الكوشيون
الكوشيون من الشعوب الحامية نسبة الى حام وهو الإبن الثاني للنبي (نوح ) عليه السلام والذي يفترض أن احفاده هم المتحدثون الأصليون باللغات الحامية.
لغات شبه الأسرة الحامية
تضم اللغة المصرية القديمة ومشتقاتها اللغات القبطية والبربرية، واللغات الكوشية. هذه الألسن الحامية كانت وما تزال هي الناطقة في شمال إفريقيا، وفي غالبية منطقة الصحراء الكبرى، ومنطقة القرن الأفريقي واجزاء من وسط وغرب إفريقيا.
اللغات المتحدرة من الأسـرة الآفرو-آسيوية أو الأســرة الحامية–السامية تشمل تقريباً كل لغات الشرق الأدنى وشمال إفريقيا. وتتكون الأسرة الآفرو-آسيوية من ستة أفرع متضامنة، وكل فرع يحمل مجموعته الخاصة من اللغات المصرية، السامية، والبربرية، والكوشية، والقماطية، والتشادية.
وطبقاً لإحدى النظريات يعتقد بأن لغات الأسرة الآفرو-آسيوية أول ما بدأ التحدث بها كان ذلك على سواحل البحر الأحمر، وهناك نظرية أخرى تشير الى أن لغات هذه المجموعة قد استقر بها المقام في إفريقيا، أساساً لوجود كل عناصر ومقومات حياتها في إفريقيا، على عكس بعض اللغات السامية التي واجهت بعض التحديات في منطقة جنوب غرب آسيا.
أما ظاهرة وجود اللغات السامية في غرب آسيا فيمكن تفسيرها بافتراض ان الناطقين بالسامية الإفريقية كانوا قد هاجروا في الأزمنة الغابرة من شرق إفريقيا الى غرب آسيا حيث استوطنوا، وفي تاريخ لاحق عاد بعض الناطقين باللغة السامية من منطقة شبه الجزيرة العربية ليستقروا مجدداً في إفريقيا.
ينتمي الى فرع اللغة الكوشية الساهو والعفر والأرومو، والصومالية، والبداوية ولغة الأغاو.
الأصل الكوشى لمرنبتاح وفقا لأهل الكتاب فإن فرعون مصر (مرنبتاح حتب ) الذى تزوج سليمان من ابنته كان كوشيا من نسل بيعنخي كان نوبيا ولم يكن ابنا لرعمسيس الثاني بل ولا ينتمي لأسرة الرعامسة الحيثيين مطلقا
ويتضح ذلك فيما قالته ابنته شولميث في سفر نشيد الأنشاد الذى لسليمان : :
أنا ســوداء وجميلـة يا بنات أورشـليم كخيام قيدار كشـقق سـليمان لا تنظرن إلي لكوني سـوداء لأن الشمس قد لوحتني .. ماذا ترون في شـولميت ( نشيد الأنشاد 1 : 6 ) ( نشيد الأنشاد 7 : 13 ).
ومعلوم أن الملك بيعنخي هو ملك نباتا الملقب مينا.
وأن الكوشيين حكموا مصر منذ زمن أكثر قدما من زمن مرنبتاح المعاصر لسليمان الحكيم .
ومن البراهين الدالة علي الأصل الكوشى لمرنبتاح هو أن الجيش والشرطة في عصر مرنبتاح كانوا من الكوشيين وفقا لما جاء بلوحة مرنبتاح الشهيرة بما نصه :
أن معاقـل الحصـون أصـبحت هـادئة ولا يوقـظ حراســها إلا الشـمس وجنود المازوى يرقدون بلا حركة.
وقد ذكر سليم حسن أن ( المازوى ) قبيلة نوبية يشتغل رجالها جنودا وشرطة عند المصريين .
زارح الكوشي :
بدأ آسا ملك يهوذا بنزع المذابح الغريبة، والتماثيل... وبدعوته لشعب يهوذا أن يطلبوا الرب إله آبائهم... "وبنى مدناً حصينة في يهوذا لأن الأرض استراحت ولم تكن عليه حرب في تلك السنين، لأن الرب أراحه" (2أخبار 6:14).
وفجأة خرج زارح الكوشي بجيش عدده مليون جندي، وبمركبات ثلاث مئة. وأمام هذا الجيش الكثير العدد "دعا آسا الرب إلهه وقال: أيها الرب، ليس فرقاً عندك أن تساعد الكثيرين ومن ليس لهم قوة. فساعدنا أيها الرب إلهنا لأننا عليك اتكلنا وباسمك قدُمنا على هذا الجيش. أيها الرب أنت إلهنا. لا يقوَ عليك إنسان" (2أخبار 11:14).
واستجاب الرب صلاة الملك آسا "فضرب الرب الكوشيين أمام آسا وأمام يهوذا، فهرب الكوشيون... وسقط من الكوشيين حتى لم يكن لهم حي لأنهم انكسروا أمام الرب وأمام جيشه. فحملوا غنيمة كثيرة جداً" (2أخبار 12:14-13).
امبراطورية كوش
سنة 750 ق.م. ظهرت مملكة كوشية جديدة في نبتة بالقرب من الجندل الرابع ونمت بسرعة وتمددت لتصبح إمبراطورية هائلة. إلى الجنوب، تأسست مروي (كبوشية). وفي الشمال، تفككت مصر إلى أجزاء تحت الحكام الليبيين، ومد الكوشيون سلطتهم ليسيطروا على مصر إلى الشمال من طيبة، مركز عبادة آمون في مصر، والذي كان أيضاً المعبود المفضل في كوش.
وحد بيَّا، أكثر الفراعنة الكوشيين شهرة، وادي النيل من البحر الأبيض المتوسط حتى مروي (كبوشية)، مؤسساً واحدة من أعظم دول القارة الأفريقية. وأصبح هو وخلفاؤه يشكلون أسرة مصر الخامسة والعشرين.
ومن خلفائه،(تهارقا ) الذي قيل أنه كان بانياً عظيماً، وقاد الحكام الكوشيون مصر في آخر مراحل إبداعاتها الرائعة، والتي وصلت إلى قمتها في القرن 6 ق.م.
بيا الكوشي
بيا (Pia)هو أول ملوك مملكة كوش بنبتة .وضع علي العرش بعدة إنتخابه من الكهنة ووافق الشعب الكوشي علي تنصيبه . وهذا كان متبعا مع الملوك الكوشيين من بعده.
يقول بيَّا بخصوص تتويجه: "الآلهة تصنع الملك، والناس يصنعون الملك، إلا أن امون قد جعلني ملكاً".
وقال بعدما أخضع الزعماء المحليين بمصر وكوش "وهبني امون النبتى حق حكم جميع البلدان، فمن أقل له كن ملكاً يكن ملكاً، ومن أقل له لا تكن ملكاً لا يكون، ووهبني امون في طيبة حكم مصر، فمن أقل له فلتصعد متوجاً يتوج، ومن أقل له لا تصعد متوجاً لا يتوج، وكل من منحته حمايتي لا يخشى على مدينته، ولن أقوم بحال باحتلالها"..
بعد السلام والإستقرار تفرغ للنشاط المعماري وبدأ في تزيين العاصمة (نبتة )وقام بتشييد المعبد الرائع في جبل البركل بديلاً عن المعبد القديم الأصغر حجماً، كما استكمل بناء المعبد الذى كان قد بدأ في تشييده كاشتا
وفي حوالي 730 ق.م.، قاد بيَّا بنجاح حملة إلى مصر خلد انتصاره فيها بحولياته التى كتبت بالخط الهيروغليفي. وكانت سياسة بيَّا التى اتبعها في مستعمرته المصرية إكتفاءه بما حققه من نجاح سابق وما ناله من هدايا وغنائم وما فرضه من جزية، فجعل الإشراف على إدارة الدلتا لمدينة طيبة البعيدة إلى الجنوب وعاد لعاصمته نبتة تاركاً الدلتا تحت سيطرة حاكمها (تف نحت )الذي استغل عودة بيَّا إلى كوش فبدأ في تهديد أمن الممتلكات الكوشية في مصر العليا، متحالفاً مع ملوك وأمراء الشمال
ولم يصدر عن بيَّا أى رد فعلٍ بل تركهم يزحفون إلى الجنوب حتى استولوا على هيراكليوبولس، عندها أمر الحامية الكوشية في منطقة طيبة بالتصدى لهم عند الإقليم رقم 15 ثم استدعى بيا القادة العسكريين في مصر، وهم (باروما ) و (ليميرسكنى) وسائر ضباطه في مصر، وقال لهم:
اتخذوا وضع الاستعداد، وخوضوا المعركة، والتفوا حول العدو وحاصروه. وأأسروا رجاله ومواشيه وسفنه النهريَّة وامنعوا المزارعين من التوجه إلى الحقول، والفلاحين من حرث الأرض. اضربوا الحصار حول إقليم الأرنب وقاتلوا العدو كل يوم بلا هوادة.وهذا ما فعلوه: وأرسل جيشاً إلى مصر، وأوصاهم مشدداً قائلا :
لا تنقضوا على العدو ليلاً وكأنكم تلعبون وتلهون، ولا تحاربوا إلا وأنتم مبصرون، وخوضوا ضده المعركة دون الاقتراب منه. واذا قال لكم: انتظروا المشاة وسلاح المركبات القادمة من مناطق أخرى. فتريثوا لحين وصول جيشه، ولا تبدأوا المعركة إلا عندما يطلب ذلك، واذا كان حلفاؤه في مدينة أخرى فاصدروا الأوامر بالإنتظار حتى يصلوا، وحاربوا في المقام الأول القادة العسكريين المصاحبين له كحلفاء، وحرسه الخاص من الليبيين،
وعند استعراض الجيش لا ندرى لمن نوجه الحديث، فنقول: أيا أنت أسرج أفضل ما في إسطبلك من جياد وهئ نفسك للمعركة عندئذ سوف تعرف اننا رسل امون
اذا بلغتم طيبة و وقفتم أمام ابت سوت اغمروا في الماء وتطهروا في النهر وارتدوا الكتان النقي، وحطوا الأقواس والقوا السهام جانباً، لا تتباهوا بأنكم أصحاب سلطة في حضرة الذى بدون رضاه ليس للشجاع قدرة، فيجعل الضعيف قوياً ، والجموع تتراجع أمام القلة وتعود أدراجها ويتغلب الفرد على ألف وتبللوا بماء هياكله، وقبلوا الأرض بين يديه وقولوا له: أرشدنا إلى الطريق، فلنحارب في ظل قوتكولتكن معارك المجندين الذين بعثت بهم مظفرة، وليستولى الرعب على الجموع عندما تواجههم.ويبدو أن القوات الكوشية حاصرت القوات المصرية المتحالفة وأجبرتها على خوض المعركة، فارضة عليها الاحتماء بمدينة هرموبولس التى تمَّ ضرب الحصار عليها,
وعندئذ توجه بيَّا بنفسه إلى مسرح العمليات متوقفاً في طريقه للاحتفال بالعام الجديد في الكرنك، وكان غرض بيَّا من ذلك مزدوجاً، فمن جانب أراد أن يعلن للملأ اعتراف امون به ملكاً، ومن جانب ثانٍ استهدف إضعاف القوات المصرية المُحاصرة بإطالة أمد الحصار تدميراً لروحها المعنوية.
وأثناء ذلك اجتاحت قواته مصر الوسطى، ووصل إلى هرموبولس فأخضع ملكها نمرود كما استسلمت مدينة هيراكليوبولس دون أن تنتظر استيلاء بيَّا عليها واعترف حاكمها بولاية بيَّا في خطاب مشحون جاء فيه:
"
تحية لك أيَّا حورس، أيها الملك القوى، إنك الثور الذى يقاتل الثيران! لقد استحوذت الدات (أى العالم السفلى) علىَّ وغمرتني الظلمات، فهل لي أن أمنح وجهاً كوجهك المشرق! لم أجد من يناصرنى وقت الشدة، ولكن بفضلك أنت وحدك أيها الملك القوى انقشعت الظلمات من حولي! فأنا وجميع ممتلكاتي في خدمتك، وتدفع مدينة ننى سوت الضرائب لجهازك الإداري، فأنت بالتأكيد خوراختى، حور الأفقين الواقف على رأس الخالدين، وبقدر بقائه تبقى أنتَّ ملكاً، وكما أنه خالد لا يموت فأنت أيضاً خالد لا تموت، أيا بيَّا يا ملك الوجهين القبلي والبحري، لك الحياة إلى الأبد".
بعدها توجه بيَّا إلى الشمال واستولى دون مقاومة على القلعة التى شيدها اوسركون الأول لمراقبة مدخل الفيوم
ثم زار مدينة هليوبولس لأداء الشعائر التقليدية التى تقام للإله امون وقدم القرابين فوق تل الرمال،
ويسرد النص أن بيَّا اتجه إلى "مقر رع في موكب رهيب، فدخل المعبد وسط تهليل الحاضرين والكاهن المرتل يتعبد لربه لإبعاد أعداء الملك، ثم اقيمت شعائر بردوات وربط العصابة الملكية، وتطهر جلالته بالبخور والماء. ووقف الملك بمفرده، وكسر ختم المزلاج وفتح مصراعى الباب وشاهد والده رع في قصر البن بن المقدس ومركب النهار المخصصة لرع ومركب المساء المخصصة لأتوم، ثم أغلق مصراعي الباب ووضع الطين وختم الملك بخاتمه الخاص، وأصدر تعليماته للكهنة قائلاً: لقد قمت أنا شخصياً بوضع الختم، لن يدخل المكان أحد سواى ممن يدعون أنهم ملوك، وانبطحوا على بطونهم فوق الأرض قائلين: ثابت أنت ودائم، فليحي حورس محبوب رع، إلى الأبد! دخولاً إلى مسكن أتوم".
أما تف نخت قائد المتمردين فقد أرسل إلى الملك المنتصر بيَّا رسولاً ليتفاوض نيابة عنه وحملَّه رسالة إلى بيَّا جاء فيها:
"ألم يهدأ قلب جلالتك بعد كل ما ألمَّ بى بسببك؟ أجل انى بائس، ولكن لا تعاقبنى بقدر الجرم الذى ارتكبته، أنت تزن بالميزان وتحكم طبقاً للوزنات! وفى إمكانك مضاعفة جرمي أضعافاً مضاعفة، ولكن ابق على هذه الحبَّة، وسوف تعطيك حصاداً وفيراً في الوقت المناسب، لا تقتلع الشجرة من جذورها! إن كاءك (روحك) تثير الرعب في أحشائي وترتعد أوصالي من شدة الخوف! ومنذ أن علمت باسمي لم أجلس في بيت الجعة (إندايَّة) ولم أستمع إلى عزف الجنك، لقد أكلت وشربت ما يكفى فقط لرد جوعى وإطفاء ظمئى. وصل الألم إلى عظامي، وأسير عارى الرأس مرتدياً الأسمال حتى تعفو الآلهة نيت عنى. لقد فرضت على السير مسيرات طويلة، أنت تلاحقنى على الدوام، فهل أسترد حريتى ذات يوم؟ طهر خادمك من ذنوبه، ولتنتقل ممتلكاتي إلى الخزينة العامة، وكافة ما أملك أيضاً من ذهب وأحجار كريمة وأفضل جيادي وكافة تجهيزاتى، أرسل رسولك ليطرد الخوف من قلبى وأذهب في صحبته إلى المعبد ليطهرني القسم الالهى".
واستدعاه بيا حيث أقسم أمامه في المعبد علي الولاء وعندها أعلن الملك بيا عفوه عنه!
بعد تلك الانتصارات ثبت بيَّا حكام الدلتا المصريين كل في إقليمه متجنباً إعطاء الكثير للذرية الليبية لفراعنة مصر القدماء مستثنياً واحداً منهم فقط هو (نمرود )بوصفه متحدثاً نيابة عنهم. ويصف النص وصول أولئك الحكام لأداء فروض الطاعة والولاء:
"لَّما أضاءَّ الأرض نهار جديد، حضر عاهلا الجنوب وعاهلا الشمال والصل على جبينهم وقبلوا تراب الأرض أمام قوة صاحب الجلالة. وهكذا جاء ملوك وقادة الشمال ليشاهدوا بهاءَ جلالته، وكانت سيقانهم ترتعش وكأنها سيقان نسوة، ولكنهم لم يدخلوا إلى مسكن الملك حتى لا يدنسوه بالنظر إلى أنهم لم يختنوا ولأنهم يأكلون السمك.
أما الملك نمرود فقد دخل مسكن الملك إذ كان طاهراً ولا يأكل السمك".ومن ثم قرر بيَّا العودة إلى نبتة وكان أن: "حُملت السفن بالفضة والذهب والأقمشة وسائر خيرات الشمال وكل ثمين وسائر كنوز سوريا وعطور بلاد العرب، وأقلعت سفن صاحب الجلالة صوب الجنوب وكان جلالته منشرح القلب، وعلى الجانبين كان الأهالي على شاطئ النهر يهللون من نشوة الفرح، وأخذ الجميع -شرقاً وغرباً- كلما بلغهم النبأ ينشدون عند عبور صاحب الجلالة أنشودة فرح وابتهاج
تقول الأنشودة: أيها الأمير القوى، أيها الأمير القوى، أيا بيَّا، أيها الأمير القوى! ها أنت تتقدم بعد أن فرضت سيطرتك على الشمال، إنك تحول الثيران إلى إناث! طوبى لقلب المرأة التى أنجبتك! وطوبى لقلب الرجل الذى من صلبك! وأهل الوادي يحيونه فلتحي إلى الأبد، فقوتك خالدة أيهُّا الأمير المحبوب من طيبة".
فضلَّ الملك الكوشي بيا ألا يحكم مصر شخصياً بصورة مباشرة، فلجأ إلى إتباع سياسة منح الحكم الذاتي للمصريين تاركاً السلطات الإدارية بأيدي الحكام المحليين الذين أدوا له قسم الطاعة والولاء، مكتفياً بالإشراف الفعلي على منطقة طيبة والطرق الغربية حتى الواحة الداخلة.
الزحف الآشوري
في حوالي 650 ق.م.
حاولت كوش وقف الزحف الآشوري غرباً في آسيا، هُزم تهارقا وخليفته تانوت أماني وتم دحر الكوشيين وإجلائهم من مصر
ولكن استمرت مملكة كوش في السودان دولة قوية لألف عام أعقبت خروج الكوشيين من مصر.
------------------
لعصر المرًّوي، حوالي 200 ق.م. – 300 ميلاديتأسست العاصمة الفعلية لكوش في مروي (كبوشية) في زمن مبكر مع أن ملوكها شيدوا أهرامهم بالقرب من نبتة حتى حوالي 300 ق.م. أصبحت مروي مدينة عظيمة تضم مركبات صناعية ومعابد ضخمة، مع مدينة داخلية تضم قصوراً، وضريحاً به بركة كبيرة وأعمدة تنبثق منها المياه، وفوق ذلك وجد بها كذلك مرصد.
تأسست العديد من المراكز الهامة في الجزيرة المرَّوية، وكذلك مركبات معابد كرست لمعبودات تحمل أسماء مرَّوية ومصرية. المعبود المرَّوي الأكثر أهمية كان هو أبادماك، الذي يصور عادة برأس أسد
صناعة مروي الأكثر بروزاً هي صناعة الحديد. ولا زال موقع مروي يحتوي على تلال ضخمة من الخبث، وأماطت أعمال التنقيب الآثاري الأخيرة عن أجزاء من الأفران المستخدمة لصهر معدن الحديد.
كانت سياسة مروي في الشمال موجهة لتقديم الدعم للانتفاضات في مصر العليا ضد الحكام الأجانب، مثل الفرس، والبطالسة المقدونيين، والرومان.
بعد إبرام اتفاقية مع روما مباشرة بعد سنة 23 ق.م.، تمكن المرويون من الاستقرار بالقرب من أسوان، ليعلنوا عن بداية عصر ازدهار جديد للنوبة السفلى.
مكنت الثروة الناجمة عن التجارة من تحقيق بعض إنجازات النوبة الرائعة في مجال الفن والحرف. كانت الثقافة، مثلها مثل ثقافة مركز كوش الأساسي في مروي، فرعونية الطابع، وكانت الزخارف على الأواني الفخارية والموضوعات الصغيرة الأخرى متماشية مع ما عد مناسباً وفق تلك التقاليد.
شيد المرويون القاطنون في النوبة السفلى بدورهم
أهرام صغيرة من الطوب، وزينوا مصلياتها بالتماثيل والصروح المنقوشة.
عصر ما بعد مروي (المسمى بالمجموعة النوبية المجهولة)
البليميون، حوالي 250- 500 ميلادية
مملكة نوباديا : حوالي 350- 550 ميلادية
في وقت كانت فيه روما في حالة اضطراب، ومروي في حالة تفكك، وصلت جماعات من شرق النيل عرفت بالنسبة للإغريق وللعرب بـ (البجة )، ونجحوا بسرعة في السيطرة على جزء كبير من مصر والنوبة السفلى.
ورغم أنهم طردوا من مصر، فإنهم استطاعوا أن يثبتوا أنفسهم في منطقة النوبة إلى الجنوب مباشرة من أسوان. ومع أنهم استمروا في اعتناق دينة الفراعنة، فإن حكامهم استخدموا الأشكال الإغريقية للألقاب الإمبراطورية الرومانية المعاصرة.
إلى الجنوب من البليميين، انهار إقليم النوبة السفلى المرَّوي في حوالي 300 ميلادية
و بحوالي سنة 375 ميلادية، تأسست ( مملكة النوباديين) المعروفين حالياً باسم (النوبيين ) بحاضرتها بالقرب من الحدود السودانية المصرية الحالية.
احتوت المدافن التلية الضخمة لملوك تلك المملكة في بلانا وقسطل على ثروات هائلة، تمثلت في التيجان، والمجوهرات، وأسلحة كثيرة، بما في ذلك الرماح - السيوف الأفريقية، الموجودة حالياً في متحف القاهرة.
مثلهم مثل الحكام المرَّويين، استخدم النوباديون الرموز المصرية وعبدوا الأوثان القديمة وانضموا للبليميين في الهجمات على مصر العليا دفاعاً عن الديانة القديمة ضد المسيحية الجديدة.
مناطق الآثار في ارتيريا في قوحيتو وكسكسي وأكسوم:
اختلف علماء الآثار في تحديد ومعرفة اصحاب الحضارات في كل من قوحيتو وكسكسي واكسوم. فمنهم من اعتقد وتبنى نظرية قديمة تفسر ان تلك الحضارات اتت من الخارج وبالتحديد من جنوب الجزيرة العربية عبر البحر الأحمر حيث كان التجار االساميون يجوبون ضفتي االبحر الأحمر شرقاً وغرباً، وذلك بدءاً من منتصف القرن الأول (ق.م) حيث استقروا لاحقاً بين الكوشيين في المنطقة التي تعرف الآن بإرتريا. وهكذا جلب الساميون حضارات عريقة ورثها الكوشيون الذين هم اصحاب المنطقة الأصليين.
أدلة تؤكد نفوذ الساميين وخصوصاً السبأيين الذين هاجروا من جنوب الجزيرة العربية :
تشابه في نوعية الرموز الدينية بين الساميين والكوشيين مثل استخدام الهلال (انظر الصورة) | |
· استخدام الكوشيين لحروف ومفردات من لغات السامية قبل وجود حضارة اكسوم.
· تشابه في معمار المباني الاثرية والمنحوتات الحجرية والنصب التذكارية التي تتميز بها حضارات جنوب الجزيرة العربية.
· تشابه في تسمية الأشياء وفي اسلوب الحياة والثقافة.
· وجود دول وممالك عريقة في جنوب الجزيرة العربية، كمملكة سبأ التي امتدت وحكمت حتى اكسوم في القرن الثالث قبل الميلاد ثم تبعتها ممالك مثل رايدان وحضرموت وحُمَير في القرن الأول قبل الميلاد.
على رغم أن الاْدلة الدامغة في وجود نفوذ واضح لحضارات جنوب الجزيرة على حضارات قوحيتو وكسكسي وأكسوم الا ان هناك بعض الأسئلة والنقاط التي تحتاج الى دراسة معمقة للإجابة عليها.
1. ما هي حقيقة وطبيعة العلاقة التي كانت سائدة بين الأقوام المتحدثين بالسامية في الجزيرة العربية والأقوام المتحدثين بالكوشية على الضفة الغربية للبحر الأحمر؟
2. عدم وضوح نوعية النظم الاجتماعية والسياسية التي كانت موجودة عند الكوشيين قبل وصول الساميين اليهم.
3. مدى تطور الحضارات المحلية عند الكوشيين بغض النظر عن مدى تأثرها بحضارة الآخرين.
الدراسات الحديثة:مع تزايد الاكتشافات الحديثة في المنطقةقال غالبية علماء الآثار:
1-هناك نفوذ واضح لحضارة جنوب الجزيرة على حضارات الكوشيين وخصوصا في القرن الأول قبل الميلاد
2- نفوذ الساميين كان محدودا ولم يستمر الا لعقود قليلة
3- الكوشيين كانت لديهم حضارة متطورة تضاهي تلك القادمة من جنوب الجزيرة.
وتعطي هذه الدراسات الأدلة المذكورة ادناه:
·
الزراعة: وجود ادلة واضحة على تقدم وسائل الزراعة عند الكوشيين مما يدل على امكانية وجود مجتمعات مستقرة لها نظم اجتماعية ومعتقدات تحكم بينهم.
·
اللغة: بعض المفردات والمصطلحات الزراعية عند اللغات السامية مستعارة من الكوشية القديمة. وليس واضحا تماما منشأ اللغات السامية، فمنهم من يعتقد بأن اللغات السامية ربما تكون قد نشأت في منطقة القرن الأفريقي الحالي ثم امتدت وانتشرت للخارج.
·
التجارة: تشير بعض الدراسات الى أن الكوشيين هم الذين سبقوا بنقل تجارتهم الى جنوب الجزيرة العربية بفترة طويلة حيث كانوا يتاجرون بالأحجار الكريمة وينقلونها حتى الى مصر.
·
الآثار: هناك ادلة تشير الى أن بقايا الصناعات الفخارية وبعض الأدوات التي كان الكوشيون يستخدمونها متأثرة اكثر بالحضارات النيلية الأفريقية اكثر من تأثرها بحضارات جنوب الجزيرة، فعلى سبيل المثال اكتشف الباحثون في شؤون الآثار المصرية أن المصريين القدامى كانوا يستخدمون حلى وزخارف كانت تصنع في ارافلو (مرفأ بحري صغير على البحر الأحمر يقطنه الساهو).
ادوليس (عدو لي)ميناء اريتري قديم يقع على بعد عشرين كلم جنوب ميناء مصوع وذلك بين قريتي زولا وافتا وايضا ليس ببعيد من فورٌو. ويعتقد ان اصل اسم عدوليس يعود الى "عدو لَيْ" اي الماء الأبيض، او "عدو لا" اي الأبقار البيضاء بلغة الساهو. وجدير بالذكر ان هناك قرية ما زال يطلق عليها "عدو لي" في مناطق الساهو. | |
ويؤكد المؤرخون أن ميناء عدوليس القديم كان معبرا تجاريا غاية في الأهمية في منتصف القرن الثالث قبل الميلاد وخصوصا للحضارات المصرية والفارسية وحضارة ما قبل اكسوم.
ارض البُنت (Punt land) وعدوليسعلى رغم انه يصعب تحديد موقع بلاد بونت بدقة فإن اريتريا في موقع جغرافي يؤهلها أن تكون جزءا مهماً من هذه الأرض طالما احتار علماء التاريخ بأسرار زمنها الغابر.
وهناك اشارة تاريخية مهمة ذكرت قد تستثني الصومال من كونها جزءا من ارض البُنت وهي" ان الأمطار الغزيرة الهاطلة في ارض البُنت وجبالها كانت تصب في نهر النيل وتغذيه". | |
يعتقد علماء الآثار بأن عدوليس لعبت دورا بارزا في التبادل التجاري مع المصريين القدامى الذين كانوا يعتبرون ارض البُنت مركزا تجاريا مهماً لهم. وعندما كان المصريون يجوبون جنوب البحر الأحمر كانوا يعتقدون بأن ارض البنُت تشمل ما يعرف الآن بمنطقة القرن الأفريقي وتعتبر عدوليس في قلب هذه المنطقة. وكان المصريون يستوردون من ارض البُنت مواد هامة جدا في تلك العهود كالبخور والعاج والصمغ والأبنوس وكذلك الفرو ذي الجودة العالية الذي كان يرتديه كبار رجال الدين.
وهناك خطاب مسجل في ضريح الحاكم الثامن عشر (Amonhotep III) يشير فيه الى العلاقة المهمة التي كانت تربط قدامى المصريين وقوم ارض الُبٌنت. ويعتقد بأن التبادل التجارى بين المصريين وأهل ارض البُنت بدأ في عهد الحاكم- الملك المصري الأول، ويعتقد بأن ذلك التبادل حدث في | |
الفترة (2890-3100) قبل الميلاد، غير أن أول رحلة بحرية معروفة من مصر الى ارض البُنت تمت بين (2325-2465) قبل الميلاد وذلك في عهد الملك الخامس "ساهو- راع" Saho Ra'a. (انظر اللوحة)
آثارقوحيتوتقع قوحيتو التي تعني بلغة الساهو "الصخر" على بعد 14 كلم جنوب مدينة عسادك (عدي قيح) وعلى بعد متساوٍ تقريبا شمالاً من مدينة صنعفي وقرية كسكسي المشهورة.
وتعتبر قوحيتو اقدم وأهم موقع حضاري قديم فى اريتريا وهى واحدة من خمسة مواقع اريترية مسجلة رسميا في سجلات منظمة يونيسكو UNESCO كإحدى الممتلكات العالمية والإنسانية المهمة. | |
| ووفقاً الى علماء الآثار (Anfray 1981:Danielli and Marinelli 1912:Litman et al 1913:Wenig 1997) فإن آثار قوحيتو تقع على قمة هضبة قوحيتو وذلك على ارتفاع 2600 متر وتحتوي على عشرات من القطع الأثرية المنوعة، وعلى الصخور |
والجدران المنحوتة والسدود العتيقة ومخازن المياه.
على رغم ان آثار قوحيتو تنتشر على مساحة 3.75 كلم مربع الا ان ما تم من دراسة ومسح يعد اقل من 20% من تلك المساحة، ومن ضمن ما تم التعرف عليه هناك ضريح يطلق عليه السكان المحليون "مصري قبري" أي انه "ضريح مصري" وذلك بسبب شكله المميز. ويوجد على جدران ذلك الضريح اشكال هندسية منحوتة على هيئة ورود وغيرها من الأشكال مما يدل على مدى اهمية صاحب هذا الضريح من الناحية الاجتماعية والدينية. (انظر الصورة)
وهناك ايضا سد قديم يطلق عليه محليا "سد صفيرة" ويصل طوله حوالي 60 مترا ويقدر عمرة بألف سنة على الأقل. وبنيت جدران ذلك السد بأطواب حجرية يصل طولها الى 98 سم | |
وعرضها الى 48 سم. ويذكر ان هناك سدوداًً أخرى موجودة حول المنطقة ولكن سد صفيرة هو الأكثر حظاً في الشهرة حيث ما زال سكان المنطقة ينتفعون منه حتى الآن.
وتجاور قوحيتو مناطق اثرية اخرى مهمة مثل "عوالو قٌلبا" في منطقة (حنبا) المشهورة بصخورها المنحوتة التي تصل ابعادها الى ثلاثة أمتار في العمق واثني عشر مترا فى الطول. ويوجد على ظهر تلك الصخور منحوتات جميلة بألوانها الحمراء والبيضاء والسوداء.
آثار منطقة كَسْكَسِييعتقد بأن ملكة جليلة كانت تحكم تلك المنطقة رغم ان اسمها الحقيقي ودورها ليس معروفا تماما. ان بعض الآثار التي اكتشفت في كسكسي تحفظ اليوم في المتحف الوطني الإريتري فى العاصمة أسمرا. وتدل تلك الآثار على عراقة الحضارة في المنطقة، وعلى سبيل المثال هناك قطع اثرية منوعة منحوتة بلغة قديمة، وكذلك مخطوطة من اليمين الى الشمال تشبه مخطوطات مملكة سبأ. (انظرالتمثال فى الصورة)
صنـعفي وآثار بلو كلو | تقع مدينة صنعفي على بعد 135 كلم جنوب العاصمة اسمرا وعلى بعد يقارب 15 كلم من قوحيتو. والاسم القديم لهذه المدينة هو (حكر )، ويذكر ان اسمها الحديث أتى مع قدوم مهاجرين من صنعاء اليمن. واقتبس اسم مدينة صنعفي من "صنعاء – فين" اي " اين صنعاء". |
وصف زائر أوروبي مدينة صنعفي بـ (أرض العجائب) وذلك بسبب موقعها على ارض منبسطة محاطة بسلسلة جبال عجبية المظهر، فمن الشمال يحيطها جبل بركاني (عرب تريكا) ومن الشرق ( دورهو كُوما) ومن الجنوب جبل (فرقيلة) وجبل (صائم) ومن الجنوب الغربي جبل (مطرا) ومن الغرب جبل (عين صنعفي). | |
تحتضن صنعفي بقايا آثار مشهورة تسمى "بلو كلو" وهى قريبة من جبل مطرا. وتعتبر بلو كلو ثالث اكبر موقع اثري في عهد ما قبل مملكة اكسوم ويعود عمر بعض آثار بلو كلو الى القرن الخامس قبل الميلاد. ان التدقيق في بقايا آثار بلو كلو تكشف عن وجود ابنية معمارية عريقة تدل على ان سكان بلو كلو كانت لهم مكانة | |
| اجتماعية عالية، فمثلا هناك مسلة منحوتة يقارب طولها خمسة امتار لها دلالة فريدة ويتميز شكلها عن بقية الآثار التي اكتشفت في اريتريا بوجود شعار ديني على قمة المسلة يعود الى مملكة سبأ وهو عبارة عن هلال ذي انحناءة في اعلاه ويرمز الى القمر الذي كان يعبد عند اقوام عهد سبأ. ويعرف هذا الوثن باسم (المقاح) ويعتبرونه إلههم المختص بالأمطار الشديدة والأعصار والفيضانات. وتوجد في |
قاع هذه المسلة خطوط قعزية تقرأ كالآتي " ملك أقيزي يهدي هذه المسلة الى اجداده الذين هزموا عظماء قوم اديلفيني وتسيلات".
(ومن المؤسف بأن هذه المسلة تم تدميرها أثناء الحرب الإريترية الإثيوبية فى عام 1998م.
=============================================
المصادر :
1- مقال للدكتور عبد الرحمن النور عالم الآثار الكوشية
1-موقع قبيلة الساهو ورابط المقال هو
http://www.allsaho.com/arabic_placesOf_interest.html3- مصادر أخري