إليه من دينك، ولتسأله مسائل عدة تمتحن نبوته وحكمته، ثم حملت معها هدايا كثيرة ودخلت بيت المقدس (أورشليم) بجمال تحملُ اللبان والطيوب والذهب والأحجار الكريمة، فاستقبلها سليمان بالترحاب، وأحسن وفادتها، وبهرتها حكمتُهُ وقوتُهُ وعجائبُ ما تصنع الجن له وهم في خدمته. ثم قال لها: ادخلي الصرح، وكان قد عُمِل من زجاج أبيض كأنه الماء في صفاءِ لونهِ، وأرسل الماء من تحته، ووضع له سريراً فيه فجلس عليه، فلَمَّا رأته حسبته لجةً، وكشفت عن ساقيها ظناً منها أنه ماء لتخوض فيه، ثم استدركت وقالت: إنه صرحٌ ممردٌ من قواريرَ، وليست لجةً، وأُسْقِطَ في يدها حين رأت عجيب ما صنع سليمان؛ فأقرت بحكمته ونبوته، وأسلمت وحسُنَ إسلامُها. وقيل إنه تزوجها وولدت له ولداً اسمه (رحبعم)، وقيل إنه زَوَّجَها( ذو بَتَع) من همدان، وردهما إلى اليمن وأمر الجن فبنوا لها قصر سَلْحين في مارب .
ويرى بعضهم أن قصة ملكة سبأ من القصص الجميل الذي يطغى نَفَسُه على الأصل، ولم يُعثر على اسم الملكة في الكتابات القديمة، ولم تدل عليها اللُّقَى الأثرية المكتشفة، بل يذهب بعضهم إلى أن سبأ لم تكن في اليمن، وإنما في مكان ما إلى الجنوب من فلسطين أو في منطقة شمال غرب جزيرة العرب. والموروث الحبشي يرى أن بلقيس ملكة حبشية زارت سليمان من أرض الحبشة وتزوجت به وأنجبت له ولداً .
على أنه ليس لدى علماء الآثار والتاريخ أي دلائل قاطعة على نسبة هذه القصة في أصلها إلى الحبشة أو إلى شمال غرب جزيرة العرب. ويرى جمهور العلماء أن الآثار الكشفية في اليمن تثبت أرض سبأ وحضارة سبأ في مشرق اليمن، وأن منطقة مارب شهدت حضارة سبئية راقية في القرن العاشر قبل الميلاد، وهو القرن الذي عاش فيه النبي سليمان عليه السلام، بل إن أحدث الدلائل الأثرية تشير إلى حياة مدنية تقوم على نظام الري منذ الألف الثالث قبل الميلاد، وحينما يولي المرء وجهه في منطقة مارب اليوم يجد أثراً ما لسبأ أو نقشاً يذكر اسم سبأ أو قبيلة سبأ أو ملك سبأ. بينما لم يُعْثر- فيما نعلم- على أي أثر في شمال غرب الجزيرة من مطلع الألف الأول قبل بالميلاد يمكن أن يُومِئ إلى حضارة راقية أو إلى مملكة سبئية أخرى. وإن كان قد عثر على آثار معينية ولحيانية وغيرها في تلك المناطق خاصةً في العلا (ددان القديمة)كما أن الجهود الأثرية في الحبشة لم تسفر عن اكتشاف حضارة راقية هناك يعود تاريخها إلى القرن العاشر قبل الميلاد. وتفيد المعلومات الأثرية أن أقدم النقوش التي عثر عليها في الحبشة هي سبئية ومكتوبة بخط المسند؛ مما يرجح القول إن أصحابها كانوا يقتفون آثار حاضرة سبأ في اليمن، وأنَّ منشأ حضارة أكسوم الحبشة هو وجود سبئي هناك بسبب الغزو أو التجارة أو الهجرة أو بسببها مجتمعة. وقد نقل السبئيون معهم الكثير من عناصر حضارتهم كاللغة والخط والدين والفن وغيرها. كما نقلوا أيضاً ملاحمهم وأخبارهم وقصصهم في الوطن الأم، ومن ذلك قصة المرأة السبئية التي كانت تملك سبأ وطريق اللبان التجاري الذي يمتد من ميناء قنا على البحر العربي غبر العاصمة مارب إلى غزة ميناء فلسطين على البحر المتوسط. ونقلوا كذلك قصة زيارتها للنبي سليمان في بيت المقدس وإسلامها على يده. وأصبحت هذه القصة تراثا مشتركاً بين الناس في جزيرة العرب وخارجها، ولكنها بقيت حية في موروث أهل اليمن أكثر من غيرهم ورمزاً تاريخياً لحضارتهم القديمة. كما ينسبون إلى تلك الملكة واسمها بلقيس عدداً من آثار مارب الرائعة فيقولون (عرش بلقيس) و(محرم بلقيس) وهكذا، ويتخذون من اسمها اسماً لبناتهم ومنشآتهم، بل ويزينون به إبداعاتهم الفنية والأدبية .
المصدر : (الموسوعة اليمنية، مؤسسة العفيف الثقافية) (1 / 542).
=========
أهل اليمن ينسبون إلى تلك الملكة بلقيس عدداً من آثار مأرب الرائعة منها (عرش بلقيس) و(محرم بلقيس)
======
حكمتها :
بالرغم من اختلاف دينها عن دين سليمان عليه السلام إلا أنها وصفت خطابه لها بأنه (كتاب كريم).
ورغم تنصيبها كملكة تحكم سبأ كانت تطلب المشورة من الرعية قائلة: " ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون " .
الخبرة وحُسن السياسة: هى تعرف طبائع الملوك وقد شهد لها الحق تعالى بذلك كما جاء في تفسير ابن كثير حيث قالت : " إن الملوك اذا دخلوا قرية افسدوها وجعلوا أعزة أهلها اذلة" فأيدها الرب بقوله " وكذلك يفعلون " .
لم تغتر بقوتها وجيشها وحضارة بلادها لكنها انحازت الى العقل والروية عند اتخاذ القرار وعليها معرفة الخصم قبل اتخاذ القرار:ارادت ان تختبر سليمان هل هو من الذين يُشترون بالمال أم لا. لذلك ارسلت له هدية قيمة تليق به وبها لكنه لم يكن من الرجال الذين يبيعون الاوطان والمباديء.
لما سألوها: اهكذا عرشك؟ لم تجب بالنفي أو الاثبات بل قالت "كأنه هو "
عندما قابلت سيدنا سليمان وعرفت أنها كانت على ضلال انحازت الى الحق وقالت : " ربي إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين "
نلاحظ رؤيتها الثاقبة بإسلامها عندما علمت وأحست بآيات الله ومعجزاته في سيدنا سليمان عليه السلام ، ونلاحظ دقة تعبيرها في قولها أنها أسلمت لله مع سليمان ولم تقل أسلمت لسليمان.
====================
سليمان –عليه السلام- تزوج من بلقيس، وأنه كان يزورها في سبأ بين الحين والآخر.
أقامت معه سبع سنين وأشهراً
==================
بعد ذلك مات ابنها الصغير (رَحْـبَعم بن سليمان )
.وبعده ماتت حزناً
------------------------------
لما ماتت دفنها سليمان في تدمر
وقد ظهر تابوت بلقيس في عصر الخليفة الأموي (الوليد بن عبد الملك ) و عليه كتابات تشير إلى أنها ماتت لإحدى وعشرين سنة خلت من حكم سليمان.
وفتح التابوت فإذا هي غضّة لم يتغير جسمها، فرفع الأمر إلى الخليفة فأمر بترك التابوت مكانه وبنى عليه الصخر
====================