المستعمرات الأوروبية الأولي في أمريكا الشمالية
في القرن 16 لم يستعمر أي من الدول الأوربية شمال أمريكا بشكل كبير، بل سافر إلى هناك صيادو السمك من أجل الصيد فقط وليس للاستيطان
الاستثناء كان ( فلوريدا) حيث أسس الإسبان بعض البروج فيها بعد العام 1513.
وفكر بعض الأوروبيين بجدية في تأسيس مدن جديدة لهم في شمال أمريكا
أول من نجح كان جماعة من الإنجليز (بحكم خبرات الانجليز الاستعمارية عبر العالم) الذين قاموا بتأسيس مستعمرة تحوي مساكنهم على شاطئ ولاية فرجينيا الحالية عام 1607، وسموها "جيمس تاون".
وفي تلك الأيام عثر المستوطنون الأسبان في أمريكا الجنوبية والوسطى علي كميات كبيرة من الذهب، ونقلوه لبلادهم فانتشر الخبر في كل أوروبا.
ومعظم مستعمري جيمس تاون توقعوا العثور علي الذهب وصار نشاطهم الأساسي ليس الزوع والحصاد ولكن و التنقيب عن الذهب .
وجاءت سنة 1607كارثية بالنسبة لأمريكا الشمالية حيث شهدت مجاعة عظيمة حتى عند الهنود الأمريكيين، فهلك ثلثهم وعاش الآخرون بسبب قيادة شخص يسمى جون سميث، أمرهم بالعمل الدائم وعاقب من لم يطعه وكان قيقول لهم "من لايعمل لايأكل"، وتحالف مع (باوهاتان) أمير قبيلةمن قبائل الهنود الحمر فساعدهم في البحث عن المأكولات
عام 1612 شرع سكان المستعمرات الأوروبية الأولي في أمريكا الشمالية في توسيع زراعة التبغ ليبيعونه لأوروبا ، فالتبغ كان الهنود الحمر يدخنونه منذ قرون وقام سكانالمستوطنات بتجربته فأعجبهم
ومالبثت عادة التدخين أن انتشرت في أوروبا ، وحقق المتاجرون به أرباحا كبيرة.
وكانت زراعة التبغ تحتاج إلى أيد عاملة كثيرة، وكان عدد المستعمرين قليلاً ، فشرعوا في شراء وشحن العبيد السود من أفريقيا ، مثل ما فعل ملتزمو البحر الكاريبي.
كانت الأرض واسعة في فرجينيا وزراعة التبغ تحتاج إلى مساحة كبيرة، فابتعد المستعمرون عن بعضهم البعض، والواحد قد يسكن مع عبيده أو خدمه على بعد أميال من جاره.
ولم يكن معظمهم يهتمون بالدين، فلهذه الأسباب لم يكن المجتمع مترابطا إلا قليلا.
وفي مستعمرتهم في شمال أمريكا وهي (مستعمرة نيو انغلاند) كان العكس تماما.
في القرن 16 كانت هناك مشاكل كبيرة في إنجلترا بين المتدينين المتطرفين وبين الكاثوليك والعلمانيين ، فأراد المتشددون أن يغيروا قانون الدولة لمنع كل مايخالف الدين، ويبعد الكاثوليك عن الحكومة. وكانوا أيضا ضد الملك، أولا لأنه لم يكن متشددا وثانيا لأنهم اعتبروا كل المؤمنين المسيحيين متساوين أمام الله.
وقامت الحرب الأهلية الإنجليزية،وخشوا الاضطهاد بعدما خسروها فعزموا علي الهجرة في بلاد الله الواسعة ليعيشوا حسب أفكارهم في مجتمع ينشئونه بأنفسهم في بلاد بعيدة ، فتركوا بريطانيا وذهبوا إلى أمريكا.
أول من ذهب كانوا من طائفة "الحجاج" ، ووصلت طائفة البيوريتان سنة 1620 وقامت ببناء (مستوطنة بليموث)
وفيما بعد أصبحت قرية بليموث نواة لمدينة (مساتشوسيتس )
لقد ساعدهم الهنود الأمريكيون (ولاسيما هندي إسمه (سكوانتو) فأكلوا وزرعوا وعاشوا، وفي الخريف وجدوا حصادهم كبيرا، فأقاموا عيدا مع الهنود الأمريكين ليشكروا الله على الحصاد، وكان هذا أصل العيد الأمريكي عيد الشكر
.
-------------------------------------------
المجتمع الجديد الذي نشأ في المستعمرات كان يرتبط بالولاء بالوطن الأم إنجلترا،ليلتمس منها الهوية المختلفة عن هوية الهنود الحمر ويحصل علي الأسلحة و الحماية ويتبادل السلع مع أبناء العمومة ، ولكنه يتمتع في الوقت نفسه بحرية سياسية لا مثيل لها في أي مكان في الأرض في القرنين 17م و18م
. حيث أن سكان هذه المستعمرات كانوا يحملون معهم أفكار البريطانيين الأحرار، وشكلوا لأنفسهم مجالس نيابية انتخبوا ممثليهم الذين يجتمعون ليضعوا قرارات وقوانين وتفرض الضرائب وتحدد الاعتمادات المالية وتسيطر على الخزانة.
ورغم تنوُّع الأصول التي انحدرت منها شعب المستعمرات الأمريكية، إلا أن اللغة والثقافة والنظم الإنجليزية ظلت هي السائدة، ذلك أن المهاجرين الجدد كانوا يختلطون بالوافدين الإنجليز الأوائل، ويتخذون لغتهم ويعتنقون وجهات نظرهم، ونتج عن هذا الاندماج ظهور شعب جديد هو الشعب الأمريكي، الذي أخذ يتميز بالتدريج عن الشعوب الأوربية التي ينتمي إليها .
=================================
وبحلول عام 1733
تمكن المهاجرون الإنجليز من تأسيس 13 مستعمرة على ساحل المحيط الأطلسي، من نيوهامشير في الشمال إلى جورجيا في الجنوب.
أما في مناطق أمريكا الشمالية الأخرى، فقد سيطر الفرنسيون على كندا ولويزيانا، التي ضمت منابع نهر الميسيسيبي الهائلة.
================================
خلال القرن 18 :
خاضت فرنسا وإنجلترا حروباً عديدة ضد بعضهما البعض
ومع نهاية حرب الأعوام السبعة بينهما، كانت إنجلترا تسيطر على كندا وجميع مناطق أمريكا الشمالية الواقعة شرق نهر الميسيسيبي ، ولكن حرب السنين السبع بين بريطانيا وفرنسا أدت لمعاناة بريطانيا من أزمة مالية حادة بنهاية الحرب
وبعد ذلك بفترة قصيرة دخلت إنجلترامع مستعمراتها في صراع.
ويرجع أول أسباب هذا الصراع إلى السياسة الإنجليزية في حكم المستعمرات، فقد كان لكل مستعمرة حاكم إنجليزي ينوب عن ملك إنجلترا، وكثيراً ما كان النزاع ينشُب بين الحكام الذين يمثلون المصالح الإنجليزية، وبين المجالس النيابية المنتخبة التي تمثل مصالح الشعب في المستعمرات.
أدى تكرار التصادم بين حكام المستعمرات وبين المجالس، إلى إيقاظ إحساس المستعمرات بما هنالك من تباعد بين المصالح الأمريكية والإنجليزية.
=====================================
تذمُّر سكان المستعمرات الأمريكية :
نشأ بسبب السياسة الاقتصادية التي اتبعتها إنجلترا هناك، فقد حتّم قانون الملاحة (التجارة) الذي صدر سنة 1651، نقل كافة الصادرات من المستعمرات إلى إنجلترا على سفن يملكها إنجليز، ويتولى تشغيلها إنجليز.
كما حتّمت التشريعات التي تلت ذلك القانون أن يُعاد شحن صادرات المستعمرات إلى القارة الأوربية في الموانئ الإنجليزية. ونظمت استيراد السلع الأوربية إلى المستعمرات بطريقة تعطي أفضلية للمصنوعات الإنجليزية، وفرضت على المستعمرات إمداد البلد الأم بالمواد الخام، وأن لا تنافسها في الصناعة.
دخلت إنجلترا في حرب السنين السبع مع فرنسا بالفترة (1756-1763م) وخرجت بريطانيا منها هي تعاني من أزمة مالية حادة، نتيجة للنفقات الباهظة التي تكبدتها خلال هذه الحرب ، فلجأت إلى فرض ضرائب جديدة على سكان المستعمرات
في عام 1765م أجاز البرلمان البريطاني قانون الطابع وفرض الضرائب الذي يلزم المستعمرات بشراء الطوابع لتكون ضريبة على المطبوعات. وقد قام أحد الرسامين في المستعمرات برسم جمجمة وعظمتين متقاطعتين رمز الموت إلى اليمين، تعبيرًا عن احتجاجه على ذلك القانون. وأثارت القوانين البريطانية الجديدة الغضب والإستياء لدى المستوطنين الامريكيين الذين عارضوها بشدة ورددوا شعار "فرض الضرائب دون تمثيل يُعَدُّ طغيانًا". ويقصدون بذلك عدم تمثيلهم بالبرلمان البريطاني
ولم يستمر الوفاق بين الأمريكيين والبريطانيين طويلاً فإن الحكومة البريطانية فقدت صوابها و أرسلت قوات من الجيش البريطاني إلي بوستون ونيويورك
نفذ الجيش البريطاني مايسُمي بمذبحة بوسطن التي رد عليها الأمريكيون بالإحتجاج المعروف بإسم "حزب الشاي في بوستون". فعاقبت بريطانيا المتمردين بإغلاق ميناء بوستون وزادت سلطات الحاكم البريطاني وإجبار المستعمرين على إيواء وإطعام البريطانيين. ورد المستعمرون بتشكيل (المجلس القاري الأول) بفيلادلفيا والذي يضم ممثلي 13ولاية والذي أجبر بريطانيا على سحب القوانين القسرية.
وفي يوليو 1776م أعلن (المجلس القاري الرابع) الإستقلال عن بريطانيا مستحدثاً كياناً مستقلاً تماماً لايمت بالتبعية لأية دولة وأسموه " الولايات المتحدة الأمريكية "
المرادفات :
البيوريتان = (التطهريون)
طائفة "الحجاج" = (Pilgrims)
مستعمرة نيو إنجلاند = مستعمرة نيو إنغلاند
عيد الشكر =Thanksgiving
"بوستون تي بارتي"="حزب الشاي في بوستون".
--------------------------
أخر تحديث:
27-3-2015