منتدي لآلـــئ

التاريخ والجغرافيا وتحليل الأحداث
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الحاجة
عضو فعال



عدد المساهمات : 657
تاريخ التسجيل : 16/11/2011

الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله  Empty
مُساهمةموضوع: الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله    الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله  Icon_minitimeالسبت يونيو 16, 2012 10:15 pm

*الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله *

================================





الحافظ لدين الله أبو الميمون عبد المجيد بن الأمير أبي القاسم محمد بن المستنصر بالله أبي تميم معد



ولد بعسقلان في المحرم سنة سبع وقيل سنة ثمان وستين وأربعمائة لما أخرج المستنصر ابنه أبا القاسم مع بقية أولاده في أيام الشدة فكان يقال له الأمير عبد المجيد العسقلاني ابن عم مولانا‏.‏





ولما قتل النزارية الآمر كان كبار غلمانه العادل بزغش وهزار الملوك جوامرد وينعت بالأفضل فعمدا إلى" الأمير أبي الميمون عبد المجيد" وكان أكبر الجماعة الأقارب سنا وقالا‏:‏ إن الخليفة المنتقل قال قبل وفاته بأسبوع عن نفسه‏:‏ المسكين المقتول بالسكين وأشار إلى أن الجهة الفلانية حامل منه وأنه رأى رؤيا تدل أنها ستلد ولداً ذكرا وهو الخليفة من بعده وأن كفالته للأمير عبد المجيد أبي الميمون‏.‏

فجلس المذكور كفيلاً ونعت بالحافظ لدين الله في يوم الثلاثاء رابع ذي القعدة سنة أربع وعشرين وخمسمائة يوم قتل الآمر بأحكام الله

وتقرر أن يكون هزار الملوك وزيراً

وأن يكون الأمير السعيد أبو الفتح يانس الحافظي متولى الباب أسفهسلاراً

وقرئ سجل في الإيوان بهذا التقرير والحافظ في الشباك جالس تولى قراءته قاضي القضاة ابن ميسر على كرسي نصب له أمام الحافظ بحضور أرباب الدولة‏.‏

وخلع على هزار الملوك خلع الوزارة وقد اجتمع في بين القصرين خمسة آلاف فارس وراجل وفيهم رضوان بن ولخشي أحد الأمراء المميزين أرباب الشجاعة وهو رأس الجمع وفي داخل القاعة بالقصر أيضا جماعة فيهم بزغش وقد شق عليه تقدم هزار الملوك وتقلده الوزارة فنظر إلى أبي علي أحمد بن الأفضل الملقب كتيفات وهو جالس فقال‏:‏ يا مولاي الأجل أنا أشح عليك أن تطيل الجلوس حتى يخرج هذا الفاعل الضانع وزيراً فتخدمه ويسومك المشي في ركابه اخرج إلى دارك وإذا قضى الله مضيت منها لهنائه‏.‏

وكان ظاهر هذا القول مكارمة أبي علي وباطنه أنه علم أن أكثر العسكر الواقفين بين القصرين لا يرغبون وزارة هزار الملوك فدبر أنهم إذا وقعت أعينهم على أبي علي تعلقوا به وأقاموه وزيراً فيفسد أمر هزار الملوك‏.‏

فقام أبو علي ليخرج فمنعه طغج أحد نواب الباب وكان فطناً ذكيا فقال له بزغش‏:‏ لم تمنع هذا المولى من الخروج فقال‏:‏ كيف لا أمنعه من الخروج إلى هذا الجمع ولا يؤمن تعلق العسكرية فيقع له ما وقع للآخر‏.‏

فهزه بزغش وقال له‏:‏ دع عنك الفضول‏.‏

وقام بنفسه وأخرجه إلى آخر دهاليز القصر فما هو إلا أن خرج من باب القصر ورآه رضوان بن ولخشي والجماعة وقد علموا أن هزار الملوك قد خلع عليه للوزارة وأنه سيخرج إليهم فتواثبوا إلى أبي علي وقالوا هو الوزير بن الوزير بن الوزير‏.‏

وأراد أن ينفلت منهم واعتذر أنه شرب دواء فلم يقبل منه وطلب له في الحال خيمة وبيت صدار فضربت في جانب من بين القصرين وأدخلوه فيها‏.‏

وقام الصالح وثار العسكر بموافقتهم على وزارته والرضا به وصاحوا أن لا سبيل أن يلي علينا هذا الصانع الفاعل وأعلنوا بشتمه‏.‏

فغلقت أبواب القصر كلها واشتد الأمر فأحضر ضرغام وأصحابه سلالم وأقاموها إلى طاقات المنظرة وأطلقوا عليها أميراً يقال له ابن شاهنشاه فلما أشرف على طاق المنظرة جاء أستاذو الخليفة وأنكروا عليه فعله فقال هذه فتنة تقوم ما تسر فما الذي خلعتم عليه‏!‏ ويحصل من ذلك على الخليفة من العوام وسوء أدب جهال العسكر ما لا يتلافى وما هذا شيء والله إلا نصيحة لمولانا فإنني قد علمت من رأى القوم ما لا علمتم‏.‏

أخبروا مولانا عني بهذا‏.‏

فمضى الأستاذون إلى الحافظ وأبلغوه ما قال ابن شاهنشاه وهزار الملوك بين يديه بخلع الوزارة يسمع القول فقال له الحافظ‏:‏ ها أنت ذا تسمع ما يقال‏.‏

فقال‏:‏ يا مولانا أنا في مجلسك ووزارتي بوصية خليفة قبلك فاتركني أخرج لهؤلاء الفعلة الصنعة‏.‏

فقال‏:‏ لا سبيل لفتح باب القصر في مثل هذا الوقت وقد فعلنا في أمرك ما رتب لك وهذه الخلع عليك ولكن قد قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام‏:‏ لا رأى لمن لا يطاع‏.‏

واشتد الأمر وكثر تموير العسكر‏.‏

فقيل لابن شاهنشاه‏:‏ قد أجبتم إلى وزارة أبي علي وما نحن له كارهون‏.‏

فأعاد ذلك على رضوان وأصحابه فقالوا‏:‏ قل له يسلم لنا هزار الملوك‏.‏

فامتنع من ذلك وقد تكاثر القوم على سور القصر وعزموا على طلب المذكور ولا بد‏.‏

فقال الحافظ له‏.‏

قم واحتجب في مكان عسى ندبر في قضيتك أمراً نصرف به هذا الجمع عنا وعنك‏.‏

فنزعت الخلع عنه وأحيط به فصار إلى مكان قتل فيه قتلةً مستورة وألقيت رأسه إلى القوم فسكنوا‏.‏

واستدعي بالخلع لأبي علي فأفيضت عليه في يوم الأربعاء خامسه وركب إلى دار الوزارة والجماعة مشاة في ركابه‏.‏

فكانت وزارة هزار الملك نصف يوم بغير تصرف‏.‏

وكان قد اصطفاه الآمر لنفسه هو وبزغش قبل موته بمدة ورد له المظالم والنظر في أحوال الجند وهو نوع من الوزارة وكان ينعت بالأفضل‏.‏

ووقع النهب في القاهرة من باب الفتوح إلى باب زويلة ونهبت القيسارية وكان فيها أكثب ما يملكه أهل القاهرة لأنها كانت مخزنهم ومذ بنيت لم يكن فيها أمر يكره فكان هذا أول حادث حدث على القاهرة من النهب والطمع‏.‏

وطيف برأس هزار الملوك على رمح‏.‏

واستقرت الوزارة لأبي علي أحمد بن الأفضل شاهنشاه بن أمير الجيوش بدر الجمالي وكان يلقب بكتيفات في يوم الخميس سادس عشر ذي القعدة‏.‏

فأول ما بدأ به أنه أحاط بالحافظ وسجنه في خزانة فيما بين الإيوان وباب العيد‏.‏

ويقال إن رضوان بن ولخشي دخل إليه وقيده فقال له الحافظ‏:‏ أنت فحل الأمراء‏.‏

فنعت بذلك‏.‏

وتمكن أبو علي واستولى على جميع ما في القصر من الأموال والذخائر وحمل الجميع إلى دار الوزارة بعد أن فرق أكثر ما كان الآمر جمعه من الغلال في الناس على سبيل الإنعام‏.‏

وكان السعر غاليا يباع القمح بنحو الدينار كل إردب فأراد أبو علي أن يحسن سمعته فأمر أن تفتح المخازن وأطلق أكثر ما كان فيها وكانت مئي ألوف أرادب‏.‏

ورد على الناس الأموال التي فضلت في بيت المال من مال المصادرة التي كان قد أخذها الآمر في أيام مباشرة الراهب وما كتبت به الخطوط قبل ذلك وكان الذي وجد خمسين ألف دينار‏.‏

فاستبشر الناس به وفرحوا فرحاً ما ثبتت منه عقولهم وضجوا بالدعاء له في سائر أعمال الديار المصرية وأعلنوا بذكر معايب الآمر ومثالبه وأقطع الحجرية البلاد وظهر فرح الناس وابتهاجهم‏.‏

وأكرم بزغش العادل الذي أشار عليه بالخروج من القصر إكراماً كثيرا‏.‏

وكانت قد ضربت ألواح على عدة أملاك في أيام الآمر فأعيدت إلى أربابها‏.‏

وكان إماميا متشدداً فالتفت عليه الإمامية ولعبوا به حتى أظهر المذهب الإمامي وتزايد الأمر فيه إلى التأذين فانفعل بهم وحسنوا له الدعوة للقائم المنتظر فضرب الدراهم باسمه ونقش عليها‏:‏ الله الصمد الإمام محمد‏.‏

وخطب بنفسه في يوم الجمعة وكان أكثر خلق الله تخلفا وأقلهم علماً فغلط في الخطبة غلطة فاحشة صحفها فلم ينكر عليه أحد‏.‏

واشتد ضرره على أهل القصر من الإرعاد والإبراق وأكثر من إزعاجهم والتفتيش على ولد الآمر وعلى يانس صاحب الباب وعلى صبيان الخاص الآمرية‏.‏

وأراد أن يخلع الحافظ ويقتله بمن قتله الآمر من إخوته‏.‏

وكان الآمر لما احتاط على موجود الأفضل بعد قتله بلغه عن أولاد الأفضل كلام في حقه يستقبح ذكره فأقام عليهم الحجة عندما مثلوا بحضرته وقال‏:‏ أبوكم الأفضل غلامي ولا مال له‏.‏

فسفه عليه أحدهم فغضب وقتلهم‏.‏

فأراد أبو علي بتفتيشه على الحمل الذي ذكر أنه من الآمر أن يظفر به ليقتله بإخوته فلم يظهر الحمل ولا قدر أيضا على قتل الحافظ ولا خلعه فاعتقله كما تقدم وخطب للقائم المنتظر تمويها‏.‏

فنفرت قلوب أهل الدولة منه وقامت نفسوهم منه‏.‏

وتعصب قوم من الأجناد من خاص الخليفة بترتيب يانس لهم وفيها قبض على جعفر بن عبد المنعم بن أبي قيراط وعلى أبي يعقوب ابراهيم السامري ونهب الجند دورهما وحبسا في حبس المعونة ثم أخرجا ميتين‏.‏

------------------------------------------------
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحاجة
عضو فعال



عدد المساهمات : 657
تاريخ التسجيل : 16/11/2011

الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله    الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله  Icon_minitimeالسبت يونيو 16, 2012 10:17 pm

سنة خمس وعشرين وخمسمائة

فيها رتب أبو علي بن الأفضل في الحكم أربعة قضاة فصار كل قاض يحكم بمذهبه ويورث بمذهبه فكان قاضي الشافعية سلطان بن إبراهيم بن المسلم بن رشا وقاضي المالكية أبو عبد الله محمد بن أبي محمد عبد المولى بن أبي عبد الله محمد بن عبد الله اللبني المغربي وقاضي الإسماعيلية أبو الفضائل هبة الله بن عبد الله بن حسن بن محمد القاضي فخر الأمناء الأنصاري المعروف بابن الأزرق وقاضي الإمامية القاضي المفضل أبو القاسم ابن هبة الله بن عبد الله بن الحسن بن محمد بن أبي كامل‏.‏

ولم يسمع بمثله هنا في الملة الإسلامية قبل ذلك‏.‏

سنة ست وعشرين وخمسمائة

في يوم الثلاثاء سادس عشر المحرم ركب أبو علي أحمد بن الأفضل إلى رأس الطابية ليعرق فرساً في الميدان بالبستان الكبير خارج باب الفتوح من القاهرة وللعب بالكرة على عادته فجاء وهو هناك عشرة من صبيان الخاص الذين تحالفوا على قتله متى ظفروا به جميعاً أو فرادى فصاح أبو علي عادة من يسابق بخيل‏:‏ راحت فقال العشرة‏:‏ عليك وحملوا عليه وطعنوه حتى قتل‏.‏

فأدركه أستاذ من أستاذيه وألقى نفسه عليه فقتلوه معه‏.‏

واجتمع الأربعون عناناً واحداً وجاءوا إلى القصر وفيهم يانس وكان مستوحشاً من أبي علي فخرجوا الحافظ من الخزانة التي كان معتقلاً بها وفكوا عنه القيد وأجلسوه في الشباك على منصة الخلافة وقالوا‏:‏ ما حركنا على هذا إلا الأمير يانس‏.‏

فاجتمع الناس وأخذ له العهد على أنه ولي عهد كفيل لمن لم يذكر اسمه‏.‏

ونهب في هذا اليوم كثير من الأسواق والدور والحوانيت وصار ذلك عادة مستقرة وشيئاً معهوداً في كل فتنة‏.‏

وحمل رأس أبي علي إلى القصر‏.‏

وكان قد أسقط منذ أقامه الجند ذكر إسماعيل بن جعفر الصادق الذي تنسب إليه الطائفة الإسماعيلية‏.‏

وأزال من الأذان قولهم فيه‏:‏ حي على خير العمل محمد وعلي خير البشر وأسقط ذكر الحافظ من الخطبة واخترع لنفسه دعاءً يدعى به على المنابر وهو‏:‏ السيد الأجل الأفضل سيد ممالك أرباب الدول المحامي عن حوزة الدين وناشر جناح العدل على المسلمين الأقربين والأبعدين ناصر إمام الحق في حالي غيبته وحضوره والقائم في نصرته بماضي سيفه وصائب رأيه وتدبيره أمين الله على عباده وهادي القضاة إلى اتباع شرع الحق واعتماده ومرشد دعاته المؤمنين إلى واضح بيانه وإرشاده مولى النعم رافع الجور عن الأمم مالك فضيلتي السيف والقلم أبو علي أحمد بن السيد الأجل الأفضل أبي القاسم شاهنشاه أمير الجيوش‏.‏

وكانت مدة تحكه سنة وشهراً وعشرة أيام ثم حمل بعد قتله ودفن بتربة أمير الجيوش ظاهر باب النصر‏.‏

وخلع على السعيد أبي الفتح يانس الأرمني صاحب الباب خلع الوزارة وكان من غلمان الأفضل بن أمير الجيوش العقلاء وله هيبة وعنده تماسك في الأمور وحفظ للقوانين‏.‏

فهدأت الدهماء وصلحت الأحوال واستقرت الخلافة للحافظ وحمل جميع ما كان قد نقل إلى دار الوزارة من الأموال والآلات وأعيد إلى القصر‏.‏

ولم يحدث يانس شيئا إلا أنه تخوف من صبيان الخاص وحدثته نفسه أنهم قد جسروا على الملوك وأنه ربما غضبوا منه ففعلوا به ما فعلوه بغيره وأحسوا منه بذلك فتفرقوا عنه‏.‏

فلما تأكدت الوحشة بينهم وبينه ركب في خاصته وغلمانه وأركب العسكر والتقوا قبالة باب التبانين بين القصرين فقتل ما يزيد عن ثلثمائة فارس من أعيانهم فيهم قتلة أبي علي أحمد بن الأفضل‏.‏

وكانوا نحو خمسمائة فارس فكسر شوكتهم وأضعفهم فلم يبق منهم من يؤبه له ولا وكانت له في النفوس مكانة فثقل على الحافظ وتخيل منه فأحس بذلك وصار كل منهما يدبر على الآخر‏.‏

فبدأ الوزير يانس بحاشية الخليفة فقبض على قاضي القضاة وداعي الدعاة أبي الفخر صالح بن عبد الله بن رجاء وأبي الفتوح بن قادوس فقتلهما‏.‏

وبلغه شيء يكرهه عن أستاذ من خاص الخليفة فقبض عليه من غير مشاورة الحافظ واعتقله بخزانة البنود وضرب عنقه من ليلته‏.‏

فاستبدت الوحشة بينه وبين الحافظ وخشى من زيادة معناه فقال الحافظ لطبيبه‏:‏ اكفني أمره بمأكل أو مشرب‏.‏

فأبى الطبيب ذلك خوفا من سوء العاقبة‏.‏

ويقال إن الحافظ توصل إلى أن سم يانس في ماء المستراح فانفتح دبره واتسع حتى ما بقي بقدر على الجلوس‏.‏

فقال الطبيب‏:‏ يا أمير المؤمنين قد أمكنت الفرصة وبلغت مقصودك فلو أن مولانا عاده في هذه المرضة اكتسبت حسن الأحدوثة وهذا المرض ليس دواؤه إلا السكون ولا شيء أضر عليه من الحركة والانزعاج وهو كما يسمع بقصد مولانا تحرك واهتم بلقائه وانزعج وفي ذلك تلاف نفسه‏.‏

فقبل ذلك وجاء لعيادته‏.‏

فلما رآه يانس قام للقائه وخرج عن فراشه فأطال الحافظ جلوسه عنده ومحادثته فلم يقم حتى سقطت أمعاؤه ومات من ليلته في سادس عشري ذي الحجة‏.‏

وكانت وزارته تسعة أشهر وأياما‏.‏

وترك ولدين كفلهما الحافظ‏.‏

وكان يانس هذا قد أهداه باديس جد عباس الوزير الآتي ذكره إن شاء الله تعالى إلى الأفضل بن أمير الجيوش فترقى في الخدم إلى أن تأمر وتقدم وولى الباب وهي أعظم رتب الأمراء وكنى بأبي الفتح ولقب بالسعيد ثم نعت في وزارته بناصر الجيوش سيف الإسلام‏.‏

وكان عظيم الهمة بعيد الغور كثير الشر شديد الهيبة‏.‏

وفيها استقرت حال الحافظ لدين الله وبويع له بيعة ثانية لما عمل الحمل‏.‏

قال الشريف محمد بن أسعد الجواني‏:‏ رأيت صغيراً في القرافة الكبرى ويسمى قفيفة سألت عنه قيل هذا ولد الآمر‏:‏ لما ولى الحافظ ولي عهده من يولد استولى على الأمر وولد هذا الولد فكتم حاله وأخرج في قفة على وجهها سلق وكرات وستر أمره إلى أن ركب بعد ذلك ووشى به فأخذ وقتل‏.‏

ولما تمكن الحافظ قرئ سجل بإمامته وركب من باب العيد إلى باب الذهب بزي الخلفاء في ثالث ربيع الأول ورفع عن الناس بواقي مكس الغلة‏.‏

وأمر بأن يدعى له على المنابر بهذا الدعاء وهو‏:‏ اللهم صل على الذي شيدت به الدين بعد أن رام الأعداء دثوره وأعززت الإسلام بأن جعلت طلوعه على الأمة وظهوره وجعلته آية لمن تدبر الحقائق بباطن البصيرة مولانا وسيدنا وإمام عصرنا وزماننا عبد المجيد أبي الميمون وفيها صرف أبو عبد الله محمد بن هبة الله بن ميسر عن قضاء القضاة في أول ربيع الأول وقرر مكانه سراج الدين أبو الثريا نجم بن جعفر وأضيفت إليه الدعوة فقيل له قاضي القضاة وداعي الدعاة وذلك وقت العشاء الآخرة من ليلة الخميس لثلاث عشرة بقيت من جمادى الآخرة‏.‏

ولما مات يانس تولى الحافظ الأمر بنفسه ولم يستوزر أحداً وأحسن السيرة‏.‏

ويقال إن يانس لما قتل القاضي أبا الفخر سلم الحكم إلى سراج الدين أبي الثريا نجم بن جعفر‏.‏

وفيها جهز الحافظ الأمير المنتضى أبا الفوارس وثاب بن مسافر الغنوي رسولاً في الرابع من ذي القعدة بجواب شمس الملوك صاحب دمشق وأصحبه الخلع السنية وأسفاط الثياب والخيل المسومة ومالاً متوفراً‏.‏

فوصل إلى دمشق وتلقى أحسن تلق وقبلت الألطاف منه وقرئ كتابه‏.‏

وأقام إلى أن أعيد من القابلة‏.‏

وفيها خرج أبو عبد الله الحسين بن نزار بن المستنصر وكان قد توجه إلى المغرب مستخفيا وجمع هناك جموعاً كثيرة وعاد‏.‏

فبعث الحافظ إلى مقدمي عسكره يستميلهم‏.‏

فلما وصل دير الزجاج والحمام اغتالوه وقتلوه فانفض جمعه‏.‏

فيها حشد جماعة من العبيد بالأعمال الشرقية فخرج إليهم عسكر كانت بينهم وبينه حروب‏.‏

وفيها سلم الحافظ أمر الديوان إلى الشريف معتمد الدولة علي بن جعفر بن غسان المعروف بابن العساف وصرف يوحنا بن أبي الليث لأشياء نقمها عليه وسعوا فيه عنده بأنه كان سبباً فيما عمله أبو علي أحمد بن الأفضل من تفريق ما فرقه من الأموال لأهله وأقاربه‏.‏

واستخدم الحافظ أيضا أخا معتمد الدولة في نقابة الأشراف وجعله جليسا وكان عنده أدب ومعرفة بعلم الفلك وكان الحافظ يحب هذا العلم‏.‏

وفيها قبض على ابن عبد الكريم تربية الآمر فوجد له ثلثمائة وستون منديلا مذهبة وعلى مثالها ثلثمائة وستون بذلة مذهبة فكان يلبس كل يوم بذلة‏.‏

وكل منديل وهي العمامة على مسمار فضة‏.‏

ووجد له خمسمائة نرجسية ذهبا وفضة ومائتا صندوق فيها ثياب ملونات ومائة حسكة ذهبا وفضة ومن الجوهر ما يعجز عن وصفه‏.‏

----------------------------------------
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحاجة
عضو فعال



عدد المساهمات : 657
تاريخ التسجيل : 16/11/2011

الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله  Empty
مُساهمةموضوع: الدولة الفاطمية سنة 528 هـ   الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله  Icon_minitimeالسبت يونيو 16, 2012 10:19 pm

سنة ثمان وعشرين وخمسمائة

فيها عهد الحافظ إلى ولده سليمان وكان أسن أولاده وأحبهم إليه وأقامه ليسد مكان الوزير ويستريح من مقاساة الوزراء وجفائهم عليه ومضايقتهم إياه في أوامره ونواهيه فمات بعد ولاية العهد بشهرين فحزن عليه مدة‏.‏

ثم جعل ابنه حيدرة ولي عهده ونصبه للنظر في المظالم فشق ذلك على أخيه حسن لأنه كان يروم ذلك لكثرة أمواله وتلاده وحواشيه وموكبه بحيث كان له ديوان مفرد‏.‏

وما زالت عقارب العداوة تدب بينهما حتى وقعت الفتنة بين الطائفية الجيوشية والطائفة الريحانية وكانت شوكة الريحانية قوية والجند يشنئونهم خوفا منهم فاشتعلت نيران الحرب بين الفريقين وصاح الجند‏:‏ يا حسن يا منصور يا للحسنية‏.‏

والتقى العسكران فقتل بينهم ما يزيد على خمسة آلاف رجل‏.‏

فكانت أول مصيبة نزلت بالدولة من فقد رجالها ونقص عدد عساكرها ولم يسلم من الريحانية إلا من ألقى نفسه في بحر النيل من ناحية المقس‏.‏

واستظهر حسن وصار الأمر إليه فانضم له أوباش العسكر وزعارهم وفرق فيهم الزرد وسماهم صبيان الزرد وصاروا لا يفارقونه ويحفون به إذا ركب ويلازمون داره إذا نزل‏.‏

فقامت قيامة الناس وقبض على ابن العساف وقتله واختفى منه الحافظ وحيدرة وجد في طلب حيدرة‏.‏

وهتك بالأوباش الذين اختارهم حرمة القصر وخرق ناموسه من كونه نغص على أبيه وأخيه وصاروا يحسنون له كل رذيلة ويحرونه على أذى الناس‏.‏

فأخذ الحافظ في تلافي الأمر مع حسن لينصلح وعهد إليه بالخلافة في يوم الخميس لأربع بقين من شهر رمضان وأركبه بالشعار ونعت بولي عهد المؤمنين‏.‏

وكتب له بذلك سجلاً قرئ على المنابر فكان يقال على المنابر‏:‏ اللهم شيد ببقاء ولي عهد المؤمنين أركان خلافته وذلل سيوف الاقتدار في نصره وكفايته وأعنه على مصالح بلاده ورعيته واجمع شمله به وبكافة السادة إخوته الذين أطلعتهم في سماء مملكته بدوراً لا يغيرها المحاق وقمعت ببأسهم كل مرتد من أهل الشقاق والنفاق وشددت بهم أزر الإمامة وجعلت الخلافة فيهم إلى يوم القيامة‏.‏

فلم يزده ذلك إلا شراً وتعديا فضيق على أبيه وبالغ في مضرته‏.‏

فسير الحافظ وفي الدولة إسحاق أحد الأستاذين المحنكين إلى الصعيد ليجمع ما قدر عليه من الريحانية فمضى واستصرخ على حسن وجمع من الأمم ما لا يعلمه إلا الله وسار بهم‏.‏

فبلغ ذلك حسناً فجهز إليه عسكراً عرمرماً وخرج فالتقى الجمعان‏.‏

وهبت ريح سوداء في وجوه الواصلين وركبهم عسكر حسن فلم يفلت منهم إلا القليل وغرق أكثرهم في البحر وقتلوا وأخذ الأستاذ إسحاق وأدخل إلى القاهرة على جمل برأسه طرطور لبد أحمر‏.‏

فلما وصل بين القصرين رمى بالنشاب حتى مات ورمي إليهم من القصر الغربي أستاذ آخر فقتلوه وقتل الأمير شرف الأمراء‏.‏

فلما اشتد الأمر على الحافظ عمل حيلة وكتب ورقة ورماها إلى ولده حسن فيها‏:‏ يا ولدي أنت على كل حال ولدي ولو عمل كل منا لصاحبه ما يكره الآخر ما أراد أن يصيبه مكروه‏.‏

ولا يحملني قلبين وقد انتهى الأمر إلي أن أمراء الدولة فلاناً وفلاناً وسماهم له وأنك قد شددت وطأتك عليهم وخافوك وأنهم معولون على الفتك بك فخذ حذرك يا ولدي‏.‏

فلما وقف حسن على الورقة قامت قيامته‏.‏

فلما اجتمع أولئك الأمراء في داره للسلام عليه أمر صبيان الزرد الذين اختارهم وصار يثق بهم فقتلوهم بأجمعهم وأخذ ما في دورهم‏.‏

فاشتدت مصيبة الدولة بفقد من قتل من الأمراء الذين كانوا أركان الدولة وهم أصحاب الرأي والمعرفة فوهت واختلت لقلة الرجال وعدم الكفاة‏.‏

ومن حين قتل حسن الأمراء تخوفه باقي الجند ونفرت نفوسهم منه فإنه كان جريئا عنيفاً بحاثاً عن الناس يريد إقلاب الدولة وتغييرها لتقدم أصحابه فأكثر من مصادرة الناس وقتل سراج الدين أبا الثريا نجماً في يوم الخميس ثامن شوال‏.‏

وكان أبو الثريا في أول أمره خاملاً في الناس ثم سمع قوله في العدالة أيام الآمر‏.‏

فلما قبض أحمد بن الأفضل علي أبي الفخر وسجنه عنده بدار الوزارة وقد كان الداعي أيام الآمر طلب من يكون داعيا فاستخدم نجماً هذا داعياً ولم يقف على ما كان عنده من الدهاء‏.‏

فلما كان في وزارة يانس جمع إليه الحكم مع الدعوة فلما مات يانس وانفرد الحافظ بالأمر بعده حظي نجم عنده ورقاه إلى أعلى المراتب وصار يدبر الدولة‏.‏

وحسن عنده نصرة طائفة الإسماعيلية والانتقام ممن كان يؤذيهم في أيام أحمد بن الأفضل فتأذى بهذا خلق كثير وأثبت طائفة سماهم المؤمنين وجعل لهم زماماً قتله حسن بن الحافظ‏.‏

ولما قتل الشريف بن العباس وأخذ نجم يعادي أمراء الدولة ورؤساءها ولا ينظر في عاقبة وكانوا قد حسدوه على قربه من الحافظ وتمكنه منه ومطاوعته له بحيث لا يعمل شيئا إلا برأيه فلما تمكن حسن بن الحافظ أغروه به فقتله وقتل معه جماعة‏.‏

ورد القضاء لابن ميسر وخلع عليه في يوم الخميس ثاني ذي القعدة‏.‏

وفيها مات القاضي المكين أبو طالب أحمد بن عبد المجيد بن أحمد بن الحسين بن حديد بن حمدون الكناني قاضي الإسكندرية بثغر رشيد وقد عاد من القاهرة في جمادى الآخرة ومولده سنة اثنتين وستين وأربعمائة‏.‏

وكانت له مدة في القضاء وهو الذي كان سببا في اغتيال أبي الصلت أمية الأندلس‏.‏

وقد ذكره السلفي وأثنى عليه ورثى بعدة قصائد‏.‏

وفيها مات أبو عبد الله الحسين بن أبي الفضل بن الحسين الزاهد الناطق بالحكم المعروف بابن بشرى الجوهري الواعظ ابن الواعظ ابن الواعظ ابن الواعظ في جمادى الأولى‏.‏

وكان حلو الوعظ إلا أنه تعرض في آخر عمره لما لا يعنيه فنفاه الحافظ إلى دمياط وذلك أن الآمر لما مات ترك جارية حاملاً فقام الحافظ بعده في الخلافة على أن يكون كفيلاً للحمل حتى يكبر فاتفق أنه ولد وخافت أمه عليه من الحافظ فجعلته في قفة من خوص وجعلت فوقه بصلاً وكراثاً وجزراً حتى لا يفطن به وبعثته في قماطه تحت الحوائج في القفة إلى القرافة وأدخل به إلى مسجد أبي تراب الصواف وأرضعته المرضعة وخفي أمره عن الحافظ حتى كبر وكان يعرف بين الصبيان بقفيفة‏.‏

فلما حان نفعه نم عليه ابن الجوهري هذا إلى الحافظ فأخذ الصبي وفصده فمات وخلع على ابن الجوهري ثم نفاه إلى دمياط فمات بها‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحاجة
عضو فعال



عدد المساهمات : 657
تاريخ التسجيل : 16/11/2011

الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله  Empty
مُساهمةموضوع: الدولة الفاطمية سنة 529 هـ   الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله  Icon_minitimeالسبت يونيو 16, 2012 10:21 pm

سنة تسع وعشرين وخمسمائة

فيها عظم أمر حسن بن الحافظ وقويت شوكته وتأكدت العداوة بينه وبين من بقي من الأمراء والأجناد واشتد خوفهم منه وعزموا على خلع الحافظ من الخلافة وخلع ابنه حسن من ولاية العهد وعزله عن الأمر‏.‏

فاجتمعوا بين القصرين وهم نحو العشرة آلاف ما بين فارس وراجل وبعثوا إلى الحافظ فشكوا ما فيه من ابنه حسن وأرادوا إزالته عنهم‏.‏

فعجز حسن عن مقاومتهم ولم يبق معه سوى الراجل من الجيوشية ومن يقول بقولهم من العسكر الغرباء‏.‏

فتحير ولم يجد بدا من الفرار منهم إلى أبيه فصار إليه وكان قد نزل بالقصر الغربي ففتح سردابا بين القصرين ووصل إلى أبيه بالقصر الشرقي من تحت الأرض وتحصن بالقصر‏.‏

فبادر الحافظ بالقبض عليه وقيده وأرسل إلى الأمراء يخبرهم بالقبض على حسن فأجمعوا على طلبه ليقتلوه‏.‏

فبعث إليهم يقبح مرادهم منه أن يقتل ولده وأنه قد أزال عنهم أمره وضمن لهم أنه لا يتصرف أبدا ووعدهم بالزيادة في الأرزاق والإقطاعات‏.‏

فلم يقبلوا ذلك وقالوا‏:‏ إما نحن وإما هو‏.‏

وأحضروا الأحطاب والنيران لإحراق القصر وبالغوا في الجرأة على الحافظ‏.‏

فلم يجد من ينتصر به عليهم لأنهم أنصاره وجنده الذين يستطيل بهم على غيرهم فألجأته الضرورة إلى أن استمهلهم ثلاثة أيام ليتروى فيما يعمل‏.‏

فرأى أنه لا ينفك من هذه النازلة العظيمة إلا بقتل ابنه لتنحسم المباينة بينه وبين العسكر التي لا يأمن إن استمرت أن تأتي على نفسه هو فإنهم لم يبرحوا من بين القصرين‏.‏

فاستدعى طبيبيه أبا منصور وابن قرقة فبدأ بأبي منصور اليهودي وفاوضه في عمل سقية لابنه فتحرج من ذلك وأنكر معرفته كل الإنكار وحلف برأس الخليفة وعلى التوراة أنه لم يقف على شيء من هذا‏.‏

فتركه وأحضر ابن قرقة وكان يلي الاستعمالات بدار الديباج وخزائن السلاح والسروج وفاوضه في ذلك فقال‏:‏ الساعة ولا يتقطع منها الجسد بل تفيض النفس لا غير‏.‏

فأحضرها من يومه وألزم الحافظ ابنه حسنا بمن ندبه من الصقالبة فأكرهوه على شربها فمات في يوم الثلاثاء ثالث عشري جمادى الآخرة‏.‏

ونقل للقوم سراً‏:‏ قد كان ما أردتم فامضوا إلى دوركم‏.‏

فلم يثقوا بذلك وقالوا لا بد أن يشاهده منا من نثق به وندبوا منهم امرأ يعرف بالجرأة والصر يقال له المعظم جلال الدولة محمد ويعرف بجلب راغب الآمري فدخل إلى حيث حسن بن الحافظ فإذا هو مسجى بثوب ملاءة فكشف عن وجهه وأخرج من وسطه سكينا وغرزه في عدة مواضع من بدنه حتى تيقن أنه ميت وانصرف إلى أصحابه وأخبرهم فتفرقوا‏.‏

وكان تاج الدولة بهرا الأرمني قد انفلت من حسن بن الحافظ وولي الغربية فلما علم أن النفوس جميعها من البدو والحضر قد انحرفت عن حسن جمع مقطعي الغربية والأرمن والعربان وطلب القاهرة ويقال كان ذلك بمباطنة من الحافظ فما وصل إلى القاهرة حتى غابت حشوده في القرى والضياع ونهبوها‏.‏

وعندما وصل إلى القاهرة يوم الخميس وقت العصر الحادي عشر من جمادى الآخرة التف عليه من بها من الأمراء والأجناد وأبادوا أكثر الجيوشية والإسكندرية والفرحية ومن يقول بقولهم من الغز الغرباء‏.‏

ونهب أوباش الناس ما قدروا عليه‏.‏

ولما قتل حسن وسكنت الدهماء قبض الحافظ على الطبيب ابن قرقة وقتله بخزانة البنود وارتجع جمع أملاكه وموجوده وكان يلي الاستعمالات بدار الديباج وخزائن السلاح والسروج‏.‏

وأنعم على أبي منصور الطبيب وجعله رئيساً على اليهود وصارت له نعم جليلة‏.‏

وفيها كانت وزارة بهرام الأرمني النصراني الملقب تاج الدولة‏.‏

وكان السبب في ولايته الوزارة أنه جرت فتنة بين الأجناد والسودان عندما قتل حسن بن الحافظ قوي فيها السودان على الأجناد وأخرجوهم من القاهرة فإن السودان كانوا مع حسن دون الأجناد فإنهم الذين حملوا أباه الحافظ على قتله‏.‏

وقدم بهرام بالحشد كما تقدم فوجد حسناً قد مات فمسكه الأجناد بظاهر القاهرة وأدخلوه على الحافظ لدين الله في يوم الخميس بعد العصر الحادي عشر من جمادى الآخرة لتولية الوزارة فخلع عليه في يوم الأحد رابع عشره ثم خلع عليه ثانيا يوم الخميس ثامن عشره خلع الوزارة ونعت بسيف الإسلام تاج الخلافة وهو نصراني مع كراهة الحافظ لذلك لتسكن الفتنة ولم يرد إليه شيئاً من الأمور الشرعية‏.‏

فلم يدخل في مشكل لأنه كان عاقلا سيوساً حسن التدبير‏.‏

وتقدم كثير من حواشي الحافظ إليه ينكرون عليه ولاية بهرام مع كونه نصرانيا وقالوا‏:‏ لا يرضى المسلمون بهذا ومن شرط الوزير أن يرقى مع الإمام المنبر في الأعياد ليزرر عليه المزررة الحاجزة بينه وبين الناس والقضاة نواب الوزير من زمن أمير الجيوش ويذكرون دائماً النيابة عنه في الكتب الحكمية النافذة إلى الآفاق وكتب الأنكحة‏.‏

فقال‏:‏ إذا رضينا نحن فمن يخالفنا وهو وزير السيف وأما صعود المنبر فيستنيب عنه قاضي القضاة وأما ذكره في الكتب الحكمية فلا فشق على الناس وزارته وتطاول النصارى في أيامه على المسلمين‏.‏

وكان هو قد أحسن السيرة وساس الرعية وأدى الطاعة للخليفة وأنفق في الجند جملةً من الأموال ودبر الأمور فاستقامت له الأحوال وراسله الملوك وزال ما كان في البلد من الفتن فلم ينكر عليه سوى أنه نصراني‏.‏

وكان يقعد يوم الجمعة عن الصلاة فلا يحضر بل يعدل إلى دكان بمفرده حتى يصلي الخليفة بالناس‏.‏

وأقبل الأرمن يردون إلى القاهرة ومصر من كل جهة حتى صار بها منهم عالم عظيم‏.‏

ووصل إليه ابن أخيه وكان يعرف بالسبع الأحمر فكثر القيل والقال وأطلق أسيراً من الفرنج كان من أكابرهم فأنكر الناس ذلك ورفعوا فيه النصائح للحافظ وأكثروا من الإنكار‏.‏

وكان رضوان بن ولخشى حينئذ صاحب الباب وهو شجاع كاتب فبلغ بهرام أنه يهزأ به في قوله وفعله فثقل عليه وأخذ يعمل على إخراجه من القاهرة وولى أخاه الباساك قوص وفيها توفى الأديب أبو نصر ظافر بن القاسم بن منصور بن عبد الله الجروي الجذامي الإسكندراني المعروف بالحداد بمصر‏.‏

------------------------------
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحاجة
عضو فعال



عدد المساهمات : 657
تاريخ التسجيل : 16/11/2011

الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله  Empty
مُساهمةموضوع: الدولة الفاطمية سنة 530 هـ   الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله  Icon_minitimeالسبت يونيو 16, 2012 10:23 pm

سنة 530 هـ

سنة ثلاثين وخمسمائة

فيها أخرج بهرام الأمير رضوان بن ولخشى من القاهرة لولاية عسقلان وقيل بل كان خروجه في سلخ رجب من السنة الماضية‏.‏

فلما وصل إليها وجد فيها جماعة من الأرمن قد وصلوا في البحر يريدون القاهرة فناكدهم ومنع كثيراً منهم فبلغ ذلك الوزير بهرام فشق عليه وصرفه عن عسقلان واستدعاه فقدم إلى القاهرة‏.‏

وشكره الناس على منعه الأرمن من الوصول إلى القاهرة فلم يطق بهرام إقامته معه فولاه الغربية في صفر إبعاداً له عنه‏.‏

وفيها ملك رجار بن رجار ملك صقلية جربة ونازل طرابلس الغرب فانهزم عنها سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة فيها تكاثر حضور أقارب بهرام وإخوته وأهله وقومه ومجيئهم من ناحية تل باشر وكانوا مقيمين بها ولهم فيها كبير منهم يتولى أمرهم وقدموا أيضا بلاد الأرمن حتى صار منهم بديار مصر نحو الثلاثين ألف إنسان‏.‏

فعظم ضررهم بالمسلمين وكثرت استطالتهم واشتد جورهم وتظاهروا بدين النصرانية وأكثروا من بناء الكنائس والديارات وصار كل رئيس منهم يبني له كنيسةً بجوار داره‏.‏

وتفاقم الأمر‏.‏

فخاف الناس منهم أن يغيروا الملة الإسلامية ويغلبوا على البلاد فيردوها دار كفار ووردت الأخبار من قوص بأن الباساك أخا بهرام قد جار على الناس واستباح أموالهم وبالغ في أذيتهم وظلمهم فاشتد ذلك على الناس وعظم على الأمراء ما نزل بالمسلمين فبعثوا إلى أبي الفتح رضوان بن ولخشى وكان مقدماً فيهم لكثرة نعوته بفحل الأمراء وهو يومئذ يتولى بالغربية يشكون إليه ما حل بالمسلمين ويستحثونه على المصير وإنقاذهم مما نزل بهم‏.‏

فلما وصلت إليه كتب الأمراء تشمر لطلب الوزارة ورقى المنبر خطيبا بنفسه فخطب خطبة بليغةً حرض فيها الناس على الجهاد في سبيل الله والاجتماع لقتال بهرام وشيعته النصارى من الأرمن‏.‏

وكان حينئذ بمدينة سخا ثم نزل وحشد الناس من العربان وغيرهم حتى استجاب له نحو من ثلاثين ألفا فأخرج لهم كتب الخليفة الحافظ إليه بالتقدم بالمسير ونزع الوزارة من يد بهرام إذ تبين أن ليس من أهل الملة‏.‏

وسار بهم إلى دجوة وبهرام لا ينزعج‏.‏

فلما قرب رضوان جمع بهرام الأرمن إليه وقال لهم‏:‏ اعلموا أننا قوم غرباء لم نزل نخدم هذه الدولة والآن فقد كثر بغضهم لأيامنا وما كنت بالذي أكون عبد قوم وأخدمهم من حال الصبا فلما بلغني الكبر أقاتلهم لا ضربت في وجوههم بسيف أبدا‏.‏

سيروا‏.‏

وأخذ أمراء الدولة وعساكرها يخرجون شيئاً بعد شيء إلى رضوان‏.‏

واجتمع بهرام بالخليفة وفاوضه في أمره فقال تحلبني الإسلام عليك‏.‏

فأيس حينئذ وجمع الأرمن وكانوا كلهم منقادين إليه لا يخالفونه في شيء من الأشياء وسار بهم نحو بلاد الصعيد يريد أخاه الباساك بقوص قاصداً أنه يجتمع به ويمضون إلى أسوان فيتملكونهما ويتقوون بالنوبة أهل دينهم‏.‏

وقد ذكر أن بهرام خرج يريد محاربة رضوان في عساكر مصر‏.‏

فلما وصل بعسكر القاهرة إلى رضوان رأوا المصاحف قد رفعها رضوان فوق الرماح فصاروا بأجمعهم إلى رضوان باتفاق كان بينهم وبينه من قبل ذلك فعاد بهرام إلى القاهرة وأخذ ما خف حمله وخرج من باب البرقية يوم الأربعاء وقت العصر حادي عشر جمادى الأولى وسار يريد الصعيد وقد أوسق المراكب بما يحتاج إليه‏.‏

فعندما رحل اقتحم رعاع الناس وأوباشهم إلى دار الوزارة فنهبوها وهتكوا حرمتها وعملوا كل مكروه فكان هذا أول نهب وقع في دار الوزارة‏.‏

وامتدت الأيدي إلى دور الأرمن التي كانوا قد عمروها بالحسينية خارج باب الفتوح فنهبوها ونهبوا كنيسة الزهري ونبشوا قبر البطرك أخي بهرام‏.‏

وطار خبر انهزام بهرام في سائر إقليم مصر فوصل الخبر بذلك إلى قوص قبل وصول بهرام فثار المسلمون بها على الباساك وقتلوه ومثلوا به وجعلوا في رجله كلباً ميتا وألقوه على مزبلة‏.‏

فلما كان بعد قتله بيومين قدم بهرام في طائفة الأرمن وهم نحو الألفي فارس رماة فرأى أخاه على المزبلة كما ذكر فقتل جماعةً من أهل قوص ونهبها‏.‏

وسار عنها إلى أسوان فنزل بالأديرة البيض وأما رضوان فإنه لما وصل إلى القاهرة وقف بين القصرين واستأذن الحافظ فيما يفعله فأشار بنزوله في دار الوزارة فنزلها وخلع عليه خلع الوزارة يوم الجمعة ثالث عشر جمادى الأولى ونعت بالسيد الأجل الملك الأفضل‏.‏

فاستدعى بالأموال من الخليفة وأنفق في الجند ومهد الأمر‏.‏

ورضوان أول وزير لقب بالملك‏.‏

فلما كن في اليوم الثالث من استقراره في الوزارة سير أخاه الأوحد إبراهيم ومعه العسكر شرقاً وغرباً والأسطول بحراً في طلب بهرام وبيده أمان له ليعود مكرماً وطائفته على إقطاعاتهم‏.‏

فسار إلى الأديرة وتقرر الحال من غير قتال على إقامة بهرام بها وذلك أن أسوان امتنعت عليه بكنز الدولة وأهلها فاضطر إلى الإقامة بالأديرة وقد فارقه أكثر الأرمن فمنهم من سار إلى بلاده ومنهم من أقام بأرض مصر ليكونوا فلاحين فسأل لهم مواضع يسكنونها فأفردت لهم جهات منها سمالوط وإبوان وأقلوسنا والبرجين في صعيد مصر وضيعة أخرى بأعمال المحلة‏.‏

وأقام بهرام بالأديرة البيض ومعه أهله وولده‏.‏



وفيها صرف أبو عبد الله محمد بن ميسر عن قضاء القضاة في يوم الأحد لسبع خلون من المحرم والوزير إذ ذاك بهرام ونفي إلى تنيس فأقام بها إلى يوم الاثنين ثاني ربيع الأول وقتل‏.‏

وهو من قيسارية وقدم منها مع أبيه وهو صغير في وزارة أمير الجيوش بدر الجمالي عند حضوره إلى المستنصر في سني الشدة وبعثه إلى البلاد الشامية لإحضار أرباب الأموال واليسار وكان من جملة من أحضر والد القاضي وكان له مال جزيل ففوض إليه خطابة الجامع بمصر وفتح دار وكالة وأقام بها مدة حتى مات‏.‏

فترقى ولده إلى أن ولي القضاء عدة مرار وكان له أفضال ومكارم وحصلت له وجاهة ورتبة جليلة وضرب دنانير كثيرة كان اقترحها على الخليفة الآمر‏.‏

وهو الذي أخرج الفستق الملبس بالحلوى فإنه بلغه أن أبا بكر محمد بن علي المادرائي عمل الكعك الذي يقال له افطن له وعمل عوضاً من حشو السكر دنانير فلما مد السماط في يوم العيد قال أحد الخدام لصديق له كان على السماط‏:‏ افطن له ففهم عنه وتناول من ذلك وصار يخرج الذهب من فمه ويخفيه حتى تنبه الناس لذلك فتناولوا بأجمعهم منه‏.‏

فأرادوا القاضي ابن ميسر أن تشبه بأبي بكر المادرائي في ذلك فعمل صحناً منه لكن جعل فستقا قد لبس حلوى وذلك الفستق من ذهب وأباحه أهل مجلسه ولم يقدر على علم ذلك سوى مرة واحدة‏.‏

ثم إنه لما تناهت مدته عاداه رجل يعرف بابن الزعفراني فنم عليه عند الحافظ بأن أحمد بن الأفضل لما كان قد اعتقل الحافظ وجلس للهناء ودخل عليه الشعراء كان فيهم علي بن عباد الإسكندري وأنه أنشد قصيدة يذم فيه خلفاء مصر ويذكر سوء اعتقادهم منها في ذم هذا سليمانكم قد ردّ خاتمه واسترجع الملك من صخر بن إبليس فعندما قال هذا البيت قام ابن ميسر وألقى عرضيته طرباً بهذا البيت‏.‏

فأمر الحافظ بإحضار هذا الشاعر وقال‏:‏ أنشدني قصيدتك‏:‏ فأنشدها إلى أن بلغ فيها إلى قوله‏:‏ ولا ترضوا عن الخمس المناحيس‏.‏

يعني الحافظ وابنيه وأباه وجده فأمر الغلمان بلكمه فلكموه حتى مات بين يديه‏.‏

وقبض على ابن ميسر ونفي ثم قتل‏.‏

وكان ينعت بجلال الملك وكانت علامته الحمد لله على نعمه‏.‏

وفيها مات أبو البركات بن بشرى الواعظ المعروف بابن الجوهري في جمادى الأولى عن إحدى وتسعين سنة‏.‏



وفيها ولي قضاء القضاة أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي عقيل ونعت بقاضي القضاة الأعز أبي المكارم‏.‏





وفيها ثار بناحية برقة رجل من بني سليم وادعى النبوة فاستجاب له خلق كثير وأملى عليهم قرآنا منه‏

:‏ إنما الناس بالناس ولولا الناس لم يكن الناس والجميع رب الناس‏.‏

ثم تلاشى أمره وانحل عنه الناس‏.‏



وفيها جلس الوزير رضوان في ذي القعدة لاستخدام المسلمين في المناصب التي كانت بأيدي النصارى‏.‏

واستجد ديوان الجهاد واهتم بتقوية الثغور واستعد لتعمير عسقلان بالعدد والآلات وأشاع الخروج إلى الشام لغزو الفرنج وأظهر من الاعتناء بذلك ما لا يوصف‏.‏

وكان قد مهد الأمور وأعاد الناس إلى ما كانوا عليه من الطمأنينة بحسن سيرته وكثرة عدله وعمارته البلاد وقوة نفسه وشجاعته‏.‏

وأحضر جميع الدواوين وكتبها ورثبها ورتب الأمور أحسن تدبير‏.‏

وكان من جملة الضمان في أموال الدولة هبة الله بن عبد المحسن الشاعر فلما عرض حسابه وجد قد انكسر عليه مال في ضمانه فكتب له في المجلس‏:‏ أنا شاعرٌ وصناعتي الأدب وضمان مثلي المال لا يجب أنا مستميحكم وليس علي من جاء يطلب رفدكم طلب وإذا الباقي عليّ فما من حاصلٍ ورقٌ ولا ذهب فسامحه فيما عليه من الباقي‏.‏



وفيها أحضر من الصعيد الأعلى في رمضان جماعة تقدمهم رجل‏.‏

بجاوي يدعى فيه أصحابه أنه إله فصلبوا‏.‏

-------------------------------------------
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحاجة
عضو فعال



عدد المساهمات : 657
تاريخ التسجيل : 16/11/2011

الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله    الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله  Icon_minitimeالسبت يونيو 16, 2012 10:34 pm


سنة 533 هـ


سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة

فيها زاد السعر وبلغ القمح ثلاثة دنانير للإردب فبيعت الغلال التي كان الأفضل خزنها وقد تغيرت وأرادوا رميها في النيل فكانت تقطع بالفئوس وتباع بأربعين ديناراً كل مائة إردب فيها كثر سعي الوشاة بين الحافظ والوزير فتخوف كل منهما من الآخر وقبض الوزير على عدة من خواص الحافظ منهم أبو المعالي بن قادوس وابن شيبان المنجم ورئيس اليهود وجماعة فقتلهم‏.‏

فسير الحافظ من أحضر إليه بهرام في رمضان فلما حضر أسكنه عنده بالقصر وأكرمه وشق ذلك على رضوان‏.‏

وكان الحافظ قد تلطف برضوان في أمر بهرام وقرر معه أ يستدعيه وينزله في القصر وحلف له أنه لا يوليه أمراً ولا يمكنه من تصرف فتسامح رضوان في أمره‏.‏

واستدعى فحضر بأهله وأنزل في دار بالقصر قريبة من المحول وهو قريب من سكن الحافظ فكان يستحضره في غالب الليالي ويستشيره ويعمل برأيه‏.‏

ولما كان يوم عيد الفطر ركب الوزير مع الحافظ وعليه من الملابس ما لم يلبسه أحد من الوزراء في مثل ذلك اليوم وعاد إلى القصر وفي نفس الحافظ منه أشياء تبينها رضوان في وجه الحافظ وعلمها منه فاشمأزت نفسه مع ما كان فيه من الطيش فركب في تاسع شوال وزحف إلى القصر فكلمه الخليفة من بعض طاقات المنظرة التي تطل على باب الذهب وجرى بينهما كلام اجترأ فيه على الخليفة‏.‏

وعاد إلى داره بعد أن احتاط بالقصر واحتفظ بالأبواب فانتفض الناس لذلك بالقاهرة ومصر وكثرت الأراجيف‏.‏

وفي تلك الحالة نزل بعض أولاد الحافظ من القصر هارباً إلى رضوان وكان شيخا ومعه ولد له ليقيمه خليفة فلم يكترث به وأحضر إسماعيل بن سلامة الداعي وقال له‏:‏ ما تقول في هذا الرجل هل يصلح لما التمسه فقال‏:‏ الخلافة لها شروط ونواميس ما في هذا منها شيء وتحتاج إلى نصوص ولولا أنم مولانا الآمر نص على مولانا الحافظ وأودعه سر الخلافة لما ثبتت فيه ولا استجاب له الناس‏.‏

فلم يحصل سوى أنه كان مشئوماً على نفسه وأهله فإن الحافظ لما بلغه ذلك قتله وقتل جماعة منهم كثيرة‏.‏

ثم إن الحافظ لما رأى فعل رضوان وتعديه وكثرة من انضم إليه من العسكر عمل في التدبير عليه وأرسل إلى صبي من الجند يعرف بشومان وكانت فيه شهامة وجرأة وهو من صبيان الخاص فأحضره إليه من أحد السراديب سراً وأرسله إلى علي بن السلار أحد أمراء الدولة يأمره بالتدبير على رضوان وأنفذ معه مالاً إليه ليستعين به على ذلك‏.‏

وكان علي بن السلار عاقلاً صاحب حزم ويقظة وحسن تأت مع قوة وصرامة‏.‏

فلما جاءه القاصد بالمال وبلغه عن الخليفة ما قال انتهز الفرصة وأرسل إلى جماعة من صبيان الخاص وقرر معهم أن يجتمعوا ويدخلوا من باب زويلة كردوسا واحداً وهم يصيحون‏:‏ الحافظ يا منصور وفرق فيهم ما أرسله إليه الخليفة‏.‏

فلما كان يوم الاثنين الثالث عشر من شوال اجتمع بظاهر القاهرة منهم نحو العشرين وأقبلوا من باب زويلة يصيحون‏:‏ يا للحافظ الحافظ يا منصور فما وصلوا إلى الشرايحيين الذي يعرف اليوم بالشوايين حتى صاروا نحو الخمسمائة وما وصلوا بين القصرين إلا والعسكر جميعه من فارس وراجل معهم ولم يبق من الصبيان والعوام أحد حتى خرج النساء وأشرف النساء من الطاقات وصاروا بأجمعهم يصيحون‏:‏ يا للحافظية‏.‏

فلما سمع رضوان الضجيج أراد أن يركب فمنعه بعض غلمانه فأبى عليه لأنه كان واثقا بنفسه وبمن معه وخرج وحده بغير سلاح ليس معه سوى سيف فلقي الناس بنفسه وطردهم يميناً وشمالا وظهر منه شجاعة تعجب منه من شاهدها فإنه لقي ألوفاً من الناس بمفرده ولم يزل يحمل عليهم حملةً بعد حملة إلى أن قتل منهم عدة‏.‏

وكان أخوه إبراهيم قد بلغه الخبر فركب من داره وأمسك عنه من يجيئه من ناحية قصر الشوك وشدت الريحانية ورجعوا إليه من ناحية زيادة الجامع الحاكمي ودرب الفرنجية‏.‏

فلما طال عليه وتيقن أن القوم بأجمعهم قد تمالئوا على حربه وكان قد انقضى من النهار أربع ساعات وأشرف عليه الأستاذون من ناحية باب الريح من أعالي القصر يرشقونه بالنشاب ويرمونه بالطوب تحير‏.‏

وكان ابن أخته والي مصر فبلغه الخبر فقام بجميع غلمانه وسار لنجدة خاله فوجد عند باب زويلة من بلغه الخبر بأنه لا يقدر على الوصول إليه فسار من ناحية باب البرقية ومعه بوقات وطبول فسمع إبراهيم أخو رضوان أصوات البوقات والطبول من جهة باب البرقية فأنفذ إلى أخيه رضوان يقول له‏:‏ قد تفرق علينا العسكر وجاء من ناحية قصر الشوك وقد قاطع الراجل علينا من ناحية باب النصر‏.‏

فلما بلغ رضوان ذلك أيقن بالهلاك إن وقف فما زال يتأخر قليلاً قليلاً حتى صار في رحبة باب العيد عند دار سعيد السعداء وبعث إلى داره التي هي دار الوزارة من أخذ له شيئاً منها على سبيل الخطف وأوصى إلى أخيه فانضم إليه هو ومن معه من أصحابه وفيهم أبي الفوارس وقدارة بن أبي عزة وشاور بن مجير السعدي وجماعة من خواصه وخرجوا من باب النصر‏.‏

فما هو إلا أن صار بظاهر القاهرة اقتحم الناس دار الوزارة ونهبوها حتى لم يتركوا فيها شيئاً‏.‏

وما وصل رضوان إلى تربة أمير الجيوش إلا وقد تلاحق كثير من المغافرة وكان قد أسلف عند العرب أيادي وأفاض عليهم نعماً وأحسن إليهم إحساناً كثيرا في مدة وزارته فأدركه رجل من العرب يقال له سالم بن المحجل أحد شياطين الإنس وحسن له المسير إلى الشام‏.‏

واشتغل الناس بنهب دار الوزارة وكان قد جمع فيها رضوان أكثر أموال ديار مصر وشحنها بالذخائر وأنواع السلاح والعدد والآلات والغلال فانتهب جميع ذلك وأحرقت أخشاب تعب وطلب رضوان الشام فدخل عسقلان وملكها وجعلها معقله وتوجه أخوه إلى الحجاز وأقام بها حتى مات وسار ابن أخته إلى بغداد فأكرمه أصحاب الخليفة هناك ولم يزل عندهم إلى أن مات‏.‏

وخرج رضوان من عسقلان ولحق بصلخد فنزل على أمين الدولة كمشتكين صاحبها فأكرمه وأبره وأقام عنده ثلاثة أشهر‏.‏

ثم أنفذ إلى دمشق واستفسد من الأتراك بها من قدر عليه‏.‏





وفيها خربت الأثارب من زلزلة وزلزلت دمشق أيضا‏.‏





وفيها مات الأعز قاضي القضاة أبو المكارم أحمد بن عبد الرحمن بن أبي عقيل في شعبان فأقام منصب القضاء بغير قاض ثلاثة أشهر ثم اختير الفقيه أبو العباس أحمد ابن الحطيئة في ذي القعدة فاشترط ألا يحكم بمذهب الدولة فلم يمكن من ذلك‏.‏

وكان الوزير رشوان قد تقدم إلى الفقيه أبي عبد الله محمد بن عبد المولى بن عبد الله محمد بن عقبة اللخمي المعروف بابن اللبني المغربي المالكي أن يعقد الأنكحة‏.‏

فلما كان في الحادي عشر من ذي القعدة قرر الحافظ في قضاء القضاة القاضي فخر الأمناء أبا الفضائل هبة الله بن عبد الله بن الحسين بن محمد الأنصاري الأوسي المعروف بابن الأزرق‏.‏



فيها عاد الأفضل رضوان بن ولخشي من صلخد في جمع فيه نحو الألف فارس وكان الناس في مدة غيبته يهتفون بعوده فبرزت له العساكر ودافعوه عند باب الفتوح فلم يطق مقابلتهم فمضى إلى مصر ونزل على سطح الجرف المعروف اليوم بالرصد وذلك يوم الثلاثاء مستهل صفر‏.‏

فاهتم الحافظ بأمره وبعث إليه بعسكر من الحافظية والآمرية وصبيان الخاص عدتهم خمسة عشر ألف فارس مقدم القلب تاج الملوك قايماز ومقدم الآمرية فرج غلام الحافظ‏.‏

فلقيهم رضوان في قريب ثلثمائة فارس فانكسروا وقتل كثير منهم وغنم معظمهم وركب أقفيتهم إلى قريب القاهرة‏.‏

وعاد شاور إلى موضعه فلم يثبت وأراد العود إلى صلخد فلم يقدر لقلة الزاد وتعذر الطريق فتوجه بمن معه من العربان إلى الصعيد‏.‏

فأنفذ إليه الحافظ الأمير المفضل أبا الفتح نجم الدين سليم بن مصال في عسكر ومعه أمان فسار خلفه وما زال به حتى أخذه وأحضره إلى القصر آخر نهار الاثنين رابع ربيع الآخر فعفا عنه الحافظ ولم يؤاخذ أحداً من الأتراك الذين حضروا معه من الشام‏.‏

واعتقله عنده بالقصر قريباً من الدار التي فيها بهرام‏.‏





وفيها أضيف لقاضي القضاة هبة الله بن حسن الأنصاري في سابع عشر جمادى الآخرة تدريس دار العلم بالقاهرة فمضى إليها وكان مدرسها أبو الحسن علي بن إسماعيل فجرت بينهما مفاوضات أدت إلى الخصام الشنيع فخرج القاضي إلى القصر ماشياً وقد تخرقت ثيابه وسقطت عمامته‏.‏

فعظم على الحافظ خروجه في الأسواق على هذه الهيئة وغضب لذلك فصرفه ورسم عليه وغرمه مائتي دينار وألزمه داره‏.‏

وأمر بطلب أبي الطاهر إسماعيل بن سلامة الأنصاري فخلع عليه وقرره مكانه ونعته الموفق في الدين ولم يكتب له سجل فأقام إلى آخر ذي الحجة ولم يتناول على القضاء معلوماً وكان جاري الحكم في كل شهر أربعين ديناراً وقنع بجاري التقدمة على الدعاة وهو ثلاثون ديناراً في الشهر‏.‏





وفيها ولي الحافظ لدين الله الأمير المفضل نجم الدين أبو الفتح سليم بن مصال المالكي تدبير الأمور‏.‏



----------------------------------
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحاجة
عضو فعال



عدد المساهمات : 657
تاريخ التسجيل : 16/11/2011

الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله    الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله  Icon_minitimeالسبت يونيو 16, 2012 10:38 pm

سنة 535 هـ

سنة خمس وثلاثين وخمسمائة

فيها هلك بهرام الأرمني بالقصر وكان الحافظ لما أقدمه من الصعيد إلى عنده أنزله في القصر ولم يمكنه من التصرف وكان يشاوره في تدبير أمور الدولة فيعجبه رأيه وحزمه وعقله‏.‏

فلما مات في العشرين من ربيع الآخر حزن عليه حزناً كثيراً ظهر بسببه على القص غمة وهم أن يغلق الدواوين ولا يفتحها ثلاثة أيام‏.‏

وأحضر بطرك الملكية وأمره أن يجهز بهرام فقام بتجهيزه‏.‏

وأخرج نصف النهار في تابوت وعليه ثوب ديباج أحمر ومن حوله النصارى يبخرون باللبان والصبار وخرج الخليفة علة بغلة شهباء وعليه عمامة خضراء وثوب أخضر بغير طيلسان فسار خلف التابوت وسار والناس تبكي والأقساء يعلنون بقراءتهم والخليفة سائر إلى دير الخندق من ظاهر القاهرة‏.‏

فنزل الخليفة عن بغلته وجلس على شفير القبر وبكى بكاء شديداً‏.‏

وكان عاقلاً مقداماً في الحرب حسن السياسة جيد التدبير وكان أولاً يقوم بأمر الأرمن وسكناهم يومئذ في ناحية تل باشر فتعصب عليه جماعة منهم وولوا غيره فخرج مغضباً وقدم إلى القاهرة فترقى في الخدم إلى أن ولي المحلة فقام بولايتها‏.‏

ومنها سار في زي حسن إلى القاهرة ومعه من الأرمن نحو الألفين يقولون بقوله فاستوزره الحافظ‏.‏



وفيها مات الفقيه أبو الفتح سلطان بن إبراهيم بن رشا المقدسي في آخر جمادى الآخرة‏.‏




سنة 536 هـ


سنة ست وثلاثين وخمسمائة

في ليلة الثلاثاء الثاني عشر من ربيع الأول سقطت صاعقة أحرقت ركن منارة الجامع العتيق‏.‏

في شعبان غلت الأسعار وعدم القمح والشعير فبلغ القمح كل إردب إلى تسعين درهما والدقيق إلى مائة وخمسين للحملة والخبز إلى ثلاثة أرطال بدرهم والويبة من الشعير إلى سبعة دراهم والزيت الطيب إلى سبعة دراهم للرطل والجبن إلى درهمين للرطل والبيض إلى عشرين درهماً للمائة والزيت الحار إلى درهم ونصف للرطل والقلقاس كل رطلين بدرهم وعدم الفرخ والدجاج فلم يقدر على شيء منه‏.‏

وعم الوباء وكثر الموتان‏.‏

وفيها مات أحمد بن مفرج بن أحمد بن أبي الخليل الصقلي الشاعر المعروف بتلميذ ابن سابق وكان فاضلاً ذكيا يتصرف في عدة فنون وله رسائل حسنة وشعر جيد‏.‏

وكان الشعراء في أيام الحافظ قد أطنبوا في المديح وتناهوا في إطالة القصائد حتى صار الإنشاد يؤدى إلى قصر الوقت الذي جرت العادة باستماع أشعارهم فيه لطول مثولهم بالخدمة فخرج الأمر إليهم بالاختصار فيما ينشدونه من الأشعار‏.‏

فقال أحمد بن مفرج يخاطب الخليفة‏:‏ أمرتنا أن نصوغ المدح مختصراً لم لا أمرت ندى كفّيك يختصر واللّه لا بدّ أن تجرى سوابقنا حتى يبين لنا في مدحك الأثر فأمروا بالاستمرار على ما هم عليه من الإطالة في الإنشاد‏.‏


سنة 537 هـ


سنة سبع وثلاثين وخمسمائة

فيها عظم الوباء بديار مصر فهلك فيه عالم لا يحصى عدده كثرة‏.‏

وفيها بعث الحافظ الأمير النجيب رسولاً إلى رجار ملك صقلية لمحاربته أهل صقلية وكان رجار فيه فضيلة وأمر فصنفت له تصانيف وكان عنده محبة للأدب ومدحه ابن قلاقس الشاعر وغيره‏.‏


سنة 538 هـ


سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة

فيها خرج محمد بن رافع اللواتي بنواحي البحيرة فاجتمع له عدد كثير من الناس فخرج إليه طلائع بن رزيك وهو يومئذ والي البحيرة فكانت بينهما حروب قتل فيها‏.‏

وفيها غلت الأسعار بمصر‏.‏




سنة 539 هـ


سنة تسع وثلاثين وخمسمائة

فيها سير الحافظ الرشيد أبا الحسين أحمد بن الزبير رسولاً إلى اليمن بسجل يقرؤه عليهم فخرج في ربيع الأول‏.‏





وفيها خرج أبو الحسين ابن المستنصر إلى الأمير خمارتاش الحافظي صاحب الباب وقال له‏:‏ اجعلني خليفة وأنا أوليك الوزارة فطالع الحافظ بذلك فأمر القبض عليه فقبض واعتقل‏.‏





وفيها قدم في جمادى الآخرة من دمشق الأمير مؤيد الدولة أسامة بن منقذ وإخوته وأهله ومعهم نظام الدين أبو الكرام محسن وزير صاحب دمشق معاضدين له فأكرم مثواهم وأنزلوا سنة أربعين وخمسمائة فيها أعيد نظر الدواوين والأتراك والخزائن إلى القاضي الموفق أبي الكرم محمد بن معصوم التنيسي في جمادى الأولى‏.‏

-------------------------
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحاجة
عضو فعال



عدد المساهمات : 657
تاريخ التسجيل : 16/11/2011

الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله    الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله  Icon_minitimeالسبت يونيو 16, 2012 10:42 pm


سنة 541 هـ


سنة إحدى وأربعين وخمسمائة

فيها خرج على الحافظ أمير من المماليك يعرف ببختار يطلب الوزارة بأرض الصعيد فندب إليه عسكراً عليه سلمان مؤنس اللواتي فمضى إليه وحاربه فانهزم وهو من ورائه حتى أدركه وأخذه أسيراً وقتله‏.‏

وفيها قدم صافي الخادم أحد خدام المتقي من بغداد فاراً في ثالث عشري جمادى الأولى خوفاً فأكرمه الحافظ‏.‏

وفيها منع من التعرض لصرف شيء من المال الحاضر من الأعمال في جرائد المستخدمين وأن يكون ما نسب منها على البواقي والفاضل في هذه السنة‏.‏

وفيها ملك نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي بن آقسنقر حلب بعد أبيه‏.‏

وفيها ملك رجار بن رجار ملك صقلية مدينة طرابلس الغرب وولى عليها رجلا من بني سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة فيها صرف أبو الكرم التنيسي في ربيع الآخر وأعيد نظر الدواوين للقاضي المرتضى المحنك‏.‏

وفيها سير الحفاظ لظهير الدين صاحب دمشق هدايا وخلعاً وتحفاً‏.‏

وفيها خرج رضوان من ثقب نقبه بالقصر‏.‏

وذلك أن الحافظ لما اعتقله بالقصر أرسل يسأله في أشياء من جملتها زيارة نجم الدين بن مصال له في الوقت بعد الوقت فأجابه إلى ذلك لثقته بابن مصال‏.‏

فحضر في يوم من الأيام ابن مصال لخدمة الخليفة وبدأ بزيارة رضوان فدخل إليه ومعه مشدة فيها رقاع بجوائج الناس ليعرضها على الحافظ وكانت عادته ذلك فاحتاج إلى الخلاء فترك مشدته عند رشوان ودخل الخلاء‏.‏

فأخذ رضوان الرقاع ووقع بخطه عليها كلها بما يسوغ التوقيع به وأتر بها وطواها في المشدة‏.‏

وخرج ابن مصال فأخذها ودخل على الحافظ وقد علم أنه كان عند رضوان فقال له‏:‏ كيف ضيفنا فقال‏:‏ على غاية من الشكر لنعمة مولانا وجواره‏.‏

وأخرج رقةً من تلك الرقاع ليعرضها على الخليفة فوجد عليها التوقيع بخط رضوان فأمسكها وأخرج غيرها فإذا هي موقع عليها أيضاً‏.‏

وكان الحافظ يراه فقال‏:‏ ما هذا فاستحيا ابن مصال عندما تداول الخليفة الرقاع وعليها توقيع رضوان‏.‏

فقال له الحافظ‏:‏ يا نجم الدين ما زلت مباركاً علينا والله يشكر لك ذلك لقد فرجت عنا غمة‏.‏

فقال‏:‏ كيف يا مولانا قال‏:‏ رأيت البارحة رؤياً مقتضاها أنه ربما يشركنا في كثير من أمرنا فالحمد لله إذ كان هذا‏.‏

وكتب على الرقاع أمضاها بخطه وخلع على ابن مصال‏.‏

فلما طال اعتقال رضوان أخذ ينقب بحيث لا يعلم به إلى أن انتهى النقب من موضعه الذي هو فيه إلى تجاه فندق أبي الهيجاء وخرج النقب عن سور القصر‏.‏

وكان قياس ما نقبه خمسةً وثلاثين ذراعاً فظهر منه بكرة يوم الثلاثاء ثالث عشري ذي القعدة في الجيزة فالتف عليه جماعة من لواتة وعدة من الأجناد وسمع به الطماعون وكان للناس فيه أهوية‏.‏

فندم الحافظ على تركه بغير حارس وأخذ في العمل‏.‏

فلما كان ثالث يوم عدي رضوان من اللوق وسار إلى القاهرة فخرج إليه عسكر الحافظ وتحاربوا معه عند جامع ابن طولون فهزمهم وسار في إثرهم إلى القاهرة فدخلها في الرابعة من نهار الجمعة سادس عشريه ونزل بالجامع الأقمر‏.‏

فغلق الحافظ أبواب القصر وامتنع به‏.‏

فأحضر رضوان أرباب الدولة والدواوين وأمر ديوان الجيش بعرض الأجناد وأخذ أموالا كانت خارجة من القصر وأنفق في طوائف العسكر‏.‏

وأرسل إلى الحافظ يطلب منه مالا فسير إليه صندوقاً فيه مال وقال له‏:‏ هذا الحد الذي أراده الله فاسترض على نفسك‏.‏

وأتت هتافات الناس إلى رضوان فاستدعى الحافظ أحد مقدمي السودان سراً وقال له‏:‏ إني بكم واثق‏.‏

فقال‏:‏ ما ادخرنا هذا إلا لمولانا‏.‏

فقال‏:‏ كم أصحابك قال‏:‏ عشرة‏.‏

قال‏:‏ لكم عشرة آلاف دينار واقتلوا هذا الخارجي علينا وعليكم فأنتم تعلمون إحساننا إليه وإساءته إلينا‏.‏

فقالوا‏:‏ يا مولانا السمع والطاعة‏.‏

ورتبوا أنهم يصيحون حول الجامع الأقمر‏:‏ الحافظ يا منصور‏.‏

فلما فعلوا ذلك قلق وقال لمن حلوه‏:‏ ما كل مرة يصح لهؤلاء الكلاب مرادهم‏.‏

فحسنوا له الركوب ظناً منهم أنه إذا ركب إلى بين القصرين لم يجسر أحد عليه‏.‏

فعندما ركب ضربه واحد من السودان في فخذه ضربة شديدة وتداركه آخر بضربة وتوالت عليه الضربات فقتل في الساعة الحادية عشرة من نهار الجمعة المذكور وقطعت رأسه وحملت إلى الخليفة الحافظ‏.‏

فسكنت الفتنة وهدأت الغوغاء‏.‏

ثم إن الحافظ بعث بالرأس إلى امرأة رضوان فلما وضعت في حجرها قالت‏:‏ هكذا يكون الرجال‏.‏

وكان رضوان سنياً حسن الاعتقاد شجاعاً مقداماً قوي الغلب شديد البأس‏.‏

ولد ليلة عيد الغدير من ذي الحجة سنة سبع وثمانين وأربعمائة وترقى في الخدم إلى أن ولي قوص وإخميم في سنة ثمان وعشرين وخمسمائة‏.‏

إلا أنه كان مع حسن عبارته وغزارة أدبه طائش العقل قليل الثبات لا يحسن التدبير ولا يتأتى له سياسة الأمور لعجلته وجرأته وكان أخوه الأوحد أثبت عقلا منه‏.‏

ومن جملة ما كتب له في تقليد الوزارة بعد بهرام من إنشاء أبي القاسم ابن الصيرفي‏:‏

لأنك أذهبت عن الدولة عارها وأمطت من طرق الهداية أوعارها واستعدت ملابس سيادة كان قد دنسها من استعارها‏.‏

ولم يستوزر الحافظ بعد رضوان أحداً وأعاد النصراني المعروف بالأخرم إلى ضمان الدولة على ما تقدم ثم نقم عليه لكثرة المرافعين واعتقله وطلب منه المال فلم يسمح بشيء‏.‏

فركب الحافظ يوماً ووقف على باب السجن الذي هو فيه من القصر وأمر به فأحضر إليه‏.‏

وقال له‏:‏ كم تتجالد أريد منك مالي على لسان صاحب الستر‏.‏

فبينا الخليفة يخاطبه إذ أخذ كفاً من تراب وجعله في فيه فقال له الحافظ‏:‏ ما هذا مالا ينبغي نقله إلى مولانا صلوات الله عليه‏.‏

فغضب عليه وأمر بإحضار أبيه وأخيه وكانا معتقلين فأخرجا وقتل الأخرم وأخاه وأبوهما ينظر قتلهما ثم قتل الأب‏.‏

وأحاط بأموالهم فحصل منهم ما يزيد على عشرين ألف دينار عينا‏.‏

فيها مات الشيخ تاج الرياسة أبو القاسم على بن منجب بن سليمان المعروف بابن الصيرفي الكاتب في يوم الأحد لعشر بقين من صفر ومولده في يوم السبت الثاني والعشرين من شعبان سنة ثلاث وستين وأربعمائة‏.‏

وكان أبوه صيرفياً وجده كاتباً وأخذ صناعة الترسل عن ثقة الملك أبي العلاء صاعد بن مفرج وتنقل حتى صار صاحب ديوان الجيش‏.‏

ثم انتقل معه إلى ديوان الإنشاء‏.‏

ومات الشريف سناء الملك أبو محمد الزيدي الحسيني ثم تفرد بالديوان فصار فيه بمفرده‏.‏

وله الإنشاء البديع والشعر الرائع والتصانيف المفيدة في التاريخ والأدب‏.‏


سنة 543 هـ


سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة

فيها توجه العسكر في ثالث صفر لقتال لواتة وقد تجمعوا وعقدوا الأمر لرجل قدم من المغرب وادعى أنه ولد نزار بن المستنصر‏.‏

فسار إليهم العسكر وواقعهم على الحمامات وانهزم منهم العسكر فجهز الحافظ عسكراً آخر ودس إلى مقدمي لواتة مالا جزيلا ووعدهم بالإقطاعات فغدروا بابن نزار وقتلوه وبعثوا برأسه إلى الحافظ‏.‏

ورجعت العساكر في ربيع الأول‏.‏

وفيها صرف القاضي المكين الموفق في الدين أبو الطاهر إسماعيل بن سلامة الأنصاري عن القضاء لسبع خلون من المحرم واستقر على الدعوة الموفق الأمير كمال الدين واستخدم في وظيفة القضاء وكان كريم الأخلاق حليما عليه سكينة ووقار مليح الشيبة ظريف الهيئة‏.‏

وفيها توفى أبو الفضائل يونس بن محمد بن الحسن المقدسي القرشي المعروف بجوامرد خطيب القدس‏.‏

وفيها بلغ النيل تسعة عشر ذراعاً وأربعة أصابع ففاض الماء حتى بلغ إلى الباب الجديد أول الشارع خارج باب زويلة فكان الناس يتوجهون من مصر إلى القاهرة على ناحية المقابر لامتلاء الطريق بالمياه‏.‏

فلما بلغ الحافظ ذلك أظهر له الحزن والانقطاع فسأله بعض خواصه عن ذلك فأخرج له كتاباً وقال‏:‏ انظر هذا السطر فإذا فيه‏:‏ إذا وصل الماء الباب الجديد انتقل الإمام عبد المجيد‏.‏

ثم قال‏:‏ هذا الكتاب الذي نعلم منه أحوالنا وأحوال دولتنا وما يأتي بعدها‏.‏

فاتفق أنه لم تنسلخ هذه السنة حتى مرض الحافظ مرضة الموت‏.‏

وفيها انقرضت دولة بني باديس‏.‏

وذلك أن الغلاء اشتد بإفريقية من سنة سبع وثلاثين وخمسمائة إلى سنة اثنتين وأربعين حتى أكل الناس بعضهم بعضاً وخلت القرى ولحق كثير من الناس بجزيرة صقلية‏.‏

فاغتنم رجار متملكها الفرصة وبعث جرج مقدم أسطوله على نحو مائتين وخمسين شينيا فنزل على المهدية ثامن صفر سنة اثنتين وأربعين وبها الحسن بن علي بن يحيى بن تميم بن المعز بن باديس ففر بأخف حمله وتبعه الناس‏.‏

فدخل جرج المهدية بغير مانع واستولى على قصر الأمير حسن وأخذ منه ذخائر نفيسة وحظايا بديعات‏.‏

وعزم حسن على المجيء إلى مصر فقبض عليه يحيى بن العزيز صاحب بجاية ووكل به وبأولاده وأنزله في بعض الجزائر فبقى حتى ملك عبد المؤمن بن علي بجاية في سنة سبع وأربعين فأحسن إلى الأمير حسن وأقره في خدمته‏.‏

فلما ملك المهدية تقدم إلى نائبه بها أن يقتدي برأي حسن ويرجع إلى قوله‏.‏

فكانت عدة من ملك من بني باديس بن زيرى بن مناد تسعة ومدتهم من سنة إحدى وستين وثلثمائة إلى سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة مائة واثنتان وثمانون سنة‏.‏

وفيها بعث رجار بن رجار ملك جزيرة صقلية إلى المهدية أسطوله مائتين وخمسين من الشواني مع جرجي بن ميخائيل فجد في حصارها حتى أخذها في صفر منها وملك سوسة وصفاقس وملك رجار بونة‏.‏

---------------------
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحاجة
عضو فعال



عدد المساهمات : 657
تاريخ التسجيل : 16/11/2011

الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله    الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله  Icon_minitimeالسبت يونيو 16, 2012 10:44 pm


سنة 544 هـ


سنة أربع وأربعين وخمسمائة

فيها وقع الاختلاف بين الطائفة الجيوشية والطائفة الريحانية فكانت بينهما حروب شديدة قتل فيها عدة من الفريقين وامتنع الناس من المضي إلى القاهرة ومن الذهاب إلى مصر‏.‏

وابتدأت الحرب بينهم في يوم الخميس ثامن عشر جمادى الأولى وتوالت في يوم السبت رابع جمادى وهم العسكر بخلع الحافظ من الخلافة فمات بقصر اللؤلؤة وقد نقل إليه وهو مريض بكرة يوم الأحد وقيل ليلة الاثنين لخمس خلون من جمادى الآخرة واشتغل الناس بموته‏.‏

وكان له من العمر يوم مات ست وسبعون سنة وثلاثة أشهر وأيام منها مدة خلافته من يوم بويع بعد أحمد بن الأفضل ثماني عشرة سنة وأربعة أشهر وتسعة عشر يوما‏.‏

وأصابته في ولايته شدائد واعتقل ثم لما أعيد تحكم عليه الوزراء حتى قبض على رضوان‏.‏

فلم يستوزر بعده أحداً وإنما أقام كتاباً على سنة الوزراء أرباب العمائم ولم يسم أحداً منه وزيراً وهم‏:‏ أبو عبد الله محمد بن الأنصاري وخلع عليه بالحنك والدواة فتصرف تصرف وزراء الأقلام وصعد المنبر مع الخليفة في الأعياد والجمع والقاضي الموفق محمد بن معصوم التنيسي وصنيعة الخلافة أبو الكرم الأخرم النصراني‏.‏

وكان الحافظ حازم الرأي جماعاً للأموال كثير المداراة سيوساً عارفاً‏.‏

ولم يكن أحد ممن ولي قبله أبوه غيره خليفة سواه‏.‏

وكان يميل إلى علم النجوم وكان له من المنجمين سبعة منهم المحقوف وابن الملاح وأبو محمد بن القلعي وابن موسى النصراني‏.‏

وفي أيامه عملت الطبلة التي كانت إذا ضرب بها من به قولنج خرج عنه الريح وما زالت بالقصر إلى أن كسرت في أيام السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب‏.‏

وترك من الأولاد أبا الأمانة جبريل ويوسف وأبا المنصور إسماعيل‏.‏

وكان مطعوناً عليه فإنه ولي بغير عهد وإنما أقيم كفيلا عن منتظر في بطن أمه فلم يظهر للحمل خبر‏.‏

ومن محاسن ما يحكى عنه أنه كان يخرج في كل ستة أشهر عسكر من القاهرة إلى عسقلان لأجل الفرنج تقويةً لمن بها من المركزية الكنانية وغيرهم‏.‏

ويقدم على العسكر عدة فيجعل على كل مائة فارس أمير ويقدم على الجميع أمير تسلم إليه الخريطة فيكون أمير المقدمين وتشتمل الخريطة على أوراق العرض من الديون بالحضرة ليتفق مع والي عسقلان على عرض العسكر بمقتضاها‏.‏

ويصدر التعريف من كاتب الجيش هناك إلى الديوان بالحضرة بذلك ويسلم إليه مبلغ من المال لنفقته معونةً لمن فاتته النفقة من العسكر فإن النقباء الذين للطوائف يجردون من كان من الطوائف حاضراً ومن كان مسافراً في إقطاعه فيأخذ صاحب الخريطة أوراقاً بمن سافر وهو في إقطاعه ليوصل إليه نفقته‏.‏

وكانت نفقة الأمراء مائة دينار لكل أمير وللأجناد ثلاثون ديناراً لكل جندي‏.‏

واتفق مرة خروج العسكر إلى عسقلان وفيهم خمس أمراء من جملتهم جلب راغب الذي اتفق منه في حسن بن الحافظ بعد موته ما تقدم ذكره فلما سير إليه مائة دينار نفقته تجهز للسفر في جملة الناس وسلمت الخريطة لأميرهم‏.‏

فلما دخلوا على الحافظ ليودعوه ويدعو لهم بالنصر والسلامة على العادة قضوا حق الخلافة وانصرفوا إلا جلب راغب فإنه وقف فقال الحافظ‏:‏ قولوا للأمير ما وقوفك دون أصحابك ألك حاجة فقال‏:‏ يأمرني مولانا بالكلام‏.‏

قال‏:‏ قل‏.‏

فقال يا مولانا ليس على وجه الأرض خليفة ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم غيرك وقد كان السلطان استزلني فسفهت نفسي وأذنبت ذنباً عظيماً عفوا مولانا أوسع منه وأعظم‏.‏

فقال له الحافظ‏:‏ قل ما تريد غير هذا فإنا غير مؤاخذيك به‏.‏

فقال‏:‏ يا مولانا قد توهمت أنك تحققت أني ماض في حالة السخط وقد آليت على نفسي أن أبذلها في الجهاد فلعلي أموت شهيداً قد صنع ذلك سخط مولانا علي‏.‏

فقال له الحافظ‏:‏ انته عن هذا الكلام وقد قلنا لك إنا ما واخذناك فأي شيء تقصد فقال‏:‏ لا يسيرني مولانا تبعاً لغيري فقد صرت مراراً كثيرةً مقدماً وأخشى أن يظن أن هذا التأخير للذنب الذي أنا متعرف‏.‏

قال‏:‏ لا بل مقدماً وصاحب الخريطة‏.‏

وأمر بنقل الحال عن المقدم الذي تقرر للتقدم والخريطة إلى جلب راغب وأعطى مائتي دينار وقال‏:‏ له استعن بهذه‏.‏

فعد هذا من الحلم الذي ما سمع بمثله‏.‏

وكان الغالب على أخلاقه الحلم‏.‏

وكان مقدم المطالبين يجيء إلى الخليفة الحافظ ويخبره بغرائب ما يظهر فجاء يوماً وأخبر أنه وجد حوضاً لطيفاً قريباً من معلف الجمال فلم يتعرض له‏.‏

فندب الخليفة معه شاهدين حتى أتوا به فإذا حوض مطبق بغطاء كشف عنه فإذا فيه صنم من رخام أبيض على هيئة الإنسان وهو واضع أصبعاً في فيه وأصبعاً أخرى في دبره فأمر الحافظ أحد الشاهدين أن يناوله ذلك فلما أخذ الصنم ضرط ضرطة عظيمة فألقاه من يده وقد اشتد خجله‏.‏

فقام موفق أحد الأستاذين المحنكين ليناوله إياه فضرط أيضاً‏.‏

فأمر الحافظ بتركه وعلم أنه طلسم القولنج‏.‏

ووجد في مقطع الرخام سرب تحت الأرض فيه حبوة ممدودة أحضرت إلى الأستاذ مفضل المعروف بصدر الباز فإذا فيها حنش من ذهب زنته ستة مثاقيل ونصف مثقال وعيناه من ياقوت أحمر وفي فمه جرس من ذهب‏.‏

فأعلم به الحافظ فلم يزل يبحث عن خبره حتى أحضرت له عدة أحناش كبار وأخرج ذلك الحنش المذكور فجعلت الأحناش الكبار تخرج رءوسها ثم تحركها مرةً أو مرتين وتسقط ميتة‏.‏

وكان الحافظ حريصا على علم السيميا‏.‏

فظهر في أيامه الشيخ أبو عبد الله الأندلسي شيخ بني الأنصاري أوحد زمانه في علم السيمياء فسأله الحافظ أن يريه شيئاً من ذلك فأراه ساحة القصر قد صارت لجة ماء فيها سفينة متعلقة وشواني حرببات قد خرجت على تلك السفينة وقاتلت أهلها والحافظ يرى لمعان السيوف ومرور السهام وخفقان البنود ورءوس الرجال وهي تسقط عن كواهلها والدماء تسيل حتى سلم أصحاب السفينة لأصحاب الشواني فساروا بها والأبواق تزعق والطبول تضرب إلى أن غابت عن الأبصار في لجج البحار‏.‏

ثم كشف عن الحافظ فإذا هو قصره‏.‏

ثم أمره أن يريه شيئاً آخر‏:‏ فقال‏:‏ لنخرج من في مجلس أمير المؤمنين إلى منزله فأمرهم فخرجوا حتى صاروا إلى حيث خيولهم واقفة بباب القصر فلما قدمت إليهم ليركبوا فما منهم إلا ن رأى فرسه كأنه ثور وقرناه كأعظم ما يكون من القرون فعادوا إلى الحافظ وأعلموه بما رأوا فضحك وقال‏:‏ افدوا دوابكم منه‏.‏

فقطع كل واحد منهم على نفسه شيئاً فأمر له به‏.‏

وما زال مقيماً بمصر حتى مات‏.‏

وكان في أيام الحافظ أيضاً ابن محفوظ سأله أن يريه شيئاً من أعماله فأمر بأربعة أطباق فضة أن تحضر فلما وضعت بين يديه امتلأت ياسميناً في غير أوانه وصار يعلو على كل طبق وهو مرصوص متماسك بعضه فوق بعض إلى أن صار كأربعة أعمدة من رخام متقابلة‏.‏

---------------------------------------------
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الخليفة الفاطمي العاضد لدين الله
» الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله
» الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله
» الخليفة الفاطمي الظافر بأمر الله
» الخليفة الفاطمي الفائز بنصر الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي لآلـــئ :: الأرشيف :: بعض :: من أرشيف 2012-
انتقل الى: